• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

الإحسان (شرائطه)

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



لتصفح عناوين مشابهة، انظر الإحسان (توضيح).
من الواضح أنّ التكاليف الشرعيّة - خصوصاً الأحكام العباديّة- لها شرائط وحدود تتوقّف صحّتها على أن يؤتى بها طبقاً للحدود والشرائط الشرعيّة، فلو تخلى عن واحد منها لم يصحّ العمل ولا يجتزى به. وهل الإحسان يتبع ذلك أم لا؟ هذا ما سنبحثه ضمن النقاط التالية:




المحسن ما دام لم يكن ممنوعاً من التصرّف في ماله فله القيام بالإحسان، ويبدو من ظاهر كلمات الفقهاء أنّه لا يشترط فيه قصد القربة  بالمعنى المصطلح؛ لأنّ الحسن ذاتيّ للإحسان وطبيعيّ له، كالعدل الذي حسنه ذاتيّ له، بمعنى أنّه يستحيل مع انحفاظ عنوان العدل عروض عنوان يذمّ عليه، فكذا الإحسان فإنّه يستحيل مع انحفاظ عنوان الإحسان عروض عنوان يذمّ عليه عقلًا وشرعاً.
فما كان حسناً ذاتاً بذاته لا يتوقّف إيجابه للقرب على الأمر به، ولا على إتيانه بداعي أمره، كالتخضّع للمولى و التخشّع  له وشكر نعمته و تعظيمه  بما يكون في المتعارف إعظاماً له، فإنّ هذه العناوين الحسنة قابلة للإضافة بذاتها إلى المولى من غير طريق دعوة الأمر . وبناءً عليه يصحّ فعله من كلّ أحد بالغاً كان أم لا. نعم، يشترط أن لا يكون مجنوناً ولا نائماً؛ لأنّه لا يتحقّق منهما القصد و الاختيار .
[۳] بحوث في الفقه (الأصفهاني)، ج۱، ص۳۵.




يبدو من ظاهر كلمات عدّة من الفقهاء، والنصوص في الوقف و إطعام  الأسير وغيرهما عدم اشتراط الإيمان و الإسلام ، بل ولا العقل فيصحّ الإحسان حتّى إلى الحيوانات. أمّا الإسلام والإيمان فيظهر من الفقهاء عدم اعتباره ؛ حيث صرّح بعضهم بجواز الإحسان إلى الكافر. قال السيد الحكيم : «يجوز الإحسان إلى الكافر قطعاً».
واستدلّ له جماعة بعدّة أدلّة:

۲.۱ - قول السيد اليزدي


قال في الوقف على الكافر- بعد أن ذكر الخلاف في المسألة -: «و الأقوى  الجواز مطلقاً ( رحماً كان أو غيره، ذمياً أو حربياً)، للعمومات، (منها: ما رواه المعلّى بن خنيس  عن الإمام الصادق عليه السلام - في حديث-: أنّه خرج ومعه جراب من خبز فأتينا ظلّة بني ساعدة  فإذا نحن بقوم نيام فجعل يدسّ الرغيف والرغيفين حتّى أتى على آخرهم ثمّ انصرفنا، فقلت: جعلت فداك، يعرف هؤلاء الحقّ؟ فقال: «لو عرفوا لواسيناهم بالدقّة». )(والدقّة هي الملح. ) وما دلّ على الترغيب في البرّ والإحسان، (منه: ما عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم : الخلق عيال اللَّه، فأحبّ الخلق إلى اللَّه من نفع عيال اللَّه، وأدخل على أهل بيت سروراً». ) وما ورد من جواز الصدقة على الكافر، (منه: ما عن الإمام الباقر عليه السلام : «إنّ اللَّه تبارك وتعالى يحبّ إبراد الكبد الحرّى، ومن سقى كبداً حرّى من بهيمة وغيرها أظلّه اللَّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه». ) مضافاً إلى الآية الشريفة: «لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ لَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ». مع عدم الدليل على المنع إلّا ما يتخيّل من قوله تعالى: «لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ». ولا دلالة فيه؛ إذ المنع المستفاد منه إنّما هو الموادّة من حيث كونها محادّة لا مطلقاً، ولذا لا إشكال في عدم حرمة مجالستهم و محادثتهم  والإحسان إليهم، و التعارف  معهم، بل ربّما كان راجحاً إذا كان موجباً لتأليف قلوبهم ورغبتهم في الإسلام، ويزيد على ما ذكر في الأرحام ما دلّ على استحباب صلة الرحم . وما في الأبوين ما دلّ على استحباب مصاحبتهما بالمعروف والإحسان إليهما، كقوله تعالى: «وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً»،
[۱۱] لقمان، ج۱، ص۱۵.
وقوله تعالى: «وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً». وبالجملة: لا دليل على عدم جواز الوقف على الكافر من حيث انّه كافر حتّى الحربي».
[۱۳] العروة الوثقى، ج۶، ص۳۲۱، م ۳.


۲.۲ - قول السيد الخوانساري


وقال: «وأمّا وقف المسلم للحربي ففيه أقوال، والظاهر عدم الإشكال؛ لما دلّ على جواز الصدقة عليه». ثمّ ذكر بعض الأدلّة المتقدّمة من الآية وغيرها، بالإضافة إلى أنّه علّق على الآية بأنّها «آبية عن التخصيص ». بل يظهر من المحقّق الهمداني
[۱۵] مصباح الفقيه، ج۱۳، ص۵۹۷- ۵۹۸.
و الشيخ العراقي  التأمّل في إطلاق اعتبار الإيمان حتى في الصدقة الواجبة. ونحو ما ذكر في الوقف يأتي في الوصيّة أيضاً.

۲.۳ - الروايات الدالة على جواز الإحسان إلى الكافر


وبالإضافة إلى ما تقدّم فهناك نصوص خاصّة صرّحت بجواز الإحسان إلى الكافر: منها: ما ورد في إطعام الأسير .

۲.۳.۱ - رواية الإمام الصادق عليه السلام


ففي صحيحة زرارة عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «إطعام الأسير حقّ على من أسره، وإن كان يراد من الغد قتله؛ فإنّه ينبغي أن يطعم ويسقى ويرفق به كافراً أو غيره». وفي رواية أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام قال: سألته عن قول اللَّه عزّ وجلّ: «وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً»، قال: «هو الأسير»، وقال: «الأسير يطعم وإن كان يقدم للقتل»، وقال: «إنّ عليّاً كان يطعم من خلّد في السجن من بيت مال المسلمين».
ومن المعلوم أنّ الواجب ليس المذكورات في النصّ فقط، بل بعد تعميم فهمه يشمل كلّ الحاجات الضروريّة، كما أنّ الأسير بعد التجريد عن الخصوصيّة يشمل الأسير في الحرب وكلّ مسجون بحقّ، أي غير مظلوم في سجنه، وقد نصّت رواية أبي بصير على ذلك.
وأمّا المسجون مظلوماً فالواجب إطلاقه وليس فقط إطعامه وإشرابه ، وليس هذا خاصّاً بما إذا اريد قتله من الغد، بل نصّت الروايات على ذلك لأنّه أسوأ التقادير، بل يشمل بطبيعة الحال ما إذا اريد إطلاقه أو فداؤه.
كما ينبغي أن يلاحظ أنّ إطلاقه مجّاناً أو بالفداء لا ينبغي أن يصير إلى ضرره، بل يجب أن يضمن له الأمان في الطريق إلى أن يصل إلى مأمنه.
[۲۲] ما وراء الفقه، ج۲، ص۳۸۸.


۲.۴ - الروايات الدالة على جواز الإحسان إلى الفاسق غير التائب


ومنها: ما ورد في الإحسان إلى الفاسق غير التائب :

۲.۳.۱ - رواية الإمام الصادق عليه السلام


مثل ما رواه حذيفة بن منصور عن الإمام الصادق عليه السلام ، قال: «اتي أمير المؤمنين بقوم سرّاق قد قامت عليهم البيّنة وأقرّوا، قال: فقطع أيديهم، ثمّ قال: يا قنبر ضمّهم إليك فداوِ كلومهم وأحسن القيام عليهم، فإذا برءوا فأعلمني، فلمّا برءوا أتاه فقال: يا أمير المؤمنين القوم الذين أقمتَ عليهم الحدود قد برئت جراحاتهم، فقال: اذهب فاكس كلّ واحد منهم ثوبين وأتني بهم، قال: فكساهم ثوبين ثوبين وأتى بهم في أحسن هيئة متردّين مشتملين كأنّهم قوم محرمون فمثلوا بين يديه قياماً فأقبل على الأرض ينكسها بإصبعه مليّاً ثمّ رفع رأسه إليهم فقال: اكشفوا أيديكم، ثمّ قال: ارفعوا إلى السماء فقولوا: اللهمّ أنّ عليّاً قطعنا ففعلوا، فقال: اللهمّ على كتابك وسنّة نبيّك، ثمّ قال لهم: يا هؤلاء إن تبتم سلمتم أيديكم، وإن لا تتوبوا الحقتم بها، ثمّ قال: يا قنبر خلّ سبيلهم واعط كلّ واحد منهم ما يكفيه إلى بلده».
إلّا أنّه ذهب بعض الفقهاء إلى اعتبار الإيمان في الفقير و المهدى  إليه، مستدلّاً عليه بقوله: «ويمكن الاستدلال على اعتبار ذلك في المقام بالروايات الواردة في باب الزكاة المانعة عن إعطائها إلى غير المؤمن... لأجل ما يستفاد من تلك الروايات أنّ غير المؤمن لا يستحقّ الإحسان إليه، وأنّه لا قابليّة له لذلك، لا لخصوصية في الزكاة فإنّه ورد في بعض الروايات المعتبرة أنّه ليس له «إلّا الحجر» أو «إلّا التراب ». ويكشف ذلك عن عدم قابليّته للإحسان إليه فلا فرق بين اعطاء الزكاة أو اعطاء غيرها من الصدقات و المبرّات ».
[۲۵] المعتمد في شرح المناسك، ج۵، ص۲۹۹.


۲.۴.۲ - رواية الإمام الباقر عليه السلام


وأمّا عدم اشتراط العقل فلما ورد من الترغيب في الإحسان إلى كلّ كبد حرّى، فقد روى ضريس بن عبد الملك  عن الإمام الباقر عليه السلام  قال: «إنّ اللَّه تبارك وتعالى يحبّ إبراد الكبد الحرّى، ومن سقى كبداً حرّى من بهيمة وغيرها أظلّه اللَّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه».

۲.۴.۳ - قول المحقق الأردبيلي


ومن هنا قال المحقّق الأردبيلي : «ومنه (الإحسان‏) مراعاة حقّ الأصحاب و الخدم  و الجيران  و الرفقاء  في السفر ، وكلّ ما تعلّق بالإنسان بسببٍ ما حتى الهرّة و الدجاجة ، وعن الفضيل بن عياض أنّ جماعة دخلوا عليه بمكّة فقال: من أين أنتم؟ قالوا من أهل خراسان ، قال: اتّقوا اللَّه وكونوا من حيث شئتم، واعلموا أنّ العبد لو أحسن الإحسان كلّه وكانت له دجاجة فأساء إليها لم يكن من المحسنين».



ومن شرائط ما يحسن به أن لا يكون محرّماً ولا مغصوباً ؛ لأنّه لا يجوز الإحسان بالأمر المحرّم، فإنّه إنّما يتقبّل اللَّه من المتّقين. فلا يجوز الإحسان بالمال المغصوب ولا بإعطاء الربا إلى غير من استثني من الوالد وولده والزوج وزوجته. إلّا أنّه ذهب بعض الفقهاء إلى جواز الاغتياب لردع المقول فيه عن المنكر، نظراً إلى أنّ الغيبة هنا إحسان في حقّه، فإنّها وإن اشتملت على هتكه و إهانته  إلّا أنّه توجب إنقاذه من المهلكة الأبديّة و العقوبة  الاخرويّة، مضافاً إلى أنّ عمومات النهي عن المنكر شاملة لذلك.
واورد عليه أوّلًا: بأنّ الدليل أخصّ من المدّعى؛ إذ ربّما لا يرتدع المقول فيه عن فعل المنكر. وثانياً: أنّ الغيبة محرّمة على المغتاب (بالكسر). وقد تقدم أنّه لا يجوز الإحسان بالأمر المحرّم.


 
۱. بحوث في الاصول (الأصفهاني)، ج۱، ص۷۱.    
۲. بحوث في الاصول (الأصفهاني)، ج۱، ص۷۲.    
۳. بحوث في الفقه (الأصفهاني)، ج۱، ص۳۵.
۴. مستمسك العروة، ج۱۱، ص۱۲.    
۵. الوسائل، ج۹، ص۴۰۸، ب ۱۹ من الصدقة، ح ۱.    
۶. الوسائل، ج۱۶، ص۳۴۱، ب ۲۲ من فعل المعروف، ح ۱.    
۷. الوسائل، ج۹، ص۴۰۹، ب ۱۹ من الصدقة، ح ۲.    
۸. الممتحنة/سورة ۶۰، الآية ۸.    
۹. المجادلة/سورة ۵۸، الآية ۲۲.    
۱۰. الوسائل، ج۲۱، ص۵۳۳، ب ۱۷ من النفقات.    
۱۱. لقمان، ج۱، ص۱۵.
۱۲. الأحقاف/سورة ۴۶، الآية ۱۵.    
۱۳. العروة الوثقى، ج۶، ص۳۲۱، م ۳.
۱۴. جامع المدارك، ج۴، ص۱۶.    
۱۵. مصباح الفقيه، ج۱۳، ص۵۹۷- ۵۹۸.
۱۶. العروة الوثقى، ج۴، ص۱۲۴، التعليقة رقم ۲.    
۱۷. بلغة الفقيه، ج۴، ص۱۳۶.    
۱۸. فقه الصادق، ج۲۰، ص۴۱۶- ۴۱۸.    
۱۹. الوسائل، ج۱۵، ص۹۱، ب ۳۲ من جهاد العدوّ، ح ۱.    
۲۰. الإنسان/سورة ۷۶، الآية ۸.    
۲۱. الوسائل، ج۱۵، ص۹۲، ب ۳۲ من جهاد العدوّ، ح ۲.    
۲۲. ما وراء الفقه، ج۲، ص۳۸۸.
۲۳. الوسائل، ج۲۸، ص۳۰۱، ب ۳۰ من حدّ السرقة، ح ۳.    
۲۴. الوسائل، ج۹، ص۲۲۲، ب ۵ من المستحقّين للزكاة، ح‌ ۷، ۶.    
۲۵. المعتمد في شرح المناسك، ج۵، ص۲۹۹.
۲۶. الوسائل، ج۹، ص۴۰۹، ب ۱۹ من الصدقة، ح ۲.    
۲۷. زبدة البيان، ج۱، ص۴۰۳.    
۲۸. مصباح الفقاهة، ج۱، ص۵۴۸.    
۲۹. الانتصار، ج۱، ص۴۴۳.    
۳۰. جواهر الكلام، ج۲۲، ص۶۹.    
۳۱. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۱، ص۳۵۳.    
۳۲. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۱، ص۳۵۳.    
۳۳. مصباح الفقاهة، ج۱، ص۵۴۸.    
۳۴. مصباح الفقاهة، ج۱، ص۵۴۸.    




الموسوعة الفقهية، ج۷، ص۲۰-۲۵.    



جعبه ابزار