• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

ملكية أرض الفتح

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



ثالثاً- ملكية أرض الفتح:
يختلف حكم ملكية أرض الفتح باختلاف حالاتها حين الفتح؛ إذ هي قد تكون عامرة حينه بجهد بشري بذل في سبيل إعمارها و استثمارها ، وقد تكون عامرة طبيعياً دون تدخّل مباشرة من الإنسان كالغابات الغنية بالأشجار، كما قد تكون ميتة ومهملة، فهذه ثلاثة حالات يمكن أن تكون عليها أرض الفتح حينه، وقد حكم الإسلام على بعض هذه الأنواع بالملكية العامة لجميع المسلمين- وهو العامر بشرياً- بينما حكم على البعض الآخر بملكية الدولة- وهو العامر طبيعيّاً والموات- على ما يأتي تفصيله، ولم يعتبرها غنيمة تقسّم على المقاتلين
۱- ملكية الموات حين الفتح:
إذا كانت الأرض ميتة حين الفتح ولم تكن عامرة لا بشرياً ولا طبيعياً فهي ملك للإمام، ويصطلح عليه أيضاً بملكية الدولة،
[۴] اقتصادنا، ج۱، ص۴۳۵.
والدليل على ذلك هو أنّها من الأنفال التي لا خلاف في كونها للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وللإمام عليه السلام من بعده، بل هو مسلّم ومن الضروريات، وقد دلّت عليه النصوص الشرعيّة كتاباً وسنّة، قال تعالى: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ...». والروايات في ذلك كثيرة:
منها: موثّقة أبي الصباح الكناني ، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام : «نحن قوم فرض اللَّه طاعتنا، لنا الأنفال، ولنا صفو المال...».
ومنها: ما ورد في الحديث عن علي عليه السلام أنّه قال: «إنّ للقائم بامور المسلمين بعد ذلك بعد ذلك الأنفال التي كانت لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، قال اللَّه عزّ وجل: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ» فما كان للَّه ولرسوله فهو للإمام...».
وأمّا كون الأرض الموات للإمام ومن الأنفال فلا خلاف فيه أيضاً، بل عليه الإجماع، ودلّت عليه جملة من الأخبار، وقد وصفها الشيخ الأنصاري بالمستفيضة، وفي الجواهر يمكن دعوى تواترها،
كصحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم، وكلّ أرض خربة، وبطون الأودية، فهو لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وهو للإمام من بعده، يضعه حيث يشاء»، ونحوه غيره، وهي بإطلاقها تشمل موات المفتوحة عنوة؛ إذ لا فرق بين موات دار الإسلام ودار الكفر.
نعم، قد يدّعى التعارض بين إطلاق هذه النصوص وبين إطلاق ما دلّ على أنّ المفتوحة عنوة للمسلمين على نحو العموم من وجه، وملتقى المعارضة هو الأرض الميتة المفتوحة عنوة؛ لأنّها بوصفها ميتة تشملها نصوص ملكية الإمام، وبوصفها مفتوحة عنوة تندرج في نصوص ملكية المسلمين، وعليه يمكن تخصيص كلّ بالآخر، فلا وجه لترجيح تخصيص أخبار الفتح بتلك الأخبار.
وقد ذكرت للإجابة على هذا الاعتراض عدّة وجوه، هي:
۱- ما ذكره المحقق النجفي قدس سره من معلومية رجحان تخصيص روايات الفتح بتلك ولو للإجماع بقسميه.
۲- إنّ نصوص ملكية المسلمين موضوعها ما يغتنم من الكفار، والمغتنم من الكفّار هو أموالهم المملوكة لهم، والأرض الموات ليست مملوكة لأحد منهم، وإنّما يملكون الأراضي التي يعمّرونها، فالموات إذاً خارجة عن موضوع تلك النصوص.
لكن هذا يصحّ على أساس القول بأنّ الأموال الممنوحة للمسلمين وتكون غنيمة بالفتح هي كلّ مال كان ملكاً أو حقّاً للكفّار، وليس كلّ مال اخذ من الكافر وانتزع من سيطرته بالفتح بقطع النظر عن طبيعة العلاقة الشرعية للكافر به، فإنّه على الفرضية الثانية لا يتوقّف صدق الموضوع في نصوص الغنيمة على أن يكون المال المغتنم ملكاً للكافر، وإنّما يكفي في صدقه كون المال تحت استيلاء الكفّار، ومن الواضح أنّ الموات من بلد كافر تعتبر تحت سيطرة الكفّار في ذلك البلد، فباحتلالها من قبل المسلمين يصدق عليها أنّها اخذت بالسيف، فالمعارضة بنحو العموم من وجه ثابتة.
[۲۰] اقتصادنا، ج۱، ص۷۰۵.

۳- ما ذكره السيد الشهيد الصدر قدس سره من تقديم نصوص ملكية الإمام لأحد الأسباب الفنّية التالية:
أوّلًا: أنّ نصوص ملكية الإمام يمكن تصنيفها إلى مجموعتين:
إحداهما: جاءت بهذا النص: الأرض الميتة أو الخربة للإمام.
ثانيتهما: جاءت بهذا النص: أنّ الأرض التي لا ربّ لها للإمام.
ومن الواضح أنّ المجموعة الثانية لا يمكن أن تعارض النصوص الدالّة على ملكية المسلمين للأرض المفتوحة عنوة؛ وذلك لأنّ الأخيرة حاكمة؛ إذ تخرج الأرض عن كونها ممّا لا ربّ لها، وتجعل المسلمين رباً لها، ونتيجة ذلك: أنّ التعارض يتركّز بين نصوص ملكية المسلمين والمجموعة الاولى، وبعد التعارض نصل إلى المجموعة الثانية من نصوص ملكية الإمام بدون معارض، ولو بضمّ الاستصحاب الموضوعي الذي ينقّح موضوعها، وهو عدم وجود ربّ للأرض.
وثانياً: أنّ في نصوص ملكية الإمام ما يدلّ على الاستيعاب بالعموم، نحو (كلّ أرض ميتة فهي للإمام)، وأمّا نصوص الأرض الخراجية فهي بالإطلاق، والعام يقدّم على المطلق حين تعارضهما بنحو العموم من وجه.
وثالثاً: أنّا لو سلّمنا تساقط الطرفين بالمعارضة تعيّن الرجوع إلى العام الفوقي الدال على أنّ الأرض كلّها للإمام، فإنّ هذا العام يصلح للمرجعية بعد تساقط الوجوه المتعارضة.
ورابعاً: أنّه لو تساقطت الطائفتان، وقطعنا النظر عن المرجع الفوقاني، أمكن الرجوع إلى الاستصحاب؛ لأنّ الأرض الميتة قبل فتحها إسلامياً ملك للإمام وفقاً لنصوص مالكية الإمام للأراضي الموات، وإنّما يحتمل مالكية المسلمين لها بالفتح، ففي فرض تساقط إطلاق النصوص بالمعارضة تستصحب مالكية الإمام، وهذا الوجه إنّما يتمّ في الأرض التي فتحت بعد تشريع مالكية الإمام للموات ليكون هناك يقين سابق بمالكيته حتى يستصحب، كما أنّ بعض الوجوه السابقة لا تتمّ أيضاً إلّا في بعض الفروض التي يختلف الحال فيها باختلاف التوقيت التاريخي لتشريع مالكية الإمام للأنفال، وتشريع مالكية المسلمين للأرض المفتوحة.
[۲۲] اقتصادنا، ج۱، ص۷۰۵- ۷۰۶.

۲- ملكية العامرة طبيعياً حين الفتح:
الأرض العامرة طبيعياً- كالغابات وأمثالها- للإمام كالموات بما فيها أرض الفتح العامرة طبيعياً حينه، فحكمها من هذه الجهة حكم الموات التي تقدّم الحديث عنها، فهي من الأنفال، ويستندون في ذلك إلى قولهم عليهم السلام: «كلّ أرض لا ربّ لها فهي للإمام»، والغابات وأمثالها من هذا القبيل؛ لأنّ الأرض لا يكون لها صاحب إلّا بسبب الإحياء ، والغابات حيّة طبيعياً دون تدخّل إنسان معيّن في ذلك، فهي لا صاحب لها ولا ربّ لها فتخضع بمقتضى ذلك لملكية الإمام، ويعبّر عنها بملكية الدولة.
[۲۴] اقتصادنا، ج۱، ص۴۴۶- ۴۴۷.

واستدلّ له أيضاً بما في صحيح الكابلي عن أبي جعفر عليه السلام : «وجدنا في كتاب علي عليه السلام : «إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»، أنا و أهل بيتي الذين أورثنا الأرض، ونحن المتّقون، والأرض كلّها لنا». فإنّها تعمّ المحياة كالموات ولا خصوصية للثاني.
[۲۷] مستند العروة (الخمس)، ج۱، ص۳۶۰.

نعم، في مرسلة حمّاد: «... وكلّ أرض ميتة لا ربّ لها...» تقييد الأرض بالميتة، لكنّها- مضافاً إلى الإرسال - قاصرة الدلالة؛ إذ القيد لا مفهوم له، ولعلّه منزّل على الغالب، فلا يعارض العموم في قوله عليه السلام في موثّق إسحاق: «... وكلّ أرض لا ربّ لها...»،
[۳۰] مستند العروة (الخمس)، ج۱، ص۳۶۰.

ثمّ قد يلاحظ على تطبيق مبدأ ملكية الإمام على الأرض العامرة طبيعياً المفتوحة عنوة بنحو ما لوحظ على ملكية الإمام للموات من أرض الفتح، بأنّها تندرج في النصوص الدالّة على أنّ أرض الفتح ملك للمسلمين، فتصبح أرضاً لها صاحب وهو مجموع الامّة، فلا مبرّر لإدراجها في الأراضي التي لا ربّ لها،
وبعبارة اخرى: أنّ نصوص الأراضي الخراجية بإطلاقها حاكمة على نصوص الأرض التي لا ربّ لها.
لكن يجاب عن ذلك بأنّ هذه الحكومة تتوقّف على أمرين:
الأوّل: أن يكون موضوع نصوص الأرض الخراجية (ما اخذ بالسيف ممّا كان تحت استيلاء الكفّار) لا خصوص ما اخذ ممّا كان ملكاً للكفّار؛ إذ على التقدير الثاني لا يكون موضوعها شاملًا للعامرة طبيعياً و بالأصالة كما هو واضح.
الثاني: أن يكون عدم المالك المأخوذ في نصوص مالكية الإمام ملحوظاً حدوثاً وبقاءً.
والظاهر من النصوص التي تجعل الأرض التي لا ربّ لها ملكاً للإمام أنّها تتناول كلّ أرض ليس لها مالك بطبيعتها، فيكفي عدم المالك حدوثاً لكي تكون ملكاً للإمام.
وعليه فالصحيح أنّ الأرض العامرة بطبيعتها ملك للإمام دون فرق بين ما كان منها مفتوحاً عنوة وما لم يكن كذلك.
[۳۱] اقتصادنا، ج۱، ص۴۴۷.

ثمّ إنّه قد يقال هنا بأنّ العامرة طبيعياً ليست للإمام بل هي من المباحات الأصلية ، ولا يشملها إطلاق: «كلّ أرض لا ربّ لها»؛ إذ هو معارض بما في مرسلة حمّاد: «وكلّ أرض ميتة لا ربّ لها»، فإنّ ظاهر الوصف الاحترازية ، بناءً على ثبوت المفهوم لمثله، فيدلّ بالمفهوم على أنّ الأرض العامرة التي لا ربّ لها ليست للإمام.
وقد اجيب عنه بإرسال الرواية، وإنكار مفهوم القيد، و احتمال وروده مورد الغالب.
[۳۴] مستند العروة (الخمس)، ج۱، ص۳۶۰- ۳۶۱.

وعلى كلّ حال وبما أنّ الأرض العامرة طبيعياً لا يتأثّر حكمها بالفتح، بل حكمها قبل الفتح وبعده واحد ولا تأثير لهذا العنوان فيه، فتفصيل ما يتعلّق بها من أحكام كالتصرّف فيها وإحيائها وحيازتها، وهل تملك بذلك أم لا موكول إلى محالّه التي منها مصطلح (أنفال).
۳- ملكيّة العامرة بشرياً وقت الفتح:
أ- ملكية المسلمين لها:
إذا كانت الأرض عامرة بشرياً وقت الفتح فهي ملك لجميع المسلمين قاطبة الحاضرين والغائبين، ومن وجد منهم ومن لم يوجد، وهذا الحكم ممّا لا خلاف فيه بين فقهاء أهل البيت عليهم السلام ، بل عليه دعوى الإجماع من قبل كثيرين، وإليك على سبيل المثال بعض العبائر، قال الشيخ في الخلاف «ما لا ينقل ولا يحوّل من الدور والعقارات والأرضين عندنا أنّ فيه الخمس، فيكون لأهله والباقي لجميع المسلمين، من حضر القتال ومن لم يحضر، فيصرف انتفاعه إلى مصالحهم، (ثمّ بعد أن ذكر قول أبي حنيفة و مالك و الشافعي قال:) دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم». كما نقل ذلك المحقّق النجفي عن مجموعة من المصادر الفقهية، حيث قال: «... كلّ أرض فتحت عنوة... وكانت محياة حال الفتح فهي للمسلمين قاطبة، الحاضرين والغائبين والمتجدّدين بولادة وغيرها، والغانمون في الجملة، لا اختصاص لأحد منهم بشي‌ء منها، بلا خلاف أجده في شي‌ء من ذلك بيننا، وإن توهّم من عبارة الكافي في تفسير الفي‌ء والأنفال، ولعلّه لذا نسب الحكم إلى المشهور في الكفاية، لكنّه في غير محلّه كما لا يخفى على من لاحظها، بل في الغنية والمنتهى و قاطعة اللجاج للكركي والرياض وموضعين من الخلاف، بل والتذكرة على ما حكي عن بعضها الإجماع عليه، بل هو محصّل. نعم، عن بعض العامة اختصاص الغانمين بها».
وقد كرّر قدس سره دعوى الإجماع في مواضع اخرى فقال قبل ذلك في أحكام الغنيمة:
«... وأمّا ما لا ينقل- كالأراضي- فهو للمسلمين قاطبة بلا خلاف ولا إشكال فيه نصاً وفتوى، بل الإجماع بقسميه عليه، مضافاً إلى النصوص...». ولم ينسب الخلاف لأحد من فقهائنا وإنّما نسب إلى المخالف.
والدليل على ذلك هو الروايات المعتبرة المستفيضة :
منها: رواية الحلبي ، قال: سئل أبو عبد اللَّه عليه السلام عن السواد ما منزلته؟ فقال: «هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم، ولمن يدخل في الإسلام بعد اليوم، ولمن لم يخلق بعد...».
ومنها: رواية حمّاد بن عيسى عن بعض أصحابه عن الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال: «... وليس لمن قاتل شي‌ء من الأرضين ولا ما غلبوا عليه إلّا ما احتوى عليه العسكر... والأرضون التي اخذت عنوة بخيل أو ركاب فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمّرها ويحييها، ويقوم عليها، على ما صالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الحق، النصف أو الثلث أو الثلثين، على قدر ما يكون لهم صلاحاً ولا يضرّهم...».
ومنها: رواية أبي الربيع الشامي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «لا تشتر من أرض السواد شيئاً إلّا من كانت له ذمّة، فإنّما هو في‌ء للمسلمين».
ومنها: ما عن محمّد بن شريح قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن شراء الأرض من أرض الخراج، فكرهه وقال: «إنّما أرض الخراج للمسلمين»، فقالوا له: فإنّه يشتريها الرجل وعليه خراجها، فقال: «لا بأس إلّا أن يستحيي من عيب ذلك».
ومنها: ما عن أبي بردة بن رجاء قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: كيف ترى في شراء أرض الخراج؟ قال: «ومن يبيع ذلك وهي أرض المسلمين؟!» قال: قلت:
يبيعها الذي هي في يده، قال: «ويصنع بخراج المسلمين ما ذا؟» ثمّ قال: «لا بأس، اشترى حقّه منها، ويحوّل حقّ المسلمين عليه، ولعلّه يكون أقوى عليها وأملى بخراجهم منه». إلى غير ذلك من النصوص التي تدلّ بشكل صريح على أنّ المفتوحة عنوة ملك للمسلمين، وأن خراجها يصرف في مصالحهم.
ب- المراد من كونها للمسلمين:
ثمّ إنّه بعد الاتّفاق على كون أرض الفتح للمسلمين قاطبة وقع الكلام في طبيعة هذه العلاقة، وهل هي على مستوى ملك الرقبة أم على مستوى الحق، حيث أنّ الوارد في أكثر الروايات وعبائر الكثير من الفقهاء التعبير بكونها (للمسلمين) أو (هي أرض المسلمين) أو نحو ذلك، وظاهر ذلك أنّها للمسلمين برقبتها ويتبعه ارتفاعها؛ لمكان اللام و الإضافة .
وربما نسب القول بأنّها على مستوى الملك لصريح بعض الفقهاء، إلّا أنّه في قبال ذلك فسّره بعض الفقهاء بأنّ المراد أنّها معدّة لمصالحهم العامة، كبناء القناطر والمساجد ونفقة الولاة و الأئمّة والقضاة والكتّاب، ومؤن الغزاة ونحو ذلك كبيت المال، وليس المراد أنّ من شاء منهم التسلّط عليها أو على بعضها له ذلك، وظاهر هذا عدم كونها ملكاً للمسلمين برقبتها، بل مجرّد صرف حاصلها في مصالحهم، ونسب هذا إلى صريح بعض الفقهاء أيضاً. ومن هنا اعتبرت المسألة خلافية.
وفي جواهر الكلام : أنّه يمكن إرادة الجميع معنى واحد، وهو عدم الملك على كيفية ملك الشركاء المتعدّدين، وإنّما المراد ملك الجنس نحو ملك الزكاة وغيرها من الوجوه العامة، وملك الأرض الموقوفة على المسلمين إلى يوم القيامة، بناءً على أنّ الموقوف ملك الموقوف عليه، فلا يقدح تخلّف بعض أحكام الملك الشخصي.
إلّا أنّه مع ذلك بقيت المسألة محلّ كلام بين المحقّقين من المتأخّرين، منشؤه هو أنّ تطبيق هذه الملكية على سائر أنحاء الملكية المتعارفة لدى الفقهاء لا يخلو من إشكال؛ إذ الالتزام بكونها ملكاً للمسلمين على نحو الاستغراق بمعنى أنّها ملك لآحادهم على نحو الشركة لازمه ترتّب آثار الملك كجواز النقل ببيع ونحوه، و الانتقال بالإرث ، ولا يمكن الالتزام بشي‌ء من ذلك.
هذا، مضافاً إلى أنّ القول بملكيّتها للمسلمين على هذا النحو يستلزم ملك غير المعيّن وملك المعدوم، وهذا لا يساعد عليه الاعتبار العرفي، بل قد يقال: إنّه غير ممكن عقلًا؛ لأنّ الإضافة وإن كانت اعتبارية لا تعقل بين المعدوم- بما هو كذلك- وغيره.
[۵۷] البيع (الخميني)، ج۳، ص۶۲.
وغير ذلك.
والالتزام بكونها كالوقف الخاص أو العام أو كونها ملكاً لهم على نحو تملّك الفقراء للزكاة والسادة للخمس، فيه: أنّه لو كان كذلك لملكوا منافعها بالقبض، بينما الأمر ليس كذلك؛ إذ مصرفها منحصر في مصالحهم، ولا يجوز تقسيمه عليهم من دون ملاحظة مصالحهم، بل في مجمع الفائدة والبرهان : «لا يظهر جواز صرف حاصلها في نفقة فقير واحد بخصوصه، إلّا أن يجعل من المصالح كإيواء الأيتام وتزويج الأرامل» .
ولهذا وغيره ذهب بعض الفقهاء إلى أنّها ملك لطبيعي المسلمين على وجه خاص، دلّ عليه الدليل، معتبراً ذلك هو الأنسب بالجمع بين الأخبار ورعاية الآثار .
وعلى كلّ حال في المسألة تفاصيل تعرّض لها بعض المحقّقين لا نرى داعي لذكرها، من شاء فليراجعها في المصادر المذكورة في الهامش أدناه
[۶۵] البيع (الخميني)، ج۳، ص۶۱- ۶۸.
.
ج- الفرق بين ملكية الدولة وملكية المسلمين:
بعد أن اتّضح أنّ أرض الفتح منها ما هو باقٍ على ملكية الدولة (الإمام) وهو ما كان منها مواتاً أو عامراً بالأصالة كغيره، فلا يصير بالفتح ملكاً للمسلمين، ومنها ما يصير بالفتح ملكاً للمسلمين، وهو القسم العامر بشرياً، ناسب التعرّض إلى الفارق بين هذين النحوين من الملكية- أي ملكية الدولة وملكية المسلمين- والذي يتابع الموارد قد يجد الكثير من الفوارق الجزئية، إلّا أنّ المهم منها ما ذكره الشهيد الصدر قدس سره في كتاب اقتصادنا وعرضه بصورة دقيقة وعبارات أنيقة ممّا له مغزى اجتماعي وسياسي واقتصادي، معتبراً أنّ المغزى منهما واحد وأنّ الفارق يكمن في طريقة الاستثمار و الاستفادة من هذه الأرض، حيث قال: «وهاتان الملكيّتان- الملكية العامة للُامّة، وملكية الدولة- وإن اتفقنا في المغزى الاجتماعي ، إلّا أنّهما يعتبران شكلين تشريعيين مختلفين؛ لأنّ المالك في أحد الشكلين هو الامّة، والمالك في الشكل الآخر هو المنصب الذي يباشر حكم تلك الامّة من قبل اللَّه، وينعكس الفرق بين الشكلين في الامور التالية:
أوّلًا: طريقة استثمار كلّ من الملكيّتين والدور الذي تؤدّيه للمساهمة في بناء المجتمع الإسلامي، فالأراضي والثروات التي تملك ملكية عامة لمجموع الامّة يجب على وليّ الأمر استثمارها للمساهمة في إشباع حاجات مجموع الامّة وتحقيق مصالحها العامة التي ترتبط بها ككلّ، نحو إنشاء المستشفيات وتوفير وتهيئة مستلزمات التعليم وغير ذلك من المؤسّسات الاجتماعية العامة التي تخدم مجموع الامّة، ولا يجوز استخدام الملكية العامة لمصلحة جزء معيّن من الامّة ما لم ترتبط مصلحته بمصلحة المجموع.
وهذا ما أشار إليه المقدّس الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان حيث قال: «معنى كون هذه الأرض للمسلمين كونها معدّة لمصالحهم العامة مثل بناء القناطر والمساجد، ونفقة الأئمّة والقضاة والكتّاب، ومئونة الغزاة، وغيرها من المصالح العامة، مثل بيت مال المسلمين، بل لا يظهر جواز صرف حاصلها في نفقة فقير واحد بخصوصه، إلّا أن يجعل من المصالح كإيواء الأيتام وتزويج الأرامل». فلا يسمح بإيجاد رءوس أموال- مثلًا- لبعض الفقراء من ثمار تلك الملكية ما لم يصبح ذلك مصلحة وحاجة لمجموع الامّة، كما إذا توقّف حفظ التوازن الاجتماعي على الاستفادة من الملكية العامة في هذا السبيل، وكذلك لا يسمح بالصرف من ريع الملكية العامة للُامّة على النواحي التي يعتبر وليّ الأمر مسئولًا عنها من حياة المواطنين الذين في المجتمع الإسلامي.
وأمّا أملاك الدولة فهي كما يمكن أن تستثمر في مجال المصالح العامة لمجموع الامّة كذلك يمكن استثمارها لمصلحة معيّنة مشروعة، كإيجاد رءوس أموال منها لمن هو بحاجة إلى ذلك من أفراد المجتمع الإسلامي، أو أيّ مصلحة اخرى من المصالح التي يعتبر وليّ الأمر مسئولًا عنها.
ثانياً: أنّ الملكية العامة لا تسمح بظهور حقّ خاص للفرد... (ف) الأرض المفتوحة عنوة والتي تعود ملكيّتها للُامّة لا يكسب الفرد فيها حقّاً خاصاً ولو مارس عليها عملية الإحياء، خلافاً لملك الدولة فإنّ الفرد قد يكتسب في ممتلكاتها حقّاً خاصاً على أساس العمل بالقدر الذي تأذن به الدولة، فمن يحيي أرضاً ميتة للدولة بإذن من الإمام يكتسب حقّاً خاصاً فيها وإن لم يملك رقبتها، وإنّما هو حقّ يجعله أولى من الآخرين بها مع بقاء رقبتها ملكاً للدولة...
ثالثاً: أنّ ما يدخل في نطاق الملكية العامة للُامة لا يجوز لوليّ الأمر- بوصفه وليّاً للأمر- نقل ملكيّته إلى الأفراد ببيع أو هبة ونحو ذلك، خلافاً لما يدخل في نطاق ملكية الدولة، فإنّه يجوز فيه ذلك وفقاً لما يقدّره الإمام من المصلحة العامة.
وهذا الفارق بين الملكيّتين يقرب هذين المصطلحين الفقهيين نحو مصطلحي (الأموال الخاصة للدولة) و (الأموال العامة لها) في لغة القانون الحديث، فما نطلق عليه اسم (ملكية الدولة) يوازي من هذه الناحية ما يعبّر عنه قانونياً ب (الأموال الخاصة للدولة)، بينما يناظر (الملكية العامة للُامّة) ما يطلق عليه القانون اسم (الأموال العامة للدولة)، غير أنّ مصطلح (الملكية العامّة للُامة) يتميّز عن مصطلح (الأموال العامة للدولة) بأنّه يستبطن النص على أنّ الأموال العامة التي يشملها هي ملك الامّة ودور الدولة فيها دور الحارس الأمين، بينما ينسجم التعبير القانوني بالأموال العامة للدولة مع هذا، كما ينسجم مع كونها ملكاً للدولة نفسها».
[۶۷] اقتصادنا، ج۱، ص۴۳۷- ۴۳۹.




 
۱. الحدائق، ج۱۲، ص۳۲۶.    
۲. الخمس (تراث الشيخ الأعظم)، ج۱، ص۱۱۵.    
۳. بلغة الفقيه، ج۱، ص۲۲۲ - ۲۲۳.    
۴. اقتصادنا، ج۱، ص۴۳۵.
۵. الأنفال/سورة ۸، الآية ۱.    
۶. الوسائل، ج۹، ص۵۳۵، ب ۲ من الأنفال، ح ۲.    
۷. الوسائل، ج۹، ص۵۳۰- ۵۳۱، ب ۱ من الأنفال، ح ۱۹.    
۸. الرياض، ج۵، ص۲۶۲.    
۹. جامع المقاصد، ج۷، ص۹.    
۱۰. مستند الشيعة، ج۱۰، ص۱۵۴.    
۱۱. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۱۱.    
۱۲. جواهر الكلام، ج۱۶، ص۱۱۷.    
۱۳. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۴، ص۱۳.    
۱۴. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۴، ص۱۳.    
۱۵. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۱۱.    
۱۶. الوسائل، ج۹، ص۵۲۳، ب ۱ من الأنفال، ح ۱.    
۱۷. الوسائل، ج۹، ص۵۲۳، ب ۱ من الأنفال.    
۱۸. الرياض، ج۷، ص۵۴۹.    
۱۹. جواهر الكلام، ج۲۱، ص۱۶۹.    
۲۰. اقتصادنا، ج۱، ص۷۰۵.
۲۱. الوسائل، ج۹، ص۵۲۳، ب ۱ من الأنفال.    
۲۲. اقتصادنا، ج۱، ص۷۰۵- ۷۰۶.
۲۳. الوسائل، ج۹، ص۵۲۳، ب ۱ من الأنفال.    
۲۴. اقتصادنا، ج۱، ص۴۴۶- ۴۴۷.
۲۵. الأعراف/سورة ۷، الآية ۱۲۸.    
۲۶. الوسائل، ج۲۵، ص۴۱۴، ب ۳ من إحياء الموات، ح ۲.    
۲۷. مستند العروة (الخمس)، ج۱، ص۳۶۰.
۲۸. الوسائل، ج۹، ص۵۲۴، ب ۱ من الأنفال، ح ۴.    
۲۹. الوسائل، ج۹، ص۵۳۱ - ۵۳۲، ب ۱ من الأنفال، ح ۲۰.    
۳۰. مستند العروة (الخمس)، ج۱، ص۳۶۰.
۳۱. اقتصادنا، ج۱، ص۴۴۷.
۳۲. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۴، ص۱۶- ۱۷.    
۳۳. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۳، ص۲۱- ۲۲.    
۳۴. مستند العروة (الخمس)، ج۱، ص۳۶۰- ۳۶۱.
۳۵. الخلاف، ج۴، ص۱۹۴- ۱۹۵، م ۱۸.    
۳۶. جواهر الكلام، ج۲۱، ص۱۵۷.    
۳۷. جواهر الكلام، ج۲۱، ص۱۵۶.    
۳۸. الرياض، ج۷، ص۵۴۵.    
۳۹. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۴، ص۱۹.    
۴۰. الوسائل، ج۱۷، ص۳۶۹، ب ۲۱ من عقد البيع وشروطه، ح ۴.    
۴۱. الوسائل، ج۱۵، ص۱۱۰- ۱۱۱، ب ۴۱ من جهاد العدو، ح ۲.    
۴۲. الوسائل، ج۱۷، ص۳۶۹، ب ۲۱ من عقد البيع وشروطه، ح ۵.    
۴۳. الوسائل، ج۱۷، ص۳۷۰، ب ۲۱ من عقد البيع وشروطه، ح ۹.    
۴۴. الوسائل، ج۱۵، ص۱۵۵، ب ۷۱ من جهاد العدو، ح ۱.    
۴۵. جواهر الكلام، ج۲۱، ص۱۶۲.    
۴۶. مستند الشيعة، ج۱۴، ص۲۱۶.    
۴۷. المسالك، ج۱۲، ص۳۹۳.    
۴۸. الروضة، ج۷، ص۱۳۶.    
۴۹. مجمع الفائدة، ج۷، ص۴۷۰.    
۵۰. كفاية الأحكام، ج۲، ص۵۴۹.    
۵۱. مستند الشيعة، ج۱۴، ص۲۱۶.    
۵۲. جواهر الكلام، ج۲۱، ص۱۶۲.    
۵۳. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۴، ص۱۱.    
۵۴. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۳، ص۱۳.    
۵۵. مستند الشيعة، ج۱۴، ص۲۱۷.    
۵۶. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۳، ص۱۳.    
۵۷. البيع (الخميني)، ج۳، ص۶۲.
۵۸. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۴، ص۱۱.    
۵۹. مجمع الفائدة، ج۷، ص۴۷۰.    
۶۰. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۴، ص۱۱.    
۶۱. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۳، ص۱۴- ۱۵.    
۶۲. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۳، ص۵۱.    
۶۳. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۳، ص۱۳- ۱۴.    
۶۴. حاشية المكاسب (الاصفهاني)، ج۳، ص۴۹- ۵۱.    
۶۵. البيع (الخميني)، ج۳، ص۶۱- ۶۸.
۶۶. مجمع الفائدة، ج۷، ص۴۷۰.    
۶۷. اقتصادنا، ج۱، ص۴۳۷- ۴۳۹.




الموسوعة الفقهية، ج۱۰، ص۲۱۶-۲۲۸.    



جعبه ابزار