و الفرق بينها وبين الاعتذار هو العموم و الخصوصالمطلق ؛ وذلك لأنّ العذر على ثلاثة أضرب: إمّا أن يقول: لم أفعل، أو يقول: فعلتُ لأجل كذا، فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنباً، أو يقول: فعلت ولا أعود ونحو ذلك من المقال ، وهذا الثالث هو التوبة، فكلّ توبة عذر وليس كلّ عذر توبة.
يختلف حكم الاعتذار باختلاف متعلّقه:
فإن كان من حقوق اللَّه تعالى- كمن ارتكب حراماً أو ترك واجباً - لم يحكموا بوجوبه مجرداً عن التوبة وإنّما الواجب التوبة.
فإنّ السبّ هتك وظلم للمسبوب، ولا يرتفع إلّا بالاعتذار منه. فقد روى ابن الحجاج البجلي عن [[الإمام أبو الحسن الكاظم عليه السلام
|أبي الحسن موسى عليه السلام]] في رجلين يتسابّان؟ فقال: « البادئ منهما أظلم و وزره ووزر صاحبه عليه ما لم يعتذر إلى المظلوم ».
والمراد أنّ مثل وزر صاحبه عليه لإيقاعه إيّاه في السب، من غير أن يخفّف عن صاحبه شيء، فإذا اعتذر إلى المظلوم عن سبّه وإيقاعه إيّاه في السب برأ من الوزرين.
الاعتذار في ارتكاب المعاصي أو ترك الواجبات الشرعية تارةً يكون مقبولًا، واخرى لا يكون مقبولًا.
فمثال الأوّل: اعتذار تارك الصلاة بالنسيان أو بعدم المطهر، فإنّه يقبل عذره إجماعاً ويؤمر بالقضاء ،
وكاعتذار مستحلّ الترك بعدم علمه بالوجوب لقرب عهده بالإسلام أو سكناه في بادية بعيدة عن أحكام الإسلام ، فإنّه يقبل عذره، وكذا لو ادّعى النسيان في إخباره عن الاستحلال ، ونحو ذلك من الموارد الاخرى.
وهناك موارد كثيرة للاعتذار المقبول وغيرالمقبول، وهي شاملة لأغلب أبواب الفقه . و الميزان في تشخيص العذر المقبول عن غيره هو أن لا يستند الفعل إلى اكتساب الإنسان، ولا يكون له في امتناع الأمر الذي امتنع عليه صنع، فالجاهل بالدين جملة أو بشيء من معارفه الحقّة إذا استند جهله إلى ما قصّر فيه وأساء الاختيار استند إليه الترك وكان معصية ، وإذا كان جهله غير مستند إلى تقصيره فيه أو في شي من مقدّماته بل إلى عوامل خارجة عن اختياره أوجبت له الجهل أو الغفلة أو ترك العمل لم يستند الترك إلى اختياره، ولم يعد فاعلًا للمعصية، متعمّداً في المخالفةمستكبراً عن الحقّ جاحداً له فله ما كسب وعليه ما اكتسب، وإذا لم يكسب فلا له ولا عليه.
وهذا الميزان هو الذى يدلّ عليه قوله تعالى: «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسعَهَا لَهَا مَا كَسَبَت وَعَلَيهَا مَا اكْتَسَبَت».
ومنها: ما ورد عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «ألا أخبركم بشراركم ؟» قالوا: بلى، يا رسول اللَّه، قال: «الذين لا يقيلون العثرة ، ولا يقبلون المعذرة، ولا يغفرون الزلّة ».
ومنها: ما رواه المجلسي في البحار ذيل الآية عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «يا جبرئيل ما هذا العفو ؟»، قال: إنّ اللَّه يأمرك أن تعفو عمّن ظلمك، وتصل من قطعك، وتعطي من حرمك».
وفي خبر آخر: «إذا جثت الامم بين يدي اللَّه تعالى يوم القيامة نودوا: ليقم من كان أجره على اللَّه، فلا يقوم إلّامن عفى في الدنيا عن مظلمته».