الامتلاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
وضع شيء ما من
الماء وغيره في
ظرف قدر مايسع.
الامتلاء- لغة-:
مصدر امتلأ وأصله ملأ، يقال: ملأ الشيء، أي وضع فيه من الماء أو غيره قدر ما يسع.
وملأ
المعدة : وضع فيها من
الطعام و
الشراب بقدر ما تسع، وتملأ بمعنى امتلأ.
واستعمله
الفقهاء في نفس
المعنى اللغوي.
الكِظّة، وهو أن تمتلئ المعدة من الطعام امتلاءً
شديداً ،
بخلاف الامتلاء الذي هو
أكل الطعام والشراب بقدر ما تسع.
قال
السيّد المرتضى : «أمّا
البطنة فهي كثرة
الأكل و
السرف في
الشبع ، وذلك غير محمود في
نجباء الرجال وذوي
الفضل منهم».
وهو- لغة- الامتلاء من أكل وغيره، وهو ضدّ
الجوع .
وعند الفقهاء: هو
البلوغ في الأكل إلى حدّ لا يشتهيه، سواء امتلأ بطنه منه أم لا، بخلاف الامتلاء الذي هو ملء
البطن من الأكل، وإن بقيت
شهوته للطعام، فالنسبة بينهما عموم وخصوص من وجه.
وهو
الأذى الذي ينال
الحيوان عند خلوّ المعدة من
الغذاء ،
وهو ضدّ
الشبع والامتلاء.
تعرّض الفقهاء للامتلاء في مواضع متعدّدة، نشير إلى أهمّها
إجمالًا فيما يلي:
يكره
التملّي من الطعام والشراب مطلقاً،
وقد يكون حراماً، كما إذا وصل إلى حدّ
الإضرار المحرّم بالنفس.
والمستند في ذلك عمومات حرمة الإضرار بالنفس، مضافاً لعدّة روايات خاصّة:
منها: رواية
أبي بصير عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: قال لي: «يا أبا محمّد، إنّ البطن ليطغى من أكله،
وأقرب ما يكون
العبد من اللَّه إذا خفّ بطنه،
وأبغض ما يكون العبد من اللَّه إذا امتلأ بطنه».
ومنها: رواية
صالح النيلي عنه عليه السلام أيضاً قال: «ليس بدّ لابن
آدم من أكلة يقيم بها صلبه، فإذا أكل أحدكم طعاماً فليجعل ثلث بطنه للطعام، وثلث بطنه للشراب، وثلث بطنه للنفس، ولا تَسمّنوا تَسَمُّنَ
الخنازير للذبح».
ومنها: رواية
أبي الجارود عن
أبي جعفر عليه السلام قال: «ما من شيء أبغض إلى اللَّه عزّوجلّ من بطن
مملوء ».
إذا اضطرّ
الإنسان إلى طعام أو شراب جاز له تناوله إذا كان حراماً عليه من دون
الاضطرار ؛ وذلك لقاعدة أنّ
الضرورات تبيح
المحظورات ، لكن بمقدار ما يرفع حالة الاضطرار.
من هنا أفتى الفقهاء بعدم جواز أكل
الميتة إلّاعند الاضطرار وخوف تلف
النفس ، فإذا خيف ذلك يؤكل منها بقدر ما يمسك
الرمق - وهو بقيّة
الحياة - ولا يجوز الامتلاء منها.
واستدلّ لذلك بما رواه
المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللَّه عليه السلام- في حديث-: «...
وعلم ما يضرّهم فنهاهم عنه، وحرّمه عليهم، ثمّ أباحه
للمضطرّ وأحلّه له في
الوقت الذي لا يقوم بدنه إلّابه، فأمره أن ينال منه بقدر
البلغة لا غير ذلك...»،
بل يمكن
تخريج ذلك- كما تقدّم- على
القاعدة أيضاً، من حيث إنّ الضرورات تقدّر بقدرها فما زاد يظل تحت عمومات
الإلزام من وجوبٍ أو
حرمة .
يكره للمسافر في
شهر رمضان - بل كلّ من يجوز له
الإفطار - التملّي من الطعام والشراب،
وادّعي عدم الخلاف فيه.
ولكن حكي عن
أبي الصلاح القول بالحرمة،
كما ذهب بعض الفقهاء إلى حرمة التملّي أيضاً في خصوص ذي
العطاش .
والمستند في الحكم بالكراهة عندهم هو صحيحة
ابن سنان التي ينهى فيها
الإمام عليه السلام
المسافر في شهر رمضان عن
الجماع ، ويشير في آخرها بقوله: «...
وإنّي إذا سافرت في شهر رمضان ما آكل إلّا
القوت وما أشرب إلّا
الريّ ».
أمّا المستند للقول بالحرمة في خصوص ذي العطاش فهو خبر
عجلان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في
الرجل يصيبه العطاش حتى يخاف على نفسه، قال: «يشرب بقدر ما يمسك رمقه، ولا يشرب حتى يروى».
على أساس أنّه يفيد حكماً عاماً للمفطر في شهر رمضان أن يقتصر على مقدار
الضرورة .
ونوقش بحمله على
الكراهة؛ جمعاً بينه وبين
إطلاق الرخصة في الإفطار، مع عدم كونه بحكم
الصائم حتى يقتصر معه على مقدار الضرورة.
ذهب بعض الفقهاء إلى كراهة دخول الحمّام على الامتلاء.
وقد ورد
النهي عنه في بعض الأخبار، منها: خبر أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «لا تدخل الحمّام إلّاوفي جوفك شيء يطفئ عنك
وهج المعدة، وهو أقوى للبدن، ولا تدخله وأنت ممتلئ من
الطعام ».
ومنها: ما روي عنه عليه السلام أيضاً قال:
«ثلاثة يهدمن البدن وربما قتلن: أكل
القديد الغابّ، ودخول الحمّام على
البطنة ، ونكاح
العجوز ».
يكره
الجماع حال الامتلاء؛
لورود النهي عنه في بعض الأخبار، منها: مرسل
الصدوق عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: «ثلاثة يهدمن
البدن وربما قتلن: دخول الحمّام على البطنة، والغشيان على الامتلاء، و
نكاح العجائز».
ذكر الفقهاء أنّه يستحبّ
للحاجّ أو
المعتمر إذا أراد
السعي أو
الخروج من
مكّة إلى
أهله أن يشرب من ماء
زمزم ، و
الإكثار منه إلى حدّ الامتلاء؛
لرواية إسماعيل ابن جابر، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: «ماء زمزم
شفاء من كلّ
داء ، وأظنّه قال: كائناً ما كان؛ لأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: ماء زمزم لِما شُرب له».
فإذا كان ماء زمزم يصلح لكلّ شيء قصده
الشارب كان
مستوعباً في آثاره لكلّ
الأمراض، وهذا هو وجه
الربط بين الحديث النبوي وبين
تعليل الإمام عليه السلام به.
الموسوعة الفقهية، ج۱۷، ص۶۷-۷۰.