بيع الحيوان
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هنا يأتي مسائل مختلفة في بيع الحيوان وخيار الحيوان و شراء الحيوان و...وأحكامهم.
(في بيع الحيوان)
(إذا تلف الحيوان) المبيع (في) الثلاثة الأيّام التي هي (مدّة
الخيار ) فيه (فهو من مال البائع) مطلقا (ولو كان بعد) حصول (القبض) من المشتري (إذا لم يكن) التلف (بسببه، ولا عن تفريط منه) لما مرّ مفصّلاً في المسألة الخامسة من أحكام الخيار، من أنّ التلف في زمان الخيار ممّن لا خيار له، فلا نعيده .
(ولا يمنع العيب الحادث) في الحيوان من غير جهة المشتري في زمن الخيار (من الردّ بـ)
أصل (الخيار) مطلقاً، بلا خلاف في الظاهر؛ لأنه مضمون على البائع بالوفاق على الظاهر، والمعتبرة المتقدّمة في
خيار الحيوان ، منها الصحيح : على مَن ضمان الحدث في الحيوان؟ قال : «على البائع حتى ينقضي الشرط ثلاثة أيّام»
وحينئذٍ لا يكون مؤثّراً في رفع الخيار. وفي جواز الردّ بالعيب أيضاً وعدمه قولان؛ للأوّل كما هو ظاهر الأكثر، ولعلّه الأظهر أنّه مضمون على البائع.
وتظهر الثمرة فيما لو أسقط الخيار الأصلي والمشترط، فله الردّ بالعيب على الأوّل ولا على الثاني. وفي ثبوت الخيار بعد
انقضاء الثلاثة وعدمه، فعلى الثاني يسقط الخيار، ويبقى على الأوّل؛ إذ لا يتقيّد خيار العيب بالثلاثة وإن اشترط حصوله فيها فما قبلها، وغايته ثبوته فيها بسببين، وهو غير قادح، فإنّها معرّفات يمكن
اجتماع كثير منها في وقت واحد، كما في
خيار المجلس والشرط والغبن إذا اجتمعت في بيع واحد قبل التفرق.
ولو كان حدوث العيب بعد الثلاثة منع الردّ بالعيب السابق؛ لكونه غير مضمون على البائع مع تغيّر المبيع، فإنّ ردّه مشروط ببقائه على ما كان، فيثبت في السابق
الأرش خاصّة.
(وإذا بيعت الحامل فالولد للبائع على الأظهر) الأشهر (ما لم يشترطه المشتري) وقد مرّ البحث فيه وفي أنّه للمشتري مع الشرط مفصّلاً في بحث ما يدخل في المبيع، فلا نعيده ثانياً .
•
جواز ابتياع بعض الحيوان مشاعا ،ويجوز
ابتياع بعض الحيوان مشاعاً) مع التعيين، كالنصف والربع، إجماعاً في الظاهر.
(ولو اشترك جماعة في شراء الحيوان واشترط أحدهم الرأس والجلد بماله) من الثمن (كان له منه) أي المبيع (بنسبة ما نقد، لا ما) (شرط) للحسن، بل ربما عدّ من الصحيح : في رجل شهد بعيراً مريضاً وهو يباع فاشتراه رجل بعشرة دراهم، وأشرك فيه رجلاً بدرهمين بالرأس والجلد، فقضى أنّ البعير برئ فبلغ ثمانية دنانير، فقال : «لصاحب الدرهمين خمس ما بلغ، فإن قال : أُريد الرأس والجلد ليس له ذلك، هذا
الضرار ، وقد اعطي حقّه إذا اعطي
الخمس ».
ويأتي ما مرّ فيه، مع ظهوره كما سبق فيما يقصد ذبحه لا مطلقاً، فلا وجه
للتعميم على تقدير العمل بهما بعد وجود القول بالفصل بين مورده فالجواز، وغيره فالمنع، كما مضى. إلاّ أنّي لم أقف على مخالف هنا عدا شيخنا
الشهيد الثاني ومن تبعه من بعض أصحابنا،
حيث جعلوا الحكم فيه وفيما سبق واحداً. وهو كذلك إن لم يكن انعقد
الإجماع على خلافه، وربما احتمله في شرح القواعد
المحقق الثاني ،
ولعلّه وجه الفرق بينهما في العبارة وغيرها من التردّد في الأوّل والجزم بالحكم هنا.وهو حسن إن تمّ، وإلاّ فمجرّد صحة السند على تقديرها غير كافٍ في الخروج عن مقتضى القواعد المتقدّمة جدّاً مع
إمكان تأويل الرواية إلى ما يلائمها.
(ولو قال : اشتر حيواناً بشركتي) أو بيننا (صحّ) البيع لهما، فإنّ
الأمر بالشراء كذلك توكيل، ولا خلاف فيه (و) لا في أنّ (على كلّ واحد) منهما (نصف الثمن) لا غير، فإن الظاهر من الشركة المطلقة هو
التساوي في الحصّة؛ مضافاً إلى عدم إمكان الترجيح إلاّ مع قيام قرينة عليه، فتتبّع. وإن أدّى أحدهما الجميع
بإذن الآخر صريحاً أو فحوًى ولو بمقتضى العادة المعلومة لهما في
الإنقاد عنه لزم الغرم له، وإلاّ فلا. ولو تلف المبيع بعد قبضه بإذن الآخر ولو فحوًى فهو منهما، فإن ذلك مقتضى الشركة جدّاً، ويرجع على الآخر بما نقد عنه إذا كان بإذنه لا مطلقاً.
(ولو) زاد الأمر على ذلك و (قال :) اشتره على أن يكون (الربح لنا) أي بيننا (ولا خسران عليك) إن حصل (لم يلزم الشرط) وفاقاً للحلّي وجماعة من المتأخّرين،
قال : لأنّه مخالف لأُصول المذهب، لأنّ الخسران على رؤوس الأموال بغير خلاف، فإذا شُرِط على واحد من الشريكين كان هذا الشرط مخالفاً للكتاب والسنّة، لأن السنة جعلت الخسران على رؤوس الأموال.
ويضعّف بإمكان التعويل في ذلك إلى الكتاب والسنة من حيث أمرهما بالوفاء بالعقود والشروط، وتصريحهما بجواز أكل مال الغير مع التراضي، وقد حصل هنا كما هو المفروض، قال سبحانه (إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ).
(وفي رواية) صحيحة (إذا شارك) رجل (في جارية) له (وشرط للشريك الربح دون
الخسارة جاز) إذا طابت نفس صاحب الجارية.
وقريب منه في أُخرى : في رجل شارك رجلاً في جارية، فقال له : إن ربحت فلك، وإن وضعت فليس عليك شيء، فقال : «لا بأس بذلك إذا كانت الجارية للقائل»
فتأمّل.
فدعوى مخالفة الشرط لهما لا وجه لها،
واقتضاء الشركة عموم الخسارة على إطلاقه محلّ مناقشة، فقد يخصّ ذلك بصورة عدم اشتراطها على أحدهما، وأنّى له بدفعه، فالمصير إلى الجواز لا يخلو عن قوّة، وفاقاً
للطوسي والقاضي والمختلف والدروس
كما حكي. وظاهر العبارة والقواعد فساد الشرط خاصّة. ووجهه ليس بواضح، ومقتضى الشرطية فساد الشركة من أصلها بفساد شرطها، فتأمّل جدّاً.
(ويجوز النظر إلى وجه المملوكة ومحاسنها إذا أراد شراءها) إجماعاً حكاه جماعة،
والمعتبرة به مع ذلك مستفيضة،
منجبر قصور أسانيدها
بالأصل السالم عمّا يصلح للمعارضة إذا لم يكن بتلذّذ ولا ريبة؛ مضافاً إلى
الاعتضاد بعمل الطائفة.وجوّز في
التذكرة النظر إلى ما عدا العورة مطلقاً. ولا يخلو عن قوّة، وسيأتي التحقيق في المسألة في كتاب
النكاح إن شاء الله سبحانه.
(ويستحب لمن اشترى رأساً) أي رقيقاً مطلقاً، ذكراً كان أو أُنثى؛ تبعاً لإطلاق النص والفتوى (أن يغيّر اسمه) عند شرائه، بل قيل مطلقاً،
ولو
بالانتقال بنحو من الهبة والصلح (و) أن (يطعمه شيئاً حلواً، ويتصدّق عنه بأربعة دراهم) شرعيّة.(ويكره أن يريه ثمنه في الميزان).
كل ذلك للروايات، منها : «إذا اشتريت رأساً فلا ترينّ ثمنه في كفّة الميزان، فما من رأس يرى ثمنه في كفّة الميزان فأفلح، فإذا اشتريت رأساً فغيّر اسمه وأطعمه شيئاً حلواً إذا ملكته، وتصدّق عنه بأربعة دراهم».
وظاهره كغيره ترتّب الكراهة على رؤية الثمن في الميزان، ولذا عبّر به في العبارة وكلام جماعة.
وربما قيل بها مطلقاً ولو لم يكن في الميزان بل خارجاً؛ حملاً للنصّ على المتعارف من وضع الثمن في كفّة الميزان عند الشراء.
وهو حسن لو قام دليل على الكراهة مطلقاً، وهو غير واضح جدّاً.
(ويلحق بهذا الباب مسائل) :
•
حكم مالكية العبد فاضل الضريبة ،(المملوك يملك فاضل الضريبة) فعيلة بمعنى المفعولة، والمراد بها ما يؤدّي العبد إلى سيّده من
الخراج المقدّر عليه.
•
وجوب استبراء الأمة قبل بيعها ،(يجب على البائع) ومن في حكمه إن قلنا
بإلحاقه به (استبراء الأمة) الموطوءة له حال بلوغها في قبل أو دبر، عزل أم لا.
•
التفرقة بين الأطفال واُمهاتهم في البيع ،(يكره التفرقة بين الأطفال وأُمّهاتهم حتى يستغنوا) عنهنّ، بلا خلاف، بل سيأتي عن جماعة التصريح بالحرمة؛ وهو الحجة.
(الخامسة : إذا وطئ المشتري الأمة) المبتاعة جهلاً منه بالغصبية (ثم بان
استحقاقها ) لغير البائع بالبيّنة ونحوها (انتزعها) المالك (المستحق) لها،
اتّفاقاً ، فتوًى ونصّاً مستفيضاً، منها الصحيح : في وليدة باعها ابن سيّدها وأبوه غائب، فاستولدها الذي اشتراها إلى أن قال ـ : «الحكم أن يأخذ وليدته وابنها»
ونحوه الموثّق وغيره ممّا سيأتي .
(وله) أي للمالك على المشتري (عقرها) أي (نصف العشر) من ثمنها (إن كانت ثيّباً، والعشر) منه (إن كانت) حين الوطء (بكراً) على الأشهر الأقوى، بل عليه
الإجماع في الخلاف؛
عملاً بالمعتبرة الواردة في التحليل، كالصحيح أرأيت إن أحلّ له ما دون الفرج فغلبته الشهوة فافتضّها، قال : «لا ينبغي له ذلك» قلت : فإن فعل، أيكون زانياً؟ قال : «لا، ويكون خائناً ويغرم لصاحبها عشر قيمتها إن كانت بكراً، وإن لم تكن بكراً فنصف عشر قيمتها».
وفي تزويج
الأمة المدلّسة نفسها بالحرّة، كالصحيح : في رجل تزوّج بامرأة فوجدها أمة دلّست نفسها، قال : «إن كان الذي زوّجها إيّاه من غير مواليها فالنكاح فاسد» قلت : كيف يصنع بالمهر إلى أن قال ـ : «وإن زوّجها إيّاه وليّ لها ارتجع على وليّها بما أخذته منه، ولمواليها عشر قيمتها إن كانت بكراً، وإن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها بما استحلّ من فرجها» قلت : فإن جاءت منه بولد؟ قال : «أولادها منه أحرار»
الحديث.
ومغايرة المورد للمقام مدفوعة
باتّحاد طريق المسألتين،
وبإشعار الثاني بالعموم
وانسحاب الحكم في البين لوجهين، أجودهما تعقيبه بما هو كالتعليل له من
استحلال الفرج المتحقق هنا، وثانيهما الفحوى، كما استدلّ به لذلك بعض أصحابنا.
(وقيل :) كما عن الطوسي والحلّي
أنّه (يلزمه مهر أمثالها) لأنّه القاعدة الكلّية في عوض البضع، وأنّه بمنزلة قيمة المثل في غيره.وهو حسن لولا ما مرّ من الدليل المعتضد بعمل الأكثر. ولا فرق في ثبوت العقر أو المهر بالوطء بين علم الأمة بعدم صحة البيع وجهلها، على أصحّ القولين، وهو الذي يقتضيه إطلاق العبارة وغيرها؛ لأنّ ذلك حقّ للمولى، و (لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى).
وفي
الدروس : لا يرجع عليه بالمهر إلاّ مع
الإكراه ؛
استناداً إلى أنّه لا مهر لبغيّ
.ويضعّف بما مرّ، وأنّ المهر المنفي مهر الحرّة بظاهر الاستحقاق المستفاد من اللام في لبغيّ، ونسبة المهر، ومن ثمّ يطلق عليها المهيرة. (وعليه) أجرة المنافع المستوفاة له منها و (قيمة
الولد ) إن كان قد أولَدَها (يوم سقط حيّاً) لأنّه نماء ملكه فيتبعه. وإنّما عدل إلى القيمة مع اقتضاء الأصل الرقبة؛ لما دلّ على أنّ الولد يتبع الأشرف، من المعتبرة المستفيضة.
مضافاً إلى خصوص الموثق : في الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها ثم يجيء مستحق الجارية، فقال : «يأخذ الجارية المستحق، ويدفع إليه المبتاع قيمة الولد، ويرجع على من باعه بثمن الجارية وقيمة الولد التي أُخذت منه».
وللمرسل كالصحيح على الصحيح : في رجل اشترى جارية فأولَدَها فوجدت الجارية مسروقة، قال : «يأخذ الجارية صاحبها ويأخذ الرجل ولده بقيمته».
ونحوهما الخبر
الذي قصور سنده بالجهالة منجبر بفتوى الأكثر، بل الإجماع كما في الخلاف.
خلافاً للمفيد، فحكم برقّية الولد؛
وله الصحيح المتقدّم .
وحمله الشيخ على أنّ المراد بالولد قيمته،
إقامةً للمضاف إليه مقام المضاف وادّعى في
المبسوط والخلاف الإجماع على
انعقاد الولد على الحرّية فيضعّف به ما ذكره المفيد من الرقيّة. (منه رحمه الله).
جمعاً بينه وبين ما مرّ وغيره، كالخبر : رجل اشترى جارية من سوق المسلمين فخرج بها إلى أرضه فولدت منه أولاداً، ثم أتاها من يزعم أنّها له، وأقام على ذلك البيّنة، قال : «يقبض ولده، ويدفع إليه الجارية ويعوّضه من قيمة ما أصاب من لبنها وخدمتها»
فإنّ المراد بقبض الولد قبضه بالقيمة.
(و) يستفاد من الموثّق الوجه في أنّه يجوز للمشتري أن (يرجع بالثمن وقيمة الولد) اللذين غرمهما للمالك (على البائع) الغارّ له مع جهله. ولو كان عالماً باستحقاقها حال
الانتفاع لم يرجع بشيء.ولو علم مع ذلك بالتحريم كان زانياً والولد رقّ؛ لأنّه نماء ملكه فيتبعه، وللصحيح : «في رجل أقرّ على نفسه أنّه غصب جارية فولدت الجارية من الغاصب، قال : «تردّ الجارية والولد على المغصوب إذا أقرّ بذلك الغاصب أو كانت عليه بيّنة».
وعليه الحدّ بموجب الزنا، والمهر اتّفاقاً؛ لفحوى ما مضى. ولو اختلف حاله بأن كان جاهلاً عند البيع ثم تجدّد له العلم رجع بما غرمه حال الجهل وسقط الباقي.
(وفي رجوعه بالعُقر) مع الجهل (قولان) من أنّ المغرور يرجع على من غرّه بما لا يحصل في مقابلته نفع كالعمارة والنفقة ونحوهما، أمّا ما حصل له في مقابلته نفع كالثمرة والسكنى وعوض البضع فلا. ومن أنّه دخل على
إباحة هذه الأشياء بغير عوض، فإذا غرم عوضها رجع به المغرور على من غرّه. و (أشبههما) عند الماتن هنا وغيره
(الرجوع) إمّا لما مرّ، أو لفحوى الرجوع بقيمة الولد المستلزم ثبوته فيه مع كونه نفعاً عظيماً في مقابلة الثمن المدفوع جدّاً إيّاه هنا بطريق أولى، فتأمّل.
•
جواز ابتياع ما يسبيه الظالم ،يجوز
ابتياع ما يسبيه الظالم مطلقاً، مسلماً كان أم كافراً.
(السابعة : إذا دفع) رجل (إلى) عبد لغيره (مأذون) منه للتجارة (مالاً ليشتري نسمة ويعتقها) عنه (ويحجّ) عنه (ببقيّة المال، فاشترى)المأذون أباه (وتحاقَّ) أي تخالف في الحق كلّ من (مولاه ومولى
الأب ) المعتق (وورثة الآمر بعد العتق
والحج ، وكل يقول : اشترى) العبد (بمالي، ففي رواية ابن أشْيَم) بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح الياء المنقطة تحتها نقطتين، عن
أبي جعفر عليه السلام ، الواردة في القضيّة
أنّه (مضت الحَجّة ويردّ المعتق على مولاه رقّاً، ثم أيّ الفريقين أقام البيّنة كان له رقّاً).
(وفي السند ضعف) بجهالة الراوي، أو غلوّه كما حكم به الشهيد الثاني وفاقاً للمحقق الثاني.
وفي المتن مخالفة لأُصول المذهب من حيث
اشتماله على
الأمر بردّ العبد إلى مولاه مع اعترافه ببيعه ودعواه فساده، ومدّعي الصحة مقدّم؛ وعلى مضيّ الحَجّة، مع أنّ ظاهر الأمر حجّة بنفسه ولم يفعل؛ وعلى مجامعة صحة الحج لعوده رقّاً، وقد حجّ بغير
إذن السيد.
وما يعتذر به عن الأوّل : بأنّ المأذون بيده مال لمولى الأب وغيره، وبتصادم الدعاوي المتكافئة يرجع إلى أصالة بقاء الملك على مالكه، وأنّه لا يعارضه فتواهم بتقديم دعوى الصحة على الفساد، لأنّها مشتركة بين متقابلين متكافئين هما مولى المأذون وورثة الآمر فتساقطا. مضعّف بمنع تكافئها، مع كون من عدا مولاه خارجاً، والداخل متقدّم، فسقطا دونه، ولم يتمّ الأصل، وهو بقاء الملك.
ومنه يظهر عدم تكافؤ الدعويين الأُخريين، لخروج الآمر وورثته عمّافي يد المأذون التي هي بمنزلة يد سيّده، والخارجة لا تكافئ الداخلة، فتقدّم،
وإقرار المأذون بما في يده لغير المولى غير مسموع. فالاعتذار ضعيف،
كالاعتذار بحمل الرواية على
إنكار مولى الأب البيع لا فساده، هرباً من تقديم مدّعي الفساد، والتجاءً إلى تقديم منكر بيع عبده؛ لمنافاته لمنطوق الرواية ومفروض عبائر الجماعة الدالّين على دعوى كونه اشترى بماله.
(و) لما ذكرنا حصل (في الفتوى
اضطراب ) واختلاف، فبين من عكف على ظاهر الرواية، كالقاضي والنهاية.
والمناقشة فيه بعد ما عرفت واضحة. وبين من حكم لمولى المأذون بعد حلفه
باسترقاق العبد المعتق؛ لأنّ يده على ما بيد المأذون، فيكون قوله مقدّماً على من خرج عند عدم البيّنة. ذهب إليه الماتن في الشرائع، والفاضل في المختلف والقواعد، والشهيدان في الروضتين والمسالك، والمحقق الثاني في شرح القواعد، تبعاً للحلّي.
وعليه لا فرق بين كون العبد الذي أعتقه المأذون أباً له أو لا، وإن كانت الرواية تضمّنت الأوّل؛
لاشتراكهما في المعنى المقتضي لترجيح قول ذي اليد. ولا بين دعوى مولى الأب شراءه من ماله، بأن يكون قد دفع للمأذون مالاً يتّجر به فاشترى أباه من سيّده بماله، وعدمه؛ لأنّه على التقدير الأوّل يدّعي فساد البيع، ومدّعي صحته مقدّم، وعلى الثاني خارج، لمعارضة يده القديمة يد المأذون الحادثة فتقدّم، والرواية تضمّنت الأوّل.
ولا بين استيجاره على حجّ وعدمه؛ لعدم مدخليته لذلك في الترجيح، وإن كانت الرواية تضمّنت الأوّل. (و) ذكر الماتن هنا وتبعه ابن فهد في الشرح
أنّه (يناسب الأصل) في نحو المسألة (الحكم
بإمضاء ما فعله المأذون ما لم تقم بيّنة تنافيه) وكأنّه يريد بالأصل أصالة صحّة ما فعل من شراء وعتق وحجّ وغيرها.قال في الدروس : وهو قويّ إذا أقرّ بذلك؛ لأنّه في معنى التوكيل، إلاّ أنّ فيه طرحاً للرواية المشهورة.
ويضعّف أوّلاً : بأنّ إقرار الوكيل إنّما يعتبر إذا لم يكن إقراراً على الغير، ومعلوم أنّ إقرار العبد على ما في يده إقرار على سيّده، فلا يسمع. وثانياً : بأنّ دعواه اشتهار الرواية غير واضحة إن أراد بحسب الفتوى والعمل، إذ لم يعمل به إلاّ من مرّ إليه
الإشارة ، وهو بالإضافة إلى باقي الجماعة نادر بالبديهة، وجيّدة إن أراد الشهرة بحسب الرواية، إلاّ أنّها بمجرّدها غير كافية في الاستناد إليها بالضرورة.
هذا كلّه مع عدم البيّنة، ومعها تقدّم إن كانت لواحد، ولو كانت لاثنين أو للجميع بني على تقديم بيّنة الداخل أو الخارج عند
التعارض ، فعلى الأوّل : الحكم لمولى المأذون كما تقدّم، لكن من دون يمين. وعلى الثاني : يتعارض الخارجان، والأقوى وفاقاً لجماعة
تقديم بيّنة الدافع، عملاً بمقتضى صحّة البيع. مع
احتمال تقديم بيّنة مولى
الأب ، لادّعائه ما ينافي الأصل وهو الفساد، وتوضيحه أن مولى الأب بالإضافة إلى ورثة الدافع مدّعٍ خارج، فتقدّم بيّنته؛ لأنّه مدّعٍ بأحد تفاسير المدّعى، لأنّه يدّعي ما ينافي الأصل.
ويضعّف : بأنّه مدّعٍ وخارج بالإضافة إلى مولى المأذون، كما أنّ الآخر أيضاً مدّعٍ وخارج بالإضافة إليه، ولا يلزم من كون دعوى أحدهما توافق الأصل ودعوى الآخر تخالفه أن يكون أحدهما بالإضافة إلى الآخر مدّعياً وخارجاً، فترجيح بيّنته وتقديم بيّنة مدّعي الفساد إنّما يكون حيث لا يقطع بكون الآخر مدّعياً، فأمّا إذا قطع به وأقاما بيّنتين فلا بدّ من الترجيح، وهو ثابت في جانب مدّعي الصحة.
(الثامنة : إذا اشترى) رجل من غيره (عبداً) في الذمة (فدفع البائع إليه عبدين ليختار أحدهما فأبق واحد) منهما من يده من دون تفريط (قيل) كما عن الطوسي والقاضي
القاضي في الكامل على ما نقله عنه في المختلف،
(يرتجع) المشتري (نصف الثمن) من البائع ويأخذ في الفحص عن الآبق.
(ثم إن وجده) ردّ الثمن المرتجع و (تخيّر) بينهما واختار أيّهما شاء (وإلاّ) يجده (كان) العبد (الآخر) الموجود (بينهما نصفين) لرواية النوفلي عن السكوني عن
أبي عبد الله عليه السلام . (وفي الرواية) كما ترى (ضعف) من حيث السند بالراويين، والمتن بمخالفته لأُصول المذهب، من حيث إنّ التالف مضمون على المشتري، لقبضه بالسوم، وله
المطالبة بالمبيع، لأنّه موصوف في الذمّة، ولا وجه لكون العبد الباقي بينهما، فإنّ المبيع ليس نصف كلّ واحد منهما.
(و) حينئذٍ المعتمد الرجوع إلى ما (يناسب الأصل) وهو (أن يضمن) المشتري (له) أي للبائع (الآبق، ويطالبه بما ابتاعه) منه في الذمّة.ولا ريب في الثاني. ويبنى الأوّل على ضمان المقبوض بالسوم، وهو الذي قبضه ليشتريه فتلف في يده بغير تفريط. وحيث إنّ ذلك هو الأظهر الأشهر صحّ الحكم هنا؛ لأنّ القبض هنا في معنى القبض بالسوم، إذ الخصوصيّة ليست لقبض السوم، بل لعموم ما دلّ على ضمان اليد المشترك بينهما.ويأتي على القول بعدم الضمان ثَمّ عدمه هنا؛
لاتّحاد دليل العدم، وهو القبض بإذن المالك مع عدم تفريط، فيكون كالودعي.
بل قيل : يمكن عدم
الضمان هنا وإن قلنا به ثمّة؛ لأنّ المقبوض بالسوم مبيع بالقوّة، أو مجازاً بما يؤول إليه، وصحيح المبيع وفاسده مضمون. بخلاف صورة الفرض؛ لأنّ المقبوض فيه ليس كذلك، لوقوع البيع سابقاً وإنّما هو محض
استيفاء حقّ. لكن يندفع ذلك بأنّ المبيع لما كان أمراً كلّياً وكان كلّ واحد من المدفوع صالحاً لكونه فرداً له كان في قوّة المبيع، بل دفعهما للتخيير حصر له فيهما فيكون بمنزلة المبيع حيث إنّه منحصر فيهما، فالحكم بالضمان ها هنا أولى منه.
انتهى.
ومبناه على أنّ لخصوصيّة القبض بالسوم بالمعنى المعروف مدخلاً في الضمان، وقد عرفت فساده، مع
اعتراف القائل به قبل الكلام. وكيف كان، فالأجود وفاقاً لأكثر من تأخّر الضمان مع تاليه من المطالبة بما ابتاعه، وهو خيرة الفاضلين والشهيدين وثاني المحققين والمفلح الصيمري وغيرهم
تبعاً للحلي؛
التفاتاً إلى الأُصول، وتضعيفاً للرواية بما مر.
ولما قيل في تنزيلها من البناء على أنّ العبدين متساويان في القيمة ومطابقان في الوصف، وأنّ حق المشتري منحصر فيهما كما في الدروس.
أو البناء على تساوي العبدين من كلّ وجه، ليلحق بمتساوي الأجزاء، فيجوز بيع عبد منهما كما يجوز بيع قفيز من صبرة، وينزّل على
الإشاعة ، فيكون التالف منهما والباقي لهما، كما في المختلف
:بأنّ -أي : تضعيفاً لما قيل.. بأنّ-
انحصار الحق فيهما إنّما يكون لو ورد
البيع على عينهما، وهو خلاف المفروض، ومجرّد دفعه الاثنين ليس تشخيصاً وإن حصر الأمر فيهما، لأصالة بقاء الحق في الذمّة إلى أن يثبت المزيل شرعاً، وعدم تضمين التالف مخالف لما عليه الأكثر، كما مرّ، وتوجيهه بما تقدّم ضعفه قد ظهر، فاندفع التنزيل الأوّل. ويندفع الثاني بأنّه لو صحّ لنا في
ارتجاع نصف الثمن كما صرّحت به الرواية، هذا، مع أنّ في عدّ العبدين من متساوي الأجزاء وتنزيل بيع أحدهما منزلة بيع قفيز من الصبرة وتنزيله على الإشاعة مناقشة واضحة.
(ولو ابتاع عبداً من عبدين) أي أحدهما كلّيّاً (لم يصحّ) على الأصحّ الأشهر كما في المهذّب وغيره،
ولعلّه عليه عامّة من تأخّر، وفاقاً للحلّي
مدّعياً
الإجماع عليه من حيث
الاتفاق على أنّ المبيع إذا كان مجهولاً كان البيع باطلاً. وعليه لا فرق بين أن يكونا متساويين في القيمة والصفات أم مختلفين فيهما؛ للاشتراك في العلّة المقتضية للبطلان.
(وحكى الشيخ في الخلاف) في باب البيوع عن رواية الأصحاب (الجواز) على
الإطلاق ، مدّعياً الإجماع عليه،
وظاهره الميل إليه، إلاّ أنّه رجع عنه في باب السلم،
فلا عبرة بقوله الأوّل كدعواه الإجماع عليه، واستناده به وبالرواية، وبعموم قوله عليه السلام : «المؤمنون عند شروطهم»
لضعف الأوّل بمخالفته نفسه، مع شهرة خلافه الظاهرة في وهنه. والثاني : بعدم الدلالة على وقوع البيع كذلك، بل الظاهر وقوعه في الذمّة، مع ما يظهر من كلامه أنّ هذه الرواية هي الرواية السابقة ، وقد عرفت ما فيها من قصور السند، والمخالفة لأُصول المذهب.
والثالث : بالمعارضة بما دلّ على المنع عن بيع الغرر، ومنه محلّ الفرض.ويأتي على التنزيل الثاني للمختلف القول بالصحة مع تساويهما من كلّ وجه، كما يصحّ بيع قفيز من صبرة متساوية الأجزاء. ويضعّف بمنع تساوي العبدين على وجه يلحق المثلي، مضافاً إلى ما مرّ.
•
حكم وطؤ أحد الشريكين أمة بينهما ، (إذا وطئ أحد الشريكين) أو الشركاء في (الأمة) إيّاها فعل حراماً و (سقط عنه من الحدّ ما قابل نصيبه).
•
لو ابتاع كل من المملوكين صاحبه ،المملوكان المأذون لهما في
التجارة إذا ابتاع كلّ منهما) لمولاه (صاحبه) من مولاه (حكم للسابق).
رياض المسائل، ج۹، ص۴۹-۱۱۴.