الأجل (الإتفاقي)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الأجل (توضيح) .
وهو الذي حصل
الوفاق عليه ضمن
المعاملة .والبحث عنه ضمن امور:
الأجل الاتفاقي قد يكون في نفس
العقد كما إذا علّق عقده على أجل فقال مثلًا أنت وكيلي إذا دخل شهر
رمضان وقد يكون في متعلّقه لتحديد مقداره- كما في عقد
الإجارة المتعلقة بالمنفعة المقدرة بالزمان.وقد يتعلّق بقبض
وإقباض العوضين كما في السلم والنسيئة.وقد يتعلّق بالخيار
كخيار الشرط التابع في حدوده لتوافق
المتعاقدين .
وقد يتعلّق بالتصرف الخارجي فقط، كما إذا اشترط مع الوكيل في ضمن عقد
الوكالة ؛ بأن يتصرّف في ملكه بالبيع أو أمر آخر في زمان خاصّ كيوم
الجمعة وإن كان إنشاؤه ووكالته المنشأة غير مقيّدين به.وكلّ ذلك لا إشكال فيه في العقود إلّا الأوّل، على ما هو مقرر في محلّه.
تنقسم العقود بهذا
الاعتبار إلى ثلاثة أقسام:
أ- عقود لا تصح إلّا بأجل.
ب- عقود تصح مطلقة ومؤجّلة.
ج- عقود لا يجري فيها الأجل.
ونتعرض لكلّ من هذه الأقسام بما يشتمل عليها من عقود فيما يلي:
وهي التي يكون
الأجل دخيلًا فيها شرعاً وخلوّها منه موجب
للبطلان ، وعدّه في الأجل الاتفاقي- مع أنّ اعتباره إنّما هو بحسب
الشرع - إنّما هو باعتبار إناطة حدّه إلى
اتفاق المتعاملين. وهي كإجارة الأعيان والأشخاص إذا لم تتقدّر بنفس العمل
وعقد
المساقاة التي يجب فيها تعيين المدة بما لا يحتمل الزيادة والنقصان، وأقلّها ما تحصل فيه الثمرة
والمزارعة ،
ولو اقتصر فيها على تعيين المزروع من غير ذكر المدّة فوجهان،
والمتعة وعقد الكتابة عند عدّة منهم
كالشيخ والمحقّق وابن إدريس
وابن فهد والشهيد وغيرهم،
وإن كان بعض الفقهاء أجازها حالّة ومؤجّلة،
والكفالة على قول الشيخين،
وهو خلاف المشهور وبيع السلم حيث يجب تأجيله بما لا يقبل التفاوت في الزيادة والنقصان كالحصاد والدياس،
لكن ذلك بالنسبة إلى المثمن (المسلّم فيه). وأمّا الثمن فلا بد فيه من القبض في المجلس، ولو شرط تأجيله بطل.
ثمّ إنّ ما ذكر من وجوب تأجيل السلم لا ينافيه نزاعهم في أنّ السلم هل يقع حالًّا أم لا، بل صرّح بعضهم بصحة وقوعه حالًّا كالعلّامة في
التحرير ؛
إذ ليس مرادهم وقوع عقد السلم حالًّا وبلا أجل، بل المراد أنّه لو أُنشئ عقد
البيع بصيغة: أسلفتك- واريد به البيع الحال- فهل يقع ذلك بيعاً صحيحاً كما إذا أُنشئ بصيغة: بعتك أم لا؟فقال العلّامة في التحرير: يقع، وقال بعضهم: لا يقع.
قال الشهيد في
الروضة : «والأقرب جواز السلم حالًّا مع وجود المسلم فيه عند
القصد ليكون مقدوراً على تسليمه، ووجه القرب أنّ السلم بعض جزئيات البيع، وقد استعمل لفظه في نقل الملك على الوجه المخصوص، فجاز استعماله في الجنس لدلالته عليه حيث يصرّح بارادة المعنى العام، وذلك عند قصد
الحلول ، كما يقع البيع بملكتك كذا بكذا، مع أنّ التمليك موضوع لمعنى آخر، إلّا أنّ قرينة العوض المقابل عيّنته للبيع، بل هذا أولى؛ لأنّه بعض أفراده. ومثله القول فيما لو استعملا ( المتعاقدين) السلم في بيع عين شخصيّة...» إلى أن قال: «واعلم أنّ ظاهر المصنّف هنا وفي الدروس وكثير أنّ الخلاف مع قصد السلم وأنّ المختار جوازه مؤجّلًا وحالّاً، والذي يرشد إليه التعليل أنّ الخلاف فيما لو قصد به البيع المطلق، واستعمل (لفظ) السلم فيه بالقرائن، أمّا إذا اريد به السلف المطلق اشترط ذكر الأجل».
وهي
كعقد العارية والوكالة ونحوها، وسوف نتعرّض لها ولحكم تأجيلها على سبيل الاختصار:
لا خلاف في أنّ العارية تصح مطلقة ومؤقتة،
وفائدة تأقيتها انتفاء
الإذن فيما بعدها، ولكن للمالك الرجوع بها حتى قبل الأجل؛ لأنّها من العقود الجائزة، والعقود الجائزة لا تصير لازمة بالتأجيل بمعنى عدم جواز الرجوع فيها في المدة المزبورة، ومن فروع ذلك ما لو أذن في البناء أو الغرس مطلقاً، أو إلى مدة ثمّ أمره
بالإزالة فإنّه وجبت
الإجابة ،
خلافاً لأنّ
الجنيد حيث قال: «لو أعار براحاً ليبني فيه أو يغرس مدة معيّنة (معلومة) لم يكن لصاحب الأرض أن يخرجه عن بنائه وغرسه كرهاً قبل
انقضاء المدة، فإن فعل ذلك كان كالغاصب وكان عليه أعلى قيمة بنائه وغرسه قائماً ومنفرداً...».
لا خلاف عند الفقهاء
في جواز تأقيت الوكالة، بل قد يدعى عليه
الإجماع ،
استظهره في
الحدائق،
مثل أن يقول: وكّلتك شهراً فلا يكون بعده وكيلًا،
كما لا خلاف في صحة أن يقول: وكّلتك الآن ولكن لا تتصرّف إلّا بعد مجيء زيد مثلًا أو بعد إذنه.
المشهور بين الفقهاء
أنّ الكفالة تصح حالّة ومؤجلة، ولكن ذهب
المفيد والشيخ الطوسي
إلى أنّ الكفالة لا تكون إلّا بأجل.وعلى كلّ حال فلا خلاف في أنّه إذا اشترط بالأجل فلا بد أن يكون معلوماً على وجه لا يحتمل الزيادة والنقصان،
وتأجيل الكفالة تارة بأن يقول: كفلته إلى شهر مثلًا بمعنى لزوم احضار المكفول بعد انقضاء الشهر وعدم جواز مطالبته به قبله،
وهو التأجيل المعروف في الكفالة، واخرى بأن يقول: كفلته شهراً بمعنى التعهّد به ضمن الشهر، ذكره العلّامة في
التحرير وسماه الكفالة المؤقّتة قال:«تصحّ الكفالة المؤقتة، فلو قال: أنا كفيل فلان شهراً على معنى أنّه يحضره متى شاء المكفول له في مدة الشهر جاز».
لو قال: ضاربتك سنة بمعنى أنّه جعل الغاية للمضاربة سنة فلا تصير
المضاربة لازمة في هذه المدة؛ بل لكلّ منهما فسخها قبل الأجل، والشرط والعقد صحيحان وفائدة الشرط حينئذٍ المنع من التصرف بعد السنة؛ لأنّ جواز التصرّف تابع للإذن عن المالك، ولا إذن بعد المدة المذكورة.
وأمّا تأقيتها من بدء بأن يقول: إذا جاء أوّل الشهر فقد قارضتك فصريح
العلّامة في
التذكرة أنّه مناف للتنجيز
الواجب في كلّ عقد،
وهو صحيح إذا رجع إلى تعليق العقد بالزمان المزبور، وأمّا إذا كان المراد تأقيت
التصرف الخارجي فليس ذلك من التعليق المبطل.
من شرائط
الوقف أن يكون مؤبّداً، بمعنى عدم توقيته بمدة كسنة ونحوها، فلو قال: (وقفت كذا سنة) لم يصح وقفاً،
وهذا مما لا خلاف فيه،
بل ادعي الإجماع عليه،
وفي صحته حبساً أو بطلانه وجهان، والمنسوب إلى الأكثر صحته حبساً.
نعم لو قصد به من أوّل الأمر
إنشاء الحبس صحّ.
عقد السكنى التي فائدتها
التسليط على المنفعة تنشأ مطلقة ومقيّدة بعمر أحد المتعاقدين أو بمدة معيّنة، وقيل: إنّ اختلاف اسمها إنّما هو باختلاف ما تقترن به، فإذا قرنت بالعمر قيل: عمرى، وإذا قرنت بالمدّة المعينة قيل: رقبى، وإذا قرنت
بالاسكان خاصّة قيل: سكنى.
وقيل غير ذلك.
والصيغة المقيّدة بالعمر أو المدة هي:أسكنتك أو أعمرتك أو أرقبتك هذه الدار أو هذه الأرض أو هذا المسكن عمرك أو عمري أو مدة معيّنة أو هذه الدار لك عمرك أو هي لك مدّة حياتك
وزاد في التذكرة:وهبت منك هذه الدار عمرك، على أنك إن متّ قبلي عادت إليّ....
وكيف كان فتصح السكنى مطلقة،
بلا خلاف، بل ادعي الإجماع عليه بقسميه،
ويجوز الرجوع فيه متى شاء، وإن حكم بعضهم بلزومه في مقدار المسمى.
وأمّا العمرى والرقبى ففي
الجواهر : «الظاهر بطلانهما مع
الإطلاق كما قطع به في
الدروس في الأوّل، ولم يتعرّض للرقبى، ولعلّه لاتحادهما معها في الحكم».
وأمّا مع التقييد بالعمر أو المدة المعيّنة فهي صحيحة قطعاً، بل لازمة ما دامت الحياة والمدة المعيّنة، وبعد انقضائها يرجع المال إلى مالكه أو وارثه.
وأمّا
الحبس ففي الشرائع: «لو حبس شيئاً على رجل ولم يعيّن وقتاً ثمّ مات الحابس كان ميراثاً، وكذا لو عيّن مدةً وانقضت كان ميراثاً لورثة الحابس».
وفي المسالك: «أنّه (أي الحبس) مع الإطلاق هل يصحّ الرجوع فيه أم لا؟والذي صرّح به في القواعد
أنّه مع الإطلاق له الرجوع متى شاء كالسكنى وهو حسن، وفي العبارة أيضاً
إخلال بالحبس عمر أحدهما- فإنّه لم يذكر إلّا تعيين المدّة- وحكمه كالمدة المعيّنة في لزومه ما دام باقياً، ورجوعه إلى المالك بعد موت من علّق على عمره، وبه جزم في التحرير».
لا يجري التوقيت في أصل البيع؛ لأنّه
إخراج للعين عن الملك ومقتضاه الدوام كما صرّح به غير واحد.
نعم يجوز تأقيت دفع العوضين وله صور مجملها ما ذكره
الشهيد الثاني في
الروضة، قال في أحكام
التجارة: «اعلم أنّ البيع بالنسبة لتعجيل الثمن والمثمن وتأخيرهما والتفريق أربعة أقسام: فالأوّل
النقد ، والثاني
بيع الكالئ بالكالئ - بالهمز- اسم فاعل أو مفعول من المراقبة لمراقبة كلّ واحد من الغريمين صاحبه لأجل دينه، ومع حلول المثمن وتأجيل الثمن هو النسيئة وبالعكس
السلف ، وكلّها صحيحة عدا البيع الثاني، فقد ورد النهي عنه وانعقد الإجماع على فساده، وإطلاق البيع يقتضي كون الثمن حالًّا، وأنّ شرط تعجيله في متن العقد أكّده لحصوله بدون الشرط، فإنّ وقت التعجيل بأن شرط تعجيله في هذا اليوم مثلًا تخيّر البائع لو لم يحصل الثمن في الوقت المعيّن، ولو لم يعيّن زماناً لم يفد سوى التأكيد في المشهور».
إذا باع شيئاً شخصياً طعاماً أو غيره واشترط تأخير الثمن إلى أجل معلوم ثمّ ابتاعه البائع أو غيره من المشتري بعد قبضه فإن كان ذلك قبل حلول الأجل فإمّا أن يكون البيع الثاني نقداً، أو لأجل مساوٍ للأجل الأوّل، أو لأجل أكثر، أو لأجل أقلّ.وكلّ ذلك إمّا أن يكون بزيادة على الثمن الأوّل، أو مساوٍ له، أو أقل منه.والحكم في جميع ذلك الجواز عند فقهائنا،
وفي
الرياض وغيره
ادعاء عدم الخلاف، حيث قال: «بلا خلاف فتوى نصاً، عموماً وخصوصاً».
بل قد يدعى الإجماع.
والمخالف إنّما هو
سلّار في
المراسم حيث قال: «فإن باع ما ابتاعه إلى أجل قبل حلول الأجل فبيعه باطل»
وقال في
مفتاح الكرامة،بعد نقل كلام المراسم: «فليتأمّل، فإنّي لم أجد أحداً نقل عنها الخلاف في ذلك».
انتهى.
وإن كان البيع الثاني بعد حلول الأجل فابتاعه بمثل ثمنه من غير زيادة ولا نقيصة جاز بلا خلاف،
وكذا إن ابتاعه بغير جنس ثمنه بزيادة أو نقيصة حالًّا أو مؤجّلًا، وإن ابتاعه بجنس ثمنه بزيادة أو نقيصة فيه روايتان، أشبههما وأشهرهما الجواز.
النكاح قسمان دائم ومؤقّت، وهو المسمى بالمتعة أو المنقطع.وذكر الأجل شرط في الثاني، فلو خلى منه لم ينعقد متعةً قطعاً؛ لصحيحة
زرارة عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام: «لا تكون متعة إلّا بأمرين بأجل مسمى وأجر مسمى».
وفي
انعقاده دائماً أو بطلانه خلاف، والمشهور هو الأوّل.
وعلى كلّ حال فلا بد أن يكون الأجل معلوماً محروساً من الزيادة والنقصان.
قال في الشرائع: «أمّا الأجل فهو شرط في عقد المتعة، ولو لم يذكره انعقد دائماً وتقدير الأجل إليهما طال أو قصر، ولا بدّ أن يكون معيّناً محروساً من الزيادة والنقصان».
وقال في
القواعد: «الرابع (من أركانه) الأجل وذكره شرط فيه، ويشترط فيه التعيين بما لا يحتمل الزيادة والنقصان، ولا يتقدّر قلةً وكثرةً، ولو أخلّ به بطل، وقيل:ينقلب دائماً».
واستدلّ للبطلان في
المسالك: «بأنّ بطلان عقد المتعة كما حصل بفوات شرطه وهو الأجل، فكذلك الدوام بطل بفوات شرطه وهو القصد إليه فإنّه الركن الأعظم في صحة العقود».
يجوز تأجيل
المهر بمعنى شرط تسليمه إلى أجل معيّن، وحينئذٍ فليس للمرأة الامتناع من الدخول بها؛ لأنّ بضعها قد مُلِك بالمهر المتأخّر برضاها، فاستقرّ وجوب التمكين قبل حلول الأجل، فلو عصت وامتنعت حتى حلّ المهر المؤجّل فهل لها أن تمتنع منه كالمهر الحال من أوّل الأمر؟ قيل: نعم، وقيل: لا؛ لفرض
استقراره عليه من قبل.
ولو شرط تأجيل المهر على معنى أنّه ان لم يسلّمه كان العقد باطلًا، فهو إن رجع إلى التعليق
والاشتراط في أصل النكاح فهو يوجب
البطلان في العقود وإن رجع إلى شرط
الانفساخ على تقدير عدم دفع المهر كان شرطاً فاسداً وحينئذٍ بناءً على انّ الشرط الفاسد لا يفسد العقد يصحّ النكاح والمهر ويفسد الشرط، وهو ظاهر الفقهاء.
وفي
الجواهر : أنّه المشهور بيننا تصريحاً من جماعة وظاهراً من آخرين؛
لصحيح
محمّد بن قيس عن
أبي جعفر عليه السلام: «في الرجل تزوج المرأة إلى أجل مسمى فإن جاء بصداقها إلى أجل مسمى فهي امرأته، وإن لم يأتِ بصداقها فليس له عليها سبيل، وذلك شرطهم بينهم حين أنكحوه، فقضى للرجل أنّ بيده بضع امرأته وأحبط شرطهم».
نعم في القواعد: «في فساد المهر وجه...».
القرض قسمان: حالّ ومؤجل فيجوز
اقراض المال للغير مع اشتراط أجل ومدة للوفاءِ فيكون مؤجلًا.ولا إشكال في مشروعيته، بمعنى صحة عقد القرض معه، وأمّا لزومه ووجوب الوفاء به بحيث لا يجوز للمقرض
المطالبة قبل حلول الأجل فقد منعه جملة من الفقهاء، بل مشهور القدماء بناءً منهم على كون القرض من العقود الجائزة فلا يكون الاشتراط فيه لازماً أيضاً، نعم يستحب العمل به؛ لأنّه وعد يستحب الوفاء به كما صرّح به الشهيد في المسالك،
وأمّا إذا اشترط التأجيل في ضمن عقد لازم فقد صرّح كثير بوجوب الوفاء به.قال المحقق في الشرائع: «لو شرط التأجيل في القرض لم يلزم، وكذا لو أجّل الحال لم يتأجّل، وفيه رواية مهجورة تحمل على
الاستحباب ».
وقال العلّامة في القواعد: «لو شرط الأجل في القرض لم يلزم، لكن يصحّ أن يجعل أجله شرطاً في عقد لازم فيلزم، وكذا (في عدم اللزوم) لو أجّل الحال بزيادة فيه، وله تعجيل المؤجل
باسقاط بعضه».
وقال في موضع آخر: «لا يجب دفع المؤجّل- سواء كان ديناً أو ثمناً أو قرضاً أو غيرها- قبل الأجل، فإن تبرّع لم يجب أخذه، وان انتفى الضرر يأخذه، ومع الحلول يجب قبضه».وفي قبال ذلك قولٌ عند بعض الفقهاء بلزوم القرض باشتراط التأجيل في ضمنه أيضاً.
)
قال في
الحدائق : «والذي وقفت عليه من الأدلّة الشرعيّة في المقام قوله عز وجل: «إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ»
وهي شاملة للسلم والنسيئة والقرض ونحوها من الديون، ورواية
الحسين بن سعيد قال: عن رجل أقرض رجلًا دراهم إلى أجل مسمى ثمّ مات المستقرض أ يحلّ مال القارض بعد موت المستقرض منه أم لورثته من الأجل ما للمستقرض في حياته؟ فقال «إذا مات فقد حلّ مال القارض».
.. ورواية
ثواب الأعمال : «من أقرض قرضاً وضرب له أجلًا ولم يؤت به عند ذلك الأجل كان له من
الثواب في كلّ يوم يتأخّر عن ذلك الأجل مثل
صدقة دينار واحد في كلّ يوم».
ثمّ ذكر رواية اخرى عن
الفقه الرضوي بهذا المضمون
فقال: «وهذان الخبران- كما ترى كالآية والخبر المتقدم- صريحان في صحة التأجيل في عقد القرض».
قد ورد في الشريعة عقود لا تقبل التوقيت والتأجيل بعضها ما يلي:
۱- العقود التمليكيّة المفيدة لنقل الأعيان، وذلك لبناء الملك على الدوام كما صرّح به بعضهم،
بل قد يقال بعدم تعقّل الملك المؤقت،
فتكون هذه كقاعدة عامّة في كلّ نقل ملك لعين، كالبيع
والهبة والوقف
والصلح على
العين والصدقة
والوصية ونحوها.
نعم الظاهر من بعض الكلمات
والفتاوى أنّ الملك المؤقت لا مانع عقلي منه، وإنّما التأبيد يستفاد من الشرع،
فلا بد من القول باشتراط الدوام وعدمه من متابعة دليل كلّ عقد في نفسه.وكيف كان فمن يرى دوام التمليك- عقلًا أو شرعاً- فيكون مثل الوقف المؤقت والوقف على من ينقرض غالباً وبيع
الأرض المفتوحة عنوة تبعاً للآثار إمّا باطلًا عنده أو محمولًا على ما لا ينافيه، فيحمل الوقف في الأوّلين على الحبس والبيع في الأرض المفتوحة عنوة على
الإجارة ، ولا بأس بذكر بعض الكلمات هنا.
فبالنسبة للوقف قال المحقّق الحلّي:«وهي (أي شرائط الوقف) أربعة:
الدوام والتنجيز والإقباض وإخراجه عن نفسه، فلو قرنه بمدّة بطل... وكذا لو جعله وقفاً لمن ينقرض غالباً».
وقال العلّامة الحلّي :«ويشترط تنجيزه ودوامه و..فلو علّقه بصفة أو بشرط أو قرنه بمدّةٍ لم يقع، ولو وقفه على من ينقرض غالباً ولم يذكر المصرف- كما لو وقف على أولاده واقتصر أو ساقه إلى بطون تنقرض غالباً- فالأقرب أنّه حبس يرجع إليه أو إلى ورثته بعد انقراضهم».
وقال
المحقّق الثاني: «ويتفرّع على اشتراط الدوام أيضاً ما لو وقف على من ينقرض غالباً ولم يذكر المصنّف بعده كما لو وقف على أولاده واقتصر أو ساقه إلى بطون تنقرض غالباً ففي صحته وقفاً أو حبساً وبطلانه من رأس أقوال... فأمّا القول بالصحة فهو مختار الشيخين وأكثر الأصحاب والمصنّف في المختلف والتذكرة؛ لأنّه نوع تمليك وصدقة فستتبع
اختيار المالك في التخصيص وغيره،
ولأصالة الصحة ، وعموم أوفوا... ولرواية
أبي بصير ...» إلى أن قال: «ويرد على الاولى أنّ التمليك لا يعقل مؤقّتاً وكذا الصدقة، ولا أصل يرجع إليه في المدعى؛ لأنّ كون الوقف مؤبّداً أو موقّتاً إنّما يستفاد من الشرع».
وردّ الشهيد الثاني على الكلام الأخير بقوله: «وفيه نظر؛ لأنّ التمليك المؤقّت متحقّق في الحبس وأخويه، وهذا منه، واشتراط التأبيد متنازع مشكوك فيه، فيجوز التمسّك بالأصل وعموم الأمر بالوفاء بالعقد».
وبالنسبة للبيع قال
المحقّق النجفي في بيع الأراضي المفتوحة عنوة تبعاً للآثار:«قيل يجوز بيعها تبعاً لآثار المتصرّف فيها، ونسبه بعض إلى جمع من المتأخّر، بل آخر إلى المشهور بينهم، بل عن حواشي الشهيد التصريح بكونها جزء مبيع، قال: إذا بيعت تبعاً للآثار يجوز أن تكون مجهولة، والأولى أنّها جزء المبيع فلا بدّ من العلم بها أيضاً...» إلى أن قال: «وفيه أنّه مناف لما عرفته من الأدلّة السابقة القاضية بملكيتها للمسلمين على كلّ حال، ولمعلومية بناء الملك على الدوام والتأبيد دون الدوران مدار الآثار».
وبالنسبة للهبة فقد نصّ العلّامة الحلّي في التحرير والقواعد على عدم جواز تأقيتها
وعليه بعض من تأخّر عنه أيضاً.
قال العلّامة: «ولو قرن الهبة بمدة بطلت».
وقال المحقّق الكركي : «الظاهر أنّ المراد بذلك في غير العمري والرقبى كما قيّد به في التذكرة، فلو وهب مريداً نقل الملك لم يصحّ؛ إذ لا يعقل التمليك المؤقّت كالبيع، بخلاف العمري والرقبى؛ لأنّهما عندنا لا ينقلان الأعيان، أمّا لو أعمر بلفظ الهبة فلا مانع من الصحّة؛ لأنّ العمري في معنى الهبة للمنافع».
ومما ذكروا عدم جريان التوقيت فيه
الرهن فقال
الشيخ الطوسي :«إذا رهن أرضاً إلى مدة على أنّه إن لم يقضه فيها فهي مبيعة بعد المدة بالدين الذي له عليه فإنّ البيع فاسد؛ لأنّه بيع متعلّق بوقت مستقبل، وهذا لا يجوز (ويريد التعليق) والرهن فاسد؛ لأنّه رَهَن إلى مدّة جعله بيعاً، والرهن إذا كان موقتاً لم يصح وكان فاسداً».
وقال الشهيد في الدروس: «ولو شرط كونه مبيعاً عند الأجل بطل؛ لأنّ البيع لا يكون معلّقاً، والرهن لا يكون موقّتاً إلّا بالوفاء».
وقال
المحقّق القمي جواباً عن سؤال السائل: «من استدان من أحد ورهن عنده شيئاً من دون اشتراط مدة للرهن إلّا للدين وغاب عنه ولا يعرفه المرتهن أ يجوز له بيعه واستيفاء دينه أم لا؟ جواب: لا يشترط في صحة الرهن كون الدين مؤجّلًا، بل يصح في الحالّ أيضاً كالقرض غير المؤجّل، ولا يصحّ اشتراط المدّة للرهن فضلًا عن اشتراطه (بها)، بل مدّة الرهن إنّما هو عدم الوفاء بالدين».
تقدم أنّ تأقيت الثمن والمثمن أو أمر آخر غير نفس العقد ومتعلقه كالخيار جائز، إلّا إذا دلّ الدليل من الشرع على عدمه، ومن موارده بيع الصرف حيث يشترط في الصرف التقابض في مجلس العقد فلا يصح التأجيل فيه بحيث لو افترقا قبل القبض بطل الصرف، وذلك معنى عدم جريان التأجيل فيه لا ثمناً ولا مثمناً.
ولا يصح التأجيل فيه لاشتراط السلم بقبض ثمنه في المجلس، فلو لم يقبض ولو بشرط التأجيل بطل.
نعم المنسوب إلى ظاهر ابن الجنيد جواز تأخيره إلى ثلاثة أيّام، وهو قول متروك.
الموسوعة الفقهية، ج۵، ص۳۰۰-۳۱۲.