الإعلان
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى
المبالغة في
الإظهار .
الإعلان لغة:
ضدّ الإسرار والكتمان ،
وهو
المبالغة في
الإظهار بالإبراز على العموم، وهو أيضاً:
المجاهرة . وعلن الأمر، إذا شاع وظهر،
ومن هنا قالوا: يستحبّ إعلان
النكاح ، ولم يقولوا: إظهاره؛ لأنّ إظهاره يكون
بالإشهاد عليه، أمّا إعلانه فإعلام الملأ به.
والفقهاء يستعملونه بمعنى المبالغة في الإظهار. وهناك العديد من
الأحكام التي تتّصل بشكل أو بآخر بالإعلان.
وهو الإبراز بعد
الخفاء ،
وعلى هذا فيكون الفرق بينه وبين الإعلان هو أنّ الإعلان مبالغة في الإظهار. ومن هنا قالوا: يستحبّ إعلان النكاح، ولم يقولوا: إظهاره؛ لأنّ إظهاره يكون بالإشهاد عليه فحسب. وكلّ ما لا يصحّ إظهاره لا يصحّ إعلانه؛ لأنّ الإعلان أشهر من الإظهار.
وهو
نشر الخبر من غير مجاهرةٍ ولا إعلانٍ، وذلك ببثِّه بين الناس.
وهو
إيصال الخبر إلى شخصٍ أو طائفةٍ من النّاس، سواء أكان ذلك بالإعلان، أم بالتحديث من غير إعلانٍ، وعلى هذا فهو يخالف الإعلان من هذه الناحية، ومن ناحيةٍ اخرى فإنّه لا يلزم من الإعلان الإعلام، فقد يتمّ الإعلان ولا يتمّ الإعلام
لسفرٍ أو
حبسٍ أو نحو ذلك.
وهو إظهار المشهود عليه للشاهدين مع طلب الشهادة، وقد لا يظهر لغيرهما، ولذلك لم يكن الإشهاد إعلاناً؛ لأنّ الإعلان إظهار للملأ.
وأصله رفع
الصوت ، يقال: جهر
بالقراءة إذا رفع صوته بها،
والفرق بينه وبين الإعلان أنّ
الجهر يقتضي رفع الصوت به، ويقال: رجل جهير وجهوري إذا كان رفيع الصوت، والإعلان خلاف الكتمان، وهو إظهار المعنى للنفس، ولا يقتضي رفع الصوت به.
يختلف حكم الإعلان بحسب الموارد، وقد تعرّض لها الفقهاء في أبواب
النكاح والحدود والحجر والمفلّس وغيرها، نشير إلى موارد منها:
يجوز
للحاكم الشرعي أو للجهات الرسمية المعتمدة استخدام الإعلان فيما يسمّى بالجريدة الرسمية للدولة أو عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة
للتحذير من أمر أو
للترغيب في أمر آخر أو لغير ذلك، بل قد يكون ذلك
واجباً أو
مستحباً تبعاً للمعلن عنه، فعلى تقدير عروض وباءٍ ينبغي بل قد يجب الإعلان حينئذٍ؛ تحذيراً للناس، وقد يحسن
لوليّ الأمر أو يجب إعلان ما فيه
مصلحة للمسلمين كالإعلان عن الوظائف أو عن الفرص التي يحقق المسلمون منها مصالح
ومنافع ، والإعلان عن
الجهاد عند النفير العام، والإعلان عن عاصفة ثلجية أو رملية أو غير ذلك من عشرات الأمثلة التي قد يجب الإعلان فيها وقد يستحبّ، شرط أن لا يتضمّن
محرّماً أو يتعنون بعنوان محظور. ومن الأمثلة
الفقهية التي ذكرها الفقهاء على هذا الصعيد ما قالوه من أنّه يجب على الحاكم إعلان الحجر على
السّفيه والمفلّس؛ ليعرف حالهما ويحذر المسلمون
التعامل معهما.
ومن ذلك قولهم بأنّه يستحبّ الإعلان بإخراج
الزكاة -
واجبة أو
مندوبة - من الذي يقتدي به الناس حتى ينبعثوا على
أدائها ويرغبوا في
إعطائها ، ولو لم يكن كذلك فإن كانت مفروضة رجح إظهارها، وإن كانت مندوبة رجح إسرارها.
ومن ذلك ما ذكروه من أنّه يستحبّ إعلان إقامة
حد الزنا ؛
ليحضر الناس ويكونوا ناظرين وشاهدين
لعذابه ، فالإعلان مقدّمة للحضور، وعلى هذا فلو حضروا بأنفسهم متوفّرين فلا حاجة إلى ذلك؛ لعدم ثبوت وجوب نفسي هنا، بل حضور هذه العدّة
للتنبّه وتعظيم الشعائر وحصول
الإنذار كي يتنبّهوا ويواظبوا على أنفسهم أن لا يقعوا في مثل هذه المشكلات والمواقف الخطيرة، فلو كان حضورهم موقوفاً على الإعلان يلزم عليه ذلك،
قال تعالى: «وَلْيَشهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ».
وقد تكون سائر الحدود مثل حد الزنا بلحاظ
الحكمة أحياناً.
يجوز القيام بالإعلانات التجارية المتعارفة في عصرنا الحاضر، وهي أن يروّج لسلعةٍ ما عبر وسائل الإعلام كالصحافة والتلفاز والراديو ومواقع الشبكة العنكبوتية (الانترنت) أو في الطرقات عبر لوحات كبيرة أو صغيرة توضع في أماكن مخصّصة تنظمها الجهات الرسمية أو غير ذلك، ما لم يكن الإعلان مشتملًا على
الكذب المحرّم أو
الغش كذلك، وما لم يكن إعلاناً لأمر محرّم كالإعلان عن
الخمور ونحوها، وما لم يكن الإعلان محتوياً على صور غير شرعية كالنساء الخليعات أو غير ذلك، فالأصل فيه
الجواز ما لم يحتوِ محرّماً آخر.
يستحبّ الإعلان في
النكاح الدائم ، والمراد به إظهار
العقد وإيقاعه بمجمع من الناس، وإنّما كان مستحبّاً؛ لأنّه بالإعلان تثبت
الأنساب ، وتلحق
الأولاد ، وتجب
النفقات ، ويستحقّ
الميراث ، وتدرأ
الحدود ، وتزول
الشبهات ؛
وذلك للأمر به في النبوي، فعنه صلى الله عليه وآله وسلم: «أعلنوا هذا النكاح»؛
ولما روي من أنّ
النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يكره نكاح السرّ حتى يسمع حسّ
دفّ .
وأمّا
النكاح المؤجّل فليس بمسنون فيه ولا
واجب ، إلّاأن يخاف
الإنسان التهمة بالزنا ، فيستحبّ له حينئذٍ أن يشهد على العقد شاهدين.
يستحبّ أن يعلن بقدوم
القاضي إن كان
البلد واسعاً لا ينتشر خبره فيه إلّا بالإعلان، بأن ينادي: إنّ فلاناً قد قدم قاضياً، فمن أحبّ سماع قراءة عهده فليحضر ساعة كذا من يوم كذا، فإذا حضروا قرأ عليهم العهد، وإن كان معه شهود شهدوا.
اللقطة كلّ
مال ضائع ولم يكن يد عليه سواء كان
حيواناً - ويسمّى
بالضالّة - أم غيره.
أمّا لقطة غير الحيوان، فلا خلاف بين
الفقهاء في أنّ ما كان قيمته دون
الدرهم من لقطة غير الحرم، فإنّه يجوز أخذه
والانتفاع به على وجه
الملك بغير تعريف،
بل في
التذكرة : «لا يجب تعريفه، ويجوز
تملّكه في الحال عند
علمائنا أجمع».
وأمّا ما كانت
قيمته تساوي
الدرهم ، فذكروا أنّ الدرهم كالزائد في وجوب التعريف،
بل ادّعي عليه الإجماع،
خلافاً لجماعة حيث جعلوه كدون الدرهم.
وأمّا ما يساوي أكثر من الدرهم، ففيه صور هي:
وهذا لا خلاف بين الفقهاء في وجوب تعريفه
حولًا كاملًا مع إرادة التملّك بعده أو مطلقاً،
بل عن بعضٍ
الإجماع عليه،
والملتقط مخيّر بين تملكه وعليه
ضمانه ، وبين
التصدّق به عن مالكه.
فيقوّمه الملتقط على نفسه وينتفع به، بلا خلاف في ذلك،
بل عليه الإجماع بقسميه، ويبقى
الثمن أمانة لا يضمنه إلّا
بالتعدّي أو
التفريط .
فلو كانت اللقطة مما تفتقر إلى
علاج كالرطب المفتقر إلى
التجفيف ، فيرفع أمرها إلى الحاكم الشرعي ليبيع بعضاً وينفقه في
إصلاح الباقي».
وأمّا
لقطة الحرم ، فيجب تعريفها حولًا كاملًا، بل ادّعي عليه الإجماع،
فإن جاء صاحبها دفع الملتقط اللقطة إليه وإلّا تصدّق بها وأبقاها أمانة، وليس له تملّكها.
وأمّا
لقطة الحيوان المسماة بالضالة، فإذا كان حيواناً ملتقطاً في العمران وصار تحت يدي ملتقطه فيجب عليه
الفحص عن صاحبه، فإذا يئس تصدّق به أو بثمنه كغيره من مجهول المالك.
وأمّا إذا كان ملتقطاً في غير العمران كالطرق والشوارع
والصحاري والبراري والجبال والآجام ونحوها ممّا يغلب عليه صغار
السباع كالشاة والدواب ، فيعرّف حولًا في المكان الذي وجد فيه وحواليه، إن كان فيه أحد، وإلّا كان له تملّكه
وبيعه وأكله مع
الضمان لمالكه لو وجد.
والتفصيل موكول إلى محلّه.
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۱۳۸-۱۴۲.