الإمالة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
انحراف الشيء عاما و في
القراءة أن تمال فتحة
الحرف الذي قبل
الألف إلى
الكسرة والألف إلى
الياء .
انحراف في
الشيء إلى جانبٍ منه.
وفي
القراءة : أن تميل
بالفتحة نحو
الكسرة ، وبالألف نحو الياء.
ولا يختلف المعنى
الاصطلاحي عن المعنى اللغوي.
وهو من الإمالة، يقال: صغت
النجوم ، إذا مالت
للغروب .
وأصغيت
الإناء : أملته. وأصغيت سمعي ورأسي: أملته. وأصغيت إلى فلان، أي ملت إليه بسمعي.
وأكثر ما يطلق
الإصغاء على
السمع ، بخلاف الإمالة فهي تطلق على غيره.
وهي من الإمالة أيضاً، يقال: أضاف الشيء إلى الشيء، أي أماله وضمّه إليه.
ومنه: أضفت الرجل وضيّفته، إذا أنزلته
ضيفاً وقرّبته.
ومنه:
الإضافة عند
النحويّين، فإنّ المضاف يميل إلى المضاف إليه وينضمّ إليه.
ويبدو أنّ الإضافة إمالة شيء إلى شيء، فيما الإمالة أعم من ذلك فلا يلحظ فيها
طرفان أحياناً.
تعرّض الفقهاء للإمالة في عدّة مواضع من
الفقه ، نذكر أهمّها فيما يلي
إجمالًا :
المشهور حرمة
استقبال القبلة أو
استدبارها بمقاديم
البدن - وهي
الصدر و
البطن - حال
التخلّي وإن أمال المتخلّي
عورته عن القبلة إلى
الشرق أو
الغرب ؛
لظاهر بعض النصوص،
كرواية
عيسى ابن عبد اللَّه الهاشمي، عن
أبيه ، عن جدّه، عن
علي عليه السلام قال: «قال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إذا دخلت
المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تستدبرها، ولكن شرّقوا أو غرّبوا»؛
إذ المنهيّ عنه استقبال المتخلّي واستدباره، وهذان العنوانان يصدقان حتى مع إمالة
العورة .
وقد احتاط بعض الفقهاء بما لو أمال العورة نحو القبلة مع كون مقاديم البدن إلى غيرها.
والتفصيل موكول إلى محلّه.
من مال وانحرف في صلاته عن القبلة
متعمّداً ولو يسيراً أعاد في
الوقت وخارجه، وقد ادّعي عليه
الإجماع ؛ لفوات
المشروط بفوات شرطه.
وأمّا إذا كان خطأ، فإن كانت الإمالة قليلة فالمعروف بين الفقهاء صحّة
الصلاة حينئذٍ، بحيث لا تصل إلى حدّ المشرق أو المغرب، ويجب على المصلّي
التوجّه إلى جهة القبلة و
الاستمرار في صلاته، وادّعي عليه الإجماع.
أمّا إذا كانت الإمالة كثيرة بأن كان قد أمال بدنه إلى الشرق أو الغرب أو
الخلف ،
فلا خلاف بين الفقهاء في وجوب
إعادة الصلاة إذا تبيّن
الخطأ أثناءها.
وتدلّ على ذلك جملة من النصوص،
منها: موثّقة
الساباطي عن
الإمام الصادق عليه السلام قال في رجلٍ صلّى على غير القبلة، فيعلم وهو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته، قال: «إن كان متوجّهاً فيما بين المشرق والمغرب فليحوّل وجهه إلى القبلة
ساعة يعلم، وإن كان
متوجّهاً إلى دبر القبلة فليقطع الصلاة، ثمّ يحوّل وجهه إلى القبلة، ثمّ يفتتح الصلاة».
هذا، وهناك حالات اخرى تراجع في محالّها.
يستحبّ
اتّباع علماء التجويد فيما ذكروه من
المحسّنات في القراءة أثناء الصلاة كالإمالة وغيرها من
إشباع و
تفخيم و
ترقيق في بعض الحروف، ولا تجب
مراعاة ذلك؛
لعدم
الدليل عليه.
نعم، احتاط بعضهم في مراعاتها.
ذكر بعض الفقهاء أنّ من عيوب
البهائم - كالفرس وشبهه- والذي ينقص من أثمانها الخنف،
وهو إمالة رأسها إلى راكبها في
العدو .
والظاهر أنّ
المستند فيه هو العرف، حيث يعدّون ذلك
عيباً فيها.
لا خلاف بين الفقهاء في أنّ
المالك لو بنى حائطاً
مائلًا إلى غير ملكه فوقع على
إنسانٍ أو حيوان
اتّفاقاً فمات، ضمن؛
للتعدّي، وقاعدة نفي
الضرر .
بل لو بناه في ملكه
مستوياً فمال إلى الطريق أو إلى غير ملكه ضمن إن تمكّن من
الإزالة ولم يزله.
أمّا لو وقع قبل
التمكّن من الإزالة لم يضمن ما يتلف به؛ لعدم التعدّي.
خلافاً
للمبسوط، حيث أطلق عدم
الضمان ؛ لأنّه قد بناه في ملكه ومال بغير فعله.
وعن آخرٍ:
التفصيل بين
المطالبة بنقضه
والإشهاد عليه، فلو وقع بعد
القدرة على نقضه فالضمان، وإن وقع قبل القدرة فلا ضمان.
وأمّا لو بناه مائلًا إلى ملكه فوقع إلى غير ملكه أو إلى ملكه وطفر شيء من
الحجارة و
الخشب وآلات البناء إلى الشارع، فأصاب إنساناً، فقد صرّح بعض بعدم ضمانه؛ لأنّه متمكّن من
البناء في ملكه كيف يريد ويشاء، وما تطاير إلى الشارع لم يكن
باختياره .
لكنّه قال بعد ذلك: «ولو قيل بالضمان إن عرف حصول
التطاير كان وجهاً»؛
ولعلّه لعلمه ببنائه مائلًا إلى الشارع صار متعدّياً.
و
الحائط في كلماتهم إنّما جاء من باب
المثال ، وإلّا
فالمعيار عينه قد يصدق على غير ذلك من البناء و
الحديد ، كما لو وضع
إعلاناً في
الطريق أو في ملكه فسقط على ملك أحد أو على شخص فأتلفه.
والتفصيل في محلّه.
إذا كسر
العنق فصار مائلًا، أو جني عليه حتى صار كذلك وإن لم يكسر، ففيه
الدية كاملة
بلا خلاف،
بل ادّعي عليه
الإجماع .
والمستند في ذلك خبر
مسمع بن عبد الملك عن
الإمام الصادق عليه السلام قال: «قال
أمير المؤمنين عليه السلام : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: في
القلب إذا ارعد فطار الدية، وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: في
الصعر الدية، والصعر:
أن يثنى عنقه فيصير في
ناحية ».
واورد عليه بأنّه لا يخلو من
إشكال؛ لأنّ
الرواية ضعيفة
السند ، فلا يمكن
الاعتماد عليها، فحينئذٍ إن تمّ إجماع في
المسألة فهو، ولكنّه غير تامّ، فيكون
المرجع هو
الحكومة ؛ لأنّ حقّ
المسلم لا يذهب هدراً.
ووجه الضعف السندي هو وجود كلّ من
محمّد بن الحسن بن شهوة وعبد اللَّه بن عبد الرحمن الأصم المضعّفين في كلمات علماء
الرجال .
هذا فضلًا عن وجود
سهل بن زياد المختلف فيه جدّاً.
نعم، إذا كان الصعر والميل بحيث لا يقدر على
الالتفات ففيه نصف الدية؛
لمعتبرة ظريف عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «في الصدر إذا رضّ فثنى شقّيه كليهما فديته خمسمئة دينار... وإن اعترى الرجل من ذلك صعر لا يستطيع أن يلتفت فديته خمسمئة دينار...».
والتفصيل في محلّه.
الموسوعة الفقهية، ج۱۷، ص۹-۱۳.