الانتقال في الملكية والاستحقاق
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الانتقال في الملكية و
الاستحقاق يقع في نقاط:
يمكن تقسيم أسباب
انتقال الملكية أو
الاستحقاق إلى قسمين: أسباب قهرية، وأسباب اختيارية.
أمّا أسباب الانتقال القهرية- وهي التي يؤدّي وجودها إلى انتقال الملك أو الحقّ من شخص إلى آخر أو من جهة إلى اخرى من دون اختيارهما- فهي مثل الموت الذي يكون سبباً لانتقال ملكيّة التركة من الميّت إلى
الورثة .
ونحو الموت من يحكم بخروج أمواله عن ملكيّته، كالمرتدّ الفطري، وانتقال ماله إلى الورثة.
وأمّا أسباب الانتقال الاختياريّة- وهي التي يستلزم وجودها انتقال الملك أو الحقّ من شخص إلى آخر مع
الإقدام و
الاختيار من قبل كلا الطرفين، أو باختيار أحدهما على الأقل- فهي على نحوين:
۱- أسباب تفيد ملك العين.
۲- أسباب تفيد ملك المنفعة أو
الانتفاع .
أمّا النحو الأوّل فأسباب الانتقال فيه قد تكون ناقلة لملك العين بعقد معاوضة، كالبيع، و
المزارعة ، و
المساقاة ، و
المضاربة .
وتارةً تكون ناقلة لملك العين بعقد لا معاوضة فيه، كما في الهبة غير المعوّضة، والصدقة، والوصية بالعين.
وثالثة: تكون هذه الأسباب ناقلة لملك العين بغير عقد، كما في الحيازة، و
الاغتنام ، و
إحياء الموات - سواء قيل
بإفادته الملكية أو
الاختصاص حيث يتحقّق الانتقال ولو إلى حقّ الاختصاص- و
الالتقاط .
أمّا النحو الثاني من أسباب الانتقال الاختيارية فما يفيد نقل ملك المنفعة تارةً يكون بعقد معاوضة، كما في عقد
الإجارة حيث يتملّك المستأجر منفعة العين بعقد الإجارة.
واخرى يكون ناقلًا بعقد لا معاوضة فيه، كالوصية بالمنفعة، وبعض أنواع الوقف، مثل:
وقف منفعة بستان على طبقة خاصة.
وثالثة تفيد ملك
المنفعة لا بعقد، كما في فتح أراضي
أهل الحرب عنوة، فإنّ الفتح عنوة سبب لنقل ملك المنفعة إلى المسلمين من غير عقد.
أمّا ما يفيد نقل ملك الانتفاع فهو أيضاً قد يكون بعقد معاوضة، كما في ملكية الزوج الانتفاع ببضع الزوجة، فالزوج بعقد
النكاح لا يملك العين ولا المنفعة وإنّما يملك بالعقد الانتفاع بها
بالاستمتاع .
وكذا قد يفيد نقل ملك الانتفاع بعقد لا معاوضة فيه، كما هو الحال في ملكية الموقوف عليهم الانتفاع بالأوقاف العامة، كالمدارس والمساجد ونحوها، فهؤلاء ينتقل ملك الانتفاع إليهم بعقد الوقف الذي لا معاوضة فيه، من دون ملك العين أو المنفعة.
واخرى قد يفيد السبب نقل ملك الانتفاع لا بعقد، كما في تملّك الضيف الانتفاع
بالأكل والشرب في دار المضيّف، ولا يملك بالضيافة العين ولا منفعتها.
وهناك امور توجب في نفسها انتقال ملكية العين عن مالكها من دون انتقالها إلى الغير، أي تفيد فكّ الملكية عنه، كما في
الإعراض عن العين والوقف والعتق و
الإبراء .
قد يقع البحث في انتقال الحقّ أو الملك إلى الذمّة، وكذلك في خروجه من الذمّة، فمن الواضح في باب الغصب- مثلًا- أنّ الغاصب بوضع يده على العين المغصوبة يكون ضامناً لها، فإذا كانت هذه العين باقية على حالها فتكون في عهدته، أي تقع عليه مسؤولية ردّها إلى مالكها.
أمّا إذا تغيّرت عمّا كانت عليه وتعذّر ردّها، أو تلفت عنده فينتقل
الضمان إلى
بدلها - مثلًا أو قيمة- ويكون ذلك في ذمّته.
وكذا في باب الديون تكون ذمّة المدين مشغولة بالحقّ الذي يملكه الدائن.
وقد ميّز
السيّد الشهيد الصدر بين الذمّة والعهدة بأنّ العقلاء اتّفق لهم في كثير من الأحيان إن كانوا في مقام التمليك والتملّك من دون أن تتيسّر لهم أعيان خارجية يصبّون عليها
التمليك أو التملّك، كما في المعاوضات التي لا يتيسّر لكلا الطرفين أو لأحدهما مال خارجي يوقع عليه العقد، وكما في باب التحميلات القانونية من قبيل الحكم على من أتلف مال غيره، بأنّه يجب عليه
إيفاء مثله له مع عدم وجود المثل عنده، ففي مثل هذه الموارد... اخترع وعاء سمّي بالذمّة، وفرض فيه وجود أموال هي في الحقيقة مفهومات خارجية معتبرة بالمعنى الحرفي لا بالمعنى
الاسمي ، بمعنى أنّ نسبة المال الموجود في الذمّة إلى المال الموجود خارجاً نسبة المعنى الحرفي إلى الاسمي، في كون الأوّل رمزاً ومعنىً آلياً دون الثاني الذي هو معنى
استقلالي ، فالملكية انصبّت- في الموارد المزبورة التي احتيج فيها إلى جعل تمليكات مع عدم وجود أعيان خارجية- على المعنى الآلي الذمّي بلحاظ كونه مرآة للخارج، فإذا فرض أنّ في ذمّة زيد عشرة دنانير فمعناه أنّ هذه العشرة دنانير أموال رمزية ومرآة لتلك الأموال الخارجية، وإنّما فرض ذلك لكي يترتّب على هذه الأموال الرمزية نفس
الأثر المترتّب على الأموال الخارجية، فإنّه لا يمكن تصوّر العشرة دنانير غير الموجودة خارجاً إلّا بوجودها الذمّي الرمزي، وإلّا فهي ليست موجودة بين
الأرض والسماء من دون أن تستقرّ لا في الذمّة ولا في الخارج.
إذن فالذمّة وعاء للأموال الرمزية وليست وعاءً للخارج، وهذا التملّك الذمّي هو الذي عبّر عنه في كلماتهم بشغل الذمّة، ويعبّر عن المال بالدين وعن المالك بالدائن.
وأمّا العهدة فهي وعاء
اعتباري آخر وظرف لشيء آخر يختلف عمّا كانت الذمّة ظرفاً له، فالعهدة ظرف للتعهدات والمسؤوليّات المجعولة على الشخص، سواء منها ما كان مجعولًا من قبل نفس الشخص، كما في الالتزامات التي يتعهّدها الشخص في العقود- ونعني بالالتزامات الشروط- وكما في النذر على بعض مبانيه، أو ما كان مجعولًا بشكل قانون عام، كنفقة
الأقارب .
والعهدة كما تكون ظرفاً للأعيان الخارجية كذلك تكون ظرفاً للأعيان الكلّية، فأمّا الأوّل فكالغاصب، فإنّ العين الموجودة الخارجية تكون في عهدته فهو مسؤول عنها، وأمّا الثاني فكالمدين، فإنّ الدين يترتّب على وعاء الذمّة أوّلًا، فتصير ذمّته مشغولة، وبعد ذلك يكون عليه
مسؤولية الوفاء.
وقد ذكر الفقهاء في باب الدين أنّ من مات وعليه دين مؤجّل حلّ هذا الدين بموته، وعلّله البعض بأنّه لو لم يحلّ الدين يلزم انتقال الحقّ من ذمّة الميّت إلى ذمّة الورثة قهراً، والحقّ لا ينتقل من ذمّة إلى ذمّة إلّابرضى من له الحقّ، ونسب ذلك إلى
السيّد المرتضى في
الانتصار ؛
ولذا يقال عند موت المدين: ينتقل الحقّ إلى ماله، أي ينتقل الحقّ من ذمّته إلى تركته.
وأيضاً من أمثلة انتقال الحقّ أو الملك من الذمّة أو إلى الذمّة: ما في الحوالة من التصرّف بلحاظ الذمّة التي انشغلت بالدين، فإحالة المدين الدائن على المحال عليه- سواء كانت ذمّته مشغولة للمدين أم لا- هو انتقال للحقّ من ذمّة إلى ذمّة اخرى.
وكذا الأمر في ضمان الدين أو ضمان ما أتلفه الشخص من مال الغير، حيث إنّه بالضمان سينتقل الحقّ الذي يملكه المالك في ذمّة المدين أو المتلف إلى ذمّة الضامن.
وسوف نشير إلى هذا أيضاً عمّا قريب.
هناك كلام بين الفقهاء في جواز نقل الحقوق وعدمه، حيث قيل في مقام
إفادة عدم الجواز: إنّ الحقّ عبارة عن
الإضافة الشخصيّة ومتقوّمة بطرفيها- أي من له الحقّ ومن عليه الحقّ- فلا يتعقّل انحفاظ هذه الإضافة مع تبدّل طرفيها، فمثلًا: في باب
الشفعة حيث إنّها حقّ للشريك فهي إضافة شخصية متقوّمة بالشريك الذي له الحقّ وبالمشتري الذي عليه الحقّ، فإذا تغيّر أحدهما أو كلاهما بأحد أسباب النقل فقد تغيّرت الإضافة أيضاً لتغيّر طرفيها المقوّمين لها، فلا يتصوّر انحفاظها مع تبدّلهما.
وهذا الإشكال في الحقيقة يؤول إلى الإشكال الذي أورده
الفقه الغربي على انتقال الدائن والمدين، بناءً على تصوّره للذمّة والدين، فإنّ الدين عنده عبارة عن
الالتزام الشخصي من قبل
إنسان بأن يدفع إلى غيره مالًا، فهو يرى- بناءً على هذا التصوّر- أنّ أيّة محاولة لتغيير الدائن أو المدين ترجع إلى إنهاء الدين الأوّل و
إنشاء دين آخر؛ لأنّ الالتزام الشخصي لا يمكن انحفاظه في صورة تغيير الدائن أو المدين- أي صورة تغيير الملتزم أو الملتزَم له- بل مع تغيير أحدهما يتغيّر الالتزام أيضاً، فلا يبقى الدين أصلًا.
وهذا الإشكال غير صحيح بالنسبة إلى ما تصوّره
الفقه الإسلامي للذمّة؛ فإنّه لا يفسّر الدين بالالتزام كي يرد عليه الإشكال، بل يفسّره بالمال الرمزي المحتفظ في الوعاء الاعتباري المسمّى بالذمّة، وهذا ينحفظ حتى مع تغيير الدائن أو المدين، فإنّ العقلاء لا يرون إشكالًا في تغيير مالك الوعاء أو الوعاء نفسه مع الحفاظ على
أصل الدين.
فمثلًا: إذا كان زيد مديناً لعمرو بخمسة دنانير فيجوز تبديل الدائن- وهو عمرو- بشخص آخر، وهذا نظير المال الخارجي، فكما يمكن تبديل مالك المال الخارجي بالبيع وغيره كذلك يمكن تبديل مالك المال الذمّي؛ فإنّه ليس إلّارمزاً أو اعتباراً يعتبره العقلاء، فيمكن اعتباره في وعاء ملصق بشخص آخر، فلا فرق بين المال الخارجي والمال الذمّي في كونهما مالًا، غاية الأمر أنّ المال الخارجي روح الخمسة دنانير والمال الذمّي رمزها.
وتغيير الدائن تارة يكون ببيع الدين، واخرى بهبته، أمّا الأوّل فالمشهور في
الفقه الإمامي هو الجواز إذا كان البيع بنقد حاضر لا بدين آخر، وأمّا الثاني فالمشهور عدم جوازه.
وكذا الأمر في تغيير المدين مع
انحفاظ الدائن والمال، وبمعنى أن يتحوّل المدين من شخص إلى آخر، فيكون من قبيل
تبديل مكان المال الخارجي، فإنّ مكان المال الذمّي هو الذمّة، فيجوز تحويله من ذمّة إلى ذمّة اخرى، غاية الأمر أنّه يتوقّف على رضا المحول إليه؛ إذ هو الذي تكون ذمّته وعاءً للمال بعد تحويله من ذمّة المدين، وهذا هو أحد محتملات الحوالة بحسب الفقه الإسلامي.
وقد اقترح جملة من الفقهاء-
كالمحقّق الأصفهاني - حلّاً للإشكال في نقل الحقّ، وأفادوا: أنّ طرفي الإضافة قد لا يكونان مقوّمين لها، بل يمكن انحفاظها مع تبدّلهما، فهذا يشبه كثيراً مّا أفادوه في باب الدين من
إلغاء مقوّمية الطرفين.
وصرّح جمع منهم بأنّ الحقوق تختلف فيما بينها من جهة
إمكان الانتقال إلى الآخرين، سواء كان الانتقال مجّاناً أو بإزاء معاوضة بمال ونحوه، فمنها: ما لا يكون قابلًا للنقل أصلًا، كحقّ طاعة
الأب أو الوالي العادل.
ومنها: ما يكون قابلًا للانتقال إلى فرد محدّد دون غيره، كحقّ القسم للزوجة، فلها أن تنقله إلى الزوجة الاخرى خاصة.
وبعض الحقوق يكون قابلًا للانتقال مطلقاً، كحقّ الاختصاص ونحوه.
قال
السيّد اليزدي : «أمّا الحقوق فهي حسب صحّة
الإسقاط والنقل بعوض أو بلا عوض، والانتقال القهري بإرث ونحوه أقسام:
فمنها: ما لا ينتقل بالموت ولا يصحّ إسقاطه ولا نقله، وقد عدّ من ذلك حقّ الابوّة، وحقّ الولاية للحاكم، وحقّ الاستمتاع بالزوجة، وحقّ السبق في الرماية قبل تمام النصال، وحقّ الوصاية، ونحو ذلك، ويمكن أن يقال: إنّها أو جملة منها من الأحكام لا من الحقوق.
ومنها: ما يجوز إسقاطه ولا يصحّ نقله ولا ينتقل بالموت أيضاً، كحقّ الغيبة أو الشتم أو
الأذية بإهانة أو ضرب أو نحو ذلك، بناءً على وجوب
إرضاء صاحبه وعدم كفاية التوبة.
ومنها: ما ينتقل بالموت ويجوز إسقاطه ولا يصحّ نقله، كحقّ الشفعة على وجه.
ومنها: ما يصحّ نقله وإسقاطه وينتقل بالموت أيضاً، كحقّ الخيار وحقّ القصاص وحقّ الرهانة وحقّ التحجير وحقّ الشرط ونحو ذلك.
ومنها: ما يجوز إسقاطه ونقله لا بعوض، كحقّ القسم على ما ذكره جماعة...
ومنها: ما هو محلّ الشكّ في صحّة الإسقاط والنقل أو الانتقال، وعدّ من ذلك حقّ الرجوع في
العدّة الرجعية ، وحقّ النفقة في الأقارب-
كالأبوين والأولاد- وحقّ الفسخ بالعيوب في النكاح، وحقّ السبق في
إمامة الجماعة، وحقّ المطالبة في القرض و
الوديعة والعارية، وحقّ
العزل في
الوكالة ، وحقّ الرجوع في الهبة، وحقّ الفسخ في سائر العقود الجائزة كالشركة والمضاربة ونحوهما...».
وقال المحقّق الأصفهاني: «فالتحقيق: أنّ قبول كلّ حقّ للسقوط وعدمه وللنقل وعدمه وللانتقال
بالإرث وعدمه يتبع دليل ذلك الحكم، ومناسبة الحكم وموضوعه، والمصالح والحِكَم المقتضية لذلك الحكم، فمثل حقّ الولاية للحاكم والوصاية للوصي لخصوصية كونه حاكماً شرعياً وله هذا المنصب، أو أنّ الوصي لوحظ فيه خصوصية في نظر الموصي؛ فلذا عيّنه للوصاية دون غيره؛ فإنّ التخصيص بلا مخصّص محال من العاقل الشاعر، فنقله إلى غيره غير معقول؛ لفقد الخصوصية، أو لوجود هذا
الاعتبار له بنفسه من دون حاجة إلى النقل كحاكم آخر مثلًا، وحيث إنّ هذا الاعتبار لمكان رعاية حال المولى عليه والموصي لا لرعاية نفس الولي والوصي، فلا يناسبه السقوط بالإسقاط...
وأمّا النقل فالحقّ وإن اخذ في موضوعه عنوان من العناوين، لكنّه ربّما يستفاد من قرائن المقام أنّه عنوان مقوِّم، وربّما يستفاد أنّه عنوان معرِّف، ففي حقّ الشفعة الذي يمكن أن يتضرّر أحياناً هو الشريك دون غيره، فلا معنى لنقله إلى غيره، كما أنّ سلطنة الشخص على تملّك ما ملكه غلط؛ لأنّه حاصل، فنقل الحقّ إلى المشتري أيضاً باطل، وكما في حقّ
الرهانة فإنّ كون العين وثيقة لغير الدائن غير معقول، سواء كان المديون أو غيره، فنقله غير معقول إلّا بتبع نقل دينه إلى غيره، فينقل حقّ الرهانة تبعاً، بخلاف حقّ التحجير؛ فإنّه ليس فيه شيء من هذه الموانع.
وكذا الأمر في الانتقال بالإرث؛ فإنّ قيام الوارث مقام مورّثه في أخذه بالشفعة أو أخذه بالخيار أو
أولويته بالأرض المحجّرة معقول بلا مانع، بخلاف حقّ القِسَم في الزوجات؛ فإنّ نقله من زوجة إلى زوجة صحيح؛ لاتّصافه بذلك العنوان، وصحّة استفادته من الحقّ دون انتقاله بالإرث، فإنّه حقّها ما دامت حيّة يتصوّر أن يكون لها قسمة، والوارث لا يمكن أن يقوم مقام الزوجة في هذا الحقّ، ولا يعقل استفادته من هذا الحقّ، إلى غير ذلك من الوجوه والمناسبات المتصوّرة في باب الحقّ؛ فلذا لا يعقل شيء من الإسقاط والنقل والانتقال في بعضها، ويعقل السقوط دون غيره في بعضها الآخر، ويعقل النقل دون الانتقال في ثالث، ويعقل النقل والانتقال معاً في رابع، ويعقل الانتقال دون النقل في خامس، ولابدّ من ملاحظة دليل كلّ حقّ وما يحتفّ به من القرائن من الوجوه والمصالح والمناسبات».
وذكر بعضهم لأجل التمييز بين ما هو قابل للنقل والانتقال من الحقوق وما ليس كذلك أنّه لابدّ من النظر في أمرين:
أحدهما: مراجعة العرف، فما ميّزه العرف بأنّه حقّ قابل للانتقال جاز نقله فقهيّاً ما لم يرد فيه نهي، وما ميّزه العرف بأنّه حقّ غير قابل للانتقال لم يجز نقله إلّا أن يرد فيه أمر، والحجة في الصورتين قيام السيرة العقلائية الممضاة شرعاً.
ثانيهما: النظر إلى من يراد انتقال الحقّ إليه، هل هو قبل الانتقال غير مشمول به ليصحّ الانتقال إليه أو لا فيلغو، كما في حقّ الطاعة للأب و
الامّ ، فإنّ الأولاد جميعاً عليهم واجبات بإزاء هذا الحقّ، فلا يؤثّر نقله من أحد الأبوين إلى الآخر؛ لكونه مصداقاً ومشمولًا له قبل الانتقال.
وهكذا لابدّ من النظر إلى أنّ من يراد انتقال الحقّ إليه هل هو قابل لتحمّله شرعاً وعرفاً أم لا؟ كما في حقّ القسم للزوجة، فهو يمكن نقله إلى الزوجة الاخرى، ولا يمكن نقله إلى أجنبية مثلًا؛ لأنّها غير قابلة لتحمّله شرعاً وعرفاً.
الموسوعة الفقهية، ج۱۸، ص۳۷-۴۵.