بيع الثمار
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هنا يأتي أحكام بيع الثمار من ثمرة النخل و البستان و غيرهما.
•
عدم جواز بيع ثمرة النخل قبل ظهورها ،علم أنّه (لا يجوز بيع ثمرة النخل) بل مطلقا، كما يأتي (قبل ظهورها) المفسّر بالبروز إلى الوجود، وإن كانت بعدُ في الطلع أو الكِمام، في كلام جماعة.
•
عدم جواز بيع ثمرة النخل بعد ظهورها ،(و) كذا (لا) يجوز بيعها سنة واحدة (بعد ظهورها) مطلقا، بشرط التبقية أو مطلقا .
(نعم لو ضمّ إليها شيء) يجوز بيعه منفرداً (أو بيعت أزيد من سنة، أو بشرط
القطع ) في الحال وإن لم يقطع بعد ذلك مع تراضيهما عليه (جاز) إجماعاً في الظاهر، وصرّح به في الأخيرين في
الغنية والخلاف والمبسوط والتذكرة،
وفي الجميع في
السرائر والتنقيح وشرح الشرائع للصيمري؛
وهو الحجّة.مضافاً إلى
الأصل ، والعمومات السليمة عمّا يصلح للمعارضة عدا ما ربما يتوهّم منه من إطلاق الأخبار المانعة.
والمناقشة فيه واضحة؛
لاختصاصها بحكم
التبادر بغير صورة
البيع بأحد الأُمور المزبورة، مع التصريح في بعضها بعد المنع بجوازه بالضميمة في صورة بيع الثمرة قبل طلوعها، المستلزم لجوازه هنا بطريق أولى إن حمل
الطلوع فيه على الظهور، وإلاّ فهو نصّ في المقام جدّاً.وفي آخر منها مستفيض بجواز البيع سنتين فصاعداً قبل
البلوغ ، كما في بعضها، أو الطلوع، كما في الآخر، وطريق
الاستدلال به ظاهر مما قدّمنا.وفي ثالث بالجواز مع القطع، كما قيل.
وينبغي تقييده ككلام الأصحاب، وبه صرّح بعضهم
بكون المشروط قطعها ممّا ينتفع به عند العقلاء، فإنّ المعاملة بدونه تعدّ سفهاً عرفاً، كما مراراً قد مضى.
وألحق الفاضل بالثلاثة بيعها على مالك الأصل، وبيع الأُصول مع
استثناء الثمرة.
وفيهما نظر؛ لخروج الثاني عن محلّ الفرض، فإنّه لا بيع هنا ولا نقل ثمرة، وعدم وضوح دليل على الأوّل عدا التبعيّة، ولا تكون إلاّ إذا بيعت مع الأصل، ولذا قال
بالبطلان في التحرير، وحكي عن الخلاف والمبسوط
نعم ادّعى
الإجماع عليه في القواعد وهو حسن إن تمّ..
(ويجوز بيعها مع أُصولها) مطلقا (وإن لم يبد صلاحها) وكان عارياً من الشرائط الثلاثة، إجماعاً، فإنّها في معنى الضميمة جدّاً.
•
المراد من بدو الصلاح في النخل ،ثم إنّ تفسير البدوّ
بالاحمرار والاصفرار خاصّة في العبارة هو الأظهر الأشهر بين الطائفة.
(وكذا لا يجوز بيع ثمرة الشجرة) سنة (حتى تظهر ويبدو صلاحها) لعين ما مرّ، وإن اختصّ بعضها بالنخل.مضافاً إلى الموثق : عن الكرم متى يحلّ بيعه؟ فقال : «إذا عقد وصار عقوداً، والعقود اسم الحصرم بالنبطية».
(وهو) أي بدوّ الصلاح هنا (أن ينعقد الحبّ) وإن كان في كِمام، بكسر الكاف، جمع أكِمّة بفتح الهمزة وكسر الكاف وفتح الميم مشدّدة، وهي غطاء الثمرة والنور كالرمّان، وكذا لو كان في كِمامين، كالجوز واللوز.وعلى هذا التفسير كما هنا وفي أكثر كتب الفاضل
لم يختلف الظهور وبدوّ الصلاح، وإنّما يختلفان في النخل خاصّة.
ويظهر
الاختلاف هنا أيضاً على غيره من جعل البدوّ تناثر الزهر بعد
الانعقاد ، كما عن
النهاية والكامل والسرائر والتحرير والدروس،
بل ادّعى عليه الشهرة المطلقة أو المتأخّرة خاصّة جماعة؛
أو تلوّن الثمرة، أو صفاء لونها، أو الحلاوة وطيب الأكل في مثل التفاح، أو النضج في مثل البطيخ، أو تناهي عظم بعضه في مثل القثّاء، كما عن المبسوط والمهذب.
ومنشأ الاختلاف في التفاسير اختلاف النصوص في التعبير، فبين ما عبّر فيه بالانعقاد والصيرورة حصرماً، كما مرّ في الموثّق، وبه استدل للأوّل. وفيه نظر.وما عبّر به بزيادة سقوط الورد، كما في القول الثاني، وفيه : «ثمرة الشجرة لا بأس بشرائها إذا صلحت ثمرته» فقيل له : وما صلاح ثمرته؟ فقال : «إذا عقد بعد سقوط ورده».
وما عبّر بالطعم أو البلوغ أو
الإدراك الراجع بحكم التبادر إلى القول الثالث، وهو المعتبرة المستفيضة المتقدّم إليها
الإشارة .
وخيرها أوسطها؛
لانجبار ضعف ما دلّ عليه سنداً بالشهرة المحكيّة جدّاً، وقصور الأخبار الأخيرة عن المقاومة له دلالةً، لاحتمال
إرجاع ما فيها من الألفاظ الثلاثة إليه جدّاً، كما فعل فيما تقدّم.ولا ريب أنّ الأخير أحوط، فلا يترك مهما أمكن.
•
حكم بيع ثمرة البستان ، هنا يأتي أحكام بيع ثملاة بستان إذا أدرك أو لم يدرك. .
(ويصحّ بيع ثمر الشجرة) بعد
انعقاد الحبّ مطلقا (ولو كان في الأكمام منضمّاً إلى أُصوله) كان أ (ومنفرداً) بلا خلاف أجده؛ للأصل، والعمومات السليمة عمّا يصلح للمعارضة، عدا توهّم لزوم الغرر والجهالة
باستتار الثمرة. ويندفع بجواز البيع بناءً على أصالة الصحة، كما مرّ في بحث بيع المسك في فأره ونحوه إلى ذكره الإشارة.
•
جواز بيع الزرع قائما وحصيدا ،(وكذا يجوز بيع الزرع قائماً) على أُصوله مطلقا، قصد قصله أم لا (وحصيداً) أي محصوداً وإن لم يعلم ما فيه.
(ويجوز بيع الخُضر) كالقثّاء والباذنجان والبطيخ والخيار (بعد انعقادها) وظهورها، وإن لم يتناه عظمها على المشهور. خلافاً للمبسوط، اشترطه، كما مرّ .(لقطة ولقطات) معيّنة معلومة العدد.كما يجوز شراء الثمرة الظاهرة وما يتجدّد في تلك السنة وفي غيرها مع ضبط السنين؛ لأنّ الظاهرة منها بمنزلة الضميمة إلى المعدوم سواء كانت المتجدّدة من جنس الخارجة أم غيره.
والمرجع في
اللقطة العرف، فما دلّ على صلاحيته للقطع يُقطع، وما دلّ على عدمه لصغره أو شكّ فيه لا يدخل. أمّا الأوّل فواضح، وأمّا المشكوك فيه فلأصالة بقائه على ملك مالكه، وعدم دخوله فيما أُخرج باللقط.
(وكذا يجوز) بيع (ما يجزّ كالرطْبة) بفتح الراء وسكون الطاء، نبت خاصّ، قيل
: له أوراق صغار ذو بسط في الجملة، يقال له بالفارسية : اسبست، كما عن الصحاح والمغرب
(جزّة وجزّات).
(وكذا ما يخرط) أصل الخرط أن يقبض باليد على أعلى القضيب ثم يمرّها عليه إلى أسفله ليأخذ منه الورق، ومنه المثل السائر دونه
خرط القتاد ، والمراد هنا ما يقصد من ثمرته ورقه (كالحِنّاء والتوت) بالتاءين من فوق (خرطة وخرطات).ودليل الجواز في الكلّ بعد الوفاق في الظاهر الأصل، والعمومات السليمة عن المعارض، مضافاً إلى المعتبرين في الأخيرين أحدهما الموثق عن ورق الشجر، هل يصلح شراؤه ثلاث خرطات أو أربع خرطات؟ فقال : «إذا رأيت الورق في شجره فاشتر منه ما شئت من خرطة».
وهو في غاية الظهور فيما عليه المشهور من
اشتراط الصحة بالظهور.خلافاً للمحكي عن ظاهر ابن حمزة في نحو الجزّة الثانية والثالثة، فجوّز بيعها منفردة قبل الظهور.
وهو بأدلّة الغرر والجهالة محجوج.وبها وبالموثّقة يقيّد إطلاق الرواية الثانية : عن الرطبة يبيعها هذه الجزّة وكذا وكذا جزّة بعدها؟ قال : «لا بأس به» وقال : «كان
أبي عليه السلام يبيع الحِنّاء كذا وكذا خرطة».
مع ظهور صدرها فيما دلّت عليه الموثّقة.
(ولو باع الأُصول من النخل بعد
التأبير فالثمرة للبائع) بلا خلاف إلاّ من ابن حمزة، فحكم بأنّها قبل البدوّ للمبتاع مطلقا.
والمعتبرة وغيرها من الأدلّة عليه حجّة.
(وكذا) لو باع (الشجرة بعد انعقاد الثمرة) كانت للبائع مطلقا، مستورة كانت أو بارزة (ما لم يشترطها المشتري) فيدخل هنا وسابقاً، على الأشهر الأقوى.خلافاً للمبسوط والقاضي في المستورة، كالورد الذي لم ينفتح، فحكما بالدخول مطلقا، اشترط أم لا.
والكلام في المقامين وما يتعلّق بهما قد مضى في بحث ما يدخل في المبيع مفصّلاً .
(و) حيث ما كانت الثمرة للبائع وجب (عليه) أي المشتري (تبقيتها إلى أوان بلوغها) وأخذها عرفاً بحسب تلك الشجرة، من بسر أو رطب أو تمر أو عنب أو زبيب.وإن
اضطرب العرف فالأغلب.ومع
التساوي ففي الحمل على الأقلّ،
اقتصاراً فيما خالف الأصل الدالّ على حُرمة التصرف في مال المشتري على المتيقّن، أو الأكثر، بناءً على ثبوت أصل الحقّ فيستصحب إلى أن يثبت المزيل، أو
اعتبار التعيين وبدونه يبطل، للاختلاف المؤدّي إلى الجهالة، أوجه.
ولا خلاف في أصل الحكم. ومستندهم فيه مع مخالفته الأصل المتقدّم للعبد غير واضح، واستناد البعض
إلى
استلزام كون الثمرة للبائع ذلك غير بيّن.وحديث نفي الضرر بالمثل معارض، فإن كان إجماع أو قضاء عادة بذلك، وإلاّ
فالأمر على الفقير ملتبس.نعم، ربما يستأنس له بنصوص الزرع المتقدّمة الدالة عليه فيه بأوضح دلالة، ولعلّه مع عدم الخلاف كافٍ للحجة في المسألة.
(ويجوز أن يستثني البائع ثمرة) شجرة معيّنة (أو شجرات بعينها، أو حصّة مشاعة) كالنصف والثلث (أو أرطالاً معلومة) بحيث يزيد عنها بقدر ما يقابل الثمن، بلا خلاف إلاّ من الحلبي
في الأخير، فمنعه للجهالة. وفي
المسالك : الأصحاب على خلافه؛
لمنع الجهالة بعد تعيّن مقدار الثمرة المبيعة بالمشاهدة، وبه مع ذلك رواية صريحة، صحيحة عند جماعة،
وفيها : إنّ لي نخلاً بالبصرة، فأبيعه وأُسمّي الثمن، وأستثني الكرّ من التمر أو أكثر أو؟ العدد من النخل، قال : «لا بأس».
ونحوها أخرى لراويها عن
الكافي مرويّة : في الرجل يبيع الثمرة ثم يستثني كيلا وتمراً، قال : «لا بأس به» قال : وكان مولى له عنده جالساً فقال المولى : إنّه ليبيع ويستثني
[۳۵] يعني
أبا عبد الله عليه السلام قال : فنظر إليه ولم ينكر ذلك من قوله.
(ولو خاست الثمرة) بأمر منه سبحانه (سقط من الثُّنيا) وهو المستثنى (بحسابه) ونسبتِه إلى
الأصل في الصورتين الأخيرتين خاصّة، بخلاف الأُولى، فإنّ استثناءها كبيع الباقي منفرداً، فلا يسقط منها بتلف شيء من المبيع،
لامتياز حقّ كلّ واحد عن صاحبه، بخلاف الأخيرتين، لأنّه فيهما شائع في الجميع، فيوزّع الناقص عليهما إذا كان التلف بغير تفريط. وطريق توزيع النقص على الحصّة المشاعة جعل الذاهب عليهما والباقي لهما.وأمّا في الأرطال المعلومة فيعتبر الجملة بالتخمين وينسب إليها المستثنى، ثم ينظر الذاهب فيسقط منه بتلك النسبة.
(ولا يجوز بيع ثمرة النخل بتمر منها) إجماعاً، كما في المبسوط والمختلف والمسالك والروضة وشرح الشرائع للمفلح الصيمري والمهذب،
وغيرها من كتب الجماعة؛
وهو الحجة.
مضافاً إلى النصوص المستفيضة، منها الصحيح : «نهى
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن
المحاقلة والمزابنة».
ونحوه الموثق.
والنبوي : أنّه نهى عن بيع المحاقلة والمزابنة. والمحاقلة : بيع الزرع وهو في سنبله بالبرّ، والمزابنة : بيع التمر في رؤوس النخل بالتمر.
(و) يستفاد منه ما في العبارة وكلام الجماعة كافّة من أنّ هذه المعاملة (هي
المزابنة ) وأنّ المعاملة الآتية هي المحاقلة، مع أنّ ذلك محكي عن جملة من
أهل اللغة .
إلاّ أنّ المستفاد من ذيل الخبرين الأوّلين سيّما الثاني عكس التفسيرين؛ إذ فيه : المحاقلة بيع النخل بالتمر، والمزابنة بيع السنبل بالحنطة، وحُمِل على وهم الراوي.
ولا بأس به؛ جمعاً، فإنّ ما عليه الأصحاب أقوى، لإجماعهم عليه ظاهراً، مع
اعتضاده بالنبوي المتقدّم، المنجبر ضعفه بعملهم جدّاً.
مع أنّه لا ثمرة للاختلاف يتعلّق بالباب؛ للإجماع على تحريمهما مطلقا، سمّيت إحداهما باسم الأُخرى أم لا. نعم، ربما تظهر في الكفّارة بالحنث في نحو ما لو نذر ترك المزابنة مثلاً وقلنا بصحته، فباع ثمرة النخل بتمرها لزمت على الأوّل دون الثاني.
•
بيع ثمرة النخل بتمر من غيرها،(وهل يجوز) بيعها (بتمر من غيرها؟ فيه قولان، أظهرهما) وأشهرهما سيّما بين المتأخّرين (المنع).
(وكذا لا يجوز بيع السنبل) كما في أكثر النصوص والفتاوي، بل في المبسوط والمسالك الاتّفاق عليه،
فيرجع إليه التعبير في بعضها ببيع الزرع (بحبّ منه) إجماعاً، نصّاً وفتوى.(و) الجميع مع الإشارة إلى المستند في أنّ هذه المعاملة (هي المحاقلة) قد تقدم .
(وفي) جواز (بيعه بحبّ من غيره قولان، أظهرهما) وفاقاً لمن مضى (التحريم) لعين ما مضى ؛ مضافاً إلى خصوص الموثّق
هنا،الآمر بشراء الزرع بالورق، المعلّل بأنّ أصله طعام، المشعر بل الظاهر في المنع عن بيعه بالطعام مطلقا.والقول الثاني لمن تقدّم ؛ استناداً منهم إلى العمومين المخصّصين بما مرّ، والصحيح : «لا بأس بأن يشتري زرعاً قد سنبل وبلغ بحنطة».
وفيه : أنّه مع مخالفة
إطلاقه الشامل لما إذا بيع بحنطة منه الإجماع، واحتمال
اختصاصه بصورة عدم التجانس بينها وبين السنبل، كأن كان أرزاً بيع بها، ولا كلام في الجواز حينئذ في ظاهر الأصحاب قاصر عن المقاومة لما مرّ جدّاً، فالاستدلال به ضعيف.وأضعف منه
الاستدلال بالمعتبرين، أحدهما الموثق : عن بيع حصائد الحنطة والشعير وسائر الحصائد، قال : «حلال فليبعه بما شاء».
وثانيهما الحسن : عن رجل اشترى من رجل أرضاً جرباناً معلومة بمائة كرّ على أن يعطيه من الأرض، قال : «حرام» فقلت : جعلت فداك فإنّي أشتري منه الأرض بكيل معلوم وحنطة من غيرها؟ قال : «لا بأس بذلك».
لقصور سندها عن
المقاومة لما مرّ أوّلاً، وخروجهما عن محلّ البحث ثانياً؛ لظهور الأوّل في الحصائد، وليس الكلام فيها، بل فيما لم يحصد ويكون على أصله قائماً، وأحدهما غير الآخر، كما ترى، وعلى تقدير التجوّز في الحصائد بأن يراد منها الزروع الآئلة إليها يأتي في عمومه ما مضى في إطلاق الصحيح المتقدّم جدّاً، مع أنّ الموجود في التهذيب المروي فيه بدل «بما شاء» «إن شاء» فلا دلالة فيه أصلاً.والثاني في بيع الأرض بحاصلها وغيره لا بيع الزرع بهما، وتأويله إليه بإضمارٍ أو تجوّزٍ مع عدم
إمكان الاستدلال به حينئذٍ لا داعي يلجئ إليه أصلاً.
واعلم أنّ مقتضى الأصل واختصاص النصوص وكثير من الفتاوي بالمنع عن بيع ثمرة النخل بالتمر والسنبل المتبادر منه نحو الحنطة به، حلّ بيع باقي الثمار على أُصولها ولو بمجانسها مطلقا، منها أو من غيرها، وبه صرّح جماعة من أصحابنا.
خلافاً لآخرين،
فعدّوا المنع إليها، وألحقوها بالمزابنة إذا كانت في الأشجار، وبالمحاقلة إذا كانت في الزروع؛ نظراً منهم إلى أنّ أحد أدلّة المنع فيهما احتمال تحقق الربا، بناءً على أنّهما بيع ثمرتين ربويتين مكيلتين أو موزونتين، والغالب التفاوت، فحصل شرط
الربا ؛ ولأنّ بيع أحد الربويين بالآخر مشروط بالعلم بمساواتهما قدراً، كما مضى، ومعلوم أنّها غير ظاهرة هنا.
وهو كما ترى؛ فإنّ الأثمار على الأُصول والأشجار ليست مقدّرة بأحد التقديرين جدّاً، بل يباع مشاهدة عرفاً وعادةً وشرعاً، والمعتبر من المكيل والموزون في الربا ما قدّر بهما فعلاً لا تقديراً، كما تقدّم نصّاً وفتوى.مضافاً إلى وقوع التصريح بنفي الربا في بعض ما مضى من النص ، فلا وجه للاستناد إليه أصلاً.وأمّا
الاستناد في الثمار إلى العلّة المنصوصة في المنع عن بيع الرطب بالتمر من النقصان عند الجفاف
على تقدير القول بالتعدية بالعلّة المنصوصة فغير مُجدٍ، أوّلاً : بأخصّيتها من المدّعى، لعدم شمولها ما لو بيع أثمار الأشجار بمجانسها مع التوافق في الرطوبة واليبوسة.
وثانياً : باختصاصها بالمعوضين المقدّرين أحد التقديرين فعلاً وليس المقام منه قطعاً، واحتمال
التعدية إليه بعيد جدّاً، بناءً على قوة احتمال مدخليّة للخصوصية في العلّة هنا، فتأمّل جدّاً.نعم، ربما يستأنس لهم في الجملة بالموثّق المتقدّم، الآمر بشراء الزرع بالورق. ولا ريب أنّ ما ذكروه أحوط، سيّما في بيع الرطب باليابس.
•
جواز بيع العرية بخرصها تمرا ،(ويجوز بيع العَرِيّة بخَرْصِها) إجماعاً، كما في
الغنية والخلاف والمسالك .
(ويجوز بيع الزرع قصيلاً) أي مقطوعاً بالقوّة، بأن شرط قطعه قبل حصاده (وعلى المشتري قطعه) عملاً بمقتضى الشرط.(ولو امتنع) عنه (فللبائع
إزالته ) وتفريغ أرضه منه، إمّا مطلقا، كما عليه جماعة،
أو بشرط الإذن من الحاكم أو تعذّره، كما عليه شيخنا الشهيد الثاني.
وهو أقوى؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقَّن.والمستند في الجواز حينئذٍ بعد الوفاق على الظاهر حديث نفي الضرر
المتفق عليه فتوًى وروايةً.
ومنه بعد الوفاق على الظاهر ينقدح الوجه في أنّ له
المطالبة بأُجرة أرضه عن المدّة التي بقي فيها بعد إمكان قصله مع الإطلاق، وبعد المدّة التي شرطا قصله فيها مع التعيين.ولو كان شراؤه قبل أوان قصله وجب على البائع الصبر إلى أوان بلوغه مع الإطلاق، كما لو باع الثمرة والزرع للحصاد.(ولو تركه) أي البائع القصل (كان له) ذلك، و (أن يطالبه) أي المشتري (بأُجرة أرضه) عن زمن العدوان وأرش النقص في الأرض إن حصل بسببه، إذا كان التأخير بغير رضاه.
(ويجوز أن يبيع ما ابتاعه من الثمرة) على أُصولها (بزيادة عن الثمن) أو نقص (قبل قبضها) بلا خلاف هنا، وإن قيل بالمنع فيما عداه حكاه عن
ابن أبي عقيل في المختلف،،
بل في المسالك الإجماع عليه؛
وهو الحجة بعد الأصل، والعمومات السليمة عمّا يصلح للمعارضة، لاختصاص النصوص المانعة بالمكيل والموزون خاصّة، وليس الثمرة على الشجرة مكيلة ولا موزونة بالضرورة.
مضافاً إلى صريح الصحيحين، أحدهما : في رجل اشترى الثمرة ثم يبيعها قبل أن يقبضها، قال : «لا بأس»
ونحوه الثاني بزيادة قوله : «إن وجد ربحاً فليبع»
ونفي البأس فيهما يقتضي نفي الكراهة أيضاً.فلا وجه لقوله (على كراهية) ولعلّها لإطلاق بعض الأخبار
والفتاوي بالمنع، لكنّه سابقاً لم يجعله سبباً للكراهة مطلقا، بل خصّها بالمقدّر بأحد التقديرين خاصّة ، كما اشترطه أكثر النصوص وفتاوي الجماعة.
(ولو كان بين اثنين) أو جماعة (نخل) أو زرع، أو شجرة (فتقبّل أحدهما بحصّة صاحبها) أي الثمرة المدلول عليها بالنخلة، مع أنّ في بعض النسخ صاحبه بتذكير الضمير، وهو الأظهر بحسب السياق (من) نفس (الثمرة) خاصّة، كما يستفاد من جماعة،
أو من ثمرة مطلقا ولو من غيرها، كما يستفاد من آخرين
(بوزن معلوم صحّ) للصحاح، منها : عن الرجلين يكون بينهما النخل فيقول أحدهما لصاحبه : اختر إمّا أن تأخذ هذا النخل بكذا وكذا كيلاً مسمّى وتُعطيني نصف هذا الكيل زاد أو نقص، وإمّا أن آخذه بذلك، قال : «لا بأس».
ومنها : «أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. بعث
عبد الله بن رواحة فقوّم عليهم قيمة وقال : إمّا أن تأخذوه وتعطون نصف الثمر، وإمّا أن أُعطيكم نصف الثمرة وآخذه، فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض» ورد الحديث هكذا : «عن أبي عبد الله عليه السلام أن أباه حدَّثه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطى خيبر بالنصف. أرضها. ونخلها. فلما أدركت الثمرة بعث..».
ونحوه الثالث
بزيادة ظهور في كون الثمن من الثمر؛ لعدم اختلاف نسخته بتبديل أحد اللفظين مكان الآخر، كما في الثاني.وبهذه النصوص يقيّد إطلاق المنع في النصوص الواردة في المزابنة والمحاقلة
إن قلنا بكونه بيعاً، ومع ذلك لا خلاف فيه بين الطائفة عدا الحلّي،
فنفاه رأساً، نظراً منه إلى عدم كونه بيعاً وإلاّ لجاء فيه المزابنة، ولا صلحاً وإلاّ لجاء فيه الغرر والجهالة إن كان العوض مشروطاً من نفس الثمرة، وإن كان في الذمّة لزم ووجب
أداء الثمن مطلقا، كانت الثمرة باقية أو تالفة، مع أنّ جماعة اشترطوا في الصحة السلامة من
الآفة .
وهو على أصله حسن، غير مستحسن على غيره؛
لاحتمال كونه معاملة أُخرى غير الأمرين، أو هما وتكون من قاعدتهما مستثناة قد نهضت
بإثباتها والاستثناء النصوص المزبورة المعتضدة بعد الصحة والكثرة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون لنا الآن إجماع الطائفة. وظاهرها تأدّيه بما دلّ على ما اتّفقا عليه بأيّ عبارة.خلافاً لظاهر الجماعة المحكي عنهم في الروضة،
فاشترطوا في صيغتها الوقوع بلفظ القبالة. وحجّتهم غير واضحة.وظاهر الصحيح الأوّل وغيره أنّ المتقبّل يملك الزائد وعليه الناقص.
وأمّا الحكم بأنّ قراره مشروط بسلامة الثمرة من الآفة الإلهية بحيث لو حصلت فسدت المعاملة رأساً أو في الجملة ورجع
الأمر إلى ما كانا عليه من الشركة فوجهه غير واضح، وإن ذكره جماعة، والنصوص كما ترى عن بيانه خالية.وتوجيهه بأنّ المتقبّل لما رضي بحصّة معيّنة في العين صار بمنزلة الشريك غير نافع؛ لأنّ كون العوض منها غير لازم وإن جاز، فالرضا إنّما وقع بالقدر لا به مشتركاً، إلاّ أن ينزّل على
الإشاعة .
فالمتّجه وفاقاً لظاهر الروضة وجماعة
عدم اشتراطها في الصحة إن لم يشترط كون الثمن من نفس الثمرة، أو اشترط ولم ينزّل على
الإشاعة .ولو كان النقص لا بآفة بل بخلل في الخرص لم ينقص شيء؛ للأصل، وظاهر النص. وكذا لا ينقص لو كان بتفريط المتقبّل بلا
إشكال .ثم إنّ ظاهر العبارة هنا وفي الشرائع
عدم لزوم هذه المعاملة وأنّ غايتها الجواز والصحة؛ ولعلّه نظر إلى قصور النصوص المزبورة عن
إفادة اللزوم بالبديهة.وفيه مناقشة؛ لدلالتها في الظاهر على كونها عقداً، مع الاتّفاق عليه ظاهراً، والأصل فيه اللزوم، نظراً إلى العمومات الآمرة بالوفاء به من الكتاب والسنة.
(وإذا مرّ
الإنسان بثمرة النخل) والفواكه (جاز له أن يأكل ما لم يضرّ) به ويفسده، بأن يأكل منه كثيراً بحيث يؤثّر فيها أثراً بيّناً ويصدق معه مسمّاه عرفاً، ويختلف ذلك بكثرة الثمرة والمارّة وقلّتهما جدّاً.وليس من هذا الشرط
الإفساد بكسر الغصن ونحوه وإن كان في حدّ ذاته حراماً.(أو يقصد) المرور إليه للأكل، بل يكون المرور اتفاقيّاً، بأن يكون الطريق قريبة منها بحيث يصدق عليه المرور عرفاً، لا أن يكون طريقه على نفس الشجرة.
على الأشهر الأظهر بين الأصحاب، بل لم نقف على مخالف فيه من قدمائهم إلاّ ما يحكى عن المرتضى رحمه الله في بعض كتبه،
بل ادّعى عليه في الخلاف والسرائر الوفاق؛
وهو الحجة.مضافاً إلى النصوص المستفيضة المعتضد بعضها، والمنجبر قصور باقيها بالشهرة العظيمة التي كادت تكون من القدماء إجماعاً، وبعمل نحو الحلّي الذي لا يرى العمل بالأخبار إلاّ ما تواتر منها أو تعاضد بالإجماع جدّاً، مع أنّه قد ادّعاهما صريحاً هنا.
منها المرسل كالصحيح على الأشهر الصحيح : عن الرجل يمرّ بالنخل والسنبل والثمرة، أفيجوز له أن يأكل منها من غير إذن صاحبها في ضرورة أو من غير ضرورة؟ قال : «لا بأس».
ومنها : عن الرجل يمرّ بالبستان وقد حيط عليه أو لم يحط، هل يجوز له أن يأكل من ثمره وليس يحمله على الأكل من ثمره إلاّ الشهوة له، وله ما يغنيه عن
الأكل من ثمره، وهل له أن يأكل من جوع؟ قال : «لا بأس أن يأكل ولا يحمله ولا يفسده».
ومنها : أمرّ بالثمرة فآكل منها، قال : «كل ولا تحمل».
ومنها : «لا بأس أن يمرّ على الثمرة ويأكل منها ولا يفسد»
إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة.(و) من الأخبار الأخيرة منها يظهر أنّه (لا يجوز أن) يفسد و (يأخذ معه شيئاً) وهو إجماع كما يأتي، بل ظاهر الأصحاب أنه شرط.
(وفي جواز ذلك) أي الأكل مع الشروط (في غير النخل من الزرع والخضر تردّد) ينشأ من قبح التصرّف في مال الغير، المعتضد بنصّ الكتاب الدالّ على النهي عن أكل أموال الناس بالباطل بغير تراضٍ.
والخبرين، أحدهما الصحيح : عن الرجل يمرّ بالثمرة من الزرع والنخل والكرم والشجر المباطيخ -المبطخة : منبت البطيخ.
وغير ذلك من الثمر، أيحلّ له أن يتناول منه شيئاً ويأكل بغير إذن صاحبه، وكيف حاله إن نهاه صاحب الثمرة أو أمره القيم وليس له، وكم الحدّ الذي يسعه أن يتناول منه؟ قال : «لا يحلّ له أن يأخذ منه شيئاً».
والثاني المرسل : قلت له : الرجل يمرّ على قراح القَرَاحُ : المزرعة التي ليس عليها بناء ولا فيها شجر.والجمع أَقرِحَةُ.
الزرع، يأخذ من السنبل؟ قال : «لا» قلت : أي شيء السنبلة؟ قال : «لو كان كلّ من يمرّ أخذ سنبلة كان لا يبقى شيء».
وسنده وإن قصر إلاّ أنّه بالتعليل فيه المؤيّد
بالاعتبار منجبر.
ومن الخبر الذي مرّ، المرجَّح على ما هنا بصراحة الدلالة وعمل الأكثر، فليحمل الخبران هنا على الكراهة، أو عدم
الإذن ، كما ربما يستشعر من أوّلهما، أو الحمل، كما هو ظاهر الثاني، بل الأوّل أيضاً.ولا ريب أنّ الترك هنا بل وسابقا أيضاً أحوط وأولى، بل ربما كان متعيّناً.ولا وجه لتخصيص التردّد بالحكم هنا مع جريانه فيما سبق جدّاً إلاّ وجود القائل بالمنع هنا زائداً على المرتضى، وعدم حكاية إجماع هنا، مع اختصاص كثير من الفتاوي المجوّزة المحكيّة في المختلف
بالحكم سابقاً.
ثم إنّ اشتراط الشرطين في العبارة في
الإباحة مقطوع به وبثالث هو ما حكم به فيها من عدم جواز الحمل بين الطائفة، بل لعلّه إجماع؛ وهو الحجة.مضافاً إلى
الأصل ، واختصاص النصوص المبيحة بصورة المرور خاصّة.ونفي البأس عنه في الرواية الأخيرة مع قصور السند، وعدم الجابر فيه لعلّه مصروف إلى الأكل المعطوف عليه، فكأنّه قال : لا بأس بالأكل بعد المرور اتفاقاً، فثبت الشرط الثاني.
وإثبات الأخيرين من الأصل والنصوص مشكل؛
لاندفاع الأوّل بإطلاق الرخصة، وعدم نهوض الثاني إلاّ بالنهي عنهما، وغايته الحرمة، وهي أعمّ من الشرطية، فإثباتها بذلك كما في كلام جماعة
لا يخلو عن مناقشة.نعم الظاهر
التلازم بينهما في النهي عن
الإفساد إذا فُسّر بما مرّ، وهو عدم الأكل زائداً، إلى آخر ما تقدّم ولا إن فُسّر بالمعنى الآخر.وزيد على الثلاثة شروط أُخر، هي عدم العلم بالكراهة وعدم ظنّها، وكون الثمرة على الشجرة.ولا بأس بها؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن
المتبادر من أخبار الرخصة.وما ربما يظهر منه المنافاة للشرط الأوّل قاصر السند، غير معلوم الجابر في المحلّ.
رياض المسائل، ج۹، ص۵-۴۸.