حد الزنا
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو ممّا أجمع على تحريمه أهل الملل؛ حفظاً للنسب، وهو من الأُصول الخمسة التي يجب تقريرها في كلّ
شريعة وهي :
الدين،
النفس،
المال،
النسب،
والعقل. وهو من الكبائر، كما مرّ في كتاب
الشهادة. والنظر في هذا الفصل يقع في موارد ثلاثة:
موجبات حد الزنا،
أقسام حد الزنا،
لواحق حد الزنا.
•
موجبات حد الزنا،
الزنا الموجب للحدّ: فهو إيلاج
الإنسان فرجه في فرج امرأة من غير عقد ولا ملك ولا شبهة
؛ ويتحقق بغيبوبة
الحشفة قبلا أو دبرا
.
ولو راجع المخالع لم يتوجه عليه الرجم حتى يطأ
، وكذا العبد لو أعتق، والمكاتب إذا تحرر
. ويجب الحد على الأعمى، فأن ادعى الشبهة فقولان، أشبهها: القبول مع الاحتمال
. وفي
التقبيل والمضاجعة والمعانقة:
التعزير.
ويثبت الزنا بالاقرار أو البينة؛ ولابد من بلوغ المقر، وكماله، واختياره، وحريته، وتكرار
الإقرار أربعا؛ وهل يشترط اختلاف مجالس الإقرار؟ أشبهه: أنه لا يشترط؛ ولو أقر بحد ولم يبينه ضرب حتى ينهى عن نفسه؛ ولو أقر بما يوجب الرجم ثم أنكر سقط عنه، ولا يسقط غيره؛ ولو أقر ثم تاب كان
الإمام مجزى في الإقامة، رجما كان أو غيره؛ ولا يكفى في
البينة أقل من أربعة رجال، أو ثلاثة وامرأتين؛ ولو شهد رجلان وأربع نساء يثبت بهم
الجلد لا الرجم؛ ولا تقبل شهادة ست نساء ورجل، ولا
شهادة النساء منفردات؛ ولو شهد ما دون الأربع لم يثبت، وحدوا للفرية؛ ولابد في
الشهادة من ذكر المشاهدة، كالميل في المكحلة ولابد من تواردهم على الفعل الواحد في الزمان الواحد والمكان الواحد. ولو أقام الشهادة بعض حدوا لو لم يرتقب إتمام البينة؛ وتقبل شهادة الأربعة على الاثنين فما زاد؛ ولا يسقط الحد
بالتوبة بعد قيام البينة؛ ويسقط لو كانت قبلها، رجما كان أو غيره.
•
شروط حد الزنا، يشترط في ثبوت
الحد:
البلوغ،
والعقل، والعلم بالتحريم،
والاختيار؛ فلو تزوج محرمة كالأم أو المحصنة، سقط الحد مع الجهالة بالتحريم
، ويثبت مع
العلم؛ ولا يكون
العقد بمجرده شبهة في السقوط
؛ ولو تشبهت الأجنبية بالزوجية فعليها الحد دون واطئها
؛ وفي
رواية: يقام عليها الحد جهرا وعليه سرا
، وهي متروكة؛ ولو وطئ المجنون عاقلة، ففي وجوب الحد تردد، أوجبه
الشيخان؛ ولاحد على المجنونة
؛ ويسقط الحد بادعاء الزوجية، وبدعوى ما يصلح شبهة بالنظر إلى المدعى
.
•
حد الإحصان، ولا يثبت
الإحصان الذي يجب معه
الرجم حتى يكون الزانى بالغا حدا له فرج مملوك
بالعقد الدائم أو
الملك، يغدو عليه ويروح
، ويستوى فيه المسلمة والذمية؛ وإحصان المرأة كإحصان الرجل لكن يراعى فيها العقل إجماعا؛ ولا تخرج المطلقة
رجعية عن الإحصان، وتخرج
البائن، وكذا المطلق
؛ ولو تزوج معتدة عالما حد مع الدخول، وكذا المرأة؛ ولو ادعيا الجهالة أو أحدهما قبل على الأصح إذا كان ممكنا في حقه
.
•
ثبوت الزنا بالإقرار، يثبت الزنا على كلّ من الرجل والمرأة بالإقرار
، ولابد من
بلوغ المقر، وكماله، واختياره، وحريته، وتكرار الإقرار أربعا
وغيره
؛ وهل يشترط اختلاف مجالس
الإقرار؟ أشبهه: أنه لا يشترط؛ ولو أقر بحد ولم يبينه ضرب حتى ينهى عن نفسه
؛ ولو أقر بما يوجب
الرجم ثم أنكر سقط عنه
، ولا يسقط غيره
؛ ولو أقر ثم تاب كان
الإمام مجزى في الإقامة، رجما كان أو غيره
.
•
ثبوت الزنا بالبينة، ولا يكفى في إثبات الزنا بالبينة أقل من أربعة رجال، أو ثلاثة وامرأتين
،
والسنّة المستفيضة
؛ ولو شهد رجلان وأربع نساء يثبت بهم
الجلد لا الرجم
؛ ولا تقبل شهادة ست نساء ورجل، ولا
شهادة النساء منفردات
، ولا ريب في شذوذه، كما صرّح به بعض
الأصحاب؛ ولو شهد ما دون الاربع لم يثبت، وحدوا للفرية
، فقال سبحانه «لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ»
؛ ولابد في
الشهادة من ذكر المشاهدة، كالميل في المكحلة
؛ ولابد من تواردهم على الفعل الواحد في الزمان الواحد والمكان الواحد
. ولو أقام الشهادة بعض حدوا لو لم يرتقب إتمام البينة
؛ وتقبل شهادة الاربعة على الاثنين فما زاد
؛ ولا يسقط
الحد بالتوبة بعد قيام البينة
؛ ويسقط لو كانت قبلها، رجما كان أو غيره
.
•
أقسام حد الزنا، في بيان
الحدّ وأقسامه:
•
القتل في حد الزنا، يجب
القتل على الزاني بالمحرمة،
كالأم والبنت، وألحق
الشيخ كذلك امرأة
الأب؛ وكذا يقتل الذمي إذا زنى بالمسلمة، والزاني قهرا
؛ ولا يعتبر
الإحصان، ويتساوى فيه الحر والعبد، والمسلم والكافر
؛ وفي جلده قبل القتل تردد
.
•
الرجم في حد الزنا، ويجب
الرجم على
المحصن إذا زنى ببالغة عاقلة
؛ ويجمع للشيخ والشيخة بين
الحد والرجم إجماعا
؛ وفي الشاب روايتان
، أشبههما: الجمع
؛ ولا يجب الرجم
بالزنا بالصغيرة والمجنونة، ويجب
الجلد؛ وكذا لو زنى بالمحصنة صغير؛ ولو زنى بها المجنون لم يسقط عنها الرجم
.
•
الجلد في حد الزنا، ويجز رأس
البكر مع
الحد، ويغرب عن بلده سنة
؛ والبكر من ليس بمحصن
، وقيل: الذي أملك ولم يدخل
؛ ولا تغريب على المرأة
، ولا جز
؛ والمملوك يجلد خمسين، ذكرا أو أنثى،
محصنا أو غير محصن
، ولا جز على أحدهما ولا تغريب
.
•
حد تكرار الزنا، ولو تكرر
الزنى، كفى
حد واحد
؛ ولو حد مع كل واحد مرة قتل في الثالثة
، وقيل: في الرابعة
وهو
أحوط؛ والمملوك إذا أقيم عليه
حد الزنى سبعا قتل في الثامنة
، وقيل: في التاسعة
؛ وهو أولى.
•
الحد في زناء الذمي بذمية، والحاكم في الذمّي إذا زنى بذمّية
بالخيار: في إقامة الحدّ عليه، وتسليمه إلى أهل نِحلَته وملّته ليقيموا الحدّ عليه على معتقدهم الذي يزعمونه حقّا وإن حرّفوه
.
•
شروط إقامة حد الزنا، ولا يقام على الحامل حد ولا قصاص حتى تضع وتخرج من نفاسها وترضع الولد
، ولو وجد له كافل جاز؛ ويرجم المريض
والمستحاضة، ولا يحد أحدهما حتى يبرأ
؛ ولو رأى الحاكم التعجيل ضربه بالضغث المشتمل على العدد
وبمعناه أخبار كثيرة
؛ ولا يسقط الحد باعتراض
الجنون؛ ولا يقام في الحر الشديد، ولا البرد الشديد
، ولا في أرض العدو
، ولا على من التجأ إلى
الحرم؛ ويضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج للإقامة
؛ ولو أحدث في الحرم ما يوجب حدا، حد فيه.
•
اجتماع الحد والرجم في الزنا، وإذا اجتمع
الحدّ والرجم على أحد جُلِد أوّلاً ثم رجم
، ونحوه كثير
، وكذا إذا اجتمعت حدود، أو حقوق
قصاص، أو حدّ وقصاص، بدئ بما لا يفوت معه الآخر.
•
الدفن حال الرجم، ولا يدفن المرجوم إلاّ إلى حقويه
وعليه يحمل ما أُطلق فيه الحفر
حَمْلَ المطلق على المقيّد، وتدفن المرأة المرجومة إلى صدرها
.
•
الفرار من حفرة الرجم، فإن فرّ أحدهما من الحفرة أُعيد إليها، إن ثبت الموجب لرجمها
بالبيّنة، ولو ثبت الموجب
بالإقرار لم يُعد إلى الحفيرة، بلا خلاف إذا كان الفرار بعد إصابة ألم الحجارة، وكذلك إذا كان قبلها
؛ وقيل: إن لم تصبه الحجارة يُردّ
؛ وأمّا
الجلد، فالفرار منه غير نافع، بل يعاد إليه مطلقاً ولو ثبت زناه بالإقرار وفرّ بعد إصابة الألم
.
•
البدأة بالرجم، ويبدأ
الشهود بالرجم ثم
الإمام، ثم الناس، إن ثبت الموجب
بالبيّنة. ولو كان مقرّاً أي ثبت زناه بإقراره بدأ الإمام ثم الناس
.
•
كيفية الجلد في الزناء، يجلد الزانى قائما مجردا
؛ وقيل: إن وجد شابة جلد بها أشد الضرب
وجماعة
، وقيل متوسطا
؛ ويفرق على جسده، ويتقى فرجه ووجهه
؛ وتضرب المرأة جالسة، وتربط ثيابها
.
•
لواحق حد الزنا، وفيه مسائل ثمان: الأولى، إذا شهد أربعة بالزنى قبلا فشهدت أربع نساء
بالبكارة فلا حد
، وفي حد الشهود قولان
؛ الثانية، إذا كان الزوج أحد الأربعة فيه روايتان
، ووجه السقوط أن يسبق منه
القذف؛ الثالثة، يقيم الحاكم
حدود الله تعالى، أما
حقوق الناس فتقف على المطالبة
؛ الرابعة، من افتض بكرا بأصبعه فعليه مهرها، ولو كانت أمة فعليه عشر قيمتها
؛ الخامسة، من زوج أمته ثم وطئها فعليه
الحد؛ السادسة، من أقر أنه زنى بفلانة فعليه مع تكرار
الإقرار حدان، ولو أقر مرة فعليه
حد القذف، وكذا المرأة
، وفيهما تردد
؛ السابعة، من تزوج أمة على حرة مسلمة فوطئها قبل
الإذن فعليه ثمن
حد الزنى؛ الثامنة، من زنى في زمان شريف أو مكان شريف، عوقب زيادة على الحد
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۴۳۴-۵۳۳.