الاستماع
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
الإصغاء مع
القصد،تعمد حس
الأذن بالصوت.
الاستماع لغة:
الإصغاء أو السماع مع
القصد إليه.
وليس
للفقهاء اصطلاح خاصّ فيه.
وهو أعمّ من الاستماع؛ لشموله للسماع بقصدٍ وبدونه.
وهو الاستماع على سبيل
الاستخفاء ،
فيكون أخصّ من الاستماع.
قد فسّر أكثر
اللغويّين الإصغاء بالاستماع،
وعلى هذا
التفسير يكونان مترادفين، إلّاأنّ هناك من فسّره بالاستماع مع ترك
الكلام ،
فيكون مرادفاً للإنصات في أحد معنييه الآتيين.
قد اختلف اللغويّون في تعريف
الإنصات :
فمنهم من عرّفه بالسكوت مع الاستماع، تقول: أنصت ينصت إنصاتاً، إذا سكت سكوت مستمع، وقد نصت أيضاً، وأنصته إذا أسكته، فهو
لازم ومتعدٍّ .
ومنه قوله تعالى: «وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ».
ومنهم من عرّفه
بالسكوت فقط، تقول: «أنصت إنصاتاً... وانتصت: سكت».
وقد انعكس هذا
الاختلاف في تعريف الإنصات على كلمات الفقهاء، فاعتبر بعضهم أنّ الإنصات هو السكوت ولا
علاقة له بالاستماع،
بينما ذهب البعض الآخر إلى أنّ معناه الاستماع وإن كان لا يحصل غالباً إلّابالسكوت.
يختلف حكم الاستماع
باختلاف الموارد التي نحاول فيما يلي التعرّض لها:
ورد الأمر بالاستماع
للقرآن الكريم في قوله تعالى: «وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»،
وصرّح بعض الفقهاء
باستحبابه ،
بل عليه
علماؤنا ؛
للآية والروايات التي منها: قول
الإمام الباقر عليه السلام في رواية
محمّد بن مسلم :«يستحبّ الإنصات والاستماع في
الصلاة وغيرها للقرآن».
المعروف بين الفقهاء عدم وجوب الاستماع
لقراءة الإمام في اوليي الصلاة الجهرية،
وإنّما يستحب، بل ادّعي عليه
الإجماع ؛
للسيرة المستمرّة،
ودلالة قوله تعالى: «لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» في ذيل الآية المتقدّمة؛ لعدم وجوب تحصيل الرحمة التي هي ليست
كالمغفرة حتى يجب تحصيلها.
وفي قبال ذلك ذهب جماعة إلى وجوب الاستماع؛
لظاهر الآية،
ولصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن
الإمام الصادق عليه السلام قال: «... وأمّا الصلاة التي يجهر فيها فإنّما امر
بالجهر لينصت من خلفه، فإن سمعت فأنصت...»،
فإنّ تعليل وجوب الجهر على الإمام بإنصات من خلفه يدلّ على وجوب الإنصات لا محالة، وإلّا فكيف يكون
الحكم الاستحبابي علّة لحكم
إلزامي ؟
يجب
السجود عند استماع آيات السجدة التي هي عبارة عن الآيات الواردة في
سورة فصّلت والسجدة والنجم والعلق .ولا فرق في ذلك بين استماع الآية وقراءتها،
ولا بين قصد استماع
العزيمة وغيره، وكذا لا فرق- على أحد القولين- بين الاستماع المحلّل كاستماع صوت
الزوجة وهي تقرأ آية السجدة، وغيره كاستماع قراءة الأجنبية إذا كانت
بشهوة.
كما أنّ المعروف
المشهور وجوب سجود
التلاوة على
الحائض والجنب والنفساء أيضاً من دون فرق بينهم.
اختلف الفقهاء في وجوب استماع
خطبة الجمعة ، فمنهم من اختار الوجوب،
بل قيل: إنّ عليه الأكثر،
ومنهم من اختار عدم الوجوب،
وفصّل بعضهم بين ما إذا كان الكلام مانعاً من سماع العدد اللازم ممّن تنعقد بهم الجمعة فحينئذٍ يجب الإنصات، وبين ما إذا لم يكن مانعاً من ذلك فلا يجب، بل يستحبّ
وإن تردّد فيه جماعة.
وأمّا الخطبة في
صلاة العيدين فقد أجمع الفقهاء على استحباب استماعها.
يحرم استماع
الغناء كحرمة نفس الغناء، ويفسق فاعله وتردّ شهادته.
وكذا الحال في استماع
آلات اللهو مثل
العود والصنج والمزمار بلا خلافٍ في جميع ذلك، بل الإجماع عليه.
والمحرّم هو الاستماع دون السماع، كما صرّح بذلك
الشيخ قائلًا: «إن لم يمكنه أن ينصرف (عن مجلس
الوليمة التي يكون فيها ضرب العود والمزامير)، فإنّه يجلس ولا إثم عليه بأصوات المناكير متى لم يستمع إليها؛ لأنّ هذا سماع وليس باستماع، فهو بمنزلة من سمع من الجيران، فإنّه لا يأثم به، ولا يلزمه أن يخرج لأجله».
ذهب جماعة إلى
حرمة استماع الغيبة
إجمالًا ،
بل ادّعى بعضهم عدم الخلاف فيه،
بل ذكر
السيّد الخوئي أنّ الظاهر عدم الخلاف في المسألة بين فقهاء
الإسلام .
وقد يستدلّ عليه بما روي عن
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «المستمع
[۵۷] أحد المغتابين».
وعن
أمير المؤمنين عليه السلام قال: «السامع للغيبة أحد المغتابين»
وغيرهما،
بل في
مكاسب الشيخ الأخبار في
حرمته كثيرة، إلّاأنّ ما يدلّ على كونه من الكبائر ضعيف
السند .
إلّاأنّ السيد الخوئي ذهب إلى أنّ ما ورد في
حرمة الاستماع من طرق الخاصّة والعامّة كلّه لا يخلو عن
الإرسال وضعف السند، بل والدلالة في بعضها، فلا يكون قابلًا
للاستناد إليه في إثبات
حرمته فضلًا عن كونه من الكبائر.
لكن ذهب
السيد الإمام الخميني إلى أنّ تلك الروايات مع كثرتها ومعروفيّة الحكم ودعوى المشايخ عدم الخلاف ووضوح الحكم وقال السيد العاملي في مفتاح الكرامة: إنّ الأصحاب تركوا ذكره لظهوره.
كافية في ثبوت أصل
الحرمة مضافاً إلى إمكان
الاستدلال عليه بما دلّ على
حرمة هتك ستر
المؤمن وما نرى من
اهتمام الشارع بشأن المؤمن وعرضه وغير ذلك
على تفصيل محلّه مصطلح (غيبة). والمستفاد من كلمات الفقهاء أنّ
الغيبة قد تكون
محرّمة واستماعها محلّلًا، كاستماع الغيبة للردّ على المغتاب.
قال
المحقّق النجفي : استماعها لا للردّ
حرام بلا خلاف.
وقد تكون محلّلة والاستماع محرّماً، كما إذا كان المغتاب
صبيّاً أو مكرهاً فإنّه لا
يحرم عليه، ولكن
يحرم استماعها.
وفي بعض الموارد يكونان محلّلين معاً، كما إذا كان الشخص متجاهراً
بالفسق عند المتكلّم والمستمع، وكما في غيبة المبدع في
الدين والإمام الجائر.
وقد يكونان
محرّمين معاً، كما هو معلوم. وأمّا
النميمة فقد صرّح بعض الفقهاء
بحرمة استماعها،
ووردت في ذلك بعض
الأخبار .
إلّاأنّ هناك من رفض
حرمة استماعها فيما إذا كان البناء على عدم تصديق
النمّام وعدم ترتيب الأثر على كلامه.
إذا كان كلام الغير قرآناً أو
دعاءً أو نحو ذلك فقد استظهر بعض الفقهاء عدم
البأس باستماعه وإن لم يرض و قال في
كشف الغطاء : «لو قرأ شخص شيئاً منها (القرآن والذكر والدعاء) ولم يرضَ باستماع غيره فالظاهر عدم البأس به».
وأمّا إذا كان كلاماً خاصاً بين اثنين أو أكثر ولم يرضيا باستماعه فمحلّ تفصيله في مصطلح (استراق السمع).
يجب على
القاضي استماع كلام الخصمين؛ لتوقّف العدل في الحكم عليه.
وهناك أحكام اخرى للاستماع
ككراهة الاستماع إلى
الهذر من القول حين
الصيام ؛ لعدم فائدة دينيّة فيه؛ إذ لابدّ للصائم أن تصوم جميع
جوارحه .
واستحباب حضور من يستمع اللعان من الناس ولو أربعة عدد شهود الزنا.
ووجوب إعطاء
الأمان للمشرك لاستماع كلام اللَّه تعالى والتعرّف على
الشريعة ؛
لقوله تعالى: «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ».
الموسوعة الفقهية ج۱۲، ص۲۰۶-۲۱۲.