الإيذاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإيذاء (توضيح).
هو
إفعال من
الأذى ، وهو كلّ ما يتأذّى به
الإنسان ويكرهه، أو كلّ ما يصل إلى
الحيوان أو الإنسان من الضرر، في
روحه أو
جسمه أو تبعاته،
دنيوياً كان أو اخرويّاً، كما في قوله تعالى: «لَاتُبْطِلُوا
صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَى»، فإنّ المنّ إيذاء في الروح لا الجسم و
المال .
إفعال من
الأذى ، وهو كلّ ما يتأذّى به
الإنسان ويكرهه، فيقال: أذَيَ
الرجل أذىً، أي وصل إليه
المكروه ، وآذيته إيذاءً،
أو كلّ ما يصل إلى
الحيوان أو الإنسان من الضرر، في
روحه أو
جسمه أو تبعاته،
دنيوياً كان أو اخرويّاً،
كما في قوله تعالى: «لَاتُبْطِلُوا
صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَى»، فإنّ المنّ إيذاء في الروح لا الجسم و
المال .
وقد يكنّى به عن
الحدّ و
التعزير ، كما في قوله تعالى: «وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا (أي
الفاحشة ) مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا».
وأيضاً عن
القذارة و
النجاسة كما في قوله تعالى: «قُلْ هُوَ أَذىً»،
أي قذر ونجس،
بل ظاهر
المصباح أنّه معناه في
اللغة .
وعن
المرض كما في قوله تعالى: «أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ»؛
لاشتمالها جميعاً على الأذية و
الكراهة .
وليس له معنى
اصطلاحي ، و
الفقهاء يستعملونه في نفس المعنى اللغوي.
وهو
إدخال الضرر، والضَرَر
اسم من ضَرّ وأضرّ، وهما بمعنى واحد، و
المصدر الضرَّ-
بالفتح - بمعنى عدم
النفع ، و- بالضم- بمعنى كلّ ما كان من سوء حالٍ وفقرٍ أو شدّةٍ في
بدن .
قال
الراغب : «الضُرّ: سوء
الحال ، إمّا في نفسه؛ لقلّة
العلم و
الفضل و
العفّة ، وإمّا في بدنه؛ لعدم
جارحة و
نقص ، وإمّا في حالة ظاهرة من قلّة مالٍ وجاه، وقوله (تعالى): «فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ»،
فهو
محتمل لثلاثتها».
وقد يفرّق بين
الضرر والأذى بأنّ الشرّ إذا كان يسيراً، فيسمّى أذىً، وإذا كان جسيماً فيسمّى ضرراً، قال
الزبيدي : «وقال الخطّابي: الأذى: الشرّ
الخفيف ، فإن زاد فهو ضرر»». وحينئذٍ فكلّ ضرر أذىً وليس كذلك
العكس . ولعلّ الفرق عند الفقهاء- بل
العرف - أيضاً كذلك أو قريب منه؛ فإنّ
الإضرار إذا تعلّق بمال شخصٍ أو نفسه، فإنّه يوجب
الضمان عندهم؛ لأنّه إتلاف، بخلاف
الأذية بما هي أذية فإنّها لا توجب ضماناً.
الأصل في الإيذاء
الحرمة و
المبغوضية شرعاً إذا لم تكن بحقّ، ونتعرّض له-
إجمالًا - ضمن العناوين التالية:
•
الإيذاء (الله ورسوله)، قال
اللَّه تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ
رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَ
الْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ
عَذَاباً مُّهِيناً»، وقال عزّوجلّ: «وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ
النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ
أُذُنٌ » «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ».
•
الإيذاء (المؤمن)، لا
إشكال في حرمة إيذاء
المؤمن ، بل لعلّه من المسلّمات عند الفقهاء؛ إذ قد يستدلّون به على حرمة امور اخرى
كالهجاء و
التشبيب ؛
لاشتمالهما على إيذاء المؤمن والمؤمنة.
•
الإيذاء (الوالدين)، لا ريب في حرمة إيذاء
الوالدين في الجملة،ويدلّ عليها-
مضافاً إلى عمومات
تحريم إيذاء المؤمن- ما ورد من
النهي عن إيذائهما بالخصوص، كقوله سبحانه وتعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ
الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا».
•
الإيذاء (الجار)، وردت روايات كثيرة توجب كفّ
الأذى عن
الجار وتحرّم إيذاءه وإن لم يكن مؤمناً.
لا ريب في جواز الإيذاء حدّاً أو
تعزيراً في موارد جريانهما. ويدلّ عليه جميع أدلّة الحدود والتعزيرات من الآيات والروايات، عموماً وخصوصاً، قال اللَّه تعالى: «وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا».
نعم،
المستفاد منها جواز
إجراء الحدّ وما يلازمه عادة من الإيذاء، وأمّا أكثر من ذلك فلا يجوز، بل قد يظهر من بعضهم لزوم إجرائها بأقلّ ما يمكن من
الألم والأذى.
قال: «فإذا قدّم السارق للقطع اجلس... وتشدّ يده بحبل وتُمدّ... وتوضع على شيء، لوحٍ أو نحوه؛ فإنّه أسهل وأعجل لقطعه، ثمّ يوضع على المفصل سكّين حادّة، ويدقّ من فوقه دقّة واحدة حتى تنقطع
اليد بأعجل ما يمكن... أو يوضع على الموضع شيء حادّ ويمدّ عليه مدّة واحدة. ولا يكرّر القطع فيعذّبه؛ لأنّ الغرض
إقامة الحدّ من غير
تعذيب ، فإن علم قطع أعجل من هذا قطع به».
وهذا الكلام منه وإن لم يمكن موافقته على إطلاقه، حيث إنّ إطلاق أدلّة الحدود يقتضي جوازها بما يلازمها عرفاً وعادة، ولا تجب المداقّة بما يقوله
الشيخ ، إلّاأنّ حرمة الإيذاء بأكثر ممّا يلازم الحدّ عادة ممّا لا ينكر، فلا يجوز القطع
بالمنشار مثلًا.
وكذا
الجلد ، فكما لا يجوز جلد المحدود بسوط خفيف وبرأفة؛ لقوله تعالى: «وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا
رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ»،
كذلك لا يجوز جلده بأشدّ من العادة، إلّامع دلالة دليل، كما قد يدّعى
دلالة الآية على لزوم شدّة الضرب أشدّه في خصوص
الزاني .
وكذلك الكلام في التعزير فلابدّ من جلده تعزيراً جلداً متعارفاً.
قال
الشيخ الطوسي أيضاً في الجلد: «أمّا صفة
السوط فسوط بين السوطين، لا جديد فيجرح ولا خلق فلا يؤلم، روي عن
زيد بن أسلم : أنّ رجلًا اعترف عند
النبي عليه وآله السلام بالزنا، فدعا له رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بسوط، فاتي بسوط مكسور، فقال: «غير هذا»، فاتي بسوط جديد لم يقطع ثمرته، فقال: «بين هذين»، فاتي بسوط قد ركب به ولان، قال: فأمر به فجلد،
هذا لفظ الحديث.
وعن علي عليه السلام أنّه قال: «ضرب بين ضربين وسوط بين سوطين».
وأمّا صفة الضرب فإنّه بين ضربين لا شديداً فيقتل، ولا ضعيفاً فلا يردع...وروي عن علي عليه السلام و
ابن مسعود وغيرهما أنّهم قالوا: (لا يرفع يده في الضرب حتى يرى بياض إبطه)».
وروي مثل ذلك عن
أبي جعفر عليه السلام أيضاً.
وأمّا
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيجوز- بل يجب- ذلك في موارده وإن استلزم إيذاء
المأمور والمنهي. نعم، لابدّ له من
الاقتصار على ما يحصل به الغرض ويرتدع به، فلا ينتقل إلى الأشدّ إلّاإذا لم يكف الأخفّ. بل
المنسوب إلى
المشهور لزوم رعاية
الترتيب بين
الإنكار القلبي واللساني والإنكار باليد، فلا يجوز الإنكار باليد إلّا إذا لم يكف القلب و
اللسان .
قال
الإمام الخميني : «لو كان بعض مراتب القول أقلّ إيذاءً و
إهانةً من بعض ما ذُكر في المرتبة الاولى يجب الاقتصار عليه ويكون مقدّماً على ذلك، فلو فرض أنّ
الوعظ و
الإرشاد بقولٍ ليّن ووجه
منبسط مؤثّر أو محتمل
التأثير ، وكان أقلّ إيذاءً من
الهجر و
الإعراض ونحوهما، لا يجوز
التعدي منه إليهما... فلابدّ للآمر والناهي ملاحظة المراتب والأشخاص، والعمل على
الأيسر ثمّ الأيسر».
وهذا كلّه مبني على ثبوت المرتبة الثالثة وهي اليد بمعنى الضرب ونحوه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث شكّك فيها بعض المتأخرين.
وأمّا
التأديب - كما في تأديب الزوجة والولد والعبد والمربّى- فيجوز تأديب
الزوجة عند خوف
النشوز بما في الآية من قوله سبحانه وتعالى: «وَاللَّاتِيْ تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي
الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ
سَبِيلًا ».
و
الترتيب بين هذه المراتب لازم، فلا يجوز إيذاؤها بالهجر ما لم يعظها، ولا الضرب ما لم يهجرها، كما لا يجوز الضرب بعدهما بما يكون
مدمياً أو
مبرحاً .
وأمّا تأديب الولد والعبد وغيرهما- مع الجواز شرعاً- ففي
المسالك : «ظاهرهم
الاتّفاق على أنّ تأديب الولد مشروط
بالسلامة ، وأنّه يضمن ما يجنى عليه بسببه».
وقال
المحقّق الحلّي في
الديات : «الخامسة: في
احمرار الوجه
بالجناية دينار ونصف، وفي
اخضراره ثلاثة دنانير، وكذا في
الاسوداد عند قوم، وعند آخرين ستّة دنانير، وهو أولى؛ لرواية
إسحاق بن عمّار ...».
وكذا في غيره،
فيقيّد التأديب بما لا يستلزم ذلك.
والتفصيل في محلّه.
•
الإيذاء (الكافر)، الكافر تارة يفرض كونه من الوالدين، فالمستفاد من إطلاق قوله تعالى: «وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي
الدُّنْيَا مَعْرُوفاً»، عدم جواز إيذائهما حتى مع
إصرارهما على
ارتداد الولد. وأمّا إذا لم يكن من الوالدين فكذلك لا يجوز إيذاؤه إذا كان ذمّياً عاملًا بشرائط
الذمّة ؛ لصيرورته بحكم
المسلم بعقد الذمّة، فلا يجوز ظلمه و
التعرّض لعرضه وماله ودمه.
•
الإيذاء (الحيوان)، المستفاد من كلمات غير واحد من الفقهاء حرمة التعرّض لإيذاء
الحيوان غير المؤذي إذا لم يترتّب عليه نفع معتدٌّ به، بل الواجب فيما يكون فيه نفع أيضاً
الاقتصار على ما يطيقه من الضرر، إلّاإذا دلّ عليه دليل خاصّ
كالذبح .
الإيذاء إذا كان واجباً أو جائزاً فلا عقوبة فيه كما هو واضح، أمّا إذا كان محرّماً كإيذاء المؤمن أو الوالدين، فإن كان بأمر ورد فيه عقوبة خاصّة
كالقذف أو غيره جرت تلك العقوبة المترتبة على موردها، ولو كان هو شيء مع الإيذاء، وأمّا إذا لم تكن هناك عقوبة خاصّة محدّدة في الشرع، كان الحكم هو التعزير وفقاً لقاعدة: كلّ ذنب ليس فيه حدّ ففيه التعزير، بناءً على ثبوتها، وقد ذكر بعض الفقهاء هذا
الأمر في عقوبة مطلق الإيذاء.
وقد لا ترد في الإيذاء عقوبة خاصّة، بل يكون هناك ضمان أو نحوه كما في
القصاص والديات وضمان المتلفات وغير ذلك.
من المستحبّات الأكيدة
الصبر على الأذى من جار أو زوج أو زوجة أو فقرٍ أو مرضٍ ونحوها، وقد وردت بذلك روايات:
منها: رواية السكوني عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال
أمير المؤمنين عليه السلام : ثلاث من أبواب البرّ: سخاء النفس، وطيب الكلام، والصبر على الأذى».
ومنها: رواية
الحسن بن عبد اللَّه عن
العبد الصالح عليه السلام قال: «ليس حسن
الجوار كفّ الأذى، ولكنّ حسن الجوار صبرك على الأذى».
ومنها: رواية
الأصبغ بن نباتة ، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: «... و
جهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته».
ومنها: رواية
الحسين بن زيد عن
الإمام الصادق عليه السلام عن
آبائه عليهم السلام- في
حديث المناهي- عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ومن صبر على خلق امرأةٍ سيّئةِ
الخلق واحتسب في ذلك
الأجر ، أعطاه اللَّه
ثواب الشاكرين».
الموسوعة الفقهية، ج۱۹، ص۲۸۳-۲۹۷.