الأهلية (استثناءات مرحلة التمييز)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الأهلية (توضيح).
استثنى
الفقهاء عدّة موارد من عدم صحّة
تصرّفات الصبي المميّز، وهي كما يلي:
المحقّرات : هي ما ليس له
قيمة عالية، بل قيمته
زهيدة ومعيّنة من قبيل
الخضروات و
البيض وما يشتريه
الأطفال لأنفسهم من المأكولات وغيرها ممّا جرت العادة بقيام الأطفال بمباشرتها. واستدلّ على
استثنائها من عدم صحّة تصرّفات
الصبي المميّز بما يلي:
أوّلًا: دليل نفي
الحرج ؛
وذلك لأنّ الحكم بفساد
معاملة الصبي المميّز في المحقّرات يستلزم الحرج على البالغين إذا باشروا
شراء جميع ما يحتاجون إليه كالخضروات والبيض ونحوها.
ونوقش فيه: بمنع الحرج صغروياً؛ سواءً اريد لزوم الحرج في طرف
المشتري ؛ بأن يقع
الأولياء في
العسر لو تصدّوا لشراء جميع ما يحتاجون إليه حتى المحقّرات، أم اريد لزومه في طرف البائع،
كاعتياد أرباب
الدكاكين تفويض بيع الأشياء اليسيرة إلى الأطفال، فالحقّ أنّه لا حرج في شيء من المقامين.
ثانياً:
السيرة ، بدعوى قيامها على
نفوذ معاملات الصبي المميّز في الامور الحقيرة.
ونوقش فيه: بأنّه إن كان
المراد منها
سيرة المتشرّعة ، فبناءً على ثبوتها مستمرّة إلى زمان
المعصوم عليه السلام
فالمتيقّن منها هو ما كان عن
إذن و
إشراف من الولي، أمّا بدون ذلك فلم يعرف عن غير اللّامبالين في
الفقه والأحكام. وإن كان المراد
سيرة العقلاء بدعوى أنّ النواهي الواردة لا تصلح للردع عنها؛ لأنّ ردعها يكون
بإطلاقها للمحقّرات في حين أنّ سيرة عريقة وعميقة من هذا
النمط لا يكفي في الردع عنها مجرّد
إطلاق من هذا القبيل، بل هي بحاجة إلى ردعٍ أقوى.
ففيه أوّلًا: أنّ إطلاق الأدلّة للمحقّرات إطلاق قويّ مفهوم وكافٍ
للردع عن مثل هذه السيرة.
وثانياً: أنّ سيرة العقلاء على
التعامل مع الصبي بالنسبة لغير دائرة الإذن أو الإشراف من قبل الولي ليست سيرة عميقة الجذور في المرتكزات العقلائية، بل هي أيضاً سيرة عدم
المبالاة بنفس المرتكزات العقلائية، فمسألة حجر الصغير حتى في المحقّرات مسألة عقلائية أيضاً كما هي شرعية، فالنظم الوضعية القائمة على أساس التشريعات العقلائية معترفة أيضاً بحجر الصغير من دون تفصيل بين الأموال الجليلة واليسيرة.
ثالثاً: يمكن
الاستدلال على
إثبات جواز معاملات الصبي في المحقّرات بما رواه
السكوني عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «نهى
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عن كسب
الإماء ؛ فإنّها إن لم تجد زنت، إلّاأمة قد عرفت بصنعة يد، ونهى عن كسب
الغلام الصغير الذي لا يحسن
صناعة بيده؛ فإنّه إن لم يجد سرق».
و هو ظهور
التعليل بالأمر العرضي- وهو تخوّف
السرقة - في صحّة
معاملة الصبي، فإنّ عقد الصبي لو لم يكن نافذاً لكان الأنسب أن يعلّل النهي به لا
بالتخوّف من
احتمال السرقة، وكذا لم يناسب
التخصيص بفرض ما إذا لم يحسن الصناعة الموجب لذلك التخوّف.
وأمّا وجه
تخصيص الاستدلال بهذا
الحديث بالمحقّرات فهو أنّ الحديث ليس بصدد بيان صحّة معاملات الصبي كي يتمّ فيه الإطلاق، وإنّما هو بصدد بيان
النهي عن كسبه حينما لا يحسن الصناعة بيده، فإذا لم يتمّ فيه الإطلاق فلابدّ من
الاقتصار في إثبات صحّة معاملاته على
القدر المتيقّن ، وهو فرض كون المعاملة في المحقّرات.
ونوقش فيه- مضافاً إلى ضعف السند بالسكوني- بأنّ المراد بالكسب إن كان معناه المصدري فلا محالة يكون النهي تنزيهيّاً متوجّهاً إلى أولياء الصبي؛ للحكمة المذكورة في الرواية، وعليه فهو أجنبي عن المقام، وإن كان المراد به المكسوب فالمنهي عنه هو أخذ مطلق ما يحصل في يد الصبي نظير النهي عن كسب الإماء؛ معلّلًا بأنهنّ إن لم يجدن زنين.
وهناك مناقشات وتوجيهات اخرى لمتن هذا الحديث ذكرها بعض الفقهاء المعاصرين تركناها رعاية
للاختصار .
إذا كان الصبي المميّز بمنزلة
الآلة لمن له
أهلية التصرّف، لا أن يكون أحد طرفي المعاملة، كما لو كان مجرّد
وسيلة لإيصال المتاع أو
لإبراز قصد المتعاملين فهنا الحكم واضح،
بداهة أنّ
الطفل ليس بأخسّ حالًا من
الحيوان ، فكما تصحّ المعاملة بالإيصال عن طريق الحيوان أو
آلة كهربائية توضع عليها
البضاعة وتحوّل من مكان إلى مكان، فكذلك تصحّ بالإيصال عن طريق الصبي.
وكذا تصحّ فيما إذا كان الصبي وسيلة لإبراز قصد المتعاملين بأن يكون هو
المنشئ للصيغة عن الولي.
ووجه الصحّة هنا هو أنّ مجرّد
إجراء الصيغة لا يستدعي مستوىً من الاستقلالية في المعاملة بحيث تشمله الأدلّة الناهية؛ من
الآية الكريمة والروايات، فيتمسّك حينئذٍ بإطلاقات أدلّة المعاملات الدالّة على صحّة
العقد بالنسبة للولي، فإنّ هكذا عقد يستند إلى
الولي بلا إشكال.
من هنا
السيّد الخوئي - بعد أن أفتى بعدم صحّة عقد الصبي في ماله وإن كان بإذن الولي إذا كان الصبي مستقلّاً في التصرّف- قال: «وأمّا إذا كانت المعاملة من الولي وكان الصبي وكيلًا عنه في
إنشاء الصيغة فالصحّة لا تخلو من وجه وجيه».
وقال
السيّد الشهيد الصدر : «وأمّا تصرّف الصبي في ماله، فإذا كان وكيلًا عن الولي في (مجرّد) إجراء الصيغة ونحو ذلك، فالظاهر صحّته».
تصحّ معاملات الصبي المميّز إذا كانت بإشراف الولي، فالصبي هو الذي يتعامل ويتّجر، لكن تحت إشراف الولي
وإدارته وأمره ونهيه. وذلك لما تقدّم من أنّ دفع المال إليه الوارد في الآية الكريمة وجواز
الأمر الوارد في الروايات يستدعي نوعاً من الاستقلالية للشخص ونفوذ أمره بلا
حاجة إلى تنفيذ غيره إيّاه، وفرض
الإشراف يرفع هذه الاستقلالية، فيتمسّك بإطلاقات أدلّة المعاملات لمثل هذه المعاملة ووجوب
التزام الصبي بها بعد بلوغه.
بل أنّ الآية الشريفة «وَابْتَلُوا الْيَتَامَى»
تدلّ على صحّة عقد الصبي المميّز تحت إشراف الولي، فإنّ
ابتلاء اليتيم يكون بهذا. فإنّ الأمر بابتلاء
اليتيم وإن كان لا يلازم الحكم بصحّة معاملته، فلعلّه يبتلى بجعل المعاملة و
التجارة تحت يده، ثمّ يحكم
ببطلانها، فلا
ملازمة عقلية حينئذٍ، إلّاأنّ
المفهوم العرفي من الأمر
بإيقاع التجارة والمعاملة على يد الصبي ولو
اختباراً هو صحّة تلك المعاملة أو التجارة.
ذهب
مشهور الفقهاء
إلى صحّة وصيّة الصبي المميّز البالغ عشراً إذا كان عاقلًا وكانت
وصيّته في وجوه
المعروف . هذا إذا أوصى بالثلث،
وأمّا إذا أوصى بجزء يسير منه وكان ابن سبع سنين فقد ذهب بعض الفقهاء إلى صحّة وصيّته أيضاً مع توفّر الشرطين السابقين.
وقيّد ثالث صحّة وصيّته بما إذا كانت
للأرحام .
واستدلّ لذلك بعدّة روايات، من قبيل ما رواه
أبو بصير - يعني
المرادي - عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: «إذا بلغ الغلام عشر سنين وأوصى بثلث ماله في حقّ جازت وصيّته، وإذا كان ابن سبع سنين فأوصى من ماله باليسير في حقّ جازت وصيته».
وما رواه
محمّد بن مسلم ، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: «إنّ الغلام إذا حضره
الموت فأوصى ولم يدرك جازت وصيّته لذوي الأرحام، ولم تجز
للغرباء ».
ذهب
الشيخ المفيد إلى صحّة وقف الصبي، حيث قال: «ولا يجوز وصية الصبيّ و
المحجور عليه فيما يخرج عن وجوه
البرّ والمعروف، وهبتهما
باطلة ، ووقفهما و
صدقتهما - كوصيتهما- جائزة إذا وقعا موقع المعروف».
وبعض الفقهاء عبّر بجواز صدقته إذا بلغ عشر سنين.
إلّا أنّ المشهور بين الفقهاء عدم صحّته،
قال
المحقّق النجفي : «بل لعلّ
الخلاف منحصر في خصوص المفيد بناءً على
إرادة ما لا يشمل
الوقف من الصدقة في كلامهم (كلام المشهور القائلين بجواز صدقته)، بل ولا دليل عليه».
وقال
الشهيد الثاني بعد نقله الرواية الدالة على جواز صدقته: «ومثل هذه الأخبار الشاذّة المخالفة لُاصول
المذهب بل
إجماع المسلمين لا تصلح
لتأسيس هذا الحكم».
واستدلّ على الصحّة بعدّة روايات، من قبيل ما رواه
زرارة عن
أبي جعفر عليه السلام قال: «إذا أتى على الغلام عشر سنين فإنّه يجوز في ماله ما أعتق أو تصدّق أو أوصى على حدّ معروف وحقّ، فهو جائز»،
وغيرها.
ونوقش فيه بأنّ الروايات التي استدلّ بها جميعاً ضعيفة سنداً، مضافاً إلى أنّ الظاهر منها جواز صدقته.والتفصيل في محلّه. وشمول الصدقة للوقف أوّل الكلام والإشكال. و
استعمال الصدقة في الوقف في جملة من الموارد أعمّ من
الحقيقة كما هو ظاهر.
ذهب بعض الفقهاء إلى جواز
إعارة الصبي المميّز ماله بشرط
إذن الولي ووجود
المصلحة في ذلك؛ كأن تكون يد
المستعير أقوى في
الحفظ من يد الولي، أو أنّ
المستعار ينفعه الاستعمال ويضرّه
الإهمال ، ونحو ذلك.
وقد استدلّ لذلك أمّا بالنسبة إلى صحّة تصرّفه
فلإجازة الولي، وأمّا صحّة إنشائه فلأنّه لا دليل من عقل أو نقل على كون الصبي مسلوب
العبارة مطلقاً، فتصحّ إنشاءاته كتصرّفاته بالإجازة إلّاما دلّ الدليل بالخصوص على الخلاف. نعم، الظاهر أنّ بعض مراتب غير المميّز مسلوب العبارة عند العقلاء.
لا خلاف ولا إشكال في أنّ
شهادة الصبي غير المميّز لا تسمع ولا تكون حجّة،
وقد ادّعي عليه الإجماع.
واستدلّ على ذلك
بالأصل وظواهر الأدلّة، من قبيل صحيح محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: في الصبي يشهد على الشهادة، فقال: «إن عَقَلَهُ حين يدرك أنّه حقّ جازت شهادته».
وفي خبر السكوني عن
الإمام الصادق عليه السلام قال: «قال
أمير المؤمنين عليه السلام : إنّ شهادة الصبيان إذا أشهدوهم وهم صغار جازت إذا كبروا ما لم ينسوها».
فالروايتان تدلّان على
اعتبار البلوغ في
الأداء وإن كان
التحمّل حين الصباوة مع بقائه عنده إلى حين البلوغ.
إنّما الخلاف والإشكال في قبول شهادة الصبي المميز في غير القتل و
الجرح ، واخرى فيهما، على أقوال:
قبول شهادة الصبي المميّز إذا بلغ عشراً، مطلقاً في
الجنايات وغيرها.
إلّاأنّ هذا القول لم يعرف قائله إلى الآن، وأمّا نسبته إلى الشيخ في النهاية فهي غير صحيحة.
واستدلّ له- مضافاً إلى إطلاق الشهادة كتاباً وسنة، وأولوية غير الدم في قبول الشهادة من الدم
- برواية طلحة بن زيد عن الإمام الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: «شهادة الصبيان جائزة بينهم ما لم يتفرّقوا أو يرجعوا إلى أهلهم».
ونوقش فيه بأنّ الإطلاق
بالتبادر وغيره مخصوص بالبالغ، ومعارض بعموم كثير من النصوص الدالّة على اعتبار امور كثيرة في الشاهد، منفية في الصبي قطعاً، ومنع
الأولوية . وأمّا الرواية-
مضافاً إلى أنّها ضعيفة سنداً- معارضة بالنصوص الكثيرة الدالّة على اعتبار البلوغ في قبول شهادة الصبيان التي تحمّلوها حال الصغير، وعلى عدم قبول شهادتهم إلّافي القتل، ولا ريب في رجحانها عليها من وجوه، منها: سلب عباراته، حتى أنّه لا يقبل
إقراره على نفسه، ومنها: عدم
الوثوق بقوله؛ لعلمه بعدم مؤاخذته على
الكذب .
ولعلّ حمل هذه الرواية على
إرادة بيان
إمكان جواز أمر الغلام بالعشر
لاحتلام ونحوه، أو في الجملة- ولو من
الدماء - أولى.
لا تقبل شهادة الصبي المميّز مطلقاً.
واستدلّ له:
۱- بقوله سبحانه وتعالى: «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِجَالِكُمْ»،
والصبي ليس برجل.
۲- إنّ الصبي لا يقبل قوله على نفسه بالإقرار، فلا يقبل على غيره؛ لأنّه من باب
التنبيه بالأدنى على
الأعلى .
۳- إنّه يعلم عدم مؤاخذته على الكذب، فلا مانع منه حينئذٍ.
وناقش فيه المحقّق النجفي بإمكان دعوى
منافاته للمقطوع به من النصوص والفتاوى، بل نفى الخلاف غير واحد عن قبول شهادتهم في الجناية في الجملة، كما حكى الإجماع على ذلك غير واحدٍ أيضاً، بل يمكن دعوى
تحصيله .
ما ذهب إليه المشهور من أنّ الصبي المميّز إذا بلغ عشراً تقبل شهادته في القتل.
واستدلّ له
بعدّة روايات، منها: صحيحة
جميل ، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: تجوز شهادة الصبيان، قال: «نعم، في القتل، يؤخذ بأوّل كلامه ولا يؤخذ بالثاني منه».
وصحيحة
محمّد بن حمران ، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن شهادة الصبي، قال: فقال: «لا، إلّافي القتل، يؤخذ بأوّل كلامه ولا يؤخذ بالثاني».
ونوقش فيه: بإمكان حمل مثل هذه الأخبار على صورة حصول العلم مع تحقّق موجبات حصوله خارجاً، فلا وجه
للتمسّك بإطلاقها حينئذٍ.
إلحاق الجرح بالقتل في قبول شهادة الصبي المميّز.
واستدلّ له بأنّ لفظ روايتي جميل ومحمّد بن حمران تضمن القتل، فيمكن أن يدخل فيه
الجراح بطريق أولى، فمن ثمّ ذكر
الأكثر القتل والجراح.
ونوقش فيه بأنّه لا يخفى أنّ مقتضى الأولوية على تقديرها إلحاق الشهادة بكلّ أمرٍ، وهذا يخالف الحصر الوارد في صحيحتي جميل ومحمّد بن حمران، ولم يرد في شيء من الروايات
السماع في الجرح.
تقبل شهادة الصبي المميّز في الجراح،
وزاد بعضهم
الشجاج ،
بشروط ثلاثة: بلوغ العشر، وبقاء
اجتماع الصبيان، وأن يكون اجتماعهم على أمر
مباح كالرمي ونحوه.
واستدلّ له بأنّ
التهجّم على الدماء بخبر الواحد- الدال على قبول شهادته في القتل- خطر، فالأولى
الاقتصار على القبول في الجراح دون القتل.
قال في
المهذب الأحكام - بعد أن استحسن ما قاله
المحقّق الحلّي في
الشرائع - «إذا كان التهجّم على الدماء بخبر الواحد فيه خطر، فيكون ذلك بقول الفقيه- ما لم يكن إجماع معتبر- أشدّ خطراً وأعظم».
وأمّا الشروط الثلاثة فلم يدلّ عليها دليل معتبر.ولو ابدل
اشتراط بلوغ العشر
بالتمييز لكان أولى؛ حيث إنّ غير المميّز لا يصلح للشهادة ولا يميّز ما يشهد به، سواءً بلغ العشر أم لا، كما أنّ التمييز قد يحصل قبل العشر إلّاأن يثبت الإجماع على اشتراط بلوغ العشر على وجه يكون حجّة، فيكون هو الحجّة، لكن
إثبات ذلك بعيد.
نعم،
المستفاد من النصوص اشتراط قبول شهادتهم في القتل والجرح بأمر واحد، وهو أن يؤخذ بأوّل كلامهم مع
الاختلاف دون باقيه.
ما ذهب إليه المحقّق النجفي، وهو قبول شهادة الصبيان فيما بينهم،
لإيجابها الدية ولو كان
المشهود به القتل.
وإنّما اختص
قبول شهادتهم في الدية؛ لأنّ عمدهم خطأ. ويرى المحقّق النجفي بأنّ هذا هو
المناسب لعدم التهجّم على الدماء بشهادتهم على وجه يقتص به من البالغين في نفس أو طرف، كما أنّه المناسب لشدّة الأمر في الدماء وعدم
إبطالها، وأنّه هو
الموافق للنصوص وغيرها.
ثمّ إنّ هذا كلّه بالنسبة إلى الصبي، وأمّا
الصبية فلا خلاف في عدم قبول شهادتها مطلقاً، مميّزة كانت أو غير مميّزة؛
وذلك لأنّ ظاهر النصوص والفتاوى اختصاص الحكم بشهادة الصبيان دون الصبية الباقية على مقتضى
الاصول والعمومات الدالّة على عدم قبول شهادتها.
هذا مضافاً إلى أنّه يعتبر في
الشاهد العدالة المفقودة في الصغير قطعاً بل الإيمان، فقبول شهادة الصبي مطلقاً مخالف للقاعدة، إلّاأنّه قام الدليل في الصبي في الجملة على خلافها، ولم يقم الدليل
بالإضافة إلى الصبية؛ فإنّ جمع صبي: صبيان، وجمع صبية: صبايا، والرواية الدالّة على الجواز واردة في الصبيان.
الموسوعة الفقهية، ج۱۹، ص۱۷۵-۱۸۵.