لبس ثوبي الإحرام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الثاني من
واجبات الإحرام لبس ثوبي
الإحرام ، وهو تارة يكون بلحاظ الرجل واخرى بلحاظ
المرأة .
وهو تارة يكون بلحاظ الرجل واخرى بلحاظ
المرأة .
أمّا بالنسبة إلى الرجل فقد اتفق
الفقهاء على أنّه لو أراد الإحرام وجب عليه نزع ثيابه ولبس ثوب الإحرام، ولا يجوز له أن يحرم عرياناً في حال
الاختيار .
ويدلّ عليه
- مضافاً إلى
الإجماع وجري السيرة عليه من زمن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم و
الأئمّة عليهم السلام إلى زماننا ممّا يوجب القطع بكونه من العبادات الواجبة
-
الأمر بلبس الثوبين الوارد في الأخبار المستفيضة، كصحيحة
معاوية بن عمّار عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إذا انتهيت إلى
العقيق من قبل
العراق أو إلى الوقت من هذه المواقيت وأنت تريد
الإحرام إن شاء اللَّه فانتف إبطيك وقلّم
أظفارك ... ثمّ استك واغتسل والبس ثوبيك».
ونحوها صحيحتا
معاوية بن وهب و
هشام بن سالم .
فإنّ
الأمر باللبس فيها وإن كان وارداً في سياق ما علم ندبه
كالإطلاء والغسل والسواك إلّا أنّه غير ضائر؛ لعدم المحذور في
رفع اليد عن الوجوب إذا قامت القرينة عليه،
وعلى فرض ضعف دلالتها فهي مجبورة بالإجماع.
ويؤكّد ذلك
ما ورد في
تجريد الصبيان من فخ،
وكذا ما ورد في الإحرام من
المسلخ من
وادي العقيق ، وتأخير لبس ثياب الإحرام إلى ذات عرق عند الخوف و
التقيّة .
وقد يقال: بأنّ
المتيقن حرمة
لبس المخيط ونحوه على المحرم فيكون التجرد عنه واجباً، أمّا وجوب
لبس الثوبين شرعاً فإن كان عليه إجماع فهو الدليل، وإلّا فالأصل العدم، ومثل تلك الأخبار لا تصلح
مستنداً له، و
التمسّك بالتأسّي ضعيف، فإنّ اللبس من العادات ولم يثبت كونه من العبادات، وأمّا الحاجة إلى لبس شيء للصلاة فهو أجنبي عن محلّ البحث.
هذا بالنسبة إلى الرجل.
وأمّا إحرام المرأة فقد يقال
: بأنّه لا إشكال ولا
خلاف في وجوب
أصل الثوب عليها، وعدم جواز إحرامها عارية وإن أمنت الناظر كما لو أحرمت ليلًا.
وقد دلّت على ذلك عدّة روايات كالنصوص الآمرة بلبس الثياب للمرأة الحائض الدالّة على وجوب
طهارة الثوب، وكونه واقياً من
سراية النجاسة إلى ثيابها التي أحرمت فيها. وكذا الروايات الواردة في لبس المرأة
الحرير الممزوج أو
الخالص ،
إنّما الكلام في وجوب لبس المرأة خصوص
الإزار و
الرداء ، فقد صرّح بعض الفقهاء
باختصاص ذلك بالرجال وعدم شموله المرأة، بل نسبه
المحقّق النجفي إلى ظاهر النصّ و
الفتوى فقال: «إنّ الظاهر عدم وجوب لبس ثوبين لخصوص
الإحرام للامرأة تحت ثيابها، وإن احتمله بعض الأفاضل بل جعله أحوط، ولكنّ الأقوى ما عرفت، خصوصاً بعد عدم شمول النصوص السابقة للإناث إلّا بقاعدة
الاشتراك التي يخرج عنها بظاهر النصّ والفتوى».
إذ النص قد اشتمل على الأمر بلبس الثوبين ونزع المخيط وهذا يختصّ بالرجال وأمّا المرأة فيجوز لها لبس المخيط ولا يجب عليها نزع الثياب. وكذا بالنسبة إلى الفتوى.
وخالفه
السيد الحكيم في ذلك فقال: «إنّ الفتاوى مطلقة، ولم أقف على من قيّد الوجوب بالرجل إلّا البحراني في حدائقه،
وأمّا النصوص فإن تمّت دلالتها على الوجوب فالخطاب فيها للرجل كغيرها من أدلّة التكاليف التي كان البناء على
التعدّي فيها من الرجل إلى المرأة، مع أنّ في بعض النصوص ما يظهر منه ثبوت الحكم فيها، ففي موثّق
يونس بن يعقوب قال: سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن
الحائض تريد الإحرام؟ قال: «تغتسل وتستثفر وتحتشي بالكرسف وتلبس ثوباً دون ثياب إحرامها».
وخبر
زيد الشحام عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سئل عن امرأة حاضت وهي تريد الإحرام فتطمث؟ قال: «تغتسل وتحتشي بكرسف وتلبس ثياب الإحرام وتحرم»
وما في صحيحة
عبد الله بن سنان الواردة في حجّ
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه أمر الناس بأشياء منها لبس الثوبين،
وظاهره أنّ جميع الناس من الرجال والنساء كانوا مأمورين به. هذا مضافاً إلى قاعدة الاشتراك.
وقال بعض الفقهاء بأنّ
الاحتياط عدم تركهن لبس الثوبين، بل الأولى الجمع بين الثوبين ولباس آخر.
بناءً على وجوب لبس ثوبي الإحرام فهل هو شرط في انعقاده فلو لبّى عارياً أو في مخيط من دون لبس الثوبين لم ينعقد إحرامه أو أنّه ليس من شرائط الإحرام بل هو واجب آخر فلو تركه انعقد إحرامه وإن كان آثماً؟
يبتني البحث في ذلك على ما تقدّم في
حقيقة الإحرام ، فإن قيل: إنّه ماهيّة مركّبة من النيّة و
التلبية ولبس الثوبين، فيلزم فواته بفوات أحد أجزائه الثلاثة كما صرّح به العلّامة،
لم ينعقد الإحرام لو لبّى عارياً أو في المخيط. وأمّا إذا بُني على أنّ الإحرام هو النيّة أو هي مع التلبية أو الصفة الحاصلة منها- على
اختلاف فيها- كما عليه أكثر الفقهاء فلا دخل للبس الثوب في حقيقة الإحرام وانعقاده.
وظاهر الفقهاء هو الثاني، بل ادّعي عليه عدم الخلاف صريحاً إلّا من
الاسكافي .
قال الشهيد: «وهل اللبس من شرائط الصحّة حتى لو أحرم عارياً أو لابساً مخيطاً لم ينعقد؟ نظر، وظاهر
الأصحاب انعقاده، حيث قالوا: لو أحرم وعليه قميص نزعه ولا يشقّه، ولو لبسه بعد الإحرام وجب شقّه وإخراجه من تحت كما هو مروي، وظاهر
ابن الجنيد اشتراط التجرّد».
واستدلّ له بأنّ المراد بالإحرام إمّا هو الشروع في الحجّ والعمرة الذي يتحقّق بالعزم والنيّة، أو صيرورته بحيث تحرم عليه المحظورات المعهودة بذلك فلا يتحقّق إلّا بالتلبية، أو
الإشعار و
التقليد ، كما تدلّ عليه الروايات في مثل قوله عليه السلام: «يوجب الإحرام ثلاثة أشياء: التلبية والإشعار والتقليد، فإذا فعل شيئاً من هذه الثلاثة فقد أحرم»،
فإنّها تدلّ بإطلاقها على عدم اشتراط شيء فيه غيرها.
كما أنّ مقتضى
الأصل أيضاً عدم الاشتراط، وعليه فالأمر باللبس بعد إطلاق ما دلّ على حصول الإحرام بالنيّة والتلبية لا يدلّ على أزيد من حصول
الإثم بتركه لا
انتفاء الصحّة بانتفائه.
إلّا أنّ ظاهر كلام ابن الجنيد يعطي الاشتراط، فإنّه قال: «ثمّ اغتسل ولبس ثوبي إحرامه ويصلّي لإحرامه، لا يجزيه غير ذلك، إلّا الحائض فإنّها تحرم بغير صلاة- إلى أن قال:- وليس ينعقد الإحرام إلّا في الميقات بعد الغسل والتجرّد والصلاة».
وكذا العلّامة في مختلفه،
كما تقدّم.
وربّما استدلّ له بأنّ المستفاد من الروايات
بطلان التلبية والإحرام إن لم يلبس ثوبي الإحرام أو مع لبس المخيط، ومنها صحيحة
معاوية بن عمّار عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إن لبست ثوباً في إحرامك لا يصلح لك لبسه فلبّ وأعد غسلك، وإن لبست قميصاً فشقّه وأخرجه من تحت قدميك»،
فإنّ الأمر
بإعادة التلبية يكشف عن بطلان الإحرام الأوّل؛ لأنّه أحرم فيما لا يصلح له لبسه كالمخيط.
ونحوها صحيحته الاخرى عنه عليه السلام أيضاً: في رجل أحرم وعليه قميصه، فقال: «ينزعه ولا يشقّه وإن كان لبسه بعد ما أحرم شقّه وأخرجه ممّا يلي رجليه»،
فإنّ الأمر بنزع
القميص وعدم شقّه في القسم الأوّل يدلّ على بطلان الإحرام وعدم وقوعه من رأس؛ لأنّه أحرم في قميص، فلا يحتاج إلى شقّه، بخلافه في القسم الثاني.
وقد اجيب عن الرواية الاولى بكونها غير ناظرة إلى شرطيّة اللبس في تحقّق الإحرام، وإنّما هي ناظرة إلى لبس ما لا يجوز لبسه حال الإحرام، سواءً كان لابساً ثوبي الإحرام أم لا، بل فرض فيها تحقّق الإحرام بقرينة حكمه عليه السلام في ذيل الرواية بشقّ القميص و إخراجه من تحت قدمه.
وبالجملة فإنّ الرواية واردة في مقام بيان التفصيل بين القميص والقباء، وأنّ القميص يمتاز عن غيره- كالقباء- بشقّ القميص وإخراجه من تحت قدميه؛ لأنّه لو أخرجه من رأسه يتحقّق ستر الرأس به، بخلاف
القباء والجبّة ونحوهما ممّا يمكن نزعه من دون ستر الرأس. وعليه، فلا دلالة في الرواية على بطلان التلبية مع لبس المخيط، وإنّما تدلّ على إعادة التلبية والغسل بعد تحقّق الإحرام منه، فلا بد من حمل الحكم على
الاستحباب .
واجيب عن الرواية الثانية- بما سيأتي- من أنّه حكم تعبّدي في كيفية إخراج القميص.
بل قد يستدلّ بها لعدم اشتراط لبس الثوبين، فإنّه لو كان مثل ذلك مانعاً عن الانعقاد لوجب تجديد النيّة والتلبية والإحرام ثانياً، وهذا ما كاد النصّ والفتوى يكونان صريحين في خلافه.
وإن اورد على الكلام الأخير بأنّ غاية ما يستفاد من كلمات الأصحاب والنصّ هو عدم اشتراط صحّة الإحرام بالتجرّد عن لبس المخيط لا عدم اشتراطها بلبس الثوبين.
ويمكن أن يفصّل بصحيحة
عبد الصمد بن بشير بين الجاهل والعالم ويقيد إطلاق سائر الروايات الدالّة على صحّة الإحرام في المخيط بصورة الجهل بالحكم حيث قال: جاء رجل يلبّي حتّى دخل
المسجد الحرام وهو يلبّي وعليه قميصه، فوثب إليه اناس من أصحاب
أبي حنيفة وأفتوه بشقّ قميصه وإخراجه من رجليه، وأنّ عليه بدنة والحجّ من قابل، وأنّ ما حجّه في المخيط فاسد، وذكر ذلك لأبي عبد اللَّه عليه السلام، وأنّه لم يسأل أحداً عن شيء، فقال عليه السلام: «متى لبست قميصك؟ أبعد ما لبّيت أم قبل؟» قال: قبل أن البّي، قال: «فأخرجه من رأسك، فإنّه ليس عليك
بدنة ، وليس عليك الحجّ من قابل، أي رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه».
ونحوها رواية
خالد بن محمّد الأصم ،
فإنّ عليها يحمل إطلاق سائر الروايات.
واعترض عليه بأنّ هذه الصحيحة لا صراحة فيها على عدم الانعقاد مع عدم الجهل، وليس المقام من موارد حمل المطلق على المقيّد؛ لعدم كونها في مقام
تصحيح عمله لكونه جاهلًا، وإنّما هي في مقام بيان عدم وجوب كفّارة عليه، وفي مقام نفي ما أفتوا به في حقّه وأنّه لا يجب عليه شيء ممّا ذكروه.
وأمّا التفصيل بين اللبس قبل التلبية وبعدها في كيفية
إخراج القميص فهو حكم تعبّدي، وإلّا فالجهل ليس عذراً في تصحيح
العبادة مع عدم المطابقة.
ذكر غير واحد من الفقهاء أنّ ظاهر النصّ والفتوى تقدّم اللبس على عقد الإحرام الذي هو نيّة الحجّ أو العمرة، بل هو من جملة ما يتهيّأ به للإحرام على وجهٍ يكون ذلك حاصلًا حال عقد الإحرام.
ومن هنا قال في المنتهى: «إذا أراد الإحرام وجب عليه نزع ثيابه ولبس ثوبي الإحرام بأن يأتزر بأحدهما ويرتدي بالآخر».
وذكر
المحقّق السبزواري أنّ المستند في ذلك هو أن لا يكون بعد عقد الإحرام لابساً للمخيط.
وقد يقال بأنّ المستند فيه غير ذلك؛ لعدم
التلازم بينهما، بل لما يظهر من الأخبار كصحيحة ابن عمار المتقدّمة
وغيرها.
ولكن قال
السيد الحكيم : «من المعلوم أنّ الواجب وقوع ذلك حال التلبية التي بها يكون عقد الإحرام، ولا يجب قبلها ولو حال النيّة؛ للأصل، والنصوص لا تفي بالوجوب قبل ذلك».
ولو قدّم النيّة والتلبية على اللبس فهل تجب إعادتهما بعده أم لا؟
الظاهر أنّه بناءً على ما تقدّم من عدم اشتراط لبس ثوبي الإحرام في تحقّق الإحرام وكونه واجباً خارجياً لا تلزم إعادتهما،
بل صرّح المحقّق النجفي باتفاق النصّ والفتوى على عدم وجوب تجديد النيّة والتلبية.
لكن
السيد اليزدي ذكر أنّ: «الأحوط كون اللبس قبل النيّة والتلبية، فلو قدّمهما عليه أعادهما بعده».
وحاول بعض المحقّقين حمله على الأمر الاستحبابي؛ لما تقدّم من أنّ اللبس ليس شرطاً في تحقّق الإحرام.
ومن الأفضل للمحرم أن يلبس ثوبي الإحرام بعد الغسل وصلاة فريضة، فإن لم يتمكّن صلّى ستّ ركعات أو ركعتين، وقد تقدّم تفصيله في
مقدّمات الإحرام .
الظاهر من كلمات أكثر الفقهاء بل صريح بعضهم عدم وجوب
استدامة اللبس بعنوانه ما دام محرماً؛ للأصل، بعد صدق
الامتثال بصرف وجود اللبس، وإنّما الواجب عليه بعد ذلك
ستر العورة عن الناظر، وهذا كما يمكن بلبس ثوبي الإحرام، كذلك يمكن بلبس غيره بشرط عدم صدق لبس المخيط بالنسبة للرجل.
ويدلّ عليه ظاهر الروايات الدالّة على غسل ثوب الإحرام إذا أصابته نجاسة.
قال المحقّق النجفي: «لا يجب استدامة اللبس ما دام محرماً كما قطع به في
المدارك ؛ للأصل بعد صدق الامتثال بالطبيعة».
وقال السيد اليزدي: «لا يجب استدامة لبس الثوبين، بل يجوز تبديلهما ونزعهما
لإزالة الوسخ أو للتطهير، بل الظاهر جواز التجرّد منهما مع الأمن من الناظر أو كون العورة مستورة بشيء آخر».
ولكن ذكر
كاشف الغطاء بأنّه: «لو سقط لباسه في بعض الأوقات أو نزعه بسبب لم يُخل به، ويلزم تداركه من دون فصل طويل».
واستدلّ له بعض الفقهاء
باستفادته من الأخبار المانعة من غسل الثوب الذي يحرم فيه حتى يحلّ وإن توسّخ، إلّا أن تصيبه جنابة أو شيء فيغسله.
هذا مضافاً إلى أنّ ظاهر الامتثال في لبس الثوبين هو الاستدامة، فهو يختلف عن التلبية وصلاة الإحرام الذين يتحقّق الامتثال فيهما بمجرد وجود الطبيعة وحدوثها، ولا يحتاج إلى الاستدامة، وأيضاً السيرة قبل البعثة وكذا بعدها على استدامة اللبس، بل يكره بيع ثوب الإحرام، ويستحب التكفّن به والطواف معه، وعلى هذا فالأحوط لو لم يكن الأقوى عدم تبديله إلّا مع الضرورة من
جنابة أو
إصابة شيء له.
يجوز
إبدال ثوبي الإحرام؛
وذلك للأصل والأخبار،
نحو ما في خبر معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «لا بأس بأن يغيّر المحرم ثيابه، ولكن إذا دخل مكّة لبس ثوبي إحرامه الذين أحرم فيهما وكره أن يبيعهما».
وقيّد بعض الفقهاء الحكم بما إذا لم يخرج بالتبديل مرّات عن
اسم اللابس.
ثمّ إنّ الأفضل للمحرم الطواف فيما أحرم فيه،
كما يستفاد من الخبر المتقدّم ذلك؛ لوقوع
ابتداء العبادة فيهما، فيستحب استدامتها فيهما.
بل ذكر
ابن سعيد كراهة الطواف في غير ثوبيه الذين أحرم فيهما.
بل ربّما توهم بعض العبارات وجوب الإحرام فيهما، كما في
النهاية : «لا بأس أن يستبدل ثيابه في حال الإحرام، غير أنّه إذا طاف لا يطوف إلّا فيما أحرم فيه»
ولعلّه استدل له بظاهر الخبر.
ولكن ظاهر الآخرين
الاتفاق على استحباب ذلك،
واستدلّ له بالأصل وعدم نصوصيّة الخبر المتقدّم في الوجوب.
•
كيفية ثوبي الإحرام ، لا
إشكال انّ المراد بثوبي
الإحرام الإزار و
الرداء ، ويدلّ عليه الروايات الآمرة
بإلقاء الثوب أو العمامة على عاتقه إن لم يكن له رداء، ويلبس
السراويل إن لم يكن له إزار.
•
شروط ثوبي الإحرام ،
المعروف بين الفقهاء
اشتراط كون ثوبي
الإحرام ممّا تصحّ الصلاة فيه، بل
الاتفاق عليه وعدم ظهور خلاف فيه. وهذا مبني على القول بوجوب
لبس ثوبي الإحرام أو شرطيته في صحة الإحرام، وأمّا إذا قيل بعدم وجوبه تكليفاً وعدم شرطيته في الإحرام وضعاً فلا موضوع لهذا البحث.
واستدلّ للمشهور بمفهوم خبر
حريز عن
الصادق عليه السلام قال: «كلّ ثوب تصلّي فيه فلا بأس أن تحرم فيه»، بناءً على
إرادة المنع من البأس في مفهومه.
•
كيفية لبس ثوبي الإحرام ، ظاهر
الفقهاء عدم
اعتبار كيفيّة خاصّة في
لبس الثوبين ، وإنّما المعتبر صدق الاتّزار و
الارتداء عرفاً، وإن قيل: إنّه يعتبر في
الاتزار ستر ما بين السرّة والركبة، وفي
الارتداء ستر ما بين المنكبين، ولعلّه تبيين لما هو
المعروف فيهما.
•
آداب ثوبي الإحرام ، ويبحث فيها عن المكروهات والمستحبات لثوبي الإحرام، و من المكروهات :الإحرام في
السواد ، الإحرام في
المشبع بالعصفر ونحوه، الإحرام في الثياب المعلّمة، الإحرام في الثوب الملحم بالحرير، الإحرام في الثياب الوسخة. وثياب الذي يستحب الإحرام فيه
القطن ، بلا خلاف فيه ظاهراً، والظاهر من بعض آخر
التخيير بين القطن والكتّان، ولعلّ الدليل على
استحباب القطن هو التأسّي، فقد روي لبسه في إحرام
النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأيضاً قد ورد الأمر بلبس القطن مطلقاً في جملة من النصوص.
يجب شراء ثوبين أو
استئجارهما بثمن المثل أو ما زاد ما لم يلزم الضرر الكلّي إن لم يكونا عنده مملوكين أو مستعارين مثلًا، وإذا عجز عن الاثنين لبس الواحد وسقط وجوب الآخر- إذا قيل بوجوب لبسهما- بقاعدة
الاضطرار ورفع الضرر كما هو محقق في محلّه.
لو دار
الأمر بين البقاء عارياً- من غير ناحية
ستر العورة - وبين لبس المحرّم كالمغصوب و
الحرير والمذهّب للرجال- قدّم
العراء حتى إذا قيل بوجوب اللبس؛ لأنّه متعلّق باللبس الجائز- بناءً على
الامتناع وكون المقام منه- وهو ساقط بالتعذر، أو
لأهمية الحرمة- بناءً على كونه من
التزاحم - وتفصيله في محلّه.
لو كان مريضاً ولم يتمكّن من النزع ولبس الثوبين أو كان خلاف
التقية أجزأه
النية و
التلبية ، فإذا زال عذره نزع ولبسهما.
وكذا الحال لو نسى لبسهما فإنّه يلبسهما حيث ذكر.
وهذا واضح بناء على كون اللبس جزءاً من ماهيّة
الإحرام ؛
فإنّهم قالوا: لو نسى الإحرام أحرم حيث ذكر.
وكذا يمكن القول به بناءً على
استظهار وجوب
استدامة اللبس من الروايات، ولو قلنا بعدم كونه جزءاً من ماهية الإحرام كما تقدّم عن بعضهم.
أمّا بناءً على ما ذهب إليه أكثر الفقهاء
من عدم كون اللبس جزءاً من الإحرام، وأنّه لا دليل على وجوب استدامة اللبس بعد تحقّق الإحرام، فلا دليل على وجوب اللبس بعد
ارتفاع النسيان وزوال العذر. نعم يحرم عليه لبس المخيط، كما يجب عليه ستر عورته، وذاك أمر آخر.
وقد أشار إلى عدم الدليل على وجوب اللبس
المحقّق الخوئي عند قول
السيد اليزدي : «ولو كان مريضاً ولم يتمكّن من النزع ولبس الثوبين يجزيه النيّة والتلبية، فإذا زال عذره نزع ولبسهما، ولا يجب حينئذٍ العود إلى
الميقات ».
حيث قال في تعليقته: «سيأتي منه عدم وجوب استدامة اللبس بعد تحقّق الإحرام، وهو الصحيح، فلا يجب لبسهما في الفرض».
لو تعذّر اللبس ولكن أمكن
الإتيان به من لصوق أو لفّ احتمل وجوبه.
ولعلّه لقاعدة
الميسور ولكن لا دليل عليها كما هو مقرر في محلّه.
الموسوعة الفقهية، ج۶، ص۳۵۵-۳۹۶.