• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

الإبطال (بمعنى الإحباط)

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



لتصفح عناوين مشابهة، انظر الإبطال (توضيح).
ورد النهي في بعض الآيات عن إيجاد أسباب إحباط الأعمال بارتكاب بعض المعاصي، بل عبّر في بعضها عن ذلك بالإبطال، كما في قوله تعالى: «لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى‌ » بناءً على إرادة الحبط منها، فهل يكون هذا من الإبطال للعمل المأتي به سابقاً حقيقة بحيث ينقلب باطلًا بعد أن كان وقع صحيحاً و امتثالًا للأمر أم لا يبطل العمل بذلك وإنّما يبطل ثوابه فلا يؤجر عليه، أو لا يبطل الثواب عليه وإنّما يبطل ما يتوقع ويطلب من أصل الإيمان وعمل الصالحات من السعادة الاخروية ودخول الجنة و الخلاص من النار؟




وقد بحث بعض الفقهاء عمّا ذهب إليه بعض أصحاب المذاهب من إمكان أن يكون الإحباط إبطالًا،
[۳] مستند العروة (الصلاة)، ج۴، ص۵۵۳.
وذلك بأن يكون العمل كالصلاة مثلًا مشروطاً بعدم ارتكاب بعض المعاصي ولو متأخراً وبعد العمل فيكون العمل مشروطاً بعدم لحوق المعصية بنحو الشرط المتأخر، وإلّا بطل ووجب الإعادة أو القضاء إذا كان مما له إعادة أو قضاء، بناءً على ما هو الصحيح من إمكان الشرط المتأخر في متعلقات الأحكام بل مطلقاً- على ما حقّق في محلّه من علم الأصول - فكون موارد الإحباط- على القول به- من الإبطال الحقيقي- إذا ما دلّ عليه دليل- أمر ممكن ثبوتاً ولا محذور فيه.
لكن الظاهر أنّه لا دليل على إبطال العمل بالاتيان ببعض الأعمال والمعاصي بعد تحقّقه، بل هو خلاف ظاهر الأدلّة إثباتاً .
وما ورد في بعض الآيات والروايات من حبط وإبطال الأعمال ببعض المعاصي بل وبالمنّ و الأذى لا يقتضي ذلك بوجه، بل ولا الإحباط و انتفاء استحقاق المثوبة على ما تقدم من الأعمال الصالحة، وإنّما غايته الدلالة على عدم تحقق السعادة و النتيجة المطلوبة للانسان إلّا بالالتزام بترك المعاصي إلى جانب عمل الصالحات.
[۵] مستند العروة (الصلاة)، ج۳، ص۴۴- ۴۹.


۱.۱ - قول الشيخ الطوسي


قال قدس سره: «ولا تحابُط عندنا بين الطاعة والمعصية، ولا بين المستحقّ عليهما من ثواب وعقاب. ومتى ثبت استحقاق الثواب فانّه لا يزيله شي‏ء من الأشياء...»، وقال أيضاً- في ذيل قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى‏ كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى‏ شَيْ‏ءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ » -: «وليس فيها ما يدلّ على أنّ الثواب الثابت المستقر يزول بالمنّ فيما بعد، ولا بالرياء الذي يحصل فيما يتجدّد، فليس في الآية ما يدلّ على ما قالوه».

۱.۲ - قول الطبرسي


وقال: «شبّه سبحانه فعل المنافق و المنّان بالصفا الذي أزال المطر ما عليه من التراب، فانّه لا يقدر أحد على ردّ ذلك التراب عليه، كذلك إذا دفع المنّان صدقة وقرن بها المنّ فقد أوقعها على وجه لا طريق له إلى استدراكه وتلافيه؛ لوقوعها على الوجه الذي لا يستحق عليه الثواب، فإنّ وجوه الأفعال تابعة لحدوث الأفعال، فاذا فاتت فلا طريق إلى تلافيها .
وليس في الآية ما يدلّ على أنّ الثواب الثابت المستقر يبطل ويزول بالمنّ فيما بعد، ولا بالرياء الذي يحصل فيما يستقبل من الأوقات على ما قاله أهل الوعيد ».
لكن بعض الفقهاء أثبتوا الإحباط في الثواب و العقاب بارتكاب بعض الأعمال فضلًا عن مثل الكفر و الارتداد .

۱.۳ - قول المحقق الأردبيلي


قال: «لا شك في إحباط الكفر بالإيمان وبالعكس، وهو صريح القرآن والأخبار ونقل عليه الإجماع ، بل يوجد الإحباط مطلقاً فيهما».
وقال أيضاً: «وبالجملة الأخبار والآيات متظافرة متكاثرة في وقوع الإحباط فإنكاره لا يمكن، فلا بدّ من التأويل لو صحّ عدم جوازه، والتأويل الذي في مجمع البيان غير واضح... و.. انّه ما يجري فيما إذا كان إحباط بعض الأعمال البدنية بالبعض مثل أن شرب الخمر يحبط كذا وكذا و الزنا كذا وكذا، وأنّ الصلاة تكفّر ذنب كذا وكذا، و الحج كذا وكذا وغير ذلك مما لا يحصى.. و يمكن أن يقال: لا استبعاد فيما نحن فيه أن يستحق الإنسان ثواباً ويكون وصوله إليه موقوفاً على عدم صدور منافيه منه من الردة ، أو يكون البقاء على الايمان شرطاً لاستمراره و انتفاعه به، ويكون الإحباط عبارة عن عدم ذلك».
ويمكن أن يراد بالإحباط إبطال ما تركه إتيان العمل الصالح من أثر على تكامل النفس البشرية وسموّها المعنوي بالإتيان بالعمل المفسد ، فليس هو في الحقيقة والواقع إزالة لأثر العمل الصالح، بل هو حطّ للنفس البشرية عن مقامها الذي ارتفعت إليه بالعمل الصالح بسبب العمل السيئ.

۱.۴ - قول المحدث البحراني


هذا وقد أنكر بعض الإخباريين على الأصوليين نفيهم الإحباط أشدّ الإنكار جاعلًا ذلك من جملة أخطائهم في إجراء الدليل العقلي في الأحكام الشرعية، قال المحدّث البحراني : «قد اشتهر بين أكثر أصحابنا (رضوان اللَّه عليهم) الاعتماد على الأدلّة العقلية في الأصول و الفروع وترجيحها على الأدلّة النقلية... ومن هنا تراهم في مسائل الاصول يذهبون إلى أشياء كثيرة قد قامت الدلائل النقلية على خلافها لوجود ما تخيلوا أنّه دليل عقلي، كقولهم بنفي الإحباط في العمل تعويلًا على ما ذكروه في محلّه من مقدمات لا تفيد ظناً فضلًا عن العلم ... مع وجود الدلائل من الكتاب والسنّة على أنّ الإحباط الذي هو الموازنة بين الأعمال و إسقاط المتقابلين و إبقاء الرجحان حق لا شك فيه ولا ريب يعتريه».
وقد عرفت أنّ الاصوليين لا ينكرون إمكان الإحباط بمعنى الإبطال للعمل أو لأثره إذا قام دليل واضح عليه، وإنّما ناقشوا في دلالة تلك الأدلّة النقلية على ذلك.
وكيف كان فالتفصيل في المسألة موكول إلى محلّه.


 
۱. البقرة/سورة ۲، الآية ۲۶۴.    
۲. القواعد الفقهية (البجنوردي)، ج۵، ص۲۵۲- ۲۵۳.    
۳. مستند العروة (الصلاة)، ج۴، ص۵۵۳.
۴. الاقتصاد، ج۱، ص۱۲۱- ۱۲۲.    
۵. مستند العروة (الصلاة)، ج۳، ص۴۴- ۴۹.
۶. الاقتصاد، ج۱، ص۱۱۷.    
۷. البقرة/سورة ۲، الآية ۲۶۴.    
۸. التبيان، ج۲، ص۳۳۶.    
۹. مجمع البيان، ج۲، ص۱۸۴.    
۱۰. زبدة البيان، ج۱، ص۱۹۰.    
۱۱. زبدة البيان، ج۱، ص۳۰۴- ۵۳۰.    
۱۲. الحدائق، ج۱، ص۱۲۵- ۱۲۶.    




الموسوعة الفقهية، ج۳، ص۴۶-۴۸    



جعبه ابزار