قال في موضع آخر: « السبب في بعث الأنبياء وإنزال الكتب، وبعبارة اخرى: العلّة في الدعوةالدينيّة ، وهو أنّ الإنسان بحسب طبعه و فطرته سائر نحو الاختلاف ، كما أنّه سالك نحو الاجتماعالمدني ، وإذا كانت الفطرة هي الهادية إلى الاختلاف لم تتمكّن من رفع الاختلاف، وكيف يدفع شيء ما يجذبه إليه نفسه؟! فرفع اللَّه سبحانه هذا الاختلاف بالنبوّة و التشريع بهداية النوع إلى كماله اللائق بحالهم المصلح لشأنهم، وهذا الكمال كمال حقيقي داخل في الصنع و الإيجاد ... وإذا كانت الطبيعة الإنسانيّة هي المؤدّية إلى هذا الاختلاف العائق للإنسان عن الوصول إلى كماله الحريّ به، وهي قاصرة عن تدارك ما أدّت إليه وإصلاح ما أفسدته، فالإصلاح- لو كان- يجب أن يكون من جهة غير جهة الطبيعة، وهي الجهةالإلهية التي هي النبوّة بالوحي؛ ولذا عبّر تعالى عن قيام الأنبياء بهذا الإصلاح ورفع الاختلاف بالبعث، ولم ينسبه في القرآن كلّه إلّاإلى نفسه، مع أنّ قيام الأنبياء- كسائر الامور- له ارتباطات بالمادّة بالروابط الزمانيّة والمكانيّة».