شروط الأذان والإقامة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يعتبر في صحّة
الأذان والإقامة شروط وهي كما يلي:
يشترط في صحّة الأذان والإقامة دخول وقت
الصلاة ، فلا يجوز الأذان والإقامة قبل دخول الوقت،
إلّا الأذان في الفجر على ما سيأتي. ولو قدّمهما على الوقت أعادهما بغير خلاف فيه، بل ادّعى غير واحد من الفقهاء
الإجماع عليه، لا من قبلنا فقط بل من علماء المسلمين أيضاً؛
للتأسّي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم
والأئمة عليهم السلام حيث كانوا يؤذّنون بعد دخول الوقت.
ويشهد
لذلك أيضاً ما ورد عن
معاوية ابن وهب عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «لا تنتظر بأذانك وإقامتك إلّا دخول وقت الصلاة...».
قال
السيد اليزدي : «فلو أتى بهما قبله ولو لا عن عمد لم يجتزئ بهما وإن دخل الوقت في الأثناء».
وأمّا بالنسبة إلى
الفجر فقد ذهب
السيد المرتضى وابن إدريس إلى عدم جواز تقديم الأذان قبل طلوع الفجر، ويستفاد ذلك أيضاً من إطلاق عبارة
الحلبي وهو قوله: «لا يجوز أن يؤذّن إلّا لفريضة من الخمس بعد دخول وقتها».
وفي مقابل هؤلاء ذهب المشهور إلى جواز تقديم الأذان قبل دخول الوقت رخصة من باب التنبيه
والإعلام ؛ لتأهّب الناس للصلاة
وانتباه النائم والمنع للصائمين عن
التناول وغير ذلك من الفوائد.
نعم، يستحبّ
إعادته بعد طلوع الفجر ودخول الوقت، بل لا بدّ من ذلك عند بعض
ليعلم بالأوّل قرب الوقت وبالثاني دخوله،
فلا يتوهّم طلوع الفجر بالأوّل.
ولا فرق في ذلك بين شهر
رمضان وغيره،
كما لا حدّ لهذا التقديم بل ما قارب الفجر. نعم، ينبغي أن يجعل ضابطاً في التقديم ليعتمد عليه الناس، بأن يجعل المقدّم أذانه في وقت واحد ليعلم الناس عادته فيعرفوا الوقت بأذانه.
ويمكن الجمع بين القولين- كما فعله بعض- بأنّ المستفاد من تضاعيف الأخبار امتياز الفجر بأذان ثالث قبل الوقت؛
لانتفاع الجيران وتهيّؤهم
للعبادة ، ولا تتأدّى معه
السنّة ، والذي يختصّ بالوقت وما بعده هو أذان الإعلام وأذان الصلاة.
وينقدح من ذلك لفظيّة النزاع بحمل كلام المانع على
إرادة أذاني الإعلام والصلاة، وكلام المجوّز على إرادة المشروعيّة في نفسه لتنبيه الناس على التهيّؤ للصلاة
والصوم في مثل شهر رمضان كالأذان في اذن المولود ونحوه.إلّا أنّ
المحقّق النجفي - بعد التعرّض لذلك الجمع- قال: إنّ ما ذكره المثبتون من أنّه يستحبّ إعادته بعد
طلوعه ينافي ذلك الجمع؛
ضرورة ظهوره في أنّه لو ترك هذا المستحبّ أجزأه الأوّل عن أذان الصلاة.
وكيف كان فقد استند المشهور
في جواز تقديم أذان الفجر إلى الأخبار التي ورد فيها، كما في خبر
الصدوق : أنّه كان
لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم مؤذّنان: أحدهما
بلال والآخر
ابن ام مكتوم ، وكان
أعمى ، وكان يؤذّن قبل
الصبح ، وكان بلال يؤذّن بعد الصبح، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إنّ ابن امّ مكتوم يؤذّن بالليل، فإذا سمعتم أذانه فكُلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان بلال...».
ومثله خبري الحلبي
وزرارة عن أبي عبد اللَّه عليه السلام،
وكذا غيرهما من الأخبار. وهي بظاهرها تدلّ على مشروعيّة تقديم أذان الفجر قبل دخول الوقت.لكن نوقش في ظهورها
بإمكان كون المراد منها أنّ ابن امّ مكتوم إنّما كان يؤذّن قبل الفجر؛ لأنّه أعمى فيخطئ الصبح، لا أنّه موظّف لذلك، فالأمر
بالأكل عند أذانه اعتماداً على
استصحاب الليل، لا أنّ أذانه
أمارة الليل ولا سيّما بملاحظة صحيح معاوية المتقدّم حيث أطلق في صدره المنع من تقديم الأذان على الوقت ثمّ نقل فعل ابن امّ مكتوم الظاهر في أنّه عليه السلام أراد
الاستشهاد على إطلاق المنع ودفع توهّم الجواز من أذان ابن امّ مكتوم من جهة كونه أعمى لا يبصر الوقت، وإلّا كان الأنسب
استثناء الصبح من إطلاق المنع والاستشهاد للاستثناء بفعل ابن امّ مكتوم.
لكنّ الخبر المذكور لم يرد في ذيل خبر معاوية بن وهب على ما يظهر ذلك بوضوح لدى مراجعة المصدر، بل في ذيل خبر
عبد اللَّه بن علي، والظاهر أنّه ليس منه أيضاً، بل من كلام الشيخ الصدوق.وسبب التوهّم وروده في
الوسائل بعد خبر معاوية مع التعبير فيه ب (وقال) ففهم منه انتساب الخبر إليه مع أنّ المراد نسبته إلى الصدوق الراوي عن معاوية.ومثلها صحيح
ابن سنان عن
الإمام الصادق عليه السلام قال: قلت له: إنّ لنا مؤذّناً يؤذّن بليل قال عليه السلام: «أمّا أنّ ذلك ينفع الجيران
لقيامهم إلى الصلاة، وأمّا السنّة فإنّه ينادى مع طلوع الفجر».
فإنّه ظاهر في حصر المشروعيّة بحال الفجر.وكذا قوله عليه السلام في صحيحه الآخر:«لا بأس». فقد روي عن فضالة عن ابن سنان قال: سألته عن
النداء قبل طلوع الفجر؟ قال: «لا بأس، وأمّا السنّة مع الفجر، وإنّ ذلك لينفع الجيران، يعني قبل الفجر».
فإنّه محمول على فعله لا بقصد المشروعيّة بقرينة قوله عليه السلام:«وأمّا السنّة مع الفجر».
هذا، عدا عن المناقشات الاخرى الواردة في المقام.
ومن ذلك كلّه يظهر عدم
الدليل على جواز تقديم أذان إعلام الفجر على وقتها بنحو يكون مجزئاً عنه بعد دخول الوقت.
نعم، ظاهر النصوص امتياز الفجر بأذان ثالث قبل الوقت لانتفاع الجيران وتهيّؤهم للعبادة كما مرّ.
هذا كلّه في اعتبار دخول الوقت، وأمّا في جواز التأذين بعد دخول الوقت فقد صرّح بعض الفقهاء بجواز ذلك في أذان الصلاة دون
الأذان الإعلامي ؛
لأنّ أذان الإعلام شرّع للإعلام بدخول الوقت
فلا مقتضي لاستحبابه بعد
انقضائه ، كما لا مقتضي له قبل دخوله، وأمّا أذان الصلاة فلأجل أنّه متّصل بها فهو من توابعها ومقارناتها، فلا جرم يمتدّ وقته حسب
امتداد وقت الصلاة، فيستحبّ حتى في آخر الوقت.
صرّح بعض الفقهاء باعتبار
النيّة في أذان الصلاة دون أذان
الإعلام .
أمّا اعتبارها في أذان الصلاة فلقيام الإجماع على كونه عبادة لا يصحّ إلّا بقصد
القربة ،
والارتكاز المتشرّعي شاهد به
بحيث يكشف عن كونه كذلك عند الشارع كما في نظائره،
مضافاً إلى أنّ ذلك مقتضى
التنزيل في معتبرة
أبي هارون المكفوف : «
الإقامة من الصلاة...»،
بعد وضوح
إلحاق الأذان بالإقامة من هذه الجهة؛ لعدم القول بالفصل،
واشتراكها معه في عامّة الفصول بحيث لا تحتمل عباديّة الإقامة دون
الأذان .
وعليه، فلو أذّن بدون قصد القربة لم يصحّ ولزمه
الاستئناف ؛ لعدم وقوع العبادة على وجهها، وكذا لو تركها في الأثناء.نعم، لو رجع إلى قصد القربة وأعاد ما أتى به من الفصول- لا مع القربة- معها صحّ، ولا يجب الاستئناف؛ لعدم الدليل على قاطعيّة الفصول الفاسدة بفقد النيّة، بل إطلاق أدلّة الكيفيّة تنفي قاطعيّتها.
ونظراً إلى اعتبار النيّة فيه، فلا بدّ من حفظ النفس من
الرياء ؛
لبطلان العبادات به.
وأمّا عدم اعتبار النيّة في أذان الإعلام فلأنّ الغاية من تشريعه هو الإعلام
والتنبيه على دخول الوقت، وهو يتحصّل وإن كان بداعي التعليم- مثلًا- ولا يكون منوطاً بقصد القربة؛ لإطلاق دليل الأمر به، مضافاً إلى أصالة التوصّلية بعد عدم الدليل على التعبّدية.
وكان
السيد الحكيم ذكر بأنّ الحكم- لو لا عدم
الإشكال فيه عندهم- أشكل بأنّه لا إطلاق يقتضي عدم الاعتبار؛ لعدم كون القربة من القيود للموضوع الشرعي، ومنه يظهر عدم جريان الاصول الشرعيّة النافية مثل حديث الرفع ونحوه، بل الاصول العقلية؛ لعدم
العقاب على كلّ حال، مع أنّ ما ذكر لا يناسب ما ذكره الجماعة في تعليل اعتبار الذكورة في أذان الإعلام- كما يأتي- من أنّ النهي عنه مفسد له؛ إذ النهي إنّما يفسد العبادة لا غير.
لكنّه مبنيٌّ على
استحالة أخذ قصد
امتثال الأمر بالفعل في متعلّق الأمر، كما ذكره
الآخوند الخراساني في
الكفاية .
وقد اجيب عنه في محلّه بإمكان ذلك؛
ولذلك ذهب
السيد الخوئي إلى إمكان التمسّك بإطلاق الأدلّة
لإثبات عدم اعتبار قصد القربة في أذان الإعلام.
ثمّ لو قلنا بعدم اعتبار النيّة في أذان الإعلام فإنّه لا يغني عن قصد عنوانه وفعله.
قال
المحقق الهمداني : «لا يبعد توقّف أذان الإعلام على قصد عنوانه وعدم صدق اسم الأذان عليه بلا قصد أو بقصد غير هذا العنوان».
وقال السيد الخوئي أيضاً: «إنّ للنيّة معنيين: أحدهما: قصد العمل، ثانيهما:قصد القربة، والأوّل معتبر مطلقاً تعبّديّاً كان أم توصّليّاً؛ لأنّ غير المقصود غير اختياري، ولا بدّ من الاختيار في تحقّق الامتثال».
وكذا تشترط النيّة في الإقامة
ابتداءً واستدامة بلا خلاف يحكى في ذلك،
وكأنّ ترك الأكثر للتعرّض لذلك اعتماداً على أنّها من اصول المذهب وقواعده؛ لأنّها من العبادات وقصد التقرّب معتبر فيها.
ويستدلّ له بالنصوص الناطقة بأنّ الإقامة من الصلاة وأنّ الداخل فيها بمثابة الداخل في الصلاة، كمعتبرة أبي هارون المكفوف: «الإقامة من الصلاة، فإذا أقمت فلا تتكلّم، ولا توم بيدك».
بدعوى أنّ مقتضى عموم التنزيل ترتّب جميع الأحكام التي منها كونها عباديّة.
وعليه، فلو أقام بدون قصد القربة لم تصحّ ولزمه الاستئناف؛ لعدم وقوع العبادة على وجهها، وكذا لو تركها في الأثناء.نعم، لو رجع إلى قصد القربة وأعاد ما أتى به من الفصول- لا مع القربة- معها صحّ، ولا يجب الاستئناف؛ لعدم الدليل على قاطعيّة الفصول الفاسدة بفقد النيّة،
ونظراً إلى اعتبار النيّة فيها فلا بدّ من حفظ النفس من
الرياء؛ لبطلان العبادات به.
وممّا يعتبر في أذان الصلاة
وإقامتها التعيين مع فرض الاشتراك بين
الصلوات ،
كما لو كان عليه
أداء وقضاء، فإنّه لا بدّ له من تعيين الصلاة التي يؤذّن لها، فلو عيّن لإحداهما لا يجزي للُاخرى لو عدل إليها، بل يستأنف.
واستدلّ له بأنّ عباديّة الأذان والإقامة إنّما تكون بقصد الأمر النفسي المتعلّق بالصلاة المقيّدة به، وتعيين الأمر المذكور إنّما يكون بتعيين الصلاة؛ لاختلاف الأمر باختلاف موضوعه، ولازم ذلك أنّه لو قصد به صلاة فعدل إلى اخرى لم يكتف به؛ لفوات قصد الامتثال. نعم، لو قلنا بوجوب مطلق المقدّمة حتى غير الموصلة منها فيمكن القول
بالاكتفاء به لصحّة التعبّدية حينئذٍ.
وناقش فيه السيد الخوئي: «بأنّ الأمر المتعلّق بهما مستحبّ نفسي- على ما تقتضيه ظواهر النصوص- لا مقدّمي غيري، على أنّا لا نقول بوجوب المقدمة شرعاً، ومع التسليم فهو توصّلي لا تعبّدي».
وبالجملة: لا
ارتباط للمقام بالمقدّمة الموصلة ليبتني على القول بها، بل الوجه فيه صحيحة زرارة عن
أبي جعفر عليه السلام،قال: «إذا كان عليك قضاء صلوات فابدأ بأوّلهن فأذّن لها وأقم، ثمّ صلّها، ثمّ صلّ ما بعدها بإقامة.
فإنّها واضحة الدلالة على لزوم التعيين، وتؤيّدها موثّقة
عمّار عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل يؤذّن ويقيم ليصلي وحده فيجيء رجل آخر فيقول له: نصلّي جماعة هل يجوز أن يصلّيا بذلك الأذان والإقامة؟ قال: «لا، ولكن يؤذّن ويقيم».
الواردة في
إعادة المنفرد الأذان والإقامة فيهما لو بدا له في الجماعة؛ فإنّ الاختلاف من حيث الجماعة والفرادى مع وحدة الصلاة لو اقتضى الاستئناف، فمع تعدّدها بطريق أولى.
لكن ذكر
الشيخ جعفر كاشف الغطاء أنّه لو أطلق الأذان والإقامة ثمّ عيّن الفريضة فلا بأس، وكذا لو عيّنه لصلاة وأراد العدول إلى غيرها على إشكال.
•
ترتيب الأذان والإقامة،الترتيب هو أن يأتي المؤذّن والمقيم بفصول الأذان على الوجه الذي ورد بهما الأمر في النصوص، بمعنى عدم تقدّم الفصل المتأخّر منهما على الفصل المتقدّم، وهو عند الفقهاء شرط في صحّة
الأذان والإقامة.
اعتبر الفقهاء الموالاة بين فصول الأذان والإقامة بمعنى
المتابعة بينهما بحيث لا تذهب الهيئة، وتكون صورة الأذان والإقامة محفوظة بحسب عرف المتشرّعة.
فالفصل الطويل المخلّ بالموالاة بأيّ شيء حدث- كنوم أو سكوت أو ذكر أو صلاة أو نحوها- إذا كان بحيث يوجب محو الصورة عند المتشرّعة مبطل ويستأنف الأذان والإقامة.
واستدلّ له:
أ- بالمرسل في الفقيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: «تابع بين
الوضوء - إلى أن قال:- وكذلك في الأذان والإقامة فابدأ بالأوّل فالأوّل...»،
ح ۸۹.
بتقريب أنّ المراد من
المتابعة في قوله عليه السلام: «تابع» هو ما يشمل الموالاة أيضاً، وذكر الترتيب فيه لا يقضي بكونه المراد من المتابعة فيه خاصّة، سيّما بعد إفادة (الفاء) له وللتعقيب أيضاً.
ونوقش فيه بأنّ الرواية كالنص في
إرادة الترتيب من المتابعة لا الموالاة؛ لأنّ سياقها يشهد بأنّ ما ذكر فيها من الترتيب اريد به تفسير المتابعة التي امر بها في صدر الكلام، ولفظة (الفاء) في قوله عليه السلام:«الأوّل فالأوّل» جارية مجرى العادة في مقام التعبير، فلا تدلّ على إرادة التعقيب بلا مهلة.
ب- وبأنّ
الأصل عدم تناول الأدلّة لفاقد الموالاة مع
الشكّ فيه؛ إذ
العبادة توقيفيّة متلقّاة من
الشارع ، بل غير العبادة منه كأذان الإعلام توقيفي فيجب الاقتصار فيها على ما ورد به النقل.
ج- وبأنّ الثابت من فعل الأئمّة عليهم السلام عدم الفصل بين الفصول،
ورعاية الموالاة.
لكن ناقش
السيد الحكيم في الأخيرين، بأنّ الأصل لا يعارض
الإطلاق الدالّ على عدم الاعتبار. والثابت من فعلهم عليهم السلام لا دلالة فيه؛
لإجماله .
د- وبظهور الأمر المتعلّق بمثل هذه العبادات المركّبة في إرادة
الإتيان بأجزائها متوالية؛
لأنّ المرتكز في الأذهان أنّ كلّ واحد من الإقامة والأذان عمل وحداني ذو هيئة اتّصالية منسجمة، فلو تخلّل الفصل بما هو ماحٍ للصورة ومزيل للعنوان بحسب عرف المتشرّعة لم يقع مصداقاً للمأمور به، بل كان مصداقاً لمطلق الذكر.
وكذا تعتبر الموالاة بين نفس الأذان والإقامة، وبينهما وبين الصلاة، بمعنى عدم الفصل الطويل المخلّ بحيث لا يبقى ارتباط بينهما أو بينهما وبينها بالمرّة، فإنّه بعد أن كان الأذان مرتبطاً بالإقامة والصلاة بمثابة يعدّ المجموع كعمل واحد في نظر المتشرّعة، فلا مناص من رعاية الموالاة والاتّصال العرفي؛ للصدق المزبور.
ثمّ لا فرق في بطلانهما بتخلّل الفصل بين العمد وغيره؛
لاعتبار الموالاة في كلتا الصورتين
إلّا أنّ
المحقّق النجفي ذهب إلى أنّ الإخلال بالموالاة إذا كان لعدم رعاية الترتيب بين الفصول فيفرق بين العمد والسهو، واعتبرها في العمد لا في السهو.
وأورد عليه بعض المتأخّرين بأنّ النصوص الدالّة على التدارك بما يحصل معه الترتيب لا إطلاق فيها من حيث لزوم فوات الموالاة وعدمها، فلا تصلح لمعارضة دليل اعتبارها.
يشترط في الأذان والإقامة الإتيان بهما بلفظ عربي صحيح، فلا يجزي ترجمتهما ولا تبديل حرف بحرف؛
لأنّ العبادة توقيفيّة، ومقتضى الجمود على ظواهر النصوص ولا سيّما البيانيّة لزوم رعاية الكيفيّة بألفاظها الخاصّة، فلا يجزي غيرها ولو بلفظ عربي مؤدّ لنفس المعنى فضلًا عن الترجمة بلغةٍ اخرى.
تعرّض بعض الفقهاء لاعتبار المباشرة في أذان الصلاة والإقامة وعدم جواز النيابة فيهما؛ معلّلين لذلك بظهور الأدلّة في اعتبار المباشرة.
قال الشيخ جعفر كاشف الغطاء في ذلك: «إنّهما ( الأذان والإقامة) عبادتان تطلب فيهما المباشرة، ولا يجوز فيهما النيابة على القاعدة. والاجتزاء بما صدر من الغير
إسقاط كردّ السلام، لا نيابة إلّا في النائب عن
الميّت ».
وقال المحقّق النجفي: «ظاهر الأدلّة كون الخطاب به ( أذان الصلاة) كخطاب الصلاة وقنوتها وتعقيبها يراد منه
المباشرة من المكلّفين، والاجتزاء بأذان الغير لصلاته في بعض الأحوال بشرط السماع- مثلًا- لا يلزم منه جواز
النيابة التي تقتضي على فرض الصحّة الاكتفاء بما يفعله الغير وإن لم يكن لصلاة ولم يسمعه المصلّي كما في غيره ممّا تصحّ النيابة فيه... وشرع ذلك هنا بعيد عن الأدلّة»، ثمّ قال: «ومثله البحث في
الإقامة ، بل أولى منه بعدم الجواز مطلقاً... لما عرفت من ظهور الأدلّة في اعتبار المباشرة، وأنّها كخطاب الصلاة».
هذا في أذان الصلاة وإقامتها. وأمّا أذان
الإعلام فلا تعتبر فيه المباشرة؛ لأنّه مستحبّ كفائي، فيكفي في امتثال الأمر القيام به من قبل بعض المكلّفين.
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۱۱۶-۱۳۰