كيفية الاستبراء من البول
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
بعد
الاتّفاق على أنّ
الاستبراء من البول هو تحرّي نقاء المجرى منه لغرض التخلّص من النجاسة والحكم بالطهارة وعدم ناقضيّة ما يخرج بعده اختلفت كلمات الفقهاء- بسبب
اختلاف الروايات- في كيفيّته وعدد المسحات المعتبرة فيه على أقوال.
تسع مسحات، بأن يمسح من المقعدة- وهي مخرج الغائط- إلى
أصل القضيب ثلاثاً، ومنه إلى رأس الحشفة ثلاثاً، ثمّ ينتر الحشفة ثلاثاً، ذهب إليه
المحقق في
الشرائع والعلّامة
والشهيدان
وغيرهم،
بل هو المشهور بين
الفقهاء كما صرّح بذلك بعضهم.
واستدلّ له- مضافاً إلى كونه أبلغ في
الاستظهار ، وأقرب إلى العلم بحصول
البراءة الذي هو معنى الاستبراء- بأنّه مقتضى الجمع بين الأخبار، فإنّ قول الصادق عليه السلام في رواية
عبد الملك بن عمرو : «... إذا بال فخرط ما بين المقعدة والانثيين ثلاث مرّات وغمز ما بينهما ثمّ استنجى، فإن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي»
يدلّ على الثلاثة الاولى، بل والثانية بناءً على
إرجاع ضمير التثنية في قوله: «وغمز ما بينهما» إلى الانثيين للقرب ونحوه مع
إرادة الذكر منه باعتبار وقوعه بين البيضتين، وإنّما لم يصرّح به حياءً، ويكون المراد غمز ما بين طرفيه.
وأمّا
احتمال رجوعه إليهما مع المقعدة- على إرادة غمز ما انتهى إليه خرط المقعدة فإنّ ذلك بينهما حقيقة وللغمز زيادة مدخليّة في
إخراج المتخلّف- يبعّده أنّه لم يقل أحد بوجوبه.
وقول
الإمام الصادق عليه السلام أيضاً في صحيح البختري: «... ينتره ثلاثاً، ثمّ إن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي»
بإرجاع الضمير إلى الذكر، يدلّ على الثلاثة الوسطى، وبها يقيّد
إطلاق الغمز في رواية عبد الملك.
وكذا يدلّ عليها قول
أبي جعفر عليه السلام في حسنة
محمّد بن مسلم : «... يعصر أصل ذكره إلى طرفه ثلاث عصرات وينتر طرفه فإن خرج بعد ذلك شيء فليس من البول ولكنّه من الحبائل»
بأن يكون المراد رأس الذكر من طرفه الأوّل.
وأمّا الثلاثة الأخيرة فيدلّ عليها قوله عليه السلام في الحسنة المزبورة: «وينتر طرفه».
ولا يقال: إنّه مطلق ولا دلالة له على نتر الطرف ثلاثاً وعليه يكون تثليث
النتر لا دليل عليه في شيء من الروايات.
فإنّ ذلك يندفع بأنّه عليه السلام لم يرد أنّ مسح الذكر مغاير مع نتر طرفه، بأن يراد مسح الذكر إلى الحشفة ثلاثاً مرّة ومسح نفس الحشفة اخرى، بل الظاهر أنّه عليه السلام أراد المسح من أصل الذكر إلى نهايته ثلاث مرّات ودفعاً لتوهّم عدم
اعتبار نتر الحشفة أضاف قوله: «وينتر طرفه».
بل يمكن
استخراج التسعة من هذه الحسنة بإرادة العرق الواصل بين الدبر والانثيين من أصل الذكر، وإرادة رأس الذكر من طرفه، وعليه فالحسنة تدلّ على اعتبار المسح فيما بين المقعدة وطرف الذكر ثلاث مرّات.
وهكذا رواية
حفص بن البختري بإرجاع الضمير في (ينتره) إلى البول المدلول عليه بجملة (يبول) في كلام السائل، ومعنى ينتره أنّه يجذب البول،
و
انجذاب البول المتخلّف في المجرى لا يتحقّق بعصر نفس القضيب؛ لأنّ
الاختبار أقوى شاهد على أنّ المتخلّف من البول بين المقعدة وأصل القضيب أكثر من المتخلّف في القضيب بحيث لو عصرت ما بينهما لرأيت أنّ البول يتقاطر من القضيب بأزيد ممّا يخرج في مسح القضيب، وعليه فالرواية تدلّ على اعتبار عصر ما بين المقعدة ونهاية القضيب وجذب البول المتخلّف فيما بينهما ثلاثاً، وما بين المقعدة ونهاية الذكر قطعات ثلاث وهي: ما بين المقعدة والانثيين والقضيب والحشفة، ومسح القطعات الثلاثة تبلغ تسعة.
نعم، لا دلالة فيها على اعتبار الترتيب في المسحات التسع كما يأتي.
هذا كلّه مضافاً إلى المروي في النوادر: «من بال فليضع إصبعه الوسطى في أصل العِجَان، (العِجَان: الدبر، وقيل: هو ما بين القبل والدبر. )
ثمّ ليسلها ثلاثاً».
والآخر: «كان
النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا بال نتر ذكره ثلاث مرّات».
فإنّ الأخذ بهذه الأخبار والجمع بينها يقتضي كون المسحات تسعاً.
قال
المحقق النجفي : «إنّ ملاحظة جميع هذه الأخبار بعد تحكيم منطوق بعضها على مفهوم الآخر ومقيّدها على مطلقها يفيد
إثبات التسع».
وقال
السيد الخوئي : «قانون المطلق والمقيّد يقتضي تقييد رواية عبد الملك الدالّة على كفاية التمسّح بما بين المقعدة والانثيين ثلاثاً، وغمز ما بينهما برواية حفص الدالّة على اعتبار مسح القضيب ثلاثاً، كما يقتضي تقييد رواية حفص بحسنة محمّد بن مسلم المشتملة على مسح الحشفة ثلاثاً أيضاً، وبهذا يستنتج أنّ المعتبر في
الاستبراء تسع مسحات كما هو المشهور».
هذا كلّه مع احتمال أن يكون القول بالتسع مقتضى الأصل؛
لإجمال لفظ الاستبراء المعلّق عليه عدم
الالتفات إلى البلل الخارج بعده.
لكن قال بعض الفقهاء: «(إنّ) القاعدة تقتضي
الاكتفاء بكلّ ما ورد في النصوص المتقدّمة؛ إذ تقييد بعضها ببعض... بعيد جدّاً».
واجيب عنه بأنّ المطلق والمقيّد في المقام حالهما حال بقيّة المطلقات والمقيّدات، فلا مانع من تقييد المطلق من هذه الروايات بالمقيّد منها.
والجمع بين هذه الأخبار بأنّ المستحبّ الاستظهار بحيث لا يتخلّف شيء من أجزاء البول وذلك قابل للشدّة والضعف ويتفاوت بقوّة المثانة وضعفها، ضعيف لا محصّل له.
وكذا الجمع بأنّ المدار على حصول العلم و
الاطمئنان ببراءة المجرى من المقعدة إلى طرف الذكر من أجزاء البول فيدور مداره وجوداً وعدماً، من غير فرق في العدد زيادة ونقيصة، فإنّه لا شاهد له، بل ظاهر الأخبار يقضي بخلافه، وكيف لا وظاهرها حصول الاكتفاء بالمسحات المذكورة بالنسبة إلى عدم اعتبار البلل المشتبه، حصل الاطمئنان ببراءة المجرى أو لا.
هذا مجمل ما استدلّ به للقول بالتسع، والظاهر أنّه لا شكّ ولا كلام في كفايته، وإنّما
الإشكال في تعيينه، وذلك لأنّ العمل به أحوط
وأنّه أكمل كيفيّات الاستبراء؛ لما فيه من الأبلغيّة في الاستظهار والأخذ بجميع ما ورد من الأخبار، كما اعترف بذلك بعض الفقهاء رغم ميله أو ذهابه إلى غيره.
ففي
المدارك - بعد استظهار ما ذهب إليه
السيد المرتضى من الاكتفاء بنتر القضيب من أصله إلى طرفه ثلاث مرّات كما يأتي- قال: «وكيف كان فالعمل بما هو المشهور أولى؛ لما فيه من المبالغة والاستظهار في
إزالة النجاسة ».
وفي الذخيرة- بعد ميله إلى مذهب السيد المرتضى أيضاً بدعوى أنّه أنسب بالرواية، وأنّ الزيادة التي ذكرها المتأخّرون غير موجودة في الروايات- قال: «لكن لا حرج فيها، فإنّ الظاهر أنّ العلّة هي إخراج بقايا البول ولكثرة الاستظهار مدخل في حصول الغرض».
وفي
مصباح الفقيه : «وهذه الكيفيّة وإن لم يرد التنصيص عليها في شيء من أخبار الباب، لكنّ الآخذ بها لم يترك العمل بشيء من الأخبار».
هذا، وقد جرت عبارات بعض الفقهاء ممّن اختار القول بالتسع على سبيل
الاحتياط في الفتوى، ففي طهارتي الشيخ والهمداني: «أحوطه... التسع».
وفي
كشف الغطاء : «أكمل أنحائه...».
وفي العروة: «الأولى في كيفيّاته...».
وفي
تحرير الوسيلة : «وكيفيّته على الأحوط الأولى...».
وقد اتّضح وجه ذلك مما تقدّم.
بأن يمسح من عند المقعدة- مخرج النجو- إلى أصل القضيب ثلاث مرّات ثمّ ينتر ذكره ثلاث مرّات، بأن يجذب القضيب من أصله إلى رأسه بقوّة، ذهب إليه الصدوق
وسلّار
وابني حمزة
وزهرة
والحلّي،
وظاهر المحقق في
المعتبر والمختصر،
واختاره
الفاضل الإصفهاني والسيد الطباطبائي،
ونسبه الأخير إلى ابن سعيد، وصاحب
الذخيرة إلى
ابن بابويه ،
وهو ظاهر عبارتي الشيخ في
النهاية والمبسوط، وإن احتمل منهما إرادة التسع.
قال في النهاية: «... فليمسح بإصبعه من عند مخرج النجو إلى أصل القضيب ثلاث مرّات، ثمّ يمرّ إصبعه على القضيب وينتره ثلاث مرّات».
وقال في
المبسوط : «وإذا أراد ذلك مسح من عند المقعد إلى تحت الانثيين ثلاث مرّات، ومسح القضيب وينتره ثلاث مرّات».
فإنّه يحتمل أن يكون المراد كون كلّ من مسح
القضيب ونتره ثلاث مرّات فيكون المجموع تسعاً، بل نسبه إليه بعض الفقهاء،
ولكن أنكره آخرون.
هذا، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى عدم الفرق بين هذا القول والقول بالتسع، بدعوى أنّ المراد من نتر القضيب الجمع بين مسح القضيب من أصله إلى رأسه مع نتره كذلك، بأن يضع مسبحته تحت القضيب وإبهامه فوقه- مثلًا- ويمسح باعتماد قويّ من
الأصل إلى الرأس ناتراً له في هذه الحال، أي لا يعصر بلا جذب ولا يجذب بلا عصر.
فالمجموع ستّ مسحات: ثلاثة منها غمز قويّ بين المقعدة وأصل القضيب، وثلاثة منها عصر قويّ مع جذب القضيب بتمامه، فلا فرق بينه وبين المسح بالتسع مسحات ثلاثاً من عند المقعدة إلى الانثيين وثلاثاً من عندهما إلى الحشفة وعصر الحشفة ثلاثاً.
لكن قال المحقّق النجفي: «لا يخفى ما فيه من التكلّف، مع أنّ التأمّل في عباراتهم يأباه أيضاً، سيّما ما اشتمل منها على لفظة (ثمّ) المفيدة للترتيب، على أنّ حسن ابن مسلم المتقدّم: «وينتر طرفه» يشعر بخلافه أيضاً، كما أنّ ظاهر كلام
أهل التسع العمل به، لتعبيرهم ب (نتر الذكر) الصادق بنتر طرفه، ولا يشترطون نتر الذكر من أصله. نعم، لا يبعد في النظر الاكتفاء بالطريق المذكور، وإن كان
الأحوط مراعاة التسع منفصلة غير مفصول بين آحادها».
والظاهر أنّه لا مانع من الاكتفاء بهذه الطريقة، أي الجمع بين مسح الذكر مع عصره ونتره من أصله إلى رأسه ثلاث مرّات بناءً على عدم اعتبار الفصل والترتيب بين مجموع الخرطات، فإذا كان مراد القائلين بالستّ ذلك فلا فرق بينهم وبين القائلين بالتسع. نعم، إن كان مراد القائلين بالستّ عصر الذكر إلى الرأس من دون اعتبار نتر الرأس، أو كان مراد القائلين بالتسع لزوم الترتيب والفصل بين مسح الذكر ونتر طرفه كما هو ظاهر العطف ب (ثمّ) في عبارات بعضهم،
فلا يصحّ الجمع المذكور.
قال
السيد العاملي : «اعلم أنّ الذاهب إلى الاكتفاء بالستّ إن أراد أنّ ذلك من أصل القضيب إلى منتهى الذكر فهو موافق للمشهور، إلّا أنّه يكون غير معتبر للفصل الثاني، وإن أراد أنّ ذلك إلى عند الرأس فيكون النتر في كلامه عبارة عن مسح القضيب في كلام الأكثر- كما في بعض الأخبار- ففيه أنّه مخالف للاعتبار بل مخالف لغرض الشارع، فالخبر المتضمّن لذلك يراد منه أنّه ينتره بعد ذلك كما في الخبر الآخر».
وقال في كشف الغطاء: «ويقوى جواز الاكتفاء بالستّ بالجمع بين عمل الخرط والنتر في الثلاث بين أصل الذكر وطرفه».
وفي مصباح الفقيه- بعد
اختيار التسع ونقل ما في النهاية من القول بالستّ وذهاب جماعة إليه- قال: «ويمكن
الالتزام بكفاية هذه الكيفيّة على القول باعتبار التسع لو لم نعتبر الترتيب بين مجموع النترات ومسحات الذكر وقلنا بكفاية تعقّب كلّ مسحة بنترة؛ لأنّ نتر القضيب لا ينفكّ عن نتر رأسه فيتحقّق به المسح والنتر معاً».
وسيأتي الكلام في اعتبار الترتيب وعدمه.
واستدلّ
لهذا القول بنفس الروايات المتقدّمة وبنفس الوجوه، فتدلّ على الستّ جميعها رواية عبد الملك: «... فخرط ما بين المقعدة والانثيين ثلاث مرّات وغمز ما بينهما...»
بناءً على رجوع ضمير التثنية في قوله: «ما بينهما» إلى الانثيين، والمراد به الذكر كما تقدّم، مع حمل الغمز فيه على التثليث الذي في صحيح حفص: «ينتره ثلاثاً»
سواءً كان المراد نتر البول أو نتر الذكر.
هذا مضافاً إلى حسن محمّد بن مسلم: «يعصر أصل ذكره إلى طرفه ثلاث عصرات وينتر طرفه...»،
فإنّه بناءً على كون المراد من أصل الذكر أصل القضيب يكون دالّاً على الثلاث الثانية، وبناءً على كون المراد العرق القائم عليه الذكر يدلّ على الستّ، كلّ ذلك مع حمل قوله: «وينتر طرفه» على أنّه بيان لما اهمل في قوله: «إلى طرفه» من جهة احتمال خروج المغيّى.
وربّما احتمل أن يكون المراد من (طرفه) ذكره، ويعود الضمير فيه إلى الرجل، فإنّ الطرفين اللسان والذكر كما في قولهم: لا يدري أيّ طرفيه أطول لسانه أم ذكره.
أو يقال بأنّ المراد الجمع بين عصر الذكر ونتره كما سمعت آنفاً.
لكن في
الجواهر : «فيه أنّه طرح لحسن ابن مسلم المتقدّم عند التأمّل».
ومراده أنّ ظاهر الحسن المذكور أنّ نتر الطرف غير عصر أصل الذكر.
بأن ينتر الذكر من أصله إلى طرفه ثلاث مرّات، نسب إلى السيد المرتضى
وابن الجنيد،
واختاره
الشيخ مهدي النراقي حاملًا ما زاد على
الاستحباب وتأكّده،
واستظهر صاحب المدارك الاكتفاء به،
واعتبره في الذخيرة أنسب بالرواية،
مع
اعتراف الجميع بأنّ العمل بما هو المشهور أولى وأحوط. هذا.
واستدلّ له بصحيح حفص المتقدّم بناءً على عود الضمير إلى الذكر، مع تضعيف سائر الروايات سنداً، أو به وبحسنة محمّد المتقدّمة أيضاً بجعل نتر طرفه بياناً، مع ردّ حسنة عبد الملك بمعارضتها مع مفهوم
الحسنة الاولى وترجيح الاولى بمعاضدة الصحيح.
واحتمل
الفقيه الهمداني المناقشة في
الاستدلال له بالحسنة بدلالتها على اعتبار ثلاث عصرات ونتر طرف الذكر وهم لا يقولون به.
ثمّ قال: «ويمكن دفعها بأنّه لا يستفاد منها إلّا اعتبار العصرات الثلاث ونتر طرف الذكر، وأمّا كون النتر مستقلّاً مفصولًا عن العصر فلا، ويتحقّق هذا المعنى بنتر الذكر من أصله حيث يتحقّق عصره ونتر طرفه».
لكن اجيب
عن الاستدلال بما تقدّم من احتمال عود الضمير في قوله عليه السلام في الصحيح: «ينتره ثلاثاً» إلى البول، وهو لا يتمّ إلّا بالمسح من المقعدة إلى رأس الذكر، وكذا بناءً على عود الضمير إلى الذكر يحتمل أن يكون أصل الذكر من هناك، فلا يتمّ الاستدلال به للقول المذكور، وكذا حسنة ابن مسلم إن فهمنا منها ذلك أو احتملناه كما تقدّم.
بل احتمل بعضهم
أن يكون مراد السيد المرتضى و
ابن الجنيد ذلك، فلا خلاف.
ثمّ يمكن المناقشة في ذلك- وبغض النظر عن التأويلات المذكورة للروايات أو لكلام السيد المرتضى ومن تبعه- بأنّ الاستدلال بالصحيح أو به والحسنة معارض بغيره من الأخبار المتقدّمة كحسنة عبد الملك ورواية
الراوندي ، وضعف السند فيها لا يضرّ مع
اعتضادها بعمل المشهور وموافقتها للاحتياط.
هذا مضافاً إلى أنّ هذا القول خلاف ما يقتضيه الجمع بين الأخبار، وما يقتضيه الغرض من
الاستبراء الذي هو إخراج الرطوبة عن المجرى، وذلك لا يتحقّق إلّا
باستيعاب المسح لجميع المجرى من عند المقعدة إلى منتهى رأس الذكر، ولا يكفي النتر وحده؛ لأنّ ما بين المقعدة وأصل القضيب يخرج بأدنى حركة كما يشهد به الوجدان؛ ولذا ورد
الأمر به في بعض الأخبار.
بل في مفتاح الكرامة: «أنّ الذاهب إلى الاكتفاء بالنتر نادر قد أطبق الفريقان على ردّه».
هذه عمدة الأقوال في كيفيّة الاستبراء، وهناك أقوال اخرى نذكرها إجمالًا رعاية للاختصار ولوضوح أمرها ممّا تقدّم، وهي:
۱- ما نسب
إلى والد الصدوق من الاكتفاء بمسح ما تحت الانثيين ثلاثاً، واستدلّ له بحسنة عبد الملك بن عمرو بناءً على عود ضمير (ما بينهما) إلى المقعدة والانثيين.
واجيب بما عرفت من
إمكان عود الضمير إلى الانثيين والكناية عن الذكر فيخرج عن الاستدلال به له،
مضافاً إلى أنّ ذلك طرح للأخبار الاخرى.
۲- ما يظهر من المفيد
والحلبي
و
ابن البراج من عدم الاعتبار بالعدد وجعل المدار فيه على الوثوق بالنقاء وعدمه.
واجيب عنه بأنّه لا دليل عليه،
إلّا أن يفهم من أخبار الباب
إناطة الحكم بالوثوق بنقاء المجرى وخروج بقيّة البول وجري الأخبار المقيّدة بالثلاث مجرى العادة، كما ذكر ذلك الفقيه الهمداني ثمّ قال: «وفي كلتا الدعويين نظر».
ولعلّ وجه النظر ما ذكره المحقّق النجفي من أنّ ظاهر الأخبار حصول الاكتفاء بالمسحات المذكورة بالنسبة إلى عدم اعتبار البلل المشتبه حصل الاطمئنان ببراءة المجرى أو لا، على أنّه متى يحصل العلم وقد يكون لهذه الكيفيّة مدخليّة في قطع دريرة البول مع براءة المجرى.
۳- ما ذهب إليه
الفاضل النراقي من التخيير بين الثلاثة الاولى والثلاثة الثانية مستدلّاً عليه بأنّ مقتضى القواعد رفع اليد عن الصحيحة؛ لإجمال مرجع الضمير فيها، فيمكن رجوعه إلى الذكر ورأسه والبول وما بين المقعدة، والأخذ بظاهر الحسنتين مع قطع النظر عن التأويلات التي أوّلوهما بها، فتكون حسنة عبد الملك دليلًا للثلاثة الاولى، وحسنة بن مسلم دليلًا للثلاثة الثانية. ولكن لتضمّنهما الشرط يحصل التعارض في حصول نقض الطهارة وعدمه بين منطوق كلّ منهما ومفهوم الآخر، وإذ لا مرجّح لأحدهما في محلّ التعارض- وهو فيما إذا أتى باحدى الثلاثتين دون الاخرى- ولا قول بالتخيير بين الحكم بكفاية إحداهما في النقض وعدمها، فيجب الحكم بالتساقط والرجوع إلى الأصل، وهو مع كفاية كلّ ثلاثة من الثلاثتين؛ لأصالة عدم تنجّس الثوب والبدن وعدم
انتقاض الطهارة بعد تحقّق احدى الثلاثتين، كما ذكروا في الانثى فإنّه لا استبراء عليها ولا تنقض طهارتها بالخارج المشتبه، ولا يلزم خرق إجماع مركّب معلوم سيّما في حقّ من تعارضت عنده الأدلّة.
والمناقشة فيه اتّضحت من مطاوي ما تقدّم، فإنّ الصحيح يحتمل عود الضمير فيه إلى البول، ويحتمل العود إلى الذكر، وعلى الاحتمالين يتمّ الاستدلال به كما عرفت. وأمّا تمسّكه بالأصل أخيراً فقد عرفت أيضاً أنّ المقام من تقديم الشارع الظاهر على الأصل وهو بقاء بعض البول في المجرى، فيحكم على الخارج المشتبه بالبوليّة ومن ثمّ النجاسة والناقضيّة، إلّا مع العلم بأنّ الخارج ليس بولًا أو اليقين بنقاء المجرى أو بما جعله الشارع طريقاً لذلك.
وأمّا الحكم في
المرأة فلعدم الدليل فيها وعدم الفائدة في الاستبراء بالنسبة لها، فتبقى على الأصل كما تقدّم.
هذا كلّه مضافاً إلى أنّ الجمع بين الروايات وطريقة الاحتياط يقضي بخلاف ذلك.
۴- التخيير بين مضامين الروايات أي بين الطرق الثلاثة التي فيها، وأنّ الغرض الاستظهار لإخراج بقيّة البول بأيّ وجه كان كما في المشارق ،
أو لأنّ القاعدة تقتضي ذلك
لاستبعاد تقييد بعضها ببعض كما في المستمسك.
واجيب بأنّه كأنّه خرقٌ للإجماع المركّب،
وبعدم المانع من الجمع بين الروايات بحمل مطلقها على مقيّدها.
ما تقدّم كان في أصل كيفيّة الاستبراء من حيث عدد المسحات وموضعها وكيفيّتها، وهناك بعض الأحكام والزيادات التي ترتبط بكيفيّة الاستبراء وطريقته ذكرها بعض الفقهاء وهي ما يلي:
يجب أن يكون الاستبراء بعد
انقطاع البول، وإلّا فلا يحصل الغرض ولا تترتّب عليه الفائدة كما صرّح بذلك بعض الفقهاء، وهو ظاهر بعض.
ففي كشف الغطاء: «... البدار إلى الاستبراء بعد انقطاع دريرة البول وتمام خروج القذر».
وفي موضع آخر منه: «ويشترط في اعتباره وقوعه بعد انقطاع دريرة البول».
وفي العروة: «والأولى في كيفيّاته (الاستبراء) أن يصبر حتى تنقطع دريرة البول، ثمّ يبدأ بمخرج الغائط فيطهّره، ثمّ يضع إصبعه ...».
وفي مناهج المتّقين: «يستحبّ الاستبراء بعد البول».
بل هو ظاهر من عبّر من الفقهاء بأنّ الاستبراء بعد الفراغ من الحاجة أو قضائها أو عند إرادة
الاستنجاء أو نحو ذلك.
والظاهر أنّ هذا ممّا لا ينبغي الإشكال فيه؛ إذ لا فائدة في الاستبراء قبل انقطاع البول كما هو واضح.
قال
السيد الخوئي في تعليقته على عبارة العروة المتقدّمة: «بل الصبر ممّا لا مناص عنه حتى تنقطع؛ لوضوح أنّ الغرض من الاستبراء ليس إلّا نقاء المجرى والمحلّ من الرطوبات البوليّة المتخلّفة فيهما، وهذا لا يحصل إلّا بالاستبراء بعد الانقطاع، فلو استبرأ قبله لزمه الاستبراء ثانياً؛ لإمكان أن تتخلّف الرطوبات البوليّة في الطريق بالبول بعد استبرائه، ولا يؤمن خروجها بعد الانقطاع إلّا بأن يستبرأ ثانياً.
هذا، على أنّه يمكن
استفادة ذلك من رواية عبد الملك بن عمرو عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام : في الرجل يبول ثمّ يستنجي ثمّ يجد بعد ذلك بللًا، قال: «إذا بال فخرط ما بين المقعدة والانثيين ثلاث مرّات وغمز ما بينهما، ثمّ استنجى فإن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي»،
حيث إنّ
الإمام عليه السلام فرّع الخرط فيها على البول بلفظة (فاء) الظاهرة في اعتبار كون الخرط متأخّراً عن البول».
ولا ينافي تعيّنه عدّه في العروة من الأولى؛ إذ مراده كون المجموع أولى، كما نبّه على ذلك
السيد الحكيم .
ذكر العلّامة في
التذكرة والشهيد في بعض كتبه
أنّه يستحبّ بعد البول الصبر هنيئة ثمّ الاستبراء.
لكن في الذخيرة
و
الحدائق أنّ مستنده غير واضح، بل في الأوّل منهما:
اللائح من بعض الأخبار خلافه، ومثله في المعالم حيث قال: «كأنّ وجهه
انتظار خروج بقايا البول؛ إذ لا نصّ فيه، بل يلوح من بعض الأخبار ما ينافيه...».
ومرادهم من الأخبار صحيح
جميل بن درّاج عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إذا انقطعت درّة البول فصبّ الماء».
وموثّق
روح بن عبد الرحيم قال: بال أبو عبد اللَّه عليه السلام وأنا قائم على رأسه ومعي أدواة- أو قال: كوز- فلمّا انقطع شخب البول قال بيده هكذا إليّ، فناولته الماء فتوضّأ مكانه.
ورواية
داود الصرمي قال: رأيتُ
أبا الحسن الثالث عليه السلام - غير مرّة- يبول ويتناول كوزاً صغيراً ويصبّ الماء عليه من ساعته.
بدعوى أنّ ظاهرها التعقيب والفوريّة على وجه ينافي الصبر هنيئة والاستبراء.
لكن نوقش في ذلك بعدم الدلالة؛ لأنّ (الفاء) في رواية جميل جزائيّة وليست عاطفة، والأكثر على عدم إفادتها التعقيب، وكذا رواية الصرمي لا دلالة فيها على الفوريّة على وجه ينافي الصبر والاستبراء؛ إذ لا مدّة له ينافيها، بل الظاهر أنّ مراد الراوي هو
الإخبار عنه عليه السلام بأنّه كان يبادر إلى الاستنجاء من البول من ساعته ولا يتركه إلى وقت آخر كسائر الناس في تلك الأوقات. نعم، أظهر منهما في الدلالة على الفوريّة رواية روح بن عبد الرحيم المتقدّمة.
ثمّ إنّ ظاهر هذه الروايات
إباحة الاستنجاء بعد الانقطاع بغير مهلة وترك الاستبراء من رأس، ومحلّ الكلام هنا استحباب الصبر ثمّ الاستبراء ثمّ الاستنجاء فلا منافاة.
قال
السيد اليزدي في بيان كيفيّة الاستبراء: «والأولى في كيفيّاته أن يصبر حتى تنقطع دريرة البول، ثمّ يبدأ بمخرج الغائط فيطهّره، ثمّ يضع...».
وهو ظاهر الشيخ في النهاية حيث قال: «فإذا فرغ من غسل موضع النجو وأراد غسل
الإحليل فليمسح...».
وقال السيد الحكيم: «لم أعثر على مأخذه عاجلًا فيما يحضرني فيمكن أن يكون وجهه أن لا تتلوّث
الإصبع بالنجاسة».
وقال السيد الخوئي: «لم ينصّ على ذلك في الأخبار، إلّا أنّه يقتضيه أمران:
أحدهما: أن لا يتلوّث يده ولا موضع الاستبراء بالنجاسة حتى يحتاج إلى الغسل بالماء زائداً عمّا يحتاج إليه في البدء بمخرج الغائط.
وثانيهما: استحباب تقديم الاستنجاء من الغائط على الاستنجاء من البول كما في بعض الروايات؛
لأنّه كما يستحبّ تقديمه على الاستنجاء من البول كذلك يستحبّ تقديمه على الامور المعتبرة فيه لزوماً أو على غير وجه اللزوم».
ولهذين الأمرين نفسهما- أعني خوف التلوّث، ورواية
عمّار الساباطي - أفتى بعض الفقهاء باستحباب تقديم غسل موضع الغائط على الإحليل.
لكن نوقش فيه في محلّه- أي الاستنجاء- إمّا لعدم الوثوق بما ينفرد به عمّار،
أو لأنّ الأمر قد ينعكس فيخاف عند البدء بالمقعدة سراية نجاسة الإحليل إلى اليد أو الكمّ، من هنا أفتى بعضهم بأنّ الأولى حينئذٍ غسل الإحليل ثمّ الدبر ثمّ الاستبراء من البول ثمّ غسل الإحليل ثانياً.
والأمر في مثل هذه المسائل سهل بعد أن كان ظاهرها
الإرشاد كما هو واضح.
أطلق أكثر الفقهاء المسح من غير تعيين في شيء،
لكن جاء في عبارات بعضهم كون المسح في المسحات الاولى بالإصبع الوسطى والثانية بالسبّابة والإبهام.
قال
الشيخ المفيد : «فإذا فرغ من حاجته وأراد الاستبراء فليمسح بإصبعه الوسطى تحت انثييه إلى أصل القضيب مرّتين أو ثلاثاً، ثمّ يضع مسبحته تحت القضيب وإبهامه فوقه ويمرّهما عليه باعتماد قويّ...».
ونحوه في
المراسم و
كشف اللثام .
وفي الروض: «الأفضل في ذلك وضع الوسطى في الاولى تحت المقعدة والمسح بها إلى أصله، ثمّ يوضع المسبحة تحته و
الإبهام فوقه وينتره باعتماد...».
وفي العروة: «الأولى في كيفيّاته أن يصبر حتى تنقطع دريرة البول، ثمّ يبدأ بمخرج الغائط فيطهّره، ثمّ يضع إصبعه الوسطى من اليد اليسرى على مخرج الغائط ويمسح إلى أصل الذكر ثلاث مرّات، ثمّ يضع سبّابته فوق الذكر وإبهامه تحته ويمسح بقوّة إلى رأسه ثلاث مرّات، ثمّ يعصر رأسه ثلاث مرّات. ويكفي سائر الكيفيّات مع مراعاة ثلاث مرّات».
لكن قوله: «ثمّ يضع سبّابته فوق الذكر وإبهامه تحته» فالظاهر أنّه من سهو القلم، كما نبّه على ذلك بعض المحشّين والشرّاح منهم السيد الخوئي
. لأنّ الموجود في كلام الفقهاء عكسه، مضافاً إلى أنّه من الصعوبة بمكان؛ لأنّه خلاف المتعارف والمعتاد.
وأطلق بعضهم في الاولى وعيّن السبّابة والإبهام في الثانية كما في
الوسيلة حيث قال: «والمسح من عند مخرج النجو إلى أصل القضيب بالإصبع في الاستبراء ثلاث مرّات، ونتر القضيب بين الإبهام والسبّابة ثلاث مرّات».
وفي
وسيلة النجاة : «وكيفيّته أن يمسح بقوّة ما بين المقعد(ة) وأصل الذكر ثلاثاً، ثمّ يضع سبّابته- مثلًا- تحت الذكر وإبهامه فوقه ويمسح بقوّة إلى رأسه ثلاثاً، ثمّ يعصر رأسه ثلاثاً».
ونحوها في تحرير الوسيلة
و
الفتاوى الواضحة .
لكن هذه الكيفيّة أو الكيفيّات غير متعيّنة، ولا دليل عليها في الروايات، وإنّما وردت في عبارات بعض الفقهاء؛ ولعلّه لكونها أظهر في الاستبراء كما صرّح بذلك بعضهم.
ففي الجواهر: «الظاهر عدم إيجاب ما وقع في عبارات بعضهم من مسح ما بين المقعدة بالوسطى، وكذا وضع المسبحة والإبهام في الثلاثة المتوسّطة؛ للأصل، مع إطلاق الأدلّة السالمة عمّا يصلح للحكم عليها. وما في خبر الراوندي
محمول على الاستحباب، وكأنّ هذا التقدير في كلام الأصحاب إنّما هو لكونه أمكن في حصول الاستظهار».
وفي مصباح الفقيه: «وما في خبر الراوندي من الأمر بوضع إصبعه الوسطى في أصل
العجان وسلّها فلعلّه لكونه أمكن في الاستبراء، وعليه ينزّل ما وقع في عبارات بعض الأصحاب... إذ لا دليل على اعتبار الخصوصيّة، والرواية المتقدّمة- مع ضعف سندها- غير صالحة لإثباتها على وجه يتقيّد بها إطلاق سائر الأخبار.
نعم، لا يبعد الالتزام باستحبابها لأجل هذه الرواية».
ولذلك أشار الشهيد في الروض بقوله: «والأفضل في ذلك...».
والسيد في العروة بقوله: «والأولى في كيفيّاته...»، بل صرّح بعد ذلك بكفاية سائر الكيفيات مع مراعاة ثلاث مرّات.
وعلّق عليه السيد الخوئي بالقول: «لأنّ الغرض ليس إلّا تنقية المجرى والطريق من الرطوبات البوليّة المتخلّفة فيهما، وهذا كما يحصل بالكيفيّة المتقدّمة كذلك يحصل بغيرها وهو ظاهر».
ذكره بعض الفقهاء مطلقاً كما في المراسم وبعض كتب العلّامة، أو ثلاثاً كما في
الدروس و
الذكرى ناسباً إيّاه في الأخير إلى سلّار.
قال سلّار: «وإذا قضى حاجته فليمسح بإصبعه الوسطى تحت قضيبه... ثمّ ينتر قضيبه ثلاثاً فيما بين السبّابة والإبهام وهو يتنحنح ثلاثاً».
وقال الشهيد في الدروس: «والاستبراء بأن يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب، ثمّ إلى رأسه، ثمّ عصر الحشفة ثلاثاً ثلاثاً، والتنحنح ثلاثاً».
وفي الذكرى: «والتنحنح ثلاثاً قاله سلّار، وذكره ابن الجنيد في المرأة».
وقال العلّامة في التذكرة والنهاية بعد بيان كيفيّة الاستبراء: «ويتنحنح».
وقال
الشيخ البهائي في
مفتاح الفلاح : «وتنحنح في حال الاستبراء».
وقال السيد اليزدي في
مستحبّات التخلّي : «وأن يتنحنح قبل الاستبراء».
وظاهر بعض هذه العبائر وصريح بعضها أنّه حال الاستبراء بينما صريح العروة أنّه قبله.
وكيف كان فقد نوقش فيه بعدم الدليل.
ففي الحدائق: «أمّا التنحنح الذي ذكره العلّامة والشهيد فلم نقف... فيه على خبر، بل ولا في كلام القدماء على
أثر ، والعجب من
اضطراب عبائرهم في ذلك مع خلوّ المأخذ ممّا هنالك».
وفي الجواهر: «ربّما زاد بعضهم في الاستبراء التنحنح ثلاثاً، ولا دليل عليه».
وفي
المستمسك : «لم أعرف له مأخذا».
بل حكم صاحب المعالم بكونه وهماً.
نعم، في
مشارق الشموس - بعد اعترافه بعدم وجود الدليل-: «لا بأس به؛ لقول الأصحاب مع مدخليّته في الاستظهار».
وفي كشف الغطاء: «لو أكّد الاستبراء بالتنحنح ثلاثاً والتعصّر فلا بأس».
وفي الذخيرة: «أنّ الزيادات التي ذكرها المتأخّرون... لا حرج فيها، فإنّ الظاهر أنّ العلّة هي إخراج بقايا البول، ولكثرة الاستظهار مدخل في حصول الغرض».
يستحبّ أن يكون الاستبراء باليسار؛ لما ورد من النهي عن الاستنجاء باليمين وعن مسح الذكر بها، ففي مرسل الفقيه قال أبو جعفر عليه السلام: «إذا بال الرجل فلا يمسّ ذكره بيمينه».
وروي عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه كانت يمناه لطهوره وطعامه، ويسراه لخلائه وما كان من أذى.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: أنّه استحبّ أن يجعل اليمنى لما علا من الامور، واليسرى لما دنا.
نعم، الحكم باستحباب ذلك يبتني على التسامح في أدلّة السنن»، فإنّ الروايات المزبورة بين مرسل وعامّي.
الموسوعة الفقهية، ج۱۰، ص۳۷۷- ۳۹۷.