الانتصاب
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
إقامة الشيء و
استوائه .
مصدر انتصب من
النصب ، وهو يدلّ على
إقامة شيء وانتصاب في استواء، يقال: نصبت
الرمح ،
كما يقال: انتصب فلان، إذا قام
رافعاً رأسه،
ويقال:
غبار منتصب، أي
مرتفع .
واستعمله
الفقهاء بنفس المعنى اللغوي.
وهو بمعنى الانتصاب،
إلّا أنّ
الاستواء يكون في
الجهات كلّها، والانتصاب لا يكون إلّا
علوّاً .
وهو بمعنى الانتصاب،
فيكون- بحسب
الظاهر -
مرادفاً له.
وهو الانتصاب مع
الإقلال ،
فالانتصاب
أمر معتبر في مفهوم
القيام . نعم، ثبت
اعتبار الانتصاب في القيام
الخاص - مثل القيام
الواجب -
بإطلاق الأدلّة.
تارةً يبحث عن الانتصاب في
الصلاة حيث يجب الانتصاب مهما وجب القيام، فهو أمر معتبر في حالات القيام،
لكن لا
اختصاص له بالقيام؛ لأنّ
الاعتدال المقابل
للانحناء - بأن جعل فقرات ظهره
مستقيماً - أعمّ من أن يكون قائماً أو
جالساً، كما يأتي، كما يبحث عن الانتصاب بمعنى
انتشار العضو الذكري وقيامه وذلك في مباحث
النكاح و
الزنا ونحوهما، وهناك الانتصاب بمعنى أثر
النصب ونتيجته كنصب
إمام الجمعة أو
القاضي ، وهو يراجع في مصطلح
ولاية .
وعليه فالبحث يقع في محورين:
يقع
البحث عن الانتصاب في الصلاة في مواضع، هي:
لا
إشكال في وجوب الانتصاب حال
التكبيرة عند
التمكّن منه، فلو اشتغل
بالتكبير قاعداً مع
القدرة عليه أو هو آخذ في القيام لم تنعقد صلاته.
ويدلّ عليه عدّة روايات، منها: رواية
حمّاد ، حيث وردت في مقام
تحديد الصلاة- إلى أن قال-: فقلت: جعلت فداك، فعلّمني الصلاة، فقام
أبو عبد اللَّه عليه السلام مستقبل
القبلة منتصباً... فقال: «اللَّه أكبر»، إلى أن قال: «يا حمّاد، هكذا صلّ...».
لكن قد يظهر من
الشيخ الطوسي المخالفة، حيث جوّز
الإتيان بالتكبيرة حال الانحناء، قال: «ينبغي إذا كبّر
للاستفتاح و
الركوع أن يكبّر قائماً».
اللهمّ إلّاإذا فسّرنا قوله: ينبغي بمعنى مطلق
المطلوبية بصرف
النظر عن الوجوب و
الاستحباب .
واجيب عنه- على تقدير
إرادة الوجوب- بأنّه غير معروف المأخذ.
هذا، ويستحبّ التكبير حال الانتصاب في مواضع:
منها: أن يبدأ بالتكبير للركوع قائماً منتصباً على
المشهور بينهم.
ومنها: أن يبدأ بالتكبير بعد
الرفع من الركوع حال الانتصاب،
أو يقول: سمع اللَّه لمن حمده.
ومنها: أن يبدأ بالتكبير بعد الرفع من
السجدة الاولى قاعداً
معتدلًا، وكذا للثانية، وبعد الرفع منها أيضاً.
يعتبر الانتصاب حال القيام في صلاة
الفريضة بلا إشكال،
فلا يجوز للقادر عليه الانحناء و
الميل إلى أحد
الجانبين إلّا إذا كان قليلًا بحيث لا ينافي صدق الانتصاب بإقامة
الصلب .
قال
السيّد اليزدي : «يعتبر في القيام الانتصاب».
ويدلّ على ذلك ما رواه
زرارة ، قال:
قال
أبو جعفر عليه السلام - في حديث-: «وقم منتصباً؛ فإنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: من لم يقم صلبه فلا صلاة له».
فإنّ الصلب في
الرواية هو عظم من
الكاهل إلى
العجز ، وهو أصل الذنب، وإقامته تستلزم الانتصاب، ويتحقّق بانتصاب فقار
الظهر عرفاً
المتّحد مع إقامة الصلب كذلك.
ولابدّ من وصل الركوع بالانتصاب القيامي الذي كان قبله بحيث يحصل
الانتقال من الحالة الانتصابية القيامية إلى
هيئة الركوع.
وعلى هذا لو نسي الركوع وذكر قبل أن يسجد قام- أي انتصب
- ثمّ ركع، ثمّ سجد.
وكذا يجب رفع
الرأس من الركوع منتصباً
إجماعاً ؛
لرواية
أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك؛ فإنّه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه».
نعم،
الإخلال بالانتصاب مطلقاً- سواء كان في القيام الركني أو غيره- سهواً غير
قادح في الصلاة؛
أخذاً بعموم حديث: «لا تعاد»
لعدم كون الانتصاب من الخمسة
المستثناة .
كما أنّه لو شكّ في الانتصاب من الركوع بعد جلوسه للسجود لم يلتفت.
المشهور
استحباب انتصاب
العنق حال القيام في الصلاة.
خلافاً لما نقل عن ظاهر
الشيخ الصدوق حيث أوجبه؛
لمرسلة
حريز عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ»،
قال: «
النحر الاعتدال في القيام أن يقيم صلبه ونحره...».
وما أبعد ما بين
المنسوب إلى الشيخ الصدوق وما ذهب إليه
أبو الصلاح الحلبي من القول باستحباب
الإطراق .
ولعلّه الأنسب بمقام
العبوديّة في
الوقوف عند من استولى على
الأشياء بكمال القهاريّة.
لكن لا يضرّ إطراق الرأس بالانتصاب، بناءً على ما هو المشهور بينهم.
لو دار
الأمر بين ترك الانتصاب وترك
الاستقلال قدّم ترك الاستقلال؛ لأهمّية
مراعاة الانتصاب بالنسبة إليه فيقوم منتصباً
معتمداً .
وكذا لو دار بين ترك الانتصاب وترك
الاستقرار قدّم ترك الاستقرار؛ لأنّ عمدة دليل الاستقرار
الإجماع ، والمتيقّن منه غير هذه
الصورة .
وقدّم بعضهم الاستقرار.
و
التفصيل في محلّه.
من واجبات السجود
أن يرفع المصلّي رأسه من السجدة الاولى إلى أن ينتصب جالساً
مطمئناً .
قال السيّد
الشهيد الصدر : «سادساً من واجبات
السجود أن يرفع رأسه من السجدة الاولى معتدلًا منتصباً في جلوسه ومطمئناً، ثمّ يهوي إلى السجدة الثانية عن هذا الاعتدال والانتصاب كما ركع عن قيام».
تعرّض الفقهاء لانتصاب الذكر بما يلي:
۱- من
الأمارات التي تفيد
العلم بالبلوغ قوّة انتصاب
الذكر و
انتشاره عند بعض الفقهاء.
۲- من
العيوب المختصّة بالرجل والموجبة لثبوت حقّ
الفسخ للمرأة هو العنن، وهو
العرض المانع عن انتشار
العضو وانتصابه بحيث لا يقدر معه على
الإيلاج .
۳- ذكر بعض الفقهاء أنّه لا يتحقّق
الإكراه بالزنا في طرف
الرجل ؛
وعلّلوه بأنّ الإكراه يمنع عن انتشار العضو وانتصابه و
انبعاث القوى؛
لتوقّف ذلك على
الميل النفساني المنافي
لانصراف النفس عن
الفعل .
وقال آخرون
بتحقّقه .
وتفصيله في محلّه.
الموسوعة الفقهية، ج۱۷، ص۴۰۰-۴۰۴.