• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

إحياء الموات (شروطه)

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



لتصفح عناوين مشابهة، انظر إحياء الموات (توضيح) .
يعتبر في الإحياء الموجب للملك أو الحقّ- على الخلاف - امور يرجع بعضها إلى نفس الإحياء، وبعضها إلى المحيي ، وبعضها إلى المُحيا- أرضاً كان أو غيرها- وقد يقع الخلاف في بعض هذه الشروط.
وهي كما يلي:




واشتراطه في الجملة من المسلّمات .

۱.۱ - قول المحقق النجفي‏


قال المحقق النجفي‌ قدس سره: «وأمّا أنّ إذنه شرط في تملّك المحيا فظاهر التذكرة الإجماع، بل عن الخلاف دعواه صريحاً، بل في جامع المقاصد : لا يجوز لأحد الإحياء من دون إذن الإمام عليه السلام، وأنّه إجماعي عندنا. وفي التنقيح : الإجماع على أنّها تملك إذا كان الإحياء بإذن الإمام عليه السلام. وفي المسالك : (إذا كان الإمام حاضراً ف) لا شبهة في اشتراط إذنه في إحياء الموات، فلا يملك بدونه اتّفاقاً ».
وقد صرّح بالاشتراط جماعة من الفقهاء .
[۱۱] مهذّب الأحكام، ج۲۳، ص۲۱۱.
[۱۲] الأراضي (الفيّاض)، ج۱، ص۱۲۶.

ويستدلّ له بالروايات الكثيرة الدالّة على ملكيّة الإمام للموات وأنّها من الأنفال كرواية حفص بن البختري عن أبي عبد اللَّه عليه السلام : «الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم، وكلّ أرضٍ خربةٍ وبطون الأودية فهو لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء»، وغيرها فإنّ الظاهر من تفريع بعضهم عدم جواز التصرّف فيها على كونها له ومن الأنفال، الاستدلال بهذه العمومات بضمّ القاعدة المسلّمة وهي حرمة التصرّف في مال الغير من دون إذنه، قال في المبسوط : «الأرضون الموات عندنا للإمام خاصّة، لا يملكها أحد بالإحياء إلّا أن يأذن له الإمام». وقال المحقّق الحلّي : «وأمّا الموات... فهو للإمام عليه السلام ولا يملكه أحد وإن أحياه، ما لم يأذن له الإمام، وإذنه شرط...». وقال المحقّق النجفي: «مضافاً إلى قاعدة حرمة التصرّف في مال الغير بغير إذنه...».
وقال في موضع آخر: «لا يجوز التصرّف في ذلك ( الخمس والأنفال‏) بغير إذنه عقلًا وشرعاً، بل ضرورةً من الدين كغيره من الأملاك ، ولو تصرّف كان غاصباً ظالماً مأثوماً، ولو حصل له فائدة تابعة للملك شرعاً- لا التابعة لغيره من البذر ونحوه- كانت للإمام كما هو قضيّة أصول المذهب وقواعده في جميع ذلك، من غير فرق بين زمني الحضور و الغيبة ، و تحليل الأنفال منهم عليهم السلام للشيعة في الثاني (أي حال الغيبة) خروجٌ عن موضوع المسألة؛ إذ هو إذن، فما في المدارك - من تخصيص ما في المتن بعد أن جعل ذلك فيه إشارة الأنفال تبعاً لجدّه في المسالك بالحضور حاكياً له عن نصّ المعتبر - في غير محلّه».
ثمّ إنّه بناءً على اعتبار الإذن لا فرق في ذلك بين القول بملك الإمام للأنفال على نحو أملاكه الشخصيّة، والقول بملك الجهة ومنصب الإمامة وأنّ الإمام وليّها، بل القول بعدم الملك لأحد وأنّ للإمام عليه السلام ولاية التصرّف فيها فقط؛ وذلك لأنّ مقتضى الولاية و سلطنة الإمام في التصرّف في شي‏ء عدم جواز تصرّف أحد في مورد سلطانه وولايته، كما أنّ الأمر كذلك في جميع الأولياء، فليس لأحد التصرّف في شي‏ء له مالكٌ أو وليّ إلّا بإذن مالكه أو وليّه. وهذا قد صرّح به بعض الفقهاء. فاتّضح بذلك إمكان الاستدلال لوجوب الإذن بأدلّة ولاية الإمام عليه السلام أيضاً.
ثمّ إنّ مقتضى الأدلّة المزبورة لزوم الإذن حتى بالنسبة لحال الغيبة. ولكنّ صريح المحقق الكركي اختصاص الاشتراط بحال الحضور حيث قال: «ولا يخفى أنّ اشتراط إذن الإمام عليه السلام إنّما هو مع ظهوره، أمّا في غيبته فلا، وإلّا لامتنع الإحياء»، وقد يستفاد ذلك من الشهيدين أيضاً، قال في الروضة : «وحكم الموات أن يتملّكه من أحياه إذا قصد تملّكه مع غيبة الإمام عليه السلام، سواء في ذلك المسلم و الكافر ؛ لعموم من أحيا... وإلّا يكن الإمام عليه السلام غائباً افتقر الإحياء إلى إذنه إجماعاً».
ومن المحتمل قويّاً إرادة عدم الاحتياج إلى الإذن في حال الغيبة بعد ثبوته وتحقّقه بالأخبار وغيرها، كما يأتي تفصيلها، لا إرادة سقوط أصل الاشتراط. ويؤيّده عبارة التذكرة: «وإن كان الإحياء حال الغيبة ملكها المحيي؛ لما تضمّنه كتاب عليٍّ عليه السلام، وكان الإذن هنا متحقّق». هذا كلّه بالنسبة للكبرى أي أصل اشتراط جواز الاحياء بإذن الإمام عليه السلام وعدمه.
وأمّا الصغرى وهو تحقّق الإذن فقد ذكروا لاستكشاف تحقّقه منهم عليهم السلام في الحضور والغيبة وجوهاً لا بأس بذكرها، وهي:
۱- الأخبار المتعدّدة الواردة بلسان:
«من أحيا أرضاً مواتاً فهي له». وقد استدلّ بها جماعة.
[۲۶] مفتاح الكرامة، ج۷، ص۴.

واعترض على هذا البيان بأنّ هذه الأخبار إنّما هي بصدد بيان الحكم الشرعي الإلهي الواقعي، وهو سببيّة الإحياء للملك في الجملة، وليست بصدد بيان ما يشترط فيها فضلًا عن بيان تحقّق هذه الشرائط أو بعضها- كإذن الإمام عليه السلام- في الخارج وبالنسبة لآحاد المسلمين. نعم، صحيحة الكابلي وإن كانت تدلّ على إذن الإمام لآحادهم على وجه الخصوص بإحياء الأرض و استثمارها إلّا أنّها إنّما تدلّ على ذلك فيما إذا كان المحيي ملتزماً بأداء الخراج والطسق إلى الإمام، مضافاً إلى انحصار موردها في المسلم.
[۳۰] الأراضي (الفيّاض)، ج۱، ص۱۱۵- ۱۱۶.

ولكن الظاهر من صاحب الجواهر قدس سره جواز كون هذه الأخبار بياناً للسبب الشرعي و لإنشاء الإذن منهم عليهم السلام معاً، قال: «واحتمال أنّ جميع النصوص لبيان السبب الشرعي الذي لا ينافيه توقّفه بعد ذلك على شرائط اخر (ومنها الإذن‏)، يدفعه: أنّه لا منافاة فيه بين إرادة الإذن منه مع ذلك ولو بطريق من طرق الدلالة ، مضافاً إلى ظهور بعضها في الإذن كما أومأ إليه في التذكرة...». ولعلّ مراده من هذا البعض مثل صحيحة أبي خالد السابقة.
۲- أخبار التحليل: وهي كثيرة، كرواية حسن بن محبوب عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: «... وكلّ ما كان في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محلّلون، ومحلّل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا... فيجبيهم طسق ما كان في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم، وأمّا ما كان في أيدي غيرهم فإنّ كسبهم من الأرض حرام »، وغيرها. ولكن الإذن فيها يختصّ بالشيعة، ولا يشمل الغير.
۳- قرينة شاهد الحال، فقد يدّعى إحراز رضى الإمام عليه السلام بالإحياء بهذه القرينة ، ببيان أنّ الأرض من أهمّ الثروات الطبيعية التي لا يتمكّن الإنسان تمارس أيّ شكلٍ من أشكال الإنتاج الطبيعي بدونها، على أساس أنّها تحتوي على المواد الأولية، كالمياه الطبيعيّة، و المعادن بشتّى أنواعها، وغيرهما من المصادر والثروات الطبيعيّة. وفي الدين الإسلامي كما جُعل الاهتمام في الجانب المعنوي، كذلك جُعل الاهتمام في الجانب المادّي، ومن هنا حثّت الشريعة بإحياء الأرض واستثمارها وبذل الجهد في سبيل إنتاجها و الاستفادة من ثرواتها، ومن الطبيعي أنّ هذا الاهتمام يكشف عن رضى الإمام عليه السلام بإحياء الأراضي وإذنه العام بذلك.
واجيب عنه بعدم ملازمة بين هذا الاهتمام بشأن إحياء الأرض وإذن الإمام عليه السلام بالإحياء خارجاً؛ وذلك لإمكان الإذن في حال الحضور منه عليه السلام أو نائبه، وفي حال الغيبة من نائبه العام وهو الفقيه الجامع للشرائط ، فهذا الاهتمام بإحياء الأرض وإن كان مسلّماً، إلّا أنّه كما لا يخرجه عن اشتراطه بإذن الإمام، كذلك لا يدلّ على تحقّق الإذن، ولا صرف الأخبار الظاهرة في بيان أصل سببيّته- بناءً على قبول ذلك- إلى بيان تحقّق الإذن
[۳۴] الأراضي (الفيّاض)، ج۱، ص۱۱۷.
[۳۵] الأراضي (الفيّاض)، ج۱، ص۱۱۸- ۱۱۹.
ثمّ إنّ ملكيّة الإمام للموات واشتراط إذنه بالإحياء إذا قلنا بأنّه من شئون إمامته وولايته العامّة- كما هو المستظهر من التعبير بالإمام و القائم بامور المسلمين- فهي تثبت في عصر الغيبة لكلّ من ثبتت له الولاية العامّة الشرعيّة، فيشترط إذنه في الإحياء كما أنّ له أخذ الطسق و الخراج عليه أيضاً.



ويشترط في الإحياء أن تكون الأرض التي اريد إحياؤها خاليةً عن الاختصاص بملكٍ أو حقّ سابقٍ للغير. فلا يجوز إحياء ما كان مشعراً للعبادة كمنى و مشعر و عرفات ونحوها؛ لتعلّق حقّ اللَّه تعالى بها أو حقّ الناسكين. ولا إحياء الأرض المحجّرة؛ لسبق حقّ المحجّر بإحيائها، فلا يتعرّض لها ما دام هذا الحقّ باقياً شرعاً. ولا إحياء حريم المحياة؛ لسبق حقّ المحيي بالحريم بتبع الأرض المحياة، وفي حكمه حريم الطريق و الشارع العامّ؛ لسبق حقّ المارّة والمستطرقين به وإن لم نقل بملكه لأحد كالمساجد. نعم، قد يقع الخلاف في مقدار الحريم ، كالخلاف في حريم الطريق المبتكر- على ما هو المفصل في محلّه من مصطلح (حريم) - إلّا أنّ ذلك لا دخالة له في المقام. كما لا يجوز إحياء ما أقطعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الإمام عليه السلام، وكذا الحِمى؛ لتعلّق حقّ المقطَع له والمحمى له بهما، فلا يجوز إحياؤها ما دام هذا الحقّ باقياً. وهذا كلّه من المسلّمات التي لا ينبغي الخلاف فيها بعد فرض ثبوت الحقّ بهذه الامور شرعاً فيشملها ما دلّ على حرمة التصرّف في مال الغير وتضييع حقّه من العقل والنقل، وبها تخصّص عمومات إحياء الموات . وقد يقع الكلام في بقاء بعض هذه الحقوق في بعض الصور، وبتبع ذلك يقع الخلاف في جواز إحيائها وعدمه.
ومن موارده ما حماه النبي صلى الله عليه و آله وسلم أو الإمام عليه السلام لجهةٍ ومصلحةٍ ثمّ زالت المصلحة ، حيث ذهب بعض الفقهاء كالمحقّق والعلّامة الحلّيين و المحقّق الثاني إلى جواز نقضه مطلقاً، والمستفاد من الشيخ عدم الجواز في خصوص حِمى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واستدلّ للعدم بأنّ حماه صلى الله عليه وآله وسلم كالنصّ الذي لا يجوز الاجتهاد في مقابله. واجيب بعدم الفرق بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإمام عليه السلام بعد عصمتهما وعدم حكمهما بالاجتهاد. نعم، هو قول العامّة بناءً على مذهبهم في الإمام، ولا ريب في بطلانه .
وأيضاً من موارد الخلاف الموات بالعارض بإهمال مالكها المعلوم، حيث اختلفوا في جواز إحيائها، فحكم بعضهم بالجواز مطلقاً، وبعضهم بالعدم مطلقاً، وفصّل أكثرهم بين ما ملكت بالإحياء فماتت فيجوز للغير إحياؤها؛ لزوال السبب المملّك، وما ملكت بغير الإحياء كالإرث والشراء ونحوهما فلا يجوز. وقد مرّ تفصيل الكلام في ذلك فراجع.
كما وقع الخلاف بالنسبة لإحياء اليسير من أراضي منى ومشعر و عرفة إذا لم يستلزم ضرراً وضيقاً على الناسكين، فذهب المشهور- كما في المسالك- إلى العدم مطلقاً؛ لما مرّ من تعلّق حقّ الناسكين بها، و انصراف مطلقات الإحياء عنها،
[۵۰] المفاتيح، ج۳، ص۲۸.
[۵۱] كشف الغطاء، ج۴، ص۳۹۶.
وبعضهم إلى الجواز في هذه الصورة؛ لفرض عدم كون هذه الأراضي ملكاً لأحد، ولا وقفاً كالمساجد، ولا ينافي كونها مشعراً للعبادة المخصوصة جواز إحياء جزءٍ منها بما لا يضرّ الناسكين، بعد شمول إطلاقات الإحياء لها؛ لأنّها من الموات. ولكن في الجواهر أنّ ذلك كالمنافي للضروري، وأنّ فتح هذا الباب يؤدّي إلى إخراجها عن وضعها، فلا يصح إحياؤها بوجه. وقد مرّ الخلاف في النوع الثالث من الأراضي الموقوفة أيضاً، حيث حكم المشهور بكونها من الأنفال جرياً على حكمهم في الموات الذي ليس له مالك معلوم بكونها للإمام ومن الأنفال، واستشكل جماعة من الفقهاء فيه من باب أنّها شي‏ء يصدق عليه مجهول المالك فيجري عليه أحكامه.



هل يشترط في حصول الملك بالإحياء أن يكون المحيي مسلماً أو مؤمناً ، أو لا يشترط شي‏ء منهما، بل يحصل الملك بمجرّد الإحياء وإن كان المحيي كافراً فضلًا عن كونه مسلماً غير مؤمن؟
ظاهر جماعة من الفقهاء كالمحقّق في الشرائع والعلّامة في القواعد وغيرهما اشتراط الإسلام . قال المحقّق: «وإذنه شرط، فمتى أذن ملكه المحيي له إذا كان مسلماً، ولا يملكه الكافر، ولو قيل: يملكه مع إذن الإمام عليه السلام كان حسناً».
وقال العلّامة: «وهو للإمام عليه السلام خاصّة، لا يملكه الآخذ وإن أحياه ما لم يأذن له الإمام، فيملكه- إن كان مسلماً- بالإحياء، وإلّا فلا». وكذا ذكر الشهيد في الدروس . بل في التذكرة وجامع المقاصد ادّعاء إجماع علمائنا على عدم ملك الكافر لما أحياه وإن كان بإذن الإمام عليه السلام. وذهب كثير من الفقهاء
[۶۹] المفاتيح، ج۳، ص۲۰- ۲۱.
[۷۰] كشف الغطاء، ج۴، ص۳۹۶.
منهم الشيخ والعلّامة في بعض كتبهما إلى عدم الاشتراط، ونسبه بعضهم إلى المشهور.
[۷۶] حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۱، ص۲۵۲.

ولا يخفى أنّ البحث هنا في اعتبار الإسلام زائداً على شرط الإذن؛ إذ لا مانع عقلًا ولا شرعاً في عدم ترتّب الملك على إحياء الكافر وإن كان الإمام قد أذن له في الإحياء، حيث لا ملازمة بين الإذن في الإحياء وبين حصول الملك. نعم، لو فرض إذن الإمام في تملّك الكافر بالإحياء- لا في نفس الإحياء- فالملازمة موجودة؛ لفرض عصمة الإمام عليه السلام في مذهبنا؛ ضرورة أنّه لو لم يكن أهلًا للتملّك بالإحياء لم يأذن فيه، إلّا أنّ هذا غير مفروض الكلام وما مرّ من المحقّق والعلّامة في عبارتهما السابقة.
ولعلّ الشهيدين والمحقّق الكركي قد اشتبه عليهم الأمر وخلطوا بين الأمرين فحسبوا أنّ مفروض كلام المحقّق والعلّامة هو صورة إذن الإمام للكافر في التملّك بالإحياء، فأشكل عليهم الأمر في كيفيّة افتراض إذن الإمام في التملّك بالإحياء والقول بعدم حصول الملك مع ذلك، فاضطرّوا إلى تأويل البحث إلى بحث آخر، وهو أنّه هل يجوز ويصحّ في حقّ الإمام عليه السلام أن يأذن للكافر في التملّك بالإحياء أم لا؟ وبعبارة اخرى: هل يصلح الكافر في أن يأذن له الإمام في التملّك بالإحياء أم لا؟
قال في الدروس: «فلو أحياها الذمّي بإذن الإمام عليه السلام ففي تملّكه نظر، من توهّم اختصاص ذلك بالمسلمين. والنظر في الحقيقة في صحّة إذن الإمام له في الإحياء للتملّك؛ إذ لو أذن كذلك لم يكن بدٌّ من القول بملكه، وإليه ذهب الشيخ نجم الدين ».
وفي جامع المقاصد: «والحقّ أنّ الإمام لو أذن له في الإحياء للتملّك قطعنا بحصول الملك له، وإنّما البحث في أنّ الإمام عليه السلام هل يفعل ذلك أم لا؟ نظراً إلى أنّ الكافر أهل له أم لا؟ والذي يفهم من الأخبار وكلمات الأصحاب العدم، وليس مرادهم أنّ الإمام عليه السلام يرخّصه في التملّك ثمّ لا يُملّك قطعاً». وكذا فعل الشهيد الثاني في الروضة والمسالك.
ولكن قد مرّ أنّ هذا خارج عن مفروض كلام الفقهاء؛ وقد تعجّب المحقق النجفي قدس سره منهم حيث وقعوا في هذا الخلط وحسبوا أنّ النزاع في الثاني. قال قدس سره:
«قلت: لا إشكال- بعد عصمة الإمام- في حصول الملك بالإذن له في التملّك؛ ضرورة أنّه لو لم يكن أهلًا لذلك لم يأذن له، إلّا أنّه يمكن تحصيل الإجماع- فضلًا عن النصوص- على عدم اعتبار الإذن من الإمام في التملّك بالإحياء، بل يكفي الإذن منه بالإحياء الذي هو سبب حصول الملك مع فرض وقوعه على الوجه المعتبر. إنّما الكلام في اعتبار الإسلام مع الإذن وعدمه، فهو على تقديره شرط آخر لترتّب الملك على الإحياء- إلى أن قال:- وما أدري من أين أخذ ذلك الشهيد في الدروس؟! حتى أنّه أوقع غيره في الوهم».
وقال بالنسبة لكلام الكركي الذي نسب القول بالاشتراط إلى كلام الأصحاب: «وقد عرفت أنّ هذا الخلاف غير محرّر في كلام الأصحاب، بل لا وجه له؛ ضرورة كون الإمام عليه السلام مع وجوده أعرف بالمصالح المقتضية لذلك وعدمها».
وقد يستدلّ لاشتراط الإسلام بدلالة الأخبار، قال في المسالك في وجه الاشتراط: «ومن دلالة ظاهر الأخبار السابقة على أنّ الكافر ليس أهلًا لتملّك هذه الأرض بالإحياء». ومراده من الأخبار السابقة قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «موتان الأرض للَّه ولرسوله، ثمّ هي لكم منّي أيّها المسلمون»،
[۸۴] تلخيص الحبير، ج۳، ص۶۲، ح ۱۲۹۳.
وما في كتاب عليّ عليه السلام على ما رواه أبو خالد الكابلي عن الإمام الباقر عليه السلام : ««إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» أنا و أهل بيتي الذين أورثنا الأرض ونحن المتّقون، والأرض كلّها لنا، فمن أحيا أرضاً من المسلمين فليعمّرها، وليؤدّ خراجها إلى الإمام». ولكن من المعلوم ابتناء الاستفادة المزبورة على القول بمفهوم اللقب، وقد ثبت بطلانه في علم الاصول.
قال في الرياض : «فالقول المحكيّ في المسالك وغيره باختصاص جواز الإحياء بالمسلم ضعيف كمستنده من اختصاص الخطاب بالتمليك في النبويّة المتقدّمة و الصحاح به (المسلم‏)؛ لعدم دلالة التخصيص بالذكر على التخصيص ».
وقال المحقّق النجفي: «نعم، قد سمعت ما في المرسل وصحيح الكابلي، إلّا أنّ الأوّل غير حجّة، والثاني لا ينافي ما دلّ على الأعمّ».
وفي مهذّب الأحكام : «وذكر المسلمين في صحيح الكابلي المتقدّم إنّما هو من باب ذكر أفضل الأفراد، وأنّ الغاية إنّما هو انتفاع المسلم، لا التخصيص به كما هو معلوم، وأمّا الإجماع الذي ادّعاه العلّامة على اعتبار الإسلام في المحيي فهو- على فرض صحّته- إجماع اجتهادي، منشؤه استفادة ذلك من النصّ، لا أن يكون دليلًا آخر في مقابل النصّ».
[۸۹] مهذّب الأحكام، ج۲۳، ص۲۱۲- ۲۱۳.
فحينئذٍ تبقى العمومات الدالّة على حصول الملك بالإحياء محكّمة من دون تقييد بالإسلام.
بل وخصوص صحيح محمّد بن مسلم : سألته عن الشراء من أرض اليهود و النصارى ، فقال: «ليس به بأس، وقد ظهر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم على أهل خيبر فخارجهم على أن يترك الأرض في أيديهم يعملونها ويعمرونها، فلا أرى بها بأساً لو أنّك اشتريت منها شيئاً، وأيّما قوم أحيوا شيئاً من الأرض وعملوها فهم أحقّ بها وهي لهم». وصحيح أبي بصير : سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن شراء الأرضين من أهل الذمّة ، فقال: «لا بأس بأن يشترى منهم، إذا عملوها وأحيوها فهي لهم، وقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم حين ظهر على خيبر وفيها اليهود خارجهم على أمرٍ وترك الأرض في أيديهم يعملونها ويعمرونها»، وقد استدلّ بهما غير واحد للحكم.
[۹۵] مهذّب الأحكام، ج۲۳، ص۲۱۲.

واستدل عليه في الجواهر بما يمكن القطع به من ملك المسلمين ما يفتحونه عنوة من العامر في أيدي الكفّار، وإن كان قد ملكوه بالإحياء، فلو كان إحياؤهم فاسداً لوجب أن تكون على ملك الإمام، وهذا لا يظنّ من أحدٍ الالتزام به. ثمّ إنّه قد يظهر من العلّامة في بعض كتبه التفصيل بين موات أراضي الكفّار التي لا يذبّ عنها المسلمون، وموات أرض الإسلام، فيملكها الكافر بالإحياء في الأوّل دون الثاني، وهو يعتبر قولًا ثالثاً في المقام.
قال المحقق الكركي في تعليقته على القواعد: « المراد أنّ الموات الذي لا يذبّ الكفّار المسلمين عنه ولا يمنعونهم منه، وهو في دار الحرب ، تملك بالإحياء للكافر والمسلم، لكن ينبغي أن يقيّد إحياء المسلم له بكونه بإذن الإمام عليه السلام؛ لأنّ حكم موات بلاد الكفّار حكم موات بلاد الإسلام. نعم، ينبغي أن لا يشترط ذلك في حقّ الكافر، فيعتبر (أي يصحّ‏) إحياؤه قبل الفتح، كما يعتبر أصل إحيائهم للأرضين، ويمكن عدم اعتباره من دون الإذن؛ لأنّ الإحياء إنّما يُثمر الملك في من لم يكلّف باستئذان الإمام عليه السلام، وهو من لم تبلغه الدعوة ، أمّا من بَلغته فلا.(ثمّ قال:) وإطلاق عبارة التذكرة يقتضي الاشتراط ... لكن يلزم على هذا أن لا يجوز تملّكها للكافر بالإحياء أصلًا كموات الإسلام، فيظهر من هذا أنّ مواتهم قبل الفتح إذا أحيوه ملكوه على كلّ حال والتحق بالمعمور... وهذا دليل على عدم اعتبار الإذن في تملّكه ( الكافر) موات الكفّار».
والمستفاد من ذلك أنّ الوجه في هذا التفصيل أنّه لو قيل باشتراط الإسلام أو إذن الإمام في إحياء الكفّار لأراضيهم يلزم من ذلك عدم ملكهم لما أحيوه، فلا ينتقل إلى المسلمين بالفتح، بل يبقى في ملك الإمام عليه السلام كما كان حال الممات، والحال أنّ انتقال المحياة المفتوحة عنوة إلى المسلمين بالفتح من المسلّمات فقهيّاً .
فأوجب ذلك عدول القائلين باشتراط الإسلام عن الأخذ بأدلّته بالنسبة لإحياء الكافر لأرضه، دون أرض الإسلام إذا أحياه الكافر. وقد مرّ عن المشهور عدم اعتبار الإسلام مطلقاً لا بالنسبة لموات دار الإسلام ولا موات دار الكفر، فراجعه بأدلّته. ويظهر من بعض الفقهاء تقييد القول باشتراط الإسلام بحال الحضور دون حال الغيبة. وهذا يعتبر تفصيلًا آخر، وقولًا رابعاً في المقام.
قال المحقّق الكركي: «وهل يملك الكافر بالإحياء في حال الغيبة؟ وجدت في بعض الحواشي المنسوبة إلى شيخنا الشهيد على القواعد في بحث الأنفال من الخمس : أنّه يملك به ويحرم انتزاعه منه. وهو محتمل، ويدلّ عليه أنّ المخالف والكافر يملكان في زمان الغيبة حقّهم من الغنيمة، ولا يجوز انتزاعه من يده إلّا برضاه... ولو باع أرض الخراج صحّ باعتبار ما ملك فيها وإن كان كافراً، فحينئذٍ فتجري العمومات- مثل قوله عليه السلام: «من أحيا أرضاً ميتة فهي له» - على ظاهرها في حال الغيبة، ويقصر التخصيص على حال ظهور الإمام عليه السلام، فيكون أقرب إلى الحمل على ظاهرها، وهذا متّجهٌ قويٌّ متين».
ونوقش في هذا التفصيل بعدم دليل عليه بعد إطلاق النصوص.
[۱۰۲] مفتاح الكرامة، ج۷، ص۴.

وأمّا اشتراط الإيمان فقد يظهر من المحقّق الأردبيلي الميل إلى اعتباره أيضاً، قال: «لا ينبغي الكلام في الحلّ للشيعة كما هو ظاهر فتوى الأصحاب... وأمّا ما يدلّ على العموم ففي مرسلة حمّاد عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن عليه السلام: «والأرضون التي اخذت عنوة بخيل أو ركاب فهي موقوفة متروكة في أيدي من يعمّرها...»، ولا دلالة فيها على المطلوب ، مع إرسالها ، فافهم. وما في رواية محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «أيّما قوم أحيوا شيئاً من الأرض وعمروها فهم أحقّ بها وهي لهم» رواها الشيخ في التهذيب في الخمس عن عليّ بن الحسن بن فضّال مرسلًا، وأوصله إلى محمّد بن مسلم وطريقه إليه غير ظاهر الصحّة، وقيل: عليّ أيضاً فطحيّ وإن كان ثقة، فيمكن حملها على الشيعة لما تقدّم، أو المسلم. وبالجملة: إذا ثبت كون الموات ملكاً للإمام فيحتاج إلى دليل أقوى يدلّ على الخروج عن ملكه والدخول في ملك المحيي. وللأصل، و الاستصحاب ، والاعتبار بأنّه عليه السلام ليس براضٍ عن الكافر، ولا عن المخالف وأقوالهم، فيبعد رضاه بتصرّفهما في ماله وتمليكهما إيّاها، وإن كان ذلك محتملًا لكرمهم، وعدم اعتبار ما في الدنيا عندهم...».
ولعلّ في بعض التعابير بأنّ الأئمّة حلّلوها للشيعة تبعاً للروايات إشعار بالاختصاص المزبور. ولكن في ما مرّ من الصحاح في شراء الأرضين من اليهود والنصارى، والمطلقات كالموثّقة السابقة كفاية. قال السيد الخوئي قدس سره: «ولكن يكفي في عموم الحكم لغير الشيعة العمومات الواردة في مورد شراء الأرض من الذمّي فقالوا عليهم السلام: «أيّما قوم أحيوا...»، فإنّ المورد وإن كان هو الذمّي، ولكنّه لا يكون مخصّصاً بعد عموميّة الجواب، فيكون شاملًا لمطلق المحيي، مسلماً كان أو كافراً، ذمّياً أو حربيّاً... وما دلّ من الأخبار على كون موات الأرض للشيعة بالإحياء لا توجب التخصيص؛ لعدم التنافي ، خصوصاً مع الاحتمال المزبور من كون المراد من المؤمن مطلق من آمن باللَّه وبرسوله وبيوم القيامة في الأخبار التي ذكر فيها المؤمن...». وينبغي أن يعلم أنّ ما ذكر من الخلاف في اعتبار الإسلام أو الإيمان بل الإذن إنّما هو فيما إذا كان الإحياء متأخّراً زمنيّاً عن تاريخ تشريع ملكيّة الأنفال للإمام عليه السلام، وأمّا إذا كان متقدّماً عليه فلا إشكال في أنّه يوجب علاقته بالأرض على مستوى الملك؛ لما تقدّم من أنّ عمليّة الإحياء من أحد أسباب الملك بنظر العقلاء مطلقاً، فإذا كانت الأرض مواتاً، ولم يكن لها مالك بالفعل، فهذه العمليّة توجب صلة المحيي بها على مستوى الملك بلا فرق بين كون المحيي مسلماً أو كافراً، مأذوناً من قبل الإمام أم غير مأذون. وبالجملة: البحث في اشتراط الإسلام أو الإذن في تأثير الإحياء في الملك أو الحقّ إنّما يبتني على كون الموات ملكاً للإمام عليه السلام بآية الأنفال ونحوها، وأمّا مع عدم هذا الفرض كما إذا كان الإحياء متقدّماً على نزول الآية فلا معنى للاشتراط المزبور بعد إطلاق السيرة العقلائية .
[۱۱۰] الأراضي (الفيّاض)، ج۱، ص۱۳۱.




ظاهر بعض عبارات الفقهاء توقّف حصول الملك بالإحياء على قصد التملّك به زائداً على قصد أصل الإحياء.
قال الشيخ في المبسوط : «وأمّا الضرب الثالث من الآبار وهو إذا نزل قوم موضعاً من الموات فحفروا فيه بئراً ليشربوا منها ويسقوا بهائمهم ومواشيهم منها مدّة مقامهم ولم يقصدوا التملّك بالإحياء فإنّهم لا يملكونها؛ لأنّ المحيي لا يملك بالإحياء إلّا إذا قصد تملّكه... فإذا رحل فكلّ من سبق إليه فهو أحقّ به». ومثله صريح الشهيد في الدروس.
وقال الشهيد الثاني: «وحكم الموات أن يتملّكه من أحياه إذا قصد تملّكه...»، بل هو صريح قوله: «فلو فعل أسباب الملك بقصد غيره أو لا مع قصدٍ لم يملك كحيازة سائر المباحات من الاصطياد و الاحتطاب و الاحتشاش »؛ ولعلّه لأنّه لون من ألوان الاكتساب الذي هو من الامور القصديّة فيما كان باختيار الإنسان كالبيع ونحوه، دون ما ليس كذلك كالإرث. والاكتساب بالإحياء من قبيل القسم الأوّل فيعتبر فيه النيّة لا محالة. وقد يترتّب على ذلك عدم الاعتداد بإحياء الصبيّ غير المميّز، بل المميّز؛ لفقد القصد حقيقة في الأوّل، وشرعاً في الثاني؛ لما دلّ على حجر الصبيّ، وما دلّ على أنّ «عمد الصبيّ وخطأه واحد».
قال الشيخ الأنصاري : «إنّ مقتضى ما تقدّم من الإجماع المحكيّ في البيع وغيره من العقود والأخبار... عدم الاعتبار بما يصدر من الصبيّ من الأفعال المعتبر فيها القصد إلى مقتضاها كإنشاء العقود...».
ونوقش في اعتبار نيّة التملّك- زائداً على نيّة الإحياء- بأنّ الملك بعد ما كان أثراً شرعيّاً للإحياء بحسب الروايات فيكفي في حصوله قصد الموضوع وهو الإحياء، فيتحقّق الأثر بتحقّق موضوعه، والتملّك وإن كان أمراً قصديّاً إلّا أنّ حصول الملك لا يتوقّف دائماً عليه، بل قد يحصل بدونه كما في الإرث ونحوه، فيمكن الأخذ بإطلاق الروايات، فيؤخذ به.
قال المحقق النجفي قدس سره: «نعم، زاد في الدروس على ذلك كلّه قصد التملّك...وفيه: أنّه لا دليل على اشتراط ذلك، بل ظاهر الأدلّة خلافه، والإجماع مظنّة عدمه، لا العكس. كما أنّ دعوى الانسياق من النصوص ولا أقلّ من الشكّ واضحة المنع وإن مال إليه في الرياض لذلك، وعدمُ ملك الوكيل و الأجير لا (أي ليس‏) لعدم قصد تملّكهما وقصدِ تملّك غيرهما، بل لصيرورة الإحياء الذي هو سبب الملك لغيرهما بقصد الوكالة و الإجارة فيكون الملك له، فلا يستفاد من ذلك اشتراط قصد التملّك كما توهّم، بل لا يستفاد منه اعتبار عدم قصد العدم، فضلًا عن القصد؛ ضرورة ظهور الأدلّة في أنّه متى وجد مصداق إحياء ترتّب الملك عليه وإن قَصَد العدم؛ لأنّ ترتّب المسبّب على السبب قهريّ وإن كان إيجاد السبب اختياريّاً، اللهمّ إلّا أن يشكّ في السبب حينئذٍ. وفيه منع؛ لإطلاق الأدلّة، بل لعلّ ما سمعته من ملك الموكّل و المستأجر بفعل الوكيل والأجير الخاصّ- وإن لم يقصد الإحياء- دليل على ما قلنا، فتأمل جيّداً فإنّه دقيق جدّاً».
وقال السيد الخوئي: «إنّ مقتضى قوله عليه السلام: «أيّما قوم أحيوا...» هو ثبوت الملكيّة بنفس الإحياء، سواء قصد المحيي التملّك أم لم يقصده...». كما اجيب عن شمول ما دلّ على إلغاء قصد الصبي للمقام بأنّ ما دلّ على حجر الصبيّ إنّما يدلّ على حجره عن الاستقلال في تصرّفاته الماليّة، لا سقوط مطلق أفعاله وأقواله، فكلّ فعلٍ من أفعاله لا يعدّ في العرف تصرّفاً في أمواله استقلالًا لا مانع من جوازه، فيحكم بصحّة تحجيره وحيازته و التقاطه وصيده وإحيائه الموات وما شاكل ذلك.
وأمّا حديث عمد الصبي خطأ فإنّما هو بالنسبة إلى جناياته ممّا يتعلّق بها الحدّ أو القصاص ، فلا يدلّ على إلغاء مطلق قصده ولو في اكتساباته. وبتعبير السيد الخوئي إنّ تنزيل عمد الصبيّ منزلة خطأه متقوّم بأمرين: الأوّل: ثبوت الأثر لكلٍّ منهما، الثاني: أن يكون أثر الخطأ ثابتاً لغير الفاعل. ولا ريب أنّه لا مصداق لهذه الكبرى إلّا في باب الجنايات، قال قدس سره: «وهذا المعنى هو الموافق للذوق الفقهي (ثمّ قال:) وممّا يدلّ على اختصاص تلك الروايات بباب الجنايات قوله عليه السلام في بعضها: «عمد الصبيان خطأ، تحمله العاقلة »؛ إذ من المعلوم أنّ العاقلة لا تحمل سجدتي السهو ...». فحينئذٍ لا وجه لتقييد مطلقات الإحياء بعد شمولها لكلّ إحياء قد تعلّق به القصد.
قال السيد اليزدي : «الظاهر عدم الإشكال في تملّك الصبيّ المباحات بالحيازة، ويجوز له إحياء الموات، وإن كان ذلك موقوفاً إلى القصد، وكذا يثبت له حقّ السبق إلى مكانٍ مباح... كلّ ذلك لعموم الأدلّة...». كما اتّضح ممّا مرّ من كلام المحقق النجفي القدح في ما ذهب إليه المحقق الكركي من اعتبار عدم قصد العدم في التملّك بالحيازة حيث قال: «ولِمَ لا يجوز أن يقال: إنّه يملك بالحيازة إن نوى التملّك أو لم يَنوِ شيئاً، وإن نوى الضدّ انتفى الملك؟ وهذا أصحّ». والتفصيل بأكثر من ذلك متروك إلى مصطلح (حيازة).
نعم، ظاهر كلمات الفقهاء عدم الاعتداد بما صدر من الفاقد للقصد كالمجنون والصبي غير المميّز والهازل، وإن صدق عليه عرفاً وخارجاً الإحياء أو التحجير أو الصيد، ولعلّ ذلك يحتاج إلى تمحيص وبحث بعد تسليم إطلاق الأدلّة بالنسبة لكلّ ما يصدق عليه هذه العناوين، إمّا بادّعاء الانصراف، وإمّا بالقول بأنّها إنّما هي كذلك صورةً لا واقعاً، وأنّ الصدق إنّما هو عند الجاهل بالحال لا العالم .


 
۱. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۱۱.    
۲. المبسوط، ج۳، ص۲۷۰.    
۳. الخلاف، ج۳، ص۵۲۵- ۵۲۶، م ۳.    
۴. التذكرة، ج۲، ص۴۰۰.    
۵. الشرائع، ج۴، ص۷۹۱.    
۶. القواعد، ج۲، ص۲۶۷.    
۷. الروضة، ج۷، ص۱۳۵.    
۸. جامع المقاصد، ج۷، ص۱۰.    
۹. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۱۱.    
۱۰. البيع (الخميني)، ج۳، ص۱۵.    
۱۱. مهذّب الأحكام، ج۲۳، ص۲۱۱.
۱۲. الأراضي (الفيّاض)، ج۱، ص۱۲۶.
۱۳. الوسائل، ج۹، ص۵۲۳، ب ۱ من الأنفال، ح ۱.    
۱۴. الوسائل، ج۹، ص۵۲۴، ب ۱ من الأنفال، ح ۴.    
۱۵. الوسائل، ج۹، ص۵۲۶-۵۲۷، ب ۱ من الأنفال، ح۱۰.    
۱۶. المبسوط، ج۳، ص۲۷۰.    
۱۷. الشرائع، ج۴، ص۷۹۱.    
۱۸. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۱۱.    
۱۹. جواهر الكلام، ج۱۶، ص۱۳۴.    
۲۰. البيع (الخميني)، ج۳، ص۱۵.    
۲۱. جامع المقاصد، ج۷، ص۱۰.    
۲۲. الروضة، ج۷، ص۱۳۵.    
۲۳. الوسائل، ج۲۵، ص۴۱۴، ب ۳ من إحياء الموات، ح ۲.    
۲۴. التذكرة، ج۲، ص۴۰۲ (حجرية).    
۲۵. الوسائل، ج۲۵، ص۴۱۲، ب ۱ من إحياء الموات.    
۲۶. مفتاح الكرامة، ج۷، ص۴.
۲۷. الرياض، ج۱۲، ص۳۴۸.    
۲۸. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۱۶.    
۲۹. الوسائل، ج۲۵، ص۴۱۴، ب ۳ من إحياء الموات، ح ۲.    
۳۰. الأراضي (الفيّاض)، ج۱، ص۱۱۵- ۱۱۶.
۳۱. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۱۶.    
۳۲. الوسائل، ج۹، ص۵۴۸، ب ۴ من الأنفال، ح ۱۲ وذيله.    
۳۳. الوسائل، ج۹، ص۵۴۳، ب ۴ من الأنفال.    
۳۴. الأراضي (الفيّاض)، ج۱، ص۱۱۷.
۳۵. الأراضي (الفيّاض)، ج۱، ص۱۱۸- ۱۱۹.
۳۶. الشرائع، ج۴، ص۷۹۲- ۷۹۵.    
۳۷. القواعد، ج۲، ص۲۶۶- ۲۶۹.    
۳۸. الشرائع، ج۴، ص۷۹۴.    
۳۹. القواعد، ج۲، ص۲۷۰.    
۴۰. جامع المقاصد، ج۷، ص۳۳.    
۴۱. المبسوط، ج۳، ص۲۷۱.    
۴۲. الشرائع، ج۴، ص۷۹۴.    
۴۳. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۶۴- ۶۵.    
۴۴. المختصر النافع، ج۱، ص۲۵۱.    
۴۵. القواعد، ج۲، ص۲۶۶.    
۴۶. التحرير، ج۴، ص۴۸۵.    
۴۷. الدروس، ج۳، ص۵۵- ۵۷.    
۴۸. اللمعة، ج۱، ص۲۲۷- ۲۲۸.    
۴۹. الروضة، ج۷، ص۱۵۶- ۱۵۷.    
۵۰. المفاتيح، ج۳، ص۲۸.
۵۱. كشف الغطاء، ج۴، ص۳۹۶.
۵۲. الرياض، ج۱۲، ص۳۵۰.    
۵۳. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۵۳- ۵۴.    
۵۴. الشرائع، ج۴، ص۷۹۳.    
۵۵. مجمع الفائدة، ج۷، ص۴۹۱.    
۵۶. كفاية الأحكام، ج۲، ص۵۵۷.    
۵۷. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۵۴.    
۵۸. الشرائع، ج۴، ص۷۹۱.    
۵۹. القواعد، ج۲، ص۲۶۶.    
۶۰. الدروس، ج۳، ص۵۵.    
۶۱. التذكرة، ج۲، ص۴۰۰ (حجرية).    
۶۲. جامع المقاصد، ج۷، ص۱۰.    
۶۳. الخلاف، ج۳، ص۵۲۵- ۵۲۶، م ۳.    
۶۴. المبسوط، ج۳، ص۲۷۰.    
۶۵. المختصر النافع، ج۱، ص۲۵۱.    
۶۶. التحرير، ج۴، ص۴۸۴.    
۶۷. الجامع للشرائع، ج۱، ص۳۷۵.    
۶۸. كفاية الأحكام، ج۲، ص۵۴۴- ۵۴۶.    
۶۹. المفاتيح، ج۳، ص۲۰- ۲۱.
۷۰. كشف الغطاء، ج۴، ص۳۹۶.
۷۱. الرياض، ج۱۲، ص۳۴۸.    
۷۲. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۱۶.    
۷۳. منية الطالب، ج۲، ص۲۶۶- ۲۶۷.    
۷۴. نهج الفقاهة، ج۱، ص۳۳۰.    
۷۵. مصباح الفقاهة، ج۵، ص۱۲۳- ۱۲۵.    
۷۶. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۱، ص۲۵۲.
۷۷. الدروس، ج۳، ص۵۵.    
۷۸. جامع المقاصد، ج۷، ص۱۰.    
۷۹. الروضة، ج۷، ص۱۳۵- ۱۳۶.    
۸۰. المسالك، ج۱۲، ص۳۹۳.    
۸۱. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۱۲- ۱۳.    
۸۲. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۱۴.    
۸۳. المسالك، ج۱۲، ص۳۹۳.    
۸۴. تلخيص الحبير، ج۳، ص۶۲، ح ۱۲۹۳.
۸۵. الأعراف/سورة ۷، الآية ۱۲۸.    
۸۶. الوسائل، ج۲۵، ص۴۱۴، ب ۳ من إحياء الموات، ح ۲.    
۸۷. الرياض، ج۱۲، ص۳۴۸.    
۸۸. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۱۴.    
۸۹. مهذّب الأحكام، ج۲۳، ص۲۱۲- ۲۱۳.
۹۰. الوسائل، ج۲۵، ص۴۱۱- ۴۱۲، ب ۱ من إحياء الموات، ح ۳- ۵.    
۹۱. الوسائل، ج۱۵، ص۱۵۶، ب ۷۱ من جهاد العدوّ، ح ۲.    
۹۲. الوسائل، ج۲۵، ص۴۱۶، ب ۴ من إحياء الموات، ح ۱.    
۹۳. الرياض، ج۱۲، ص۳۴۷.    
۹۴. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۱۵.    
۹۵. مهذّب الأحكام، ج۲۳، ص۲۱۲.
۹۶. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۱۵.    
۹۷. القواعد، ج۲، ص۲۶۷.    
۹۸. الإرشاد، ج۱، ص۳۴۸.    
۹۹. جامع المقاصد، ج۷، ص۱۴.    
۱۰۰. الوسائل، ج۲۵، ص۴۱۳، ب ۲ من إحياء الموات، ح ۱.    
۱۰۱. جامع المقاصد، ج۷، ص۱۱.    
۱۰۲. مفتاح الكرامة، ج۷، ص۴.
۱۰۳. الرياض، ج۱۲، ص۳۴۸.    
۱۰۴. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۱۶.    
۱۰۵. الوسائل، ج۱۵، ص۱۱۱، ب ۴۱ من جهاد العدوّ، ح ۲.    
۱۰۶. الوسائل، ج۲۵، ص۴۱۲، ب ۱ من إحياء الموات، ح ۴.    
۱۰۷. مجمع الفائدة، ج۷، ص۴۸۲- ۴۸۳.    
۱۰۸. التذكرة، ج۹، ص۱۸۸.    
۱۰۹. مصباح الفقاهة، ج۵، ص۱۲۵.    
۱۱۰. الأراضي (الفيّاض)، ج۱، ص۱۳۱.
۱۱۱. المبسوط، ج۳، ص۲۸۱.    
۱۱۲. الدروس، ج۳، ص۶۱.    
۱۱۳. الروضة، ج۷، ص۱۳۵.    
۱۱۴. الروضة، ج۷، ص۱۶۱.    
۱۱۵. الوسائل، ج۲۹، ص۴۰۰، ب ۱۱ من العاقلة، ح ۲.    
۱۱۶. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۳، ص۲۸۴.    
۱۱۷. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۳۲- ۳۳.    
۱۱۸. مصباح الفقاهة، ج۳، ص۲۶۴.    
۱۱۹. مصباح الفقاهة، ج۳، ص۲۶۴.    
۱۲۰. الوسائل، ج۲۹، ص۴۰۰، ب ۱۱ من العاقلة، ح ۳.    
۱۲۱. مصباح الفقاهة، ج۳، ص۲۵۶.    
۱۲۲. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۱، ص۱۱۳.    
۱۲۳. جامع المقاصد، ج۸، ص۵۲.    




الموسوعة الفقهية، ج۷، ص۲۰۱-۲۱۷.    



جعبه ابزار