الاستتار
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الاستتار من
الستر ، بمعنى
التغطي و
الاختفاء ، واستعملوه أيضاً بمعنى
اتّخاذ السترة في
الصلاة .
الاستتار:
التغطّي و
الاختفاء ، يقال: استتر وتستّر إذا تغطّى واختفى،
ومنه قوله تعالى: «وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ
سَمْعُكُمْ ».
استعمل
الفقهاء الاستتار في نفس المعنى اللغوي، كما استعملوه أيضاً بمعنى
اتّخاذ السترة في الصلاة
.والسترة- بالضم- لغةً: ما يستتر به كائناً ما كان،
وقد اطلقت في كلام الفقهاء على ما ينصبه
المصلّي قدّامه من
علامة لمصلّاه من عصا أو
تسنيم تراب وغيره؛ لأنّه يستر المارّ من
المرور أي يحجبه.
وهو الاستتار، توارى أي استتر، وورّيت وواريت الشيء إذا أخفيته وسترته،
وهذه الأفعال
متعدّية ، بخلاف
التواري فإنّه لازم و
مطاوع للتورية ، فيرادف الاستتار التواري. وكذا الاختفاء والتغطّي و
الاحتجاب و
التستّر ، ويخالفه
التظاهر و
التجاهر ونحوهما.
تتعلّق بالاستتار أحكام عديدة تكليفيّة ووضعيّة، وهي تختلف
باختلاف معناه أو متعلّقه أو الحالات الطارئة عليه على ما سيأتي:
يستحبّ للمصلّي أن يتّخذ سترة في قبلته من دون خلاف في ذلك بين علمائنا،
بل عليه دعوى
الإجماع ،
وادّعي عدم الخلاف بين علماء
الإسلام على عدم
الوجوب .
الأول- استتار الرجل: يجب على الرجال
ستر العورة ممّن لا يحلّ له النظر إليها رجلًا كان أو امرأة. وأمّا ستر غير العورة من سائر أعضاء
البدن فلا يجب عليهم في الجملة، ويعدّ ذلك من القطعيّات بين جميع المسلمين، وبعض ادّعى أنّ
السيرة القطعيّة
مستقرّة عليه، بل يمكن دعوى
الضرورة عليه.
و
المستند في ذلك
أصل البراءة بعد عدم الدليل على الوجوب، بل
السيرة المتشرّعيّة دالّة أيضاً على عدم وجوبه.
ويستثنى من ذلك ما إذا علم بتعمّد
النساء النظر إليهم، فيجب عليهم التستّر حينئذٍ؛
استناداً إلى أنّ الكشف في صورة
العلم بتعمّد النساء النظر
إعانة على
الإثم ، وبه يكون
الكشف حراماً والتستّر واجباً.
ولكن قد يناقش في ذلك:
أوّلًا: بمنع صدق الإعانة؛ إذ الإعانة على الشيء تتوقّف على قصد
التسبّب إلى ذلك الشيء بفعل المقدّمة، فإذا لم يكن
الفاعل للمقدّمة قاصداً حصوله لا يكون فعل المقدّمة إعانة عليه، فمجرّد علم الرجل بأنّ
المرأة تنظر إليه عمداً لا يوجب التستّر عليه من باب
حرمة الإعانة على الإثم.
وثانياً: بأنّه- على
تقدير صدق الإعانة- لا دليل على حرمة مطلق الإعانة على الإثم فإنّ الدليل مختصّ بإعانة
الظالمين فلا يشمل غيرهم، بل الضرورة قائمة على الجواز في غير ذلك المورد من موارد ترتّب
المحرّم على فعل المكلّف في الخارج؛ إذ لا يحتمل القول بحرمة بيع الخبّاز
الخبز - مثلًا- ممّن يفطر به في
شهر رمضان متعمّداً، وكذا صاحب
السيّارة أو
السفينة إذا حمل من هو في سفر
معصية ، إلى غير ذلك من الأمثلة، بل المحرّم هو
التعاون على الإثم، ومن الواضح أنّه غير الإعانة، فإنّه إنّما يتحقّق
بالاشتراك في
الإتيان بالمحرّم بحيث يكون له دور في
القيام ببعض الأجزاء والمقدّمات، وأمّا في غير ذلك فلا دليل على الحرمة.
ومن هنا ذهب بعض الفقهاء إلى تفصيل آخر في المسألة وهو: أنّه إذا كان الرجل قاصداً بكشفه نظر المرأة إليه فيجب عليه التستّر ويحرم عليه الكشف؛ لأنّه بفعله مسبّب للحرام ومتعاون على عمل مبغوض للمولى، وأمّا إذا لم يكن قاصداً لذلك فلا يجب التستّر ولا يحرم الكشف؛ لعدم صدق الإعانة أوّلًا. وعلى تقدير الصدق لا دليل على حرمة مطلق الإعانة على الاثمّ ثانياً،
كما تقدّم بيان ذلك.
الثاني-استتار المرأة: يجب على المرأة الاستتار ببدنها عن غير
الزوج و
المحارم إجماعاً، بل بضرورة
الدين ،
وذلك بستر بدنها وعدم
إبداء زينتها؛ لقوله تعالى: «وَ لا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ».
وللنصوص
المستفيضة الواردة في المقام، كصحيح
الفضيل قال: سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الذراعين من المرأة، هما من الزينة التي قال اللَّه: «وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ» ؟ قال: «نعم، وما دون
الخمار من الزينة وما دون
السوارين ».
وغير ذلك من الأخبار.
يجب الاستتار بالعورة حال
التخلّي كسائر الأحوال عمّن لا يحلّ له النظر إليها. ويستحبّ الاستتار عن الناس عند
إرادة التخلّي و
قضاء الحاجة بحيث لا يرى أحد شيئاً من بدن المتخلّي كأن يبعد المذهب أو يلج
حفرة أو يدخل بناءً، وظاهر جماعة من الفقهاء
بل صريح بعضهم
شمول هذا الحكم للتخلّي من
البول كالتخلّي من
الغائط ، ولكن خصّه بعض بالتخلّي بالغائط فقط.
يجب قطعاً ستر العورة عمّن لا يحلّ له النظر إليها في جميع الأحوال، ومنها حال
الاغتسال و
الاستحمام . وقد وردت نصوص كثيرة تشتمل على النهي عن دخول الحمّام بغير
مئزر :
منها: حديث
المناهي ، وفيه: «إذا اغتسل أحدكم في فضاء من
الأرض فليحاذر على عورته».
وقال: «لا يدخلنّ أحدكم الحمّام إلّا بمئزر».
ومنها: ما رواه محمّد بن مسلم عن أحدهما- أي الإمامين
الباقر و
الصادق عليهما السلام - سألته عن ماء الحمّام؟ فقال: «ادخله بإزار».
ومنها: ما رواه
رفاعة عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من كان يؤمن
باللَّه واليوم الآخر فلا يدخل الحمّام إلّا بمئزر».
والأمر بالاتّزار في هذه النصوص ونحوها إنّما هو من أجل ستر العورة، بداهة أنّ
الاتزار في حدّ نفسه ليس من الواجبات الشرعيّة في الحمّام، بل من أجل عدم خلوّ الحمام في غالب الأوقات من
الناظر المحترم ،
كما يومئ إلى ذلك
صحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل يغتسل بغير
إزار حيث لا يراه أحد؟ قال: «لا بأس».
وأمّا استتار
المغتسل حال الاغتسال في حدّ نفسه فلم يرد دليل على
استحبابه أو كراهة الاغتسال مكشوفاً.
يجب على المصلّي في الصلاة ستر العورة أيضاً وإن لم يكن هناك ناظر محترم أو كان في
ظلمة ،
ولكن ذلك مع
التمكّن .
وعليه دعوى الإجماع.
و
المراد من الوجوب
الوجوب الشرطي ، بمعنى عدم صحّة الصلاة بدون الستر.
من جملة محرّمات
الإحرام التظليل ، فإنّه يحرم على الرجل المحرم حال سيره، كسقف القبّة و
الكنيسة والمظلّة ونحوها ممّا يكون على رأسه، ولكن يجوز له الاستتار غير سائر بالثوب ونحوه من
الشمس - مثلًا- إذا لم يكن على رأسه.
ويجوز له أن يتستّر من الشمس ببعض
البدن كاليد.
قد يراد من الاستتار هنا الاستتار عن الناس بحيث لا يطّلع أحد على حالهما، وقد يراد منه عدم تجرّدهما حين
الجماع .
الأول :الاستتار عن الناس حين الجماع
الجماع مع وجود الناظر
البالغ تهتك قد يوجب
الإفساد ، فهو حينئذٍ غير جائز من هذه الجهة بلا ريب، ويجب الاستتار به. وكذا يجب الاستتار به في حالة
انكشاف العورة، ولو فعل المكلّف ذلك فعل محرّماً. وأمّا الجماع وعنده من ينظر إليه من
الصبيان وغير البالغين فهو في حدّ ذاته ومع قطع النظر عمّا يقارنه عمل
مكروه ، ينبغي شرعاً الاستتار به بحيث لا ينظر إليهما ناظر ولا يسمع كلامهما بل وحتى نَفَسهما سامع.
ويستند في ذلك إلى النصوص:
منها: ما رواه
الحسين بن زيد عن
أبيه عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: والذي نفسي بيده لو أنّ رجلًا غشي امرأته وفي البيت صبي
مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ونَفَسهما ما أفلح أبداً، إن كان غلاماً كان زانياً أو
جارية كانت زانية».
ومنها: وخبر
ابن راشد عن أبيه قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: «لا يجامع
الرجل امرأته ولا جاريته وفي
البيت صبيّ فإنّ ذلك ممّا يورث
الزنا ».
ومنها: خبر
سليمان بن جعفر الجعفري عن
الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: تعلّموا من
الغراب خصالًا ثلاثاً: استتاره
بالسفاد ، و
بكوره في طلب
الرزق ، وحذره».
ثمّ إنّ مقتضى
إطلاق كلام أكثر الفقهاء
عدم الفرق في الحكم بالكراهة بين كون الناظر مميّزاً أو غير مميّز حتى
الرضيع ، واستند في ذلك إلى إطلاق النصوص. لكنّ
المحقّق الثاني خصّ الحكم بما إذا كان مميّزاً،
واستحسنه بعض الفقهاء،
ونفى عنه
البأس بعض آخر.
وربّما يرشد إلى ذلك ما عن
الإمام الباقر عليه السلام : «إيّاك والجماع حيث يراك صبيّ يحسن أن يصف حالك».
الثاني :عدم التجرد حين الجماع
وقد عدّ من جملة مكروهات الجماع
التجرّد و
التعرّي حينه،
وقد ورد النهي عنه في الروايات المحمول في كلام الفقهاء على الكراهة:
منها: ما رواه
الصدوق عمّن ذكره عن
الحسين بن زيد العلوي عن أبي عبد اللَّه عن آبائه عليهم السلام عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا تجامع الرجل والمرأة فلا يتعرّيان فعل
الحمارين فإنّ
الملائكة تخرج من بينهما إذا فعلا ذلك».
ومنها: ما روى
محمّد بن العيص أنّه سأل أبا عبد اللَّه عليه السلام فقال له: اجامع وأنا
عريان ؟ فقال: «لا، ولا مستقبل القبلة ولا مستدبرها».
إذا توقّف حفظ ما يجب حفظه- كالنفس والمال- على
الاختفاء والاستتار عن عين
الظالم وجب ذلك. قال
الشهيد الثاني : لو أمكن حفظ
الوديعة بالاستتار عن الظالم وجب عليه ذلك، فيضمن لو ترك الاستتار.
وإذا استتر عن الظالم خوفاً على نفسه وأوجب ذلك ترك
الواجب فلا بأس به، قال بعض الفقهاء: إنّه يجوز ترك
الجمعة لو خاف الظالم على نفسه ولو بضرب أو شتم أو على ماله،
فعدّ ذلك من الأعذار المسوّغة
للإخلال بالواجب.
والمقصود منه
العزلة ، وهي ليست بعمل
راجح دائماً،
والتفصيل في مصطلح (
اعتزال ). وقد تعرّض فقهاؤنا في أبواب مختلفة لمسائل تتعلّق باستتار
الإمام الحجّة عليه السلام المعبّر عنه بالغيبة، كحكم
الجهاد الابتدائي و
إقامة الحدود و
صلاة الجمعة والعيدين وحكم
الأنفال والخمس في
عصر الغيبة .
والبحث عنها موكول إلى محالّها.
لا يجوز لمن اقترف معصية من المعاصي-
كشرب الخمر والقتل من حيث هو معصية والزنا- أن يفضح نفسه
بإعلام الناس بمعصيته، بل يجب عليه أن يستتر بها ويخفيها عنهم.
وقد ورد في الأخبار ما يدلّ على ذمّ فضح النفس
بإظهار الزنا وبعض الفواحش على رءوس الملأ وعند الحاكم:
منها: ما عن
أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: «أ يعجز أحدكم إذا قارف هذه
السيّئة أن يستتر على نفسه كما ستر اللَّه عليه».
ومنها: ما عنه عليه السلام أيضاً في حديث
الزاني الذي أقرّ أربع مرّات أنّه قال لقنبر: «احتفظ به»، ثمّ غضب وقال: «ما أقبح الرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش فيفضح نفسه على رءوس الملأ، أ فلا تاب في بيته، فو الله
لتوبته فيما بينه وبين اللَّه أفضل من
إقامتي عليه الحدّ».
ومنها: ما عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل فقال: إنّي زنيت... فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: لو استتر ثمّ تاب كان خيراً له».
ومنها: ما عن الرضا عليه السلام: «المستتر بالحسنة يعدل سبعين
حسنة ، والمذيع بالسيّئة مخذول، والمستتر بالسيّئة
مغفور له».
ومن هنا قالوا: يجوز للحاكم
إيقاف الإقرار و
الاعتراف في حقوق اللَّه تعالى، فعن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال لماعز عند اعترافه بالزنا: «لعلّك قبّلت ولعلّك لمست».
قال
المحقّق النجفي : «هو
تعريض منه
بإيثار الاستتار وحمل له على عدم
الإتمام بتكرار الإقرار أربع مرّات، كلّ ذلك من
الرأفة بعباده ورحمتهم، ولذا درأ عنهم حدوده بالشبهات».
نعم، لا يجوز ذلك فيما يتعلّق بحقوق الناس؛ ولذا صرّح
المحقّق الحلّي وجماعة ممّن تأخّر عنه بأنّه لا يجوز للحاكم إيقاف عزم
الغريم عن الإقرار بالحقّ.
ثمّ إنّه يجب أيضاً على الآخرين الاستتار بمعصية العاصي وعدم فضحه بحيث لو أظهرها مظهر يصير فاسقاً؛ لحرمة الغيبة و
إشاعة الفاحشة ووجوب ستر العثرة؛ لقوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ
الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ».
قال
المحقق البهبهاني : «والأخبار الدالّة على
التحريم وشدّة الحرمة والعقوبات الشديدة متواترة، مضافاً إلى إجماع المسلمين، بل
بداهة الدين».
إذا وجب الحدّ على أحد فهل يجوز الاختفاء والاستتار عن
الحاكم الشرعي وعدم
الحضور في الصلوات والجماعات فراراً عن إقامة الحدّ عليه أو لا؟ أجاز بعض الفقهاء ذلك إذا كان عليه حقّ
قصاص يرجو بالاستتار
العفو من صاحب الحق أو الصلح فيه. وأمّا لو كان عليه حدّ من حدود اللَّه تعالى كحدّ القذف أو حدّ شرب الخمر فلا يجوز الاستتار من الحاكم إذا ثبت بالبيّنة. ويستدلّ على ذلك بأنّ الحدّ حقّ واجب ولا بدل له، ولا يجوز له القصد إلى
إسقاطه .
ولكن قال
السيد الطباطبائي : «لا يجب على
المرتدّ الفطري بعد
التوبة تعريض نفسه للقتل، بل يجوز له
الممانعة منه وإن وجب قتله على غيره».
واستدلّ على ذلك:
أوّلًا:
بالأصل العملي ، وهو أصل البراءة عن الوجوب.
وثانياً: بظهور الأدلّة في أنّ القتل
تكليف الغير لا تكليف المكلّفين بنحو
الوجوب الكفائي بحيث يجب عليه كفاية قتل نفسه أيضاً.
وخالفه في إطلاق هذه الفتوى جمع من الفقهاء، منهم
السيد الخوئي ، فإنّ له تفصيلًا في المسألة، حيث قال: «قد يفرض الكلام قبل ثبوت
الارتداد عند الحاكم، واخرى بعد ثبوته، أمّا الصورة الاولى فلا ينبغي التردّد في حرمة تعريض المرتد نفسه إلى القتل بإظهاره عند الحاكم أو بغيره؛ لوجوب حفظ النفس عن القتل، بل له ردّ الشاهدين و
إنكار شهادتهما أو
الفرار قبل إقامة
الدعوى عند الحاكم، على أنّه
إظهار للمعصية و
افتضاح لنفسه وهو حرام.
وأمّا الصورة الثانية فلا يبعد فيها أن يقال بوجوب تعريض المرتدّ نفسه إلى القتل؛ لوجوب
تنفيذ حكم الحاكم الشرعي وحرمة الفرار عنه؛ لأنّ ردّ حكمه بالفعل أو القول ردّ
للأئمّة عليهم السلام، وهو ردّ للَّه سبحانه».
لا يمنع
أهل الذمّة من المعاصي التي يعتقدون أنّها مباحة، خلافاً
لاعتقادنا كشرب الخمر و أكل
لحم الخنزير و
الأكل و
الشرب في نهار شهر رمضان، بشرط الاستتار بها وعدم إظهارها بين المسلمين.
ومتى استتروا بها ولم يظهروها فتترتّب على ذلك
آثار :
منها: سقوط الحدّ.
ومنها: ضمان المتلف
المسلم لقيمة ما أتلف منهم من الأموال التي لها ماليّة عندهم، وليس لها ماليّة عندنا كالخمر.
ومنها: أنّه يجوز للمسلم قبض ثمن هذه الأموال إذا باعها
الكافر الذمّي ممّن يجوز له شراؤها عوضاً عن حقّه الذي له في ذمّة الذمّي.
قد ورد
الأمر بالاستتار
بالمعاش و
كتمانه فيما روي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في رواية
أبي جعفر الأحول حيث قال له الإمام عليه السلام: «أيّ شيء معاشك؟» قال: قلت: غلامان لي وجملان، قال: فقال: «استتر بذلك فإنّهم إن لم يضرّوك لم ينفعوك».
قال
العلّامة المجلسي في شرح كلام الإمام عليه السلام: «لعلّ المراد لا تخبر
إخوانك بضيق معاشك فإنّهم لا ينفعونك، ويمكن أن يضرّوك
بإهانتهم و
استخفافهم بك. أو لا تخبر بحسن حالك إخوانك فإنّهم يحسدونك».
وقال
الشهيد الأوّل : «ويستحبّ كتمان المال ولو من الإخوان».
الاستتار ببعض أعمال الخير
كالتصدّق ، عمل
مندوب إليه في الجملة.
هل يتحقّق
الغروب شرعاً بمجرّد استتار قرص
الشمس عن
الأفق أو بغير ذلك؟ فيه خلاف بين الفقهاء.
من شروط
قصر الصلاة الوصول إلى
حدّ الترخّص ، وقد اختلف الفقهاء في حدّ الترخّص هل هو
المكان الذي يتحقّق فيه أحد الأمرين من خفاء
الجدران واستتار البيوت ومن عدم سماع
أذان البلد أو أنّه المكان الذي يتحقّق فيه كلا الأمرين فلا يجوز قصر الصلاة إلّا بعد
خفاء الجدران وعدم
سماع الأذان أو غير ذلك؟ فيه خلاف بين الفقهاء.
الموسوعة الفقهية، ج۱۱، ص۳۷-۴۷.