الاضحية
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الاضحية (توضيح) .
الاضحيّة
الشاة التي تذبح ضحوة يوم
العيد بمنى وغيره، فيطلقونها
الفقهاء على ما يذبح أو ينحر من
النعم يوم
عيد الأضحى وما بعده، إلى ثلاثة أيّام، بمنى وغيرها من
الأمصار تبرّعاً،
متقرّباً بها إلى اللَّه تعالى وقت
الضحى و
ارتفاع النهار غالباً.
الاضحيّة- بضمّ
الهمزة أو كسرها و
تشديد الياء-: الشاة التي تذبح ضحوة يوم العيد بمنى وغيره،
وجمعها: أضاحي. ويقال لها: ضحيّة- بفتح الضاد، وتشديد الياء- وجمعها: ضحايا.
ويقال لها أيضاً: أضحاة- بفتح الهمزة- وجمعها: أضحى، وهو
اسم جنس جمعي، (اسم
الجنس الجمعي: هو ما يفرّق بينه وبين واحدهبهاء
التأنيث ، مثل: شجر و
شجرة ، أو بالياء المشدّدة، مثل: عرب وعربيّ.) وبها سمّي يوم الأضحى، أي اليوم الذي يضحّي فيه
الناس .
ويستعملها الفقهاء بنفس المعنى اللغوي المذكور، فيطلقونها على ما يذبح أو ينحر من النعم يوم عيد الأضحى وما بعده- إلى ثلاثة أيّام، بمنى وغيرها من الأمصار- تبرّعاً،
متقرّباً بها إلى
اللَّه تعالى وقت الضحى وارتفاع النهار غالباً.
وهو ما يذبحه
المتمتّع من
الأنعام في الحرم
أيّام النحر لتمتّع، أو ترك واجب من واجبات
النسك ، أو
ارتكاب محظور من محظوراتها، حجّاً كان أو
عمرة . وتشترك مع الاضحية في أنّ كلّاً منهما ذبيحة، ومن الأنعام، وأنّه يذبح في أيّام النحر تقرّباً إلى اللَّه تعالى. ويفترقان بأنّ الاضحيّة لا تجب على المتمتّع، وليست كفّارة لفعل محظور من محظورات النسك، ولا لترك واجب من واجباتها، ولا تتعلّق بالإحرام ولا
الحرم ، ولا تختصّ بمكان خاصّ، بخلاف
الهدي ، فإنّه يجب على المتمتّع، ويتعلّق بالإحرام، ويختصّ بالحرم.
وهو ما يتقرّب به
العبد إلى ربّه،
سواء كان من الذبائح أم من غيرها، و
العلاقة العامّة بين الاضحية وسائر القرابين أنّها جميعاً ممّا يتقرّب به إلى اللَّه تعالى، إلّاأنّ الاضحيّة تختصّ بالذبائح، أمّا القرابين فتعمّها وغيرها، فالعلاقة بين الاثنين هي علاقة
العموم والخصوص المطلق .
وهي
الحيوان المذبوح،
وتشترك
الذبيحة مع الاضحيّة في
الذبح ، وفي كونها من الأنعام. وتفترق عن الاضحيّة بأنّها تشمل كلّ ما يذبح، للبيع أو
الأكل أو
لإكرام الضيف وغيرها، في حين تختصّ الاضحيّة بما يذبح تقرّباً إلى اللَّه تعالى في أيّام النحر، مع شرائط خاصّة، فالذبيحة أعمّ من الاضحيّة.
وهي ما يذبح عند
الولادة شكراً للَّهتعالى على ما أنعم به، ذكراً كان
المولود أو انثى، وسمّيت
بالعقيقة لمجاورتها يوم الحلق؛ لأنّها لغة: شعر المولود إذا جمع،
وهي سنّة مؤكّدة؛ لما ورد في
الحديث : «كلّ مولود مرتهن بعقيقته»،
فهي غير الاضحيّة.
ذهب الفقهاء إلى
استحباب الاضحيّة استحباباً مؤكّداً.
واستدلّ له
بالكتاب والسنّة:
أمّا الكتاب فبقوله تعالى: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ»،
بناءً على ما ذكره بعض المفسّرين من أنّ المراد من النحر هو
التضحية في أيّام النحر.
ولا ينافيه ما ورد في النصوص، من أنّ المراد من النحر في
الآية هو رفع اليدين حذاء الوجه،
مستقبل
القبلة في
افتتاح الصلاة،
أو أنّ المراد منه هو رفع اليدين في
تكبيرات الصلاة ،
أو أنّ المراد منه هو
الاعتدال في
القيام ، بمعنى أنّ المصلّي يقيم صلبه في صلاته؛
إذ لا مانع من
إرادة الجميع على ضرب من التجوّز، أو على نحو إرادة
البطون مع الظواهر، كما ذكره
المحقّق النجفي .
نعم، قد يقال:
دلالة الآية حينئذٍ على استحباب الاضحيّة بعد أن كان مفهومها عاماً وعدم
اختصاص الاضحيّة بالنحر تحتاج إلى
قرينة واضحة، فإنّ مثل هذا العموم قد لا يكفي
لإثبات الاستحباب الخاصّ الذي نحن بصدد الحديث عنه.
وأمّا السنّة فبروايات عديدة:
منها: صحيح
محمّد بن مسلم عن
أبي جعفر عليه السلام قال: «الاضحيّة واجبة على من وجد من صغير أو كبير، وهي سنّة».
ومنها: ما رواه
عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سئل عن
الأضحى أواجب هو على من وَجَد لنفسه وعياله؟ فقال: «أمّا لنفسه فلا يدعه، وأمّا لعياله إن شاء تركه».
وظاهرها وإن كان
الوجوب إلّاأنّ
الإجماع قائم على الندب، مضافاً إلى
النبوي : «كُتب عليّ النحر ولم يكتب عليكم».
وشيوع إرادة الندب المؤكّد من كلمة الوجوب
يدفع إلى القول بالاستحباب.
وما نسب إلى
ابن الجنيد ، من القول بالوجوب
اعتماداً على ظاهر هذه الروايات، فلم يقفوا عنده؛
لتسالم الفقهاء وإجماعهم على خلافه بحيث عدّ القول بالوجوب شاذّاً،
وتعارف إرادة الندب المؤكّد من كلمة الوجوب في الروايات.
تعتبر الاضحيّة نوع
عبادة من العبادات المالية، و
المستفاد من الأخبار أنّ الحكمة في
تشريعها أمران كلاهما يوجب
التقرّب إلى اللَّه عزّوجلّ:
الأوّل:
غفران ذنوب صاحب الاضحيّة، وتدلّ عليه نصوص متعدّدة، كالمروي عن
الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال: «لو علم الناس ما في الاضحيّة لاستدانوا وضحّوا، إنّه ليغفر لصاحب الاضحيّة عند أوّل قطرة تقطر من دمها».
ونحوه ما عن
أبي بصير عن
الإمام الصادق عليه السلام أيضاً، قال: قلت له: ما علّة الاضحيّة؟ فقال: «إنّه يغفر لصاحبها عند أوّل قطرة تقطر من دمها على الأرض، وليعلم اللَّه عزوجلّ من يتّقيه
بالغيب ، قال اللَّه عزّوجلّ: «لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلكِن يَنَالُهُ
التَّقْوَى مِنكُمْ»»»، ثمّ قال: «انظر كيف قبل اللَّه
قربان هابيل ، وردّ قربان
قابيل ».
الثاني:
إطعام المساكين والفقراء، ويدلّ عليه ما رواه
الصدوق بإسناده عن السكوني، عن الإمام الصادق عليه السلام، عن
آبائه عليهم السلام قال: «قال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إنّما جعل اللَّه هذا الأضحى لتشبع مساكينكم من
اللحم ، فأطعموهم».
•
الاضحية (شروطها وآدابها) ،للاضحية شروط و
آداب ، منها: ۱- ما يعود إلى الاضحيّة في نفسها، ۲- ما يعود إلى المضحّي، ۳- ما يعود إلى
التضحية .
صرّح جماعة من الفقهاء
باستحباب أكلها، سواء كانت مسنونة أم واجبة، بالنذر وشبهه، وادّعي عليه الإجماع.
وقد يستدلّ له بقوله تعالى: «فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا
الْبَائِسَ الْفَقِيرَ»،
فإنّها لا أقلّ تفيد الاستحباب بعد عدم
الأخذ بالوجوب.
لكنّها لمّا لم تدلّ على الوجوب؛ لورود
الأمر مورد توهّم
الحظر ، حيث إنّ
أهل الجاهلية كانوا يتنزّهون عن
الأكل ؛ لأنّها
صدقة ، فيكون مفادها حينئذٍ عدم البأس بالأكل منها،
فلا تدلّ إلّاعلى الجواز لا الاستحباب، مع أنّ المراد هو
التمسّك بها لإثبات الاستحباب لا مطلق الجواز.
نعم، يمكن
استفادة الاستحباب منها بتقريب آخر وهو: أنّ سياق الآية
الترغيب إلى الآداب، وهذا وجه يمكن الاعتماد عليه، و
استظهار الاستحباب منه، كما ادّعاه
الشيخ الطوسي ، حيث صرّح- بعد استفادة الوجوب من
الأمر - بأنّ الأكل مندوب إليه.
ويمكن
إثبات استحباب الأكل من الروايات الدالّة على استحباب
التثليث عامّة، ورواية
أبي الصباح الكناني الآتية
خاصّة، حيث إنّها ظاهرة في الاستحباب. أمّا جواز
ادّخار لحوم الأضاحي في
منى ، وجواز
إخراجها منها، و
كراهة أخذ جلودها فيراجع فيه مصطلح (ذباحة، ذبيحة).
المعروف عند الفقهاء
استحباب تثليث الاضحيّة، بأن يأكل المضحّي ثلثاً، ويتصدّق بثلث، ويهدي ثلثاً.
قال الشيخ: «لو تصدّق بالجميع كان
أفضل »،
ونسب الشهيدان إلى
المشهور أنّ الأفضل هو
التصدّق بالأكثر.
واستدلّ بعض الفقهاء على استحباب التثليث بقوله سبحانه وتعالى: «فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ»،
فإنّ القانع: هو الذي يسأل فيقنع بما يعطى، و
المعترّ : هو الذي يعتريك- أي يمرّ بك- ولا يسألك.
وكذا رواية أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن لحوم الأضاحي؟ فقال: «كان
عليّ بن الحسين وأبو جعفر عليهما السلام يتصدّقان بثلثٍ على جيرانهم، وثلث على السؤّال، وثلث يمسكانه
لأهل البيت ».
صرّح بعض الفقهاء
بعدم جواز بيع لحوم الأضاحي؛ لأنّها بذبحها خرجت عن ملك صاحبها، واستحقّها المساكين.
وخالفهم بعض آخر،
فذكر أنّ المنع مختصّ بالاضحيّة الواجبة لا المندوبة.
وفصّل
الفاضل النراقي بما هذا نصّه: «
الكلام إمّا في البيع مطلقاً ولو لأجل التصدّق بثمنها، أو في البيع مع عدم التصدّق بالثمن، ثمّ على الثاني إمّا يكون الكلام في جواز البيع وعدمه حتّى يأثم به أو لا يأثم، أو في وقوع الاضحيّة المستحبّة معه وعدمه، فإن كان الأوّل فالظاهر الجواز؛ لعدم الدليل على المنع. وخروجه عن ملكه بمجرّد الذبح غير معلوم.
ومنه يظهر حكم الثاني أيضاً، فإنّ
الأصل مع
الإباحة ، ولا دليل على
انتفائها . وأمّا الثالث فمبنيّ على أن يعلم أنّ التضحّي هو مجرّد الذبح، أو هو مع الصرف في مصرف خاصّ ولو بجزء منه ولو
بإطعامه أهل بيته».
ثمّ صرّح بعدم الدليل على صدق التضحية بمجرّد الذبح؛ إذ
الإطلاقات ناظرة إلى ذبح الاضحيّة، مع أنّ الكلام في تعيين المراد منه، وأصل
الاشتغال - ولو بالأمر الاستحبابي- يقتضي عدم حصول عنوان التضحية بدون إطعام الغير.
فالمستفاد من كلامه أنّ بيع الاضحيّة وإن كان جائزاً ولكن بدون التصدّق بثمنه، أو بدون إطعام الغير أو إطعام أهل بيته ولو بجزء منه، لا يصدق عنوان التضحية.
واستدلّ على لزوم الأزيد من الذبح بتتبّع الأخبار والسيرة المتشرّعية.
وعليه فصدق عنوان التضحية يقتضي أن يطعم صاحب الاضحيّة ولو بجزء منها، أو يتصدّق بثمنها. هذا بالنسبة إلى بيع لحوم الأضاحي.
وأمّا بيع جلودها أو
إعطاؤها للجزّار فقد حكم الشيخ الطوسي بعدم جواز البيع، سواء كانت واجبة أو تطوّعاً، وإن خالف تصدّق بثمنه.
وقال الفاضل النراقي: «الأولى المنع بإزاء
الأجرة ، وكذا
الأحوط عدم بيعها إلّا مع التصدّق بثمنها أو
إهدائه ».
وخالفهم جمع آخر من الفقهاء
حيث صرّحوا بكراهة بيع جلودها أو إعطائها للجزّار إلّاأن يتصدّق بثمنها. واستدلّ لإثبات كراهة التصرّف في جلود الأضاحي بصحيحة
عليّ بن جعفر حيث قال عليه السلام: «لا يصلح أن يجعلها جراباً إلّاأن يتصدّق بثمنها».
ولإثبات كراهة إعطائها للجزّار بصحيحة
معاوية بن عمّار ، حيث قال عليه السلام: «ولا تعط
السلّاخ منها شيئاً».
والنهي فيها وإن كان ظاهراً في
الحرمة إلّا أنّه يرفع اليد عنه؛ لما في خبر
صفوان بن يحيى الأزرق ، قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: الرجل يعطي الاضحيّة من يسلخها بجلدها؟ قال: «لا بأس به، إنّما قال اللَّه عزوجل «فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا»،
والجلد لا يؤكل ولا يطعم».
•
الاضحية (الحيوان المنذور لها)، الاضحيّة الشاة التي تذبح ضحوة يوم العيد بمنى وغيره، فإذا نذر أن يضحّي بحيوان معيّن ممّا يملكه فهناك أحكام.
أجمع الفقهاء على
إجزاء الهدي عن الاضحيّة؛
لما في صحيح محمّد بن مسلم: «يجزيه في الاضحيّة هديه»،
ولما في صحيح
الحلبي : «يجزي الهدي عن الاضحيّة»،
والظاهر منهما هو إجزاء
مطلق الهدي عنها.
وأمّا استحباب الجمع بينهما فقد صرّح به جماعة منهم؛
لما فيه من فعل
المعروف ونفع المساكين.
وخالفهم فيه
المحدّث البحراني والفاضل النراقي؛
لعدم الفرق بين
الوجوب و
التحريم والاستحباب والكراهة في كونها أحكاماً شرعية لا يجوز القول فيها بغير دليل، وما ذكر لا يصحّ دليلًا على الاستحباب.
المعروف بين الفقهاء
استحباب التصدّق بثمن الاضحيّة إن لم يجدها وتعذّرت عليه، وإن اختلفت أثمانها جمع
الأعلى و
الأوسط و
الأدون ، وتصدّق بثلث الجميع؛ لرواية
عبد الله بن عمر ، قال: كنّا بمكّة فأصابنا غلاء في الأضاحي، فاشترينا بدينار، ثمّ بدينارين، ثمّ بلغت سبعة، ثمّ لم توجد بقليل ولا كثير، فرقّع
هشام المكاري رقعة إلى أبي الحسن عليه السلام فأخبره بما اشترينا، ثمّ لم نجد بقليل ولا كثير، فوقّع عليه السلام: «انظروا إلى
الثمن الأوّل والثاني والثالث، ثمّ تصدّقوا بمثل ثلثه».
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۳۹۱-۴۱۰.