النكاح
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو في اللغة
الوطء، وفي
الشرع، العقد خاصّة؛ وأقسامه ثلاثة:
النكاح الدائم،
النكاح المنقطع،
نكاح الإماء والعبيد.
هو في اللغة:
الوطء، على الأشهر كما نُقل،
بل عليه
الإجماع في
المختلف، وهو الظاهر من
الجوهري كغيره من أهلها
. إلاّ أنّ المحكيّ عن
الراغب استحالته
. وعن أبي القاسم الزجّاج: اشتراكه بينه وبين العقد
. وهو الظاهر من غيره أيضاً
.
وربما قيل بمجازيّته فيهما؛ لأخذهما من الضمّ والاختلاط والغلبة
. وردّ بعدم منافاة التجوّز باعتبار أصله الحقيقة فيهما، أو في أحدهما في عرف اللغة
. مضافاً إلى كون إطلاقه على الوطء باعتبار وجود أحد المعاني فيه، وهو لا ينافي
الحقيقة.
ويتوجّه على الأول: أنّ عدم المنافاة فرع وجود
الدليل على الدعوى، وليس، فالأصل عدم
النقل.
وعلى الثاني: أنّه يتوقّف صحّته على إرادة ما ذكر من حاقّ اللفظ والخصوصيّة من الخارج، وليس الكلام فيه، بل هو في استعماله في المركّب منهما، وهو غير الأصل، فيكون مجازاً.
وفي
الشرع: العقد خاصّة، على الأشهر كما حكي،
بل عن
الشيخ والحلّي والإيضاح دعوى الإجماع عليه
، وهي
الحجّة فيه، مع أصالة عدم النقل إن قلنا باتحاد اللغة معه، وغلبة استعماله في الشرع كذلك، حتى قيل: إنّه لم يرد في
القرآن بذلك إلاّ قوله تعالى: «حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ»
لاشتراط الوطء في المحلّل
؛ وفيه نظر.
وهي أي الغلبة، أمارة الحقيقة؛ لإيراثها
التبادر، لا لصحّة النفي في مثل: «هذا سفاحٌ وليس بنكاح»؛ لاحتمال الاعتماد على القرينة كما فيه.
وقيل بالعكس؛ للأصل، بناءً على كونه لغةً كذلك
.
وقيل بالاشتراك بينهما؛ للاستعمال والأصل فيه الحقيقة ولقوله تعالى: «وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ»
لدخول الأمرين فيه
.
ويضعّف الأول بعد تسليم الثبوت لغة كذلك: بتخصيص
الأصل بما مرّ.
والثاني: بأعميّة الاستعمال، وعدم الدليل على إرادتهما معاً من
الآية.
وتساويهما في الحكم على تقدير تسليمه غير ملازم لذلك. هذا على القول بجواز استعمال المشترك في معنييه، وإلاّ فهو باطلٌ من أصله.
وأقسامه ثلاثة وإنّما قلنا ذلك للزوم أن يلغو الظرف في قوله: الأول : في الدائم، على تقدير رجوع الضمير إلى النكاح.
•
النكاح الدائم، وهو يستدعي فصولاً : الأول : في
صيغة العقد، وأحكامه وآدابه. أما الصيغة: فالإيجاب والقبول؛ ويشترط النطق بأحد ألفاظ ثلاثة: زوجتك، وأنكحتك، ومتعتك؛ و
الاكتفاء بأحد الأوّلَين مجمعٌ عليه
، وبالثالث مختلفٌ فيه، فالأكثر على المنع
كما حُكي
؛ والقبول وهو الرضاء بالايجاب؛ وهل يشترط وقوع تلك الالفاظ بلفظ الماضى؟
الأحوط نعم، لانه صريح في
الإنشاء؛ ولو أتى بلفظ
الأمر كقوله للولى: زوجنيها، فقال: زوجتك، قيل: يصح
، كما في قصة سهل الساعدى
؛ ولو أتى بلفظ المستقبل كقوله: أتزوجك، قيل: يجوز
كما في خبر ابان عن
الصادق (عليه السلام) في
المتعة: أتزوجك، فإذا قالت: نعم، فهى امرأتك
؛ ولو قال زوجت بنتك من فلان فقال نعم فقال الزوج قبلت، صح
، لانه يتضمن السؤال؛ ولا يشترط تقديم
الإيجاب؛ ولا تجزى الترجمة مع القدرة على
النطق، وتجزى مع العذر، كالاعجم وكذا الإشارة للاخرس.
وأما الآداب فقسمان: الاول،
آداب العقد؛ ويستحب له أن يتخير من النساء البكر
، العفيفة
، الكريمة الاصل
(إلاّ أنّ فيه : لا تضعوها إلاّ في الأكفاء)
، وأن يقصد
السنة لا الجمال والمال فربما حرمهما
؛ ويصلى ركعتين ويسأل
الله تعالى أن يرزقه من النساء أعفهن وأحفظهن وأوسعهن رزقا وأعظمهن بركة
؛ ويستحب
الإشهاد والإعلان،
والخطبة أمام العقد
، وإيقاعه ليلا
؛ ويكره و
القمر في العقرب، وأن يتزوج
العقيم. الثانى، في
آداب الخلوة: يستحب
صلاة ركعتين إذا أراد الدخول،
والدعاء، وأن يأمرها بمثل ذلك عند الانتقال، وأن يجعل يده على ناصيتها ويكونا على طهر، ويقول: اللهم على كتابك تزوجتها إلى آخر الدعاء، وأن يكون الدخول ليلا، ويسمى عند
الجماع، وأن يسأل الله تعالى أن يرزقه ولدا ذكرا؛ ويكره الجماع ليلة
الخسوف ويوم
الكسوف، وعند
الزوال، وعند الغروب حتى يذهب
الشفق، وفي
المحاق، وبعد
الفجر حتى تطلع الشمس، وفي أول ليلة من كل شهر إلا
شهر رمضان، وفي ليلة النصف، وفي السفر إذا لم يكن معه ماء للغسل، وعند
الزلزلة والريح الصفراء والسوداء، ومستقبل
القبلة ومستدبرها، وفي السفينة، وعاريا، وعقيب
الاحتلام قبل
الغسل أو
الوضوء، والجماع، وعنده من ينظر إليه، والنظر إلى فرج
المرأة، والكلام عند الجماع بغير
ذكر الله تعالى.
•
النكاح المنقطع، لا خلاف بين المسلمين كافّة في ثبوت شرعيّة نكاح المتعة في الجملة، ونطقت به
القرآن الكريم والسنّة المتواترة من طرق
الخاصّة والعامّة، وعلى بقائها إلى
يوم القيامة إجماع أهل العصمة، وشيعتهم
الإماميّة؛ وأركانه أربعة:
الصيغة، النكاح المنقطع ينعقد بإحدى الألفاظ الثلاثة: أنكحتك، وزوّجتك، ومتّعتك
،
الزوجة ويستحبّ اختيار المؤمنة
العارفة
واختيار العفيفة
،
المهر، ذكر
المهر في ضمن
العقد شرط في الصحّة
، فيبطل العقد بالإخلال به مطلقاً، عمداً كان أو سهواً؛ و يشترط فيه الملكيّة والعلم بالمقدار ويتقدّر بالتراضي بكلّ ما يقع عليه ممّا يتموّل ولو بكفّ من بُرّ
،
الأجل، ذكر الأجل شرط في صحّة العقد
.
•
نكاح المماليك، في بيان نكاح الإماء والعبيد؛ والنظر فيه: إمّا في
العقد، وإمّا في
الملك.
•
نكاح المماليك بالعقد، ليس للعبد ولا للأمة أن يعقدا لانفسهما نكاحا ما لم يأذن المولى؛ ولو بادر أحدهما ففى وقوفه على
الاجازة قولان، ووقوفه على الاجازة أشبه
؛ وإن أذن المولى ثبت في ذمة مولى العبد
المهر والنفقة، ويثبت لمولى الأمة المهر؛ ولو لم يأذنا فالولد لهما؛ ولو أذن أحدهما كان للآخر
؛ وولد المملوكين رق لمولاهما؛ ولو كانا لاثنين فالولد بينهما بالسوية ما لم يشترطه أحدهما
؛ وإذا كان أحد الابوين حرا فالولد حر
، إلا أن يشترط المولى رقيته
، على تردد
. ولو تزوج الحر أمة من غير إذن مالكها، فإن وطئها قبل الاجازة عالما فهو زان
، والولد رق للمولى
، وعليه
الحد والمهر
؛ ويسقط الحد لو كان جاهلا دون المهر
، ويلحقه الولد: وعليه قيمته يوم سقط حيا؛ وكذا لو ادعت
الحرية فتزوجها على ذلك
؛ وفي
رواية: يلزمه بالوطء عشر القيمة إن كانت بكرا، ونصف العشر لو كانت ثيبا
؛ ولو أولدها فكهم بالقيمة
؛ ولا عجز سعى في قيمتهم
، ولو أبى عن السعى قيل: يفديهم
الإمام وفي المستند ضعف
؛ ولو لم يدخل بها فلا مهر. ولو تزوجت الحرة عبدا مع
العلم فلا مهر
وولدها رق، ومع
الجهل يكون الولد حرا ولا يلزمها قيمته؛ ويلزم العبد مهرها إن لم يكن مأذونا ويتبع به إذا تحرر. ولو تسافح المملوكان فلا مهر والولد رق لمولى
الأمة، وكذا لو زنى بها الحر
. ولو اشترى الحر نصيب أحد الشريكين من زوجته بطل عقده
، ولو أمضى الشريك العقد لم يحل وطؤها، وبالتحليل رواية ليس فيها ضعف
. وكذا لو كان بعضها حرا
، أولوها يأها مولاها على الزمان ففى جواز العقد عليها متعة في زمانها تردد
. ويستحب لمن زوج عبده أمته أن يعطيها شيئا
، ولو مات المولى كان للورثة
الخيار في الاجازة والفسخ، ولا خيار للأمة
.
•
نكاح المماليك بالملك، في جواز استباحة الرجل بضع
المرأة بـالملك؛ وهو نوعان، الأول:
ملك الرقبة، والثاني:
ملك المنفعة.
•
النكاح بملك الرقبة، ملك الرقبة وهو موضع وفاق؛ مدلول عليه بالكتاب
والسنّة المتواترة من طرق الخاصّة والعامّة. لا حصر في النكاح بملك الرقبة
؛ وإذا زوج أمته حرمت عليه وطئا ولمسا ونظرا بشهوة ما دامت في
العقد؛ وليس للمولى انتزاعها
؛ ولو باعها تخير المشترى دونه ولا يحل لاحد الشريكين وطأ المشتركة؛ ويجوز ابتياع ذوات الازواج من أهل الحرب وأبنائهم وبناتهم
؛ ولو ملك
الأمة فأعتقها حل له وطؤها بالعقد وإن لم يستبرئها
، ولا تحل لغيره حتى تعتد كالحرة
؛ ويملك
الأب موطوءة ابنه وإن حرم عليه وطؤها وكذا
الإبن.
•
النكاح بملك المنفعة، النوع الثاني من نوعي جواز النكاح بالملك: النكاح بـملك المنفعة بتحليل الأمة دون
الهبة والعارية؛ وهي قسمان: وفاقيّة كما حكاه جماعة
وخلافيّة، فالأول أن يقول: أحللت وطأها، أو جعلتك في حِلّ من وطئها وذلك لتضمّنها النصوص
ولم يتعدهما
الشيخ؛ واتسع آخرون بلفظ
الإباحة ومنع الجميع لفظ العارية
؛ وهل هو إباحة أو عقد؟ قال علم الهدى: هو عقد
متعة؛ وفي تحليل أمته لمملوكه تردد
، ومساواته بالاجنبى أشبه
؛ ولو ملك بعض الامة فأحلته نفسها لم يصح؛ وفي تحليل الشريك تردد والوجه: المنع؛ ويستبيح ما يتناوله اللفظ؛ فلو أحل التقبيل اقتصر عليه، وكذا
اللمس؛لكن لو أحل الوطأ حل له ما دونه
؛ ولو أحل الخدمة لم يتعرض للوطء؛ وكذا لا يستبيح بتحليل
الوطء؛ وولد المحللة حر
؛ فإن شرط
الحرية في العقد فلا سبيل على
الأب؛ وإن لم يشترط ففى إلزامه قيمة الولد روايتان، أشبههما: أنه لا تلزم
؛ ولا بأس أن يطأ الامة وفي
البيت غيره
، وأن ينام بين أمتين
؛ ويكره في الحرائر
؛ وكذا يكره وطء الفاجرة
ومن ولدت من
الزنا.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۱، ص۷- ۴۸۵.