الآمر والناهي (شروطهما)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (توضيح).
تشترط في الآمر والناهي شروط لا يجب
الأمر بالمعروف ولا النهي عن
المنكر مع عدم تحقّقها فيه، وهي:
ذكر الفقهاء أنّ من جملة شروط الآمر والناهي التكليف، أي كونه متّصفاً
بالبلوغ و
العقل ،
فلا يجبان على
الصبي و
المجنون ؛ وذلك لما ورد من
الإمام علي عليه السلام أنّه قال: «إنّ
القلم يرفع عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن
النائم حتى يستيقظ».
قال: «لا يجب الأمر والنهي على
الصغير ولو كان
مراهقاً مميّزاً».
ومن
المعلوم أنّ ذلك شرط الوجوب لا
الجواز ، فإنّه يجوز لغير
المكلّف الأمر والنهي أيضاً لو تمكّن منهما. ويندرج في شرط
التكليف ما ذكره بعض الفقهاء من أنّ من شروط الآمر والناهي
التمكّن من الأمر والنهي؛ لقبح التكليف من دونه عقلًا وسمعاً.
والمراد بالتمكّن هو تمكّن الإنسان من
إنكار المنكر بيده ولسانه، فلو عجز عن ذلك عقلًا أو شرعاً سقط
الوجوب عنه.
قال: «فالواجب على أهل
الإيمان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب
الإمكان وشرط
الصلاح ، فإذا تمكّن الإنسان من إنكار المنكر بيده ولسانه، وأمن في الحال ومستقبلها من
الخوف بذلك على النفس و
الدين والمؤمنين، وجب عليه الإنكار بالقلب واليد واللسان».
ظاهر بعض الفقهاء
اشتراط الإسلام في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛
وذلك لأنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
نصرة للدين، فكيف يكون من أهله من هو جاحد
لأصله ومن أعدائه؟! قال
المحقّق الراوندي : «فإن قيل: فمن يباشر؟ قلنا: كلّ
مسلم تمكّن منه واختصّ بشرائطه».
إلّاأنّ هذا
الشرط مبنيّ على عدم إمكان تكليف الكفّار بالفروع، وإلّا كان الحكم
الإلزامي شاملًا هنا بمقتضى
الإطلاق في بعض النصوص والأدلّة، وأمّا
الاحتجاج بعدم تأتّي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من
الكافر فهو
صادق في بعض أنواع المعروف والمنكر لا جميعها، فإنّ بعضها الآخر ممّا تشترك فيه
الديانات كافّة، كعبادة اللَّه و
الاعتقاد بنبوّة بعض
الأنبياء والكثير من أفعال الخير والصلاح، بل يمكن تصوّر ذلك حتى من الجاحد
بربوبية اللَّه تعالى ووجوده، كما في مثل أنواع
الحسن و
القبيح [[|المدركة]] بالعقل العملي، لا سيما مع عدم اشتراط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
بقصد القربة كما تقدّم.
اختلف الفقهاء في
اعتبار العدالة في الآمر والناهي، فاشترطها بعضهم على ما ذكره
الشيخ البهائي؛ استناداً إلى أنّ
الفاسق ليس له أن يأمر وينهى.
لقوله تعالى: «أَتَأْمُرُونَ
النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ
الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ».
وقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَاتَفْعَلُونَ• كَبُرَ
مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَاتَفْعَلُونَ».
واستدلّ له أيضاً ببعض الروايات:
منها:
مرفوعة محمّد بن أبي عمير عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إنّما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من كانت فيه ثلاث
خصال : عامل بما يأمر به،
تارك لما ينهى عنه، عادل فيما يأمر،
عادل فيما ينهى، رفيق فيما يأمر،
رفيق فيما ينهى».
ومنها: قول
أمير المؤمنين عليه السلام : «وأمروا بالمعروف وائتمروا به، وانهوا عن المنكر وتناهوا عنه، وإنّما امرنا بالنهي بعد
التناهي ».
ومنها: قول الإمام الصادق عليه السلام في رواية
أبي عمرو الزبيري : «... ولا يأمر بالمعروف من قد امر أن يؤمر به، ولا ينهى عن المنكر من قد امر أن ينهى عنه»،
ومنها: المروي عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «مررت
ليلة اسري بي بقوم تقرض
شفاههم بمقارض من نار، فقلت: من أنتم؟ قالوا: كنّا نأمر بالخير ولا نأتيه، وننهى عن الشرّ ونأتيه».
قال
السيّد السبزواري : «لابدّ من
العمل بالمعروف ثمّ الأمر به، وترك المنكر ثمّ النهي عنه»؛ وعلّله بقوله: «لما يظهر من جملة من
الأخبار ، منها: قول علي عليه السلام: «لعن
اللَّه الآمرين بالمعروف التاركين له، والناهين عن المنكر
العاملين به».
وقال
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر: «يا
أبا ذر، يطلع قوم من أهل
الجنّة إلى قوم من أهل
النار فيقولون: ما أدخلكم النار وإنّما دخلنا الجنّة بفضل
تعليمكم و
تأديبكم ؟ فيقولون: إنّا كنّا نأمركم بالخير ولا نفعله» ».
ويساعد على هذه الأدلّة
الاعتبار أيضاً، فإنّ هداية الغير فرع
الاهتداء ، و
الإقامة بعد
الاستقامة ؛ ولهذا قيل: إنّ
الإصلاح زكاة
نصاب الصلاح.
وهذه الأدلّة كلّها قابلة
للمناقشة ؛ فإنّ الآيات المتقدّمة وجملة من الروايات إنّما تذمّ تارك
المعروف وهو يأمر به، فجهة
الذم ليست الأمر حال
الترك ، بل الترك حال الأمر.
أمّا الروايات- فمضافاً إلى ضعف سند أكثرها
- بعضها غير دالّ؛ فإنّ مرفوعة
ابن أبي عمير إنّما تدلّ على
لزوم العمل بما يأمر به لا
العدالة ؛ إذ قد يكون فاسقاً من جهة لكنه يأمر من جهة اخرى غير جهة فسقه. وأمّا وجوه الاعتبار فغير واضحة، فهي أقرب إلى
الاستحسان ؛ لإمكان تصوّر
الهداية مع عدم الاهتداء كما تفيده بعض الروايات المتقدّمة والآتية.
من هنا صرّح جملة من الفقهاء بعدم اعتبار العدالة،
فلا يشترط في الآمر والناهي العدالة، أو كونه آتياً بما أمر به وتاركاً لما نهى عنه؛ لأنّه لا يسقط بترك أحد
الواجبين الواجب الآخر بعد عدم وجود دليل على
ترابطهما ثبوتاً أو سقوطاً.
واستدلّ له- أيضاً- بأنّه مخالف لإطلاق ما دلّ على الأمر بهما
كتاباً وسنةً و
إجماعاً من غير اشتراط للعدالة،
بعد عدم تمامية ما تقدّم من أدلّة الاشتراط إمّا سنداً أو دلالةً، فأدلّة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شاملة للعادل والفاسق. وبأنّه لو شرط ذلك لاقتضى عدم وجوب الأمر والنهي إلّاعلى
المعصوم ومن لم يقع منه من حين بلوغه أو حين
توبته ذنب صغير ولا كبير، فينسدّ باب
الحسبة بالكلّية.
وإن أمكن
النقاش في هذا
الإشكال بالتفريق بين
العصمة والعدالة.
وبما روي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قيل له: لا نأمر بالمعروف حتى نعمل به كلّه، ولا ننهى عن المنكر حتى ننتهي عنه كلّه؟ فقال: «لا، بل مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به كلّه، وانهوا عن المنكر وإن لم تنتهوا عنه كلّه».
صرّح كثير من الفقهاء بأنّه يشترط في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يعلم
الآمر أو
الناهي المعروف معروفاً والمنكر منكراً، وأنّ الذي يرتكبه
الفاعل منكر، أو ما يتركه معروف،
وهو
المشهور ،
بل نفى العلّامة الحلّي عنه الخلاف؛
وذلك للأمن من
الغلط في الأمر والنهي، فإنّه إذا لم يعرف ذلك قد يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، ومقتضاه كون ذلك شرطاً للوجوب
كالاستطاعة للحجّ، وحينئذٍ فالجاهل
معذور ولا يجب عليه
تحصيل العلم.
وتدلّ عليه أيضاً رواية
مسعدة بن صدقة عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سمعته يقول- وسئل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أواجب هو على
الامّة جميعاً؟ فقال-: «لا»، فقيل له: ولم؟ قال: «إنّما هو على القويّ
المطاع ، العالم بالمعروف من المنكر، لا على
الضعيف الذي لا يهتدي
سبيلًا...». قال مسعدة: وسمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول- وسئل عن
الحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه و
آله وسلم: «أنّ أفضل
الجهاد كلمة عدل عند
إمام جائر» ما معناه؟ قال-: «هذا على أن يأمره بعد
معرفته، وهو مع ذلك يقبل منه، وإلّا فلا».
حيث إنّه في
الفقرة الاولى حصر أوّلًا وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
بالعالم بالمعروف والمنكر، فيثبت بمفهوم
الحصر أنّ من ليس بعالم لا يجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونفى
بالمنطوق ثانياً وجوبه على
الضعيف الذي لا يهتدي
سبيلًا، واشترط في الفقرة الثانية ثالثاً كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد معرفة المعروف والمنكر الدالّ بمفهوم الشرط على
انتفاء الوجوب عند انتفاء المعرفة، ورابعاً بمنطوق الجملة الشرطية في قوله عليه السلام: «وإلّا فلا»، فإنّ معناها: إن لم يكن
معرفة أو
طاعة فلا يجب أمر ولا نهي.
أوّلًا: من حيث
السند ، بأنّ مسعدة لم يوثّق، فالخبر لا يعوّل عليه.
وثانياً: من حيث
الدلالة ، بأنّ الخبر مسوق لبيان
اشتراط الوجوب بالقدرة على الواجب، وأنّ
حصولها متوقّف على العلم والطاعة والقوّة، فهي جميعاً داخلة تحت هذا الشرط العام، فليس شرطاً للوجوب
مستقلّاً .
وبيان ذلك: أنّ
الخبر كما دلّ على شرطية العلم دلّ على شرطية
المطاعية في الآمر أيضاً، وإذا لا يصحّ أن تكون المطاعية شرطاً في الوجوب- لأنّ معنى ذلك لزوم
القطع بها و
إحرازه ا- لا يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع أنّ صريح
كلماتهم وجوبه ولو مع الشكّ فيها و
احتمالها ، وإنّما يرتفع الوجوب مع القطع بعدم
التأثير والطاعة، أي القطع بعدم وقوع المعروف من تاركه، ووقوع المنكر من فاعله وإن أمر ونهى. وإذا كان مناط الوجوب تحقّقهما فالآمر غير قادر على
امتثال الواجب حينئذٍ، وحمل التارك للمعروف على فعله والفاعل للمنكر على تركه، فيسقط الوجوب؛ لتعلّقه بغير المقدور، فرجع الشرط في المطاعية إلى شرط المقدرة في الوجوب.
والكلام في شرط المطاعية يأتي بنفسه أو بوحدة السياق في العلم، فيكون دخيلًا في القدرة في
إيجاد الواجب غالباً، وهي من الشرائط العقلية للوجوب.
إلّاأنّ الشرط إذا كان هو القدرة العقلية فهي ليست شرطاً إلّاحدوثاً، أي كلّما تمكّن المكلّف من تحصيل المعرفة بالمنكر والمعروف- ولو بتعلّم
أحكام الدين - وكلّما احتمل تأثير أمره ونهيه كفى ذلك في فعلية الوجوب؛ لتحقّق القدرة بذلك. على أنّ ظاهر الحديث المذكور خلافه، وأنّه لابدّ وأن يحرز المكلّف قبول
السلطان الجائر. وكذلك ظاهره سقوطه عن غير
العارف أو الضعفة من الناس موضوعاً، لا
بالعصيان الناشئ من عدم التعلّم و
تعجيز نفسه.
وقد يستدلّ أيضاً بأنّه مع الشكّ في
حرمة ما يفعله الغير أو وجوب ما تركه يحصل الشكّ في الأمر والنهي، وهو مجرى
أصالة البراءة . ونوقش بعدم جريان أصالة
البراءة حيث ثبت بالدليل وجوب
التعلّم ، فلا تجري قبله.
وفي مقابل هذا
القول قولٌ بعدم اشتراط كون الآمر أو الناهي عارفاً بالمعروف والمنكر، وهو مختار
المحقّق و
الشهيد الثانيين وغيرهما،
فهو عندهما كأمر المحدث بالصلاة، فيجب عليه تحصيل الطهارة ثمّ الصلاة، فيؤمر الجاهل هنا بالمعروف، وعليه أن يحصّل شرطه، وهو معرفة المعروف والمنكر؛ ليتمكّن من
أداء الواجب وامتثاله، وبهذا يرجع العلم بالمعروف والمنكر إلى شرط الواجب دون الوجوب.
واستدلّ على ذلك بأنّ من علم أنّ زيداً قد صدر منه فعل منكر أو ترك معروفاً- في الجملة بنحو
شهادة عدلين - ولا يعلم المعروف والمنكر يتعلّق به وجوب الأمر والنهي أيضاً، ولكن يجب عليه تعلّم ما يتمكّن معه من الأمر والنهي، كما يتعلّق بالمحدّث وجوب الصلاة، ويجب عليه تحصيل شروطها. و
الأصل في ذلك أنّه لا دليل يدلّ على اشتراط الوجوب بهذا الأمر الواقع، بخلاف غيره. وتقييد الأمر
المطلق بشيء ليصير الواجب مشروطاً بالنسبة إلى ذلك الشيء يتوقّف على
الدليل ، وهو منتف.
وأوضح منه ما ذكره الشهيد الثاني، حيث قال: «وقد يناقش في اعتبار الشرط الأوّل؛ نظراً إلى أنّ عدم العلم بالمعروف والمنكر لا ينافي تعلّق الوجوب بمن لم يعلم، وإنّما ينافيه نفس الأمر والنهي؛ حذراً من الوقوع في الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، وحينئذٍ فيجب على من علم بوقوع المنكر أو ترك المعروف... أن يتعلّم ما يصحّ معه الأمر والنهي، ثمّ يأمر أو ينهى، كما يتعلّق
بالمحدث وجوب الصلاة، ويجب عليه تحصيل شروطها.
وحينئذٍ فلا
منافاة بين عدم جواز أمر الجاهل ونهيه حالة جهله، وبين وجوبهما عليه، كما يجب
الصلاة على المحدث و
الكافر ، ولا يصحّ منهما على تلك الحالة».
وقد حاول
المحقّق النجفي أن يذكر وجهاً للردّ على هذا
الكلام ، واشتراط العلم يمكن أن يريد به أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس من الواجبات التي تتوقّف على
إعداد مقدّمات لامتثالها، بل تجب على القادر عليها بالفعل،
فالجاهل بالمعروف والمنكر لا يجب عليه التعلّم، لا قبل
وقوع ترك المعروف و
ارتكاب المنكر أمامه؛ لعدم فعلية وجوب الأمر والنهي، ولا بعده؛ لما فرض من عدم قدرته عليه بالفعل، وعدم وجوب تحصيل العلم، فيكون العلم بمفرد المعروف أو المنكر- الواقع تركه أو فعله أمامه- شرطاً لوجوب الأمر والنهي، دون أن يكون شرطاً للواجب وإن علم بالوقوع.
إلّاأنّ هذا
البيان يمكن دفعه- باعتبار ما يستفاد من جملة من الأدلّة، كأخبار وجوب التعلّم وغيره- بأنّ ترك الواجب
نتيجة عدم تعلّمه قبل
الابتلاء به لا يكون معذّراً، بل الواجب تحصيل المعرفة بالأحكام وتعلّمها قبل حصول أوقاتها والابتلاء بموضوعاتها، فإذا لم يتعلّمها وحصل
الموضوع ولم يتمكّن حينه من
الامتثال - لعدم المعرفة- كان عاصياً.
وبناءً عليه، فيجب تحصيل العلم بالمعروف والمنكر على تقدير تعلّق الوجوب بالآمر والناهي بحيث علم بأنّه صدر المنكر أو لم يتحقّق المعروف، أمّا لو كان جهله بالمعروف والمنكر
مفضياً إلى جهله بتحقّقهما بعنوانهما من المأمور والمنهي فلا إشكال في عدم الوجوب حينئذٍ؛
لانعدام الموضوع بالنسبة إليه، وإلّا فلو الزم بالوجوب الشرعي بالتعلّم في هذه الحال لألزم الناس كلّهم بمعرفة علوم
الشريعة . إلّاإذا قيل بأنّه ينحصر فيما يكون مورداً لابتلائه بحسب الحال
المحيط به عادةً.
وفي هذا
السياق تعرّض
المحقّق الأردبيلي لمسألة وجوب التعلّم مع وجود من يعلم وعدمه، فذهب إلى عدم وجوبه، حيث قال: «ثم إنّ
الظاهر عدم وجوب التعلّم أيضاً مع وجود من يعلم، وقدرته على الأمر والنهي مثل من لا يعلم، أو أشدّ
قدرة منه. نعم، لو لم يكن عالم قادر كافٍ- مع وجود الجاهل كذلك
منفرداً أو منضماً، وعلم تحقّق ترك
المأمور وفعل المنكر مجملًا، وعلم وجوب الأمر والنهي على
الإجمال على الكلّ- يجب عليه التعلّم على
التفصيل ؛ لتحصيل الغرض، وهو نادر».
هذا، ولا فرق في المعروف والمنكر بين أن يكونا علما للآمر والناهي بالقطع
والعلم الوجداني، أو بالظن
المعتبر من قبل الشارع، أو بمقتضى الأصل العملي، أو حصل العلم
بالاجتهاد أو بالتقليد، كما نبّه على ذلك
الإمام الخميني .
والدليل على ذلك أنّ جميع هذا حجّة يلزم العمل به ويعاقب على
مخالفته .
الموسوعة الفقهية، ج۱۷، ص۱۷۸-۱۸۷.