الإجتماع (الفقهي)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو بمعنى الجمع والضم بين شيئين أو أكثر وهذا ضد
الانفصال و
الافتراق . ثم تعرّض الفقهاء لمصطلح الاجتماع في موارد عديدة وفي أبواب مختلفة في
الفقه ، منها: أ-الاجتماع في الصلاة، ب-الاجتماع في الزكاة، ج-الاجتماع في الحج ، د-الاجتماع في العقود والمعاملات، ه-الاجتماع في الشهادات و...
الاجتماع ضد
الافتراق ،
على وزن
افتعال من الجمع وهو يدل على تضامّ الشيء، يقال: جمعت الشيء جمعاً،
ويقال أيضاً: اجمع أمرك ولا تدعه منتشراً.
والمجموع: الذي جمع من هنا وهناك وإن لم يجعل كالشيء الواحد.
وقد استعمل
الفقهاء نفس المعنى اللغوي في عباراتهم.
وهو الاجتماع على وجه
المقارنة و
الاتصال . والاجتماع أعم منه إذ قد يكون الاجتماع من غير المقارنة والاتصال، فلا يكون لقاء، كاجتماع القوم في الدار وإن لم يكن هناك اتصال.
قال
أبو هلال العسكري : «قال
علي بن عيسى : المجاورة تكون بين جزءين، والاجتماع يكون بين ثلاثة أجزاء فصاعداً، وذلك أنّ أقل الجمع ثلاثة... قال بعض البلغاء: الجوار قرابة بين الجيران، ثمّ استعملت المجاورة في موضع الاجتماع مجازاً ثمّ كثر ذلك حتى صار كالحقيقة».
من ركم الشيء يركمه إذا جمعه وألقى بعضه على بعض، وارتكم الشيء وتراكم إذا اجتمع.
تعرّض الفقهاء لمصطلح الاجتماع في موارد عديدة وفي أبواب مختلفة في
الفقه ، وقد اختلف حكم الاجتماع فيها على حسب
اختلاف الحيثيات التي اخذ الاجتماع فيها، كشرط أو مقتض للصحة والقبول أو مجوّز للاكتفاء بأحد الأفراد مع اجتماعها... وغير ذلك، وسنتعرض لها على حسب الأبواب الفقهية:
من المسلّم عند الفقهاء أنّ
الإنزال أحد موجبات تحقق الجنابة، وتارة يكون الشخص يعلم بأنّ البلل الخارج هو مني واخرى يكون شاكاً فيه، وقد ذكرت علامات لتشخيص المني عند الشك كالدفق والشهوة وفتور الجسد، وأضاف البعض الرائحة الخاصة به.
وقد وقع البحث في
اعتبار اجتماع هذه العلامات
لإثبات كون البلل منيّاً وعدمه، وعلى القول
باشتراط الاجتماع هل يعم الحكم المريض والسليم أم هو خاص بالسليم؟ وما هو حكم
المرأة فيها؟
وقد تعدّدت الأقوال في شأن الرجل في المقام:
أولها: اعتبار اجتماع الأوصاف الثلاثة (الدفق والشهوة والفتور) وبه قال جمع من فقهائنا منهم
المحقق الحلّي والعلّامة و
السيد الطباطبائي و
المحقق النراقي وغيرهم.
بل لا خلاف على الظاهر في الرجوع إلى اجتماع الأوصاف المذكورة ولو لم تفد علماً بكون البلل الخارج منيّاً. إلّا أنّ البعض الآخر
ذهب إلى أنّ المعتبر عند الشارع هو أنّ اجتماع هذه الأوصاف يفيد غالباً العلم و
الاطمئنان بكون البلل منيّاً.
قال
المحقق الهمداني : «نعم، كل واحد من الأوصاف حتى الرائحة واللون، ربما يورث الوثوق والاطمئنان بكون الخارج منيّاً لو لم يعلم بانفكاكه عمّا عداه من الأوصاف... لذا لا ينبغي ترك
الاحتياط بالغسل عند عدم العلم
بالانفكاك ».
وقال
المحقق الإصفهاني : «فالأحوط فيما إذا لم يعلم بذلك الجمع بين الغسل والوضوء إذا كان سابقاً محدثاً بالأصغر أو الغسل بعنوان الاحتياط لو كان متطهراً».
ثانيها: اعتبار اجتماع الأوصاف الأربعة،
باضافة الرائحة إلى ما تقدم، وهو مختار
الشهيد الأوّل .
ثالثها:
الاكتفاء باجتماع اثنين من الأوصاف المتقدمة، حيث اختار البعض اعتبار اجتماع
الدفق والشهوة،
واختار البعض الآخر اجتماع الدفق مع
الفتور أو الشهوة،
واختار ثالث اجتماع الدفق وفتور
البدن .
رابعها: الاكتفاء بتحقق أحد الأوصاف الثلاثة
وأضاف البعض اليها الرائحة وقال بالاكتفاء بتحقق أحد الأربعة.
في حين اكتفى البعض بالدفق خاصة.
وأطلق فقهاؤنا ممّن تقدّم على المحقق الطباطبائي القول في شأن المرأة ولم يتعرضوا إلى اعتبار اجتماع الصفات في تحقق
الجنابة بخروج الماء، وإن استشكل العلّامة في
نهاية الإحكام في الاكتفاء بالشهوة في الحكم بكون الماء الخارج منيّاً،
وقد وقع البحث في اعتبار الاجتماع وعدمه من زمن المحقق الطباطبائي، حيث وقع الكلام ضمن عدّة أقوال، منها: اعتبار اجتماع الأوصاف الثلاثة (كالرجل).
ومنها: اعتبار اجتماع صفتين، الشهوة مع أحد الوصفين الآخرين،
أو الدفق مع أحد الوصفين الآخرين.
ومنها: الاكتفاء بالشهوة فقط.
أمّا المريض فقد اختلف الفقهاء في اعتبار اجتماع الأوصاف فيه وعدمه على قولين، فمنهم من ذهب إلى اعتبار اجتماع
الشهوة مع الفتور.
والبعض الآخر اختار الاكتفاء بالشهوة فقط.
دم
الحيض معروف بين النساء، إلّا أنّه قد يشتبه في بعض أفراد الدم في كونه دم حيض أو
استحاضة ، وقد أرجع الفقهاء المرأة في هذه الحال إلى التمييز بالصفات، فتجعل ما كان بصفة الحيض حيضاً، لكن وقع البحث في اعتبار اجتماع جميع صفات الحيض في الدم ليحكم بكونه دم حيض وعدمه، ولم يستبعد اعتبار الظنة الحاصلة بها، فيدور الحكم مدارها وجوداً وعدماً، قال المحقق النجفي: «ثمّ... هل يشترط اجتماع ما سمعته من الصفات أو يكفي وجود الواحدة منها إن قلنا بانفكاكها؟ لا يبعد اعتبار المظنة، فيدور الحكم مدارها وجوداً وعدماً، وهو مختلف بالنظر إلى الصفات لا ضابطة لها»،
واختار البعض الآخر
الاكتفاء بصفة واحدة من الصفات في الحكم.
لم يستشكل أحد من الفقهاء في اجتماع الحيض مع
الإرضاع ، بل عدّها بعضهم من الضروريات،
وإنّما وقع الخلاف بينهم في اجتماع الحيض مع الحمل، فالمشهور أنّ الحيض يجتمع مع الحمل.
وذهب جماعة إلى عدم جواز اجتماعهما،
وفصّل آخرون بعدة وجوه.
وقد استدل المشهور بروايات كثيرة
فيها الصحاح وغيرها، وأشكل على القول الثاني بقلّة الأخبار المستدلّ بها عليه،
وعدم تمامية الوجوه التي تمسّك بها القائلون بهذا القول.
والثمرة بين القولين تظهر في ترك الحامل الصلاة إذا رأت الدم وكان بصفة الحيض على المشهور، و
أدائها الصلاة على القول الثاني.
يمكن تصوّر اجتماع نفاسين عند المرأة بولادتها لتوأمين أو أكثر، كما لو تعدّدت الولادة وكانت كل واحدة منها ولادة مستقلة، بأن ولدت ولداً ورأت الدم وبعد خمسة أيّام ولدت ولداً آخر ورأت الدم، وبعد خمسة أيّام ولدت ثالثاً.
ولا إشكال في أنّ كل واحدة من هذه الولادات موضوع مستقل ولها حكمها، وتحسب العشرة أيّام بعد رؤية الدم عقيب كل ولادة، وتتداخل ولادتان أو أكثر في مقدار من العشرة، فإنّ الولادة الاولى والثانية في الأيّام الخمسة الوسطى- أي من اليوم الخامس إلى العاشر- متداخلتان، أي اجتمع
النفاسان فيهما.
والتفصيل يراجع في محله.
لا شبهة في أنّ للوضوء غايات متعددة قد يقصدها المتوضئ جميعها أو بعضها في وضوءه، وقد تكون الغايات واجبة كلّها، أو مستحبة كذلك، أو تجتمع الواجبة والمستحبة في الوضوء الواحد. وقد وقع البحث في جواز قصد الكل أو البعض، وحصول
الامتثال بالنسبة إلى المتوضي و
استحقاقه للثواب.
ولا إشكال في أنّه إذا قصد المتوضئ الجميع حصل امتثال الجميع واثيب عليه، وإن قصد البعض حصل الامتثال بالنسبة إليه ويثاب عليه، لكن يصح بالنسبة إلى الجميع، ويكون أداءً بالنسبة إلى ما لم يقصد؛ لتحقق ما هو مقدمتها على الفرض، وكذا الحال في الغايات المستحبة.
وأمّا إذا اختلفت الغايات المقصودة في الوضوء المأتي به، بأن يكون بعضها من الغايات الواجبة والمستحبة وذلك كالوضوء بعد الفجر، حيث إنّ له غايتان:
إحداهما:
نافلة الفجر المستحبة. وثانيتهما:
صلاة الفجر الواجبة، وفي هذه الصورة قد يأتي المكلّف بالوضوء بقصد كلتا الغايتين، ولا إشكال في صحته وقتئذٍ، ويجوز له الدخول في كلٍّ منهما؛
لاندكاك الأمر الاستحبابي في الأمر الوجوبي. وقد يأتي به بقصد الغاية الواجبة، وفي هذه الصورة أيضاً لا إشكال في صحته وجواز دخوله في كلتا الغايتين.
وإنّما الخلاف والنزاع فيما إذا أتى بالوضوء بقصد الغاية المستحبة، فهل يحكم حينئذٍ بصحة وضوئه ويسوغ له الدخول في كلتا الغايتين المترتبتين عليه، أو يحكم
بالبطلان ولا يترتب عليه شيء من غايتيه
؟ وتفصيل الكلام في هذا البحث في محله.
وكذا يقع الكلام إذا اجتمعت عليه أغسال متعددة، فإمّا أن يكون جميعها واجباً، أو يكون جميعها مستحباً، أو بعضها واجباً وبعضها مستحباً، ثمّ إمّا أن ينوي الجميع أو البعض، فإن نوى الجميع بغسلٍ واحد، قيل: صح في الجميع.
•
الاجتماع في الصلاة ، الاجتماع في
الفرائض اليومية سنّة مؤكّدة، بل صرّح جمع من فقهائنا بأنّه ضرورة من الدين، بل وبعض غير اليومية من الفرائض، كصلاة الآيات.
•
الاجتماع في الزكاة ، تعرّض الفقهاء في باب
الزكاة إلى مسألة عدم جواز
اجتماع زكاة التجارة و
زكاة العين في مال واحد. وقد تعرّضوا إلى أنّ المراد من عدم اجتماع زكاتين إنّما هو في الزكاتين الماليتين، وعليه لا يمنع من اجتماع
زكاة الفطرة مثلًا مع المالية، كما في العبد المشترى للتجارة، ولا
الخمس مع الزكاة، ولا غير ذلك.
•
الاجتماع في الحج ، قد يتفق اجتماع أكثر من حجة على شخص واحد، كما هو الحال في من وجب عليه
حجة الإسلام ووجب عليه حج آخر بالنذر، أو من أفسد حجّه فيجب عليه حجّ آخر فيكون عليه حجّتان، وكذا الحال لو أفسد حجّه فصدّ بعده فتجتمع عليه في السنة التالية حجّتان.
وقد وقع البحث عند الفقهاء في
إمكان تداخل الحجّتين في حجّة واحدة وعدمه؟ وفي صورة عدم التداخل أي الحجّتين تقدم على الاخرى، وعلى فرض
اتحاد الحجّتين من حيث السبب والنوع فهل يجب التعيين في
أداء كل واحدة منها أو لا؟
•
الاجتماع في العقود والمعاملات ، قد يتّفق الجمع بين عقدين في صيغة واحدة، فتارة يكون هذا الاجتماع بين عقدين فيهما عوض، كالبيع و
الإجارة أو البيع والنكاح، واخرى يكون الاجتماع بين عقدين لا عوض فيهما كالهبة والرهن.
والأوّل تارة يكون الاجتماع فيها بين عقود مختلفة من الحكم، واخرى يكون بين عقود متماثلة صفقة بعوض واحد، كما في
كتابة عبيد في عقد واحد، أو نكاح نسوة في عقد واحد بعوض واحد.
يقع الكلام في الاجتماع في باب الشهادات في مسألة وجوب اجتماع الشهود عند تحمّل الشهادة وعند أدائها، وكذا في الموارد التي يجب فيها ذلك.
وكذلك في مسألة اجتماع شهادة
الأصل وشهادة الفرع و
اختلافها ، وأيّهما يقدّم عند ذلك.
وقد تعرّضوا إلى اجتماع الشهود في موارد عديدة:
منها: اجتماع شهود الزنا، فقد ذكر الفقهاء ضمن شروط ثبوت حدّ الزنا أن يشهد على الفاعل أربعة شهود يشهدون بالمعاينة، واشترطوا فيهم الاجتماع في إقامتهم لها، بحيث تكون إقامتهم لها متصلة وفي وقت واحد عرفاً، فلو أقامها البعض في وقت عدم حضور الباقين على وجهٍ لا يحصل به ذلك الاتصال العرفي حدّ؛ للقذف، بلا خلاف. نعم، قال
يحيى بن سعيد : «إن شهد ثلاثة في وقت، ثمّ تم العدد في وقت آخر، ثبت الزنا»،
وهو شاذ. ونفس الكلام يأتي في إثبات حدّ
اللواط بشهادة أربعة عليه.
وقد اعتبر
العلاّمة الحلّي حضور الشهود واجتماعهم قبل الشهادة للاقامة، فلو تفرقوا في الحضور حدّوا وإن اجتمعوا في
الإقامة ، قال العلّامة: «ولو تفرقوا في الحضور ثمّ اجتمعوا في مجلس الحاكم للإقامة فالأقرب حدّهم للفرية».
وقد اعتبر
المحقق النجفي هذا مبالغة من العلّامة، وذكر بأنّه لا دليل عليه وقال: «ليس في الخبرين إلّا الحدّ مع عدم حضور البعض المقتضي لتراخي الشهادة، بل الظاهر عدم اعتبار
اتحاد المكان مع فرض تلاحق الشهادة وعدم غيبة بعضهم...».
وكذا قيل بوجوب اجتماع شاهدي
الطلاق ونحوه كالخلع و
المباراة حين التلفّظ به، بلا خلاف فيه بينهم، بل ادعي
الإجماع عليه.
وكذا اشترط اجتماعهما في وقوع
الظهار بحيث يسمعان نطق المظاهر على نحو الطلاق.
وقد تعرّض فقهاؤنا أيضاً إلى مسألة اجتماع شاهد الأصل وشاهد الفرع وهو من يشهد على شهادة الشاهد الأصل، واختلافهما، فيقع الكلام في قبول كلا الشهادتين، فالمشهور بين الفقهاء عدم قبول شهادة الفرع إلّا عند تعذر حضور شاهد الأصل،
ولكن قوّى بعض الفقهاء عدم الاشتراط
هذا، إلّا أنّه نادر، قال
الشيخ الطوسي : «وأيضاً روى أصحابنا أنّه إذا اجتمع شاهد الأصل وشاهد الفرع واختلفا، فإنّه تقبل شهادة أعدلهما، حتى أنّ في أصحابنا من قال: إنّه تقبل شهادة الفرع وتسقط شهادة الأصل»،
وكذا ذكر
المحقق الأردبيلي حاكياً له عن الصدوق، إلّا أنّه مدفوع بالاجماع المحكي المعتضد بالشهرة على قبول الفرع عند تعذّر شهادة الأصل، وبما قيل من أنّ الفرع أضعف، ولا جهة للعدول إليه عن الأقوى إذا أمكن.
•
الاجتماع في الحدود والقصاص ، تعرّض
الفقهاء إلى الاجتماع في باب الحدود والقصاص لعدة مسائل منها: مسألة الترتيب في الحدود المجتمعة على شخص واحد، اجتماع حدود مع قصاص أو قصاص متعدد على الجاني، اجتماع الناس
لإقامة الحد.
الثابت في الشريعة أنّ على المرأة المتزوّجة والمدخول بها بمفارقة الزوج لها، بطلاق أو وفاة أو فسخ، أو إذا وطئت شبهة، أن تتربص بنفسها مدّة معلومة تسمّى العدّة؛ لمعرفة براءة رحمها من الحمل، أو تعبّداً للنصوص، أو للتفجع والحداد على موت الزوج، وكذلك شرّعت العدة صيانة
للأنساب وتحصيناً لها عن
الاختلاط .
وقد يتفق أحياناً اجتماع أكثر من عدّة على المرأة بأسباب مختلفة ومتعددة، كما لو طلّقها زوجها وكانت في عدّتها الرجعية ثمّ نكحت زوجاً غيره أو وطئت شبهة، أو توفي عنها زوجها وصارت في عدّة وفاة ثمّ وطئت شبهة، أو تزوجت رجلًا في العدّة، وغير ذلك.
وقد تعرّض الفقهاء لمسألة اجتماع العِدد على المرأة، واختلفت كلماتهم في أحكام هذه المسألة من حيث تداخل العدّتين وعدمه- ونقصد بتداخل العدّتين دخول الأقل منهما تحت الأكثر- أو التفصيل في الحالات المختلفة. وعلى القول بتعدد العِدد مع الاجتماع وقع كلامهم في تقديم أيّ العدّتين أوّلًا، وغير ذلك مما يرتبط بالموضوع من أحكام.
واجتماع العِدد على المرأة إمّا أن تكون لشخص واحد أو لشخصين، والعدّتان قد تكونان من جنس واحد، كالعدّة بالأقراء أو بالأشهر، وقد تكونان من جنسين مختلفين بأن كانت إحداهما بالحمل والاخرى بالأقراء، كما لو طلّقت وهي حامل ثمّ وطئت قبل أن تضع.
وعلى ضوئه اختلفت كلمات الفقهاء في الحالات المختلفة لهذا الاجتماع، فهناك من اختار القول بعدم التداخل مطلقاً، سواء كانت العِدد لشخص واحد أو لشخصين أو كانت من جنس واحد أو من جنسين مختلفين منهم الشيخ الطوسي وابن إدريس، قال الشيخ: «كل موضع تجتمع على المرأة عدّتان، فإنّهما لا تتداخلان، بل تأتي بكل واحدة منهما على الكمال»،
ونحوه
ابن إدريس في
السرائر .
وذكر
الفاضل الهندي بأنّ الأكثر أطلقوا القول بعدم التداخل،
وذكره جمع بأنّه المشهور عند الفقهاء.
وهناك من نفى التعدد وقال بالاتحاد والتداخل، قال
المحدّث البحراني : «إنّ الأظهر هو الاتحاد مع التعدد، وأنّ ما دلّ على التعدد من الأخبار إنّما خرج مخرج
التقية ».
واختار البعض القول بالتفصيل، فإن كانت العدّتان لشخص واحد تداخلتا وتستأنف المرأة عدّة كاملة للأخيرة وتدخل فيها بقية
العدّة الاولى، وإن كانت العدّتان لشخصين، كما لو تزوجت في عدّتها من الأوّل برجلٍ ثانٍ أو وطئها الأخير شبهة، فإنّها إن لم تحمل تكمل عدّة الأوّل وتستأنف عدّة اخرى لوطء الشبهة بعد الفراغ من الاولى، وأمّا إذا حملت قدّمت عدّة الحمل ولا تتداخل العدّتان.
واختار بعض المتأخرين التفصيل على نحو آخر، وهو التفصيل بين
عدّة الوفاة وغيرها، فيلتزم بتعدد العِدد في الاولى وبالتداخل في الثانية، قال
السيد الخوئي : «أمّا ما تقتضيه القاعدة فلا ينبغي الشك في كون مقتضاها هو التداخل، والوجه في ذلك واضح، فإنّ النصوص المتضافرة قد دلّت على لزوم
الاعتداد من الطلاق والوفاة ووطء الشبهة والفسخ، كما دلّت هاتيك النصوص على أنّ مبدأ العدّة إنّما هو في غير الوفاة من حين وقوع السبب، وأمّا فيها فإنّما هو من حين بلوغها الخبر...وعلى هذا فلو اجتمع سببان للعدّة في زمان واحد كان القول بالتداخل مما لا بد منه؛ نظراً لعدم قابلية الزمان الواحد لاجتماعهما فيه... وحيث إنّ جعل مبدأ إحدى العدّتين وزمانها متأخراً عن زمان الاخرى يحتاج إلى الدليل وهو مفقود، فلا مناص من
الالتزام بالتداخل».
ثمّ قسّم قدس سره
الروايات الواردة فيه على طوائف ثلاث، طائفة دلّت على التداخل مطلقاً»، وطائفة ثانية دلّت على عدم التداخل مطلقاً،
وثالثة دلّت على لزوم الاعتداد ثانية بعد
الانتهاء من العدّة الاولى في خصوص فرض وطء المرأة المتوفّى عنها زوجها شبهة وهي في العدّة.
ثمّ قال بعد ذلك: «فاعلم أنّ مقتضى القواعد والصناعة أنّه لا تعارض بين هذه الأخبار بالمرّة، ومن هنا فلا وجه لحمل بعضها على التقية (كما فعله جمع في روايات التداخل)... فيقيّد
إطلاق الاولى بالثالثة، ونتيجة لذلك يتحصّل أنّ المرأة الموطوءة شبهة في أثناء العدّة يجب عليها الاعتداد منهما جميعاً عدّة واحدة ما لم تكن عدّتها الاولى عدّة وفاة، وإلّا وجب عليها إتمام الاولى والاعتداد ثانية لوطء الشبهة...».
وتمام الفروع وأحكامها وتفاصيلها في محلّه من الموسوعة.
•
اجتماع الأولياء ، من الثابت في الشريعة أنّ بعض الأحكام المتعلّقة
بالانسان قد يمارسها وليّه باعتبار أولويته في ذلك، لما أعطاه الشارع من خصوصية وصلاحية في تولّي بعض اموره، أو تولّي
المطالبة ببعض حقوقه أو بعض أحكامه.
تطرّق الفقهاء في باب موجبات ضمان الدية إلى صورة اجتماع أكثر من موجب لتلف
الإنسان أو ما يملكه من حيوان أو رقيق أو متاع، وتعرّضوا لحكم الضمان وهل يتعيّن- مع الاجتماع- على موجب واحد بعينه، أم يتوجّه الضمان لكلا الموجبين؟
وقد تقرّر في محلّه بأنّ كل من المباشرة والتسبيب في
الإتلاف موجب للضمان في حدّ نفسه، ومع الاجتماع قد يكون هناك أكثر من صورة، فتارة قد يكون الموجبان من جنس واحد، كما لو اجتمع سببان فصاعداً في
إحداث الاتلاف، بأن يحفر شخص بئراً في محل عدواناً، ويضع شخص آخر حجراً عند
البئر ، فيعثر به ثالث ويقع فيه.
واخرى قد يكون الموجبان من جنسين مختلفين، كما لو اجتمع المباشر والسبب في
إيجاد الاتلاف، بأن يحفر شخص بئراً ويقوم آخر بدفع ثالث فيه، أو أن يمسك برجل ويقوم غيره بقتله.
ففي الصورة الاولى (اجتماع سببين للاتلاف) قال بعض الفقهاء بأنّ الضمان يشترك فيه السببان إن اتفقا في وقت واحد؛ لعدم الترجيح، وإن تعاقبا فالضمان على المتقدّم في التأثير؛
لاشتغاله بالضمان أوّلًا فكان أولى.
واختار البعض بأنّ الضمان على من سبقت الجناية بسببه، وإن كان حدوثه متأخّراً عن الآخر أو مصاحباً له،
ووصف هذا القول بالأشهر.
واستظهر بعض المعاصرين بأنّ الضمان على كلا السببين.
ولو كان أحدهما متعدّياً، كما لو حفر بئراً في غير ملكه، والآخر غير متعدي، كما إذا وضع حجراً في ملكه فمات العاثر به بسقوطه في ذلك البئر، فالضمان على السبب المتعدي خاصة، بلا خلاف.
وفي الصورة الثانية (اجتماع المباشر والسبب) إذا اتفق الموجبان وتساويا، أو كان المباشر أقوى ضمن المباشر للاتلاف، وقد ادعي عدم الخلاف في ذلك.
وناقش البعض بأنّ القوة لا تدفع الضمان عن السبب بعد وجود ما يقتضي ضمانه أيضاً، ولو لا
الاتفاق على ضمان المباشر لكان القول بضمانهما حسن.
وقد اشتهر عندهم بأنّ المباشر إذا كان ضعيفاً- بالغرور ونحوه- كما لو جهل بحال السبب وما أعدّه، كما إذا حفر أحد شخصين بئراً في غير ملكه وغطّاه، ودفع الآخر ثالثاً ولم يعلم بالبئر، فالضمان هنا على الحافر دون المباشر.
وقد أشكل بعض المعاصرين فيه، ولم يستبعد ثبوت الضمان على كلّ منهما.
وللتفصيل يرجع إلى محلّه في الموسوعة.
•
الاجتماع في الإرث ، تعرض الفقهاء إلى مبحث الاجتماع في باب
الإرث لعدة مسائل منها: مسألة اجتماع السهام المنصوصة واجتماع سببين لاستحقاق الوارث من التركة.
تعرّض الفقهاء إلى مسألة اجتماع الرجل بالمرأة الأجنبية، وحكم خلوتهما من دون أن يكون معهما ثالث من ذكر أو انثى بحيث يحتشم جانبه، وقد تعددت أقوالهم في حكمها، فظاهر كلام بعضهم
وصريح البعض الآخر حرمة خلوتهما.
وقال بعضهم بذلك إذا لم يمكن ورود ثالث إلى خلوتهما و
احتمال الوقوع في المعصية.
وقال السيد الخوئي: «لا دليل على حرمة الخلوة بما هي خلوة، وإنّما النهي عنها للمقدّمية (لكونها من المقدمات القريبة للزنا)».
وهناك قول ثالث بالكراهة اختاره المحقق النجفي.
وألحق بعضهم بهذه المسألة اجتماع الرجلين فصاعداً بالمرأة، دون خلوة الواحد بنسوة.
من المسائل التي تعرّض لها فقهاؤنا في أبواب
التعزير والحدود حكم اجتماع المجرّدين تحت
إزار واحد، وفي ذلك صور:
أ- اجتماع الذكرين المجرّدين تحت إزار واحد.
ب- اجتماع الرجل والمرأة الأجنبية تحته مجرّدين.
ج- اجتماع المرأتين المجرّدتين كذلك.
أمّا الصورة الاولى: فالمشهور بين الفقهاء في الرجلين المجرّدين المجتمعين تحت لحاف واحد من دون أن يكون بينهما حاجز أنّهما يعزّران من ثلاثين سوطاً إلى تسعة وتسعين سوطاً، كما هو نتيجة الجمع بين عدة روايات
والتخيير إلى
الإمام .
واختار بعض المتقدّمين
الحد مائة سوط نظراً إلى عدّة روايات
واختار بعض من فقهائنا ضرب كل واحد منهما تسعة وتسعين سوطاً، طرحاً للروايات التي مفادها ثلاثين سوطاً لضعف سندها، وحملًا للتي مفادها الحدّ (مائة سوط) على التقية.
وممّا تقدّم يتضح أيضاً الحكم في الصورتين الثانية والثالثة من المسألة، ففي الروايات التي تناولت الصورة الاولى بيان لحكم الصورتين، حيث إنّ المتوجّه هو الحد إلّا سوطاً.وللتفصيل يراجع محلّه من الموسوعة.
اتفق فقهاؤنا على
استحباب التعزية عند الشارع، ووردت فيه روايات عديدة،
وقد تعرّضوا لبحث حكم الاجتماع والجلوس لها، واختلفت أقوالهم في مدته بعد اتفاقهم على جواز أصل الاجتماع والجلوس لها، فذهب البعض إلى كراهة الجلوس والاجتماع لها أكثر من يوم واحد.
وقد ناقش البعض الآخر في الكراهة وصرّحوا بعدم ثبوتها،
وذكر بعضهم بأنّ الأولى أن لا يزيد الجلوس على ثلاثة أيّام،
ولم يقيّدها البعض الآخر بذلك، بل ذكر أنّ الجلوس للتعزية لا حدّ له.
•
اجتماع التكاليف والحقوق المالية ، قد تجتمع التكاليف والحقوق المالية في ذمة
الإنسان وحينئذٍ قد يقع الكلام في مقام
الأداء في
أولوية أي الحقّين في التقديم، كاجتماع
الزكاة الواجبة مع الدين أو اجتماع الزكاة والخمس مع الكفارة والنذر وديون الناس أو
اجتماع الحج مع ديون الناس أو الزكاة والخمس على
المكلف .
الموسوعة الفقهية ج۵، ص۱۴۹-۱۸۹.