الإعلام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى
إشعار الأمر
والإخبار .
الإعلام لغة: إفعال من عَلِمَ
نقيض جَهِلَ، وأعلمته بكذا أي أشعرته، وأعلم فلاناً الخبر وأخبره به، وأعلمت على كذا جعلت عليه علامة.
ولا يوجد اصطلاح خاصّ لدى
الفقهاء للإعلام، بل يطلقونه بنفس المعاني اللغوية.
وهو من الخبر، والخبر العلم بالأشياء المعلومة من جهة الخبر، وخبرت بالأمر أي علمته، وأخبرته بكذا وخبّرته بمعنى.
والإخبار عن الشيء إن كان على ما هو به يسمّى
صدقاً ، وإن كان على خلاف ما هو به يسمّى
كذباً .
ثمّ إن كان مستنداً إلى الحسّ والمقدّمات الحسّية يسمّى إخباراً حسّيّاً، كالإخبار عن نزول المطر وكون المائع المعيّن
خمراً ، وإن كان مستنداّ إلى
الحدس والمقدّمات غير الحسّيّة يسمّى إخباراً حدسيّاً كإخبار
المفتي عن
الحرمة والوجوب للمفتي الآخر.
والفرق بين الإعلام والإخبار أنّ الإعلام هو التعريض لأن يعلم الشيء، ويكون الإعلام بنصب
الدلالة .
والإخبار إظهار للخبر علم به أو لم يعلم.
أشعره الأمر وأشعره به أعلمه إيّاه، وفي
التنزيل العزيز: «وَمَا يُشعِرُكُم أَنَّهَا إِذَا جَاءَت لَايُؤمِنُونَ»
أي وما يدريكم، وليت شعري أي ليتني علمت.
وهو
الإبلاغ في
التخويف .
والفرق بين
الإنذار والإعلام أنّ الإنذار إعلام معه تخويف، فكلّ منذر معلم، وليس بالعكس، ويوصف القديم سبحانه بأنّه منذر؛ لأنّ الإعلام يجوز وصفه به.
وهو
الإبراز بعد
الخفاء .
فيكون مرادفاً للإعلام؛ لأنّهما معاً تعريض للشيء لأن يعلم.
وهو ضدّ
الإسرار والكتمان ،
ويعني المبالغة في الإظهار على نطاقٍ عام.
والفرق بينه وبين الإعلام أنّ الإعلام يكون
بإيصال الخبر إلى الغير سواء بالتحديث الشخصي أم بالإظهار على الملأ، فالإعلام أعم من هذه الناحية، لكن لا يلزم من
الإعلان الإعلام، إذ قد يتم الإعلان ولا يتمّ الإعلام؛ لعدم كون الطرف الآخر موجوداً أو في
سفر أو غير ذلك.
يترتّب على الإعلام أحكام كثيرة متفرّقة في الأبواب المختلفة من الفقه، نشير فيما يلي إلى أهمّها:
لا يجب إعلام الغير
بنجاسة ثوبه الذي يصلّي فيه، كما صرّح به عدّة من الفقهاء،
بل ذكر بعضهم
كراهة الإعلام؛
وذلك
لأصالة البراءة ، والنصوص التي منها: صحيحة
محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل يرى في ثوب أخيه دماً وهو يصلّي؟ قال: «لا يؤذنه حتى ينصرف».
لكن ذهب
العلّامة الحلّي في
المسائل المهنائية إلى وجوب الإعلام؛ لكونه من باب
الأمر بالمعروف .
وردّ بمقابلة
النصّ ، وعدم شمول الأمر بالمعروف للمورد؛ لعدم توجّه الخطاب إلى
الجاهل .
المعروف بين الفقهاء وجوب
إزالة النجاسة عن
المسجد ،
وادّعي
الإجماع عليه.
أمّا إذا علم أحد بنجاسة المسجد ولم يتمكّن من إزالتها فهل يجب عليه إعلام الغير بذلك؟ قال
السيد اليزدي : «الظاهر العدم إذا كان ممّا لا يوجب
الهتك ، وإلّا فهو
الأحوط ».
لكن اختار عدّة من الفقهاء وجوب الإعلام إذا احتمل التأثير وترتّب الإزالة عليه،
بل ذهب بعضهم إلى وجوب الإعلام مطلقاً.
يقبل إعلام صاحب اليد المالك بنجاسة ما في يده وإن كان
فاسقاً ،
بل عن
الذخيرة أنّه
المشهور بين المتأخّرين،
وفي الحدائق: أنّ ظاهر الأصحاب الاتّفاق عليه؛
لأصالة صدق المسلم ، خصوصاً فيما كان في يده، وفيما لا يعلم إلّا من قبله، وفيما لا معارض له فيه،
وللسيرة المستمرة القاطعة،
ولاستقراء موارد قبول إخبار ذي اليد بما هو أعظم من ذلك من
الحلّ والحرمة وغيرهما، ولفحوى قبول قوله في
التطهير ، بل فعله وقوله في
التنجيس بالنسبة إلى بدنه، فإنّ الظاهر معروفية تسليم القبول فيه.
يجب على الإنسان عند ظهور
أمارات الموت إعلام
وليّه بما عليه من
صلاة أو
صيام ونحوهما ممّا يجب على الولي
قضاؤه ؛
لقاعدة الاشتغال ، ووجوب تفريغ
الذمّة بأيّ وجه أمكن مباشرة أو تسبيباً ولو
بالإظهار والإعلام.
يستحب إعلام
المؤمنين بموت المؤمن كما صرّح به الفقهاء؛ ليتوفّروا على
تشييعه وتجهيزه ، فيكتب لهم
الأجر وله
المغفرة بدعائهم ؛ وذلك لترتّب الفوائد العظيمة على هذا الإعلام، الحاصلة بسبب التشييع والحمل
والتربيع والصلاة
والاستغفار والترحّم ، وربما يصيبه ألم فيسترجع، فيدخل تحت عموم
الآية الشريفة: «الَّذِينَ إِذَا أَصابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ»،
والتذكّر لُامور
الآخرة والاتّعاظ ،
وتنبيه القلب
القاسي ، وكذا ما يحصل للميّت من الفوائد أيضاً من كثرة المصلّين والمستغفرين، مع ما فيه من
إكرام الميّت،
وإدخال السرور على الحي، ونحو ذلك، فلا ريب في رجحان هذا الإعلام لمكان سببيته لهذه الامور العظام».
وتدلّ عليه أيضاً صحيحة
عبد اللَّه بن سنان عن
الإمام الصادق عليه السلام: «ينبغي لأولياء الميّت منكم أن يؤذنوا إخوان الميّت بموته فيشهدون
جنازته ، ويصلّون عليه، ويستغفرون له، فيكتب لهم الأجر، ويكتب للميّت الاستغفار، ويكتسب هو الأجر فيهم وفيما اكتسب له من الاستغفار».
وليس لهذا الإعلام كيفيّة خاصّة بل لا كلام في
استحبابه كيف اتّفق،
لكن هل يجوز
النداء بذلك بأن يجعل من ينادي بموته؟ قال
الشيخ الطوسي : «وأمّا النداء فلا أعرف فيه نصّاً».
وقال في
الحدائق : «لم يعهد فيما مضى عليه السلف... النداء بذلك».
ولكن صرّح جماعة
بعدم البأس به؛ لتضمّنه الفوائد المشارة إليها في
الرواية ، وخلوّه من
المنع الشرعي وإن لم يكن مستحباً بعنوانه.
وهو ما قصد به الإعلام بدخول
وقت الصلاة ، وقد اختلف الفقهاء في
مشروعيته على أقوال تقدّم تفصيلها في محلّه.
ذكر بعض الفقهاء أنّه لو تذكّر
الإمام الحدث في الأثناء أو عرض له حدث أو
خلل يجب عليه إعلام
المأمومين ؛
لمرسلة
الفقيه : «ما كان من إمام تقدّم في الصلاة وهو
جنب ناسياً أو أحدث حدثاً أو رعف رعافاً أو أذى في بطنه، فليجعل ثوبه على أنفه ولينصرف، وليأخذ بيد رجل فليصلّ مكانه».
أفتى جملة من
الفقهاء بأنّه لو اتّفق
العيد والجمعة استحبّ لإمام العيد إعلام المأمومين بتخييرهم بين الجمعة والعيد؛ عملًا بفعل
الحجّة .
يستحبّ
للصائم تطوّعاً إذا دعي إلى
الإفطار أن يفطر، ولا يُعلم أخاه المؤمن بصومه؛
لصحيحة
جميل عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام: «من دخل على أخيه وهو صائم فأفطر عنده، ولم يعلمه بصومه فيمنّ عليه، كتب اللَّه له صوم سنة».
وروايته الاخرى عنه عليه السلام أيضاً: «أيّما رجل مؤمن دخل على أخيه وهو صائم، فسأله
الأكل فلم يخبره بصيامه فيمنّ عليه بإفطاره، كتب اللَّه تعالى له بذلك اليوم صيام سنة».
يستحبّ للإمام- في
أيّام الحجّ -
الخطبة في أربعة أيّام من
ذي الحجّة ؛ ليُعلم الناس ما يجب عليهم من
المناسك ، والأيّام هي: يوم السابع منه، ويوم
عرفة ،
ويوم النحر ،
ويوم النفر الأوّل.
لا يجب إعلام
الفقير بأنّ ما يعطى له من
الزكاة كما هو ظاهر أكثر
الفقهاء ،
وادّعي عدم الخلاف فيه،
بل يجوز صرفها إليه بتسمية اخرى
كالهدية إذا استحيا قبول الزكاة؛
للأصل بل
الإجماع والإطلاقات.
قال
المحقق الحلّي : «لا يجب إعلام الفقير أنّ المدفوع إليه زكاة، فلو كان ممّن يترفّع عنها وهو مستحق جاز صرفها إليه على وجه
الصلة ».
وذكر جماعة
استحباب عدم الإعلام؛
لما في الإعلام من
إذلال المؤمن
والاحتقار به،
ولرواية أبي بصير قال: قلت
لأبي جعفر عليه السلام: الرجل من أصحابنا يستحيي أن يأخذ من الزكاة فاعطيه من الزكاة ولا اسمّي له أنّها من الزكاة؟ فقال: «أعطه ولا تسمّ له ولا تذلّ المؤمن».
نعم، قد روي عن
محمد بن مسلم ما يخالف بظاهره هذا الحكم، لكنّ
إعراض الأصحاب عنه مانع عن
صلاحيّته للمعارضة.
قال في
الحدائق : «فهو غير معمول به على ظاهره ولا قائل به، بل
الأخبار وكلام الأصحاب على خلافه فلا يلتفت إليه».
إلّا أنّهم ذكروا عدّة توجيهات لرفع
المنافاة .
ذكر بعض الفقهاء أنّه لا يجوز
لأهل الذمّة إعلام
المشركين بعورات
المسلمين ونقاط ضعفهم.
والظاهر أنّ هذا الحكم لا يختصّ بأهل الذمّة بل يشمل غيرهم بمن في ذلك المسلمين أنفسهم، وذلك إذا كان فيه
تقوية للكافر على المسلمين وسبباً
لانتصار الكافرين على المسلمين، بل حكموا في من يفعل ذلك بأنّ على الإمام أن يعزّره،
وإذا صدق عليه عنوان
التجسّس أو العين كان فيه
عقوبات تذكر في محلّها.
أمّا لو اتفقت
الدولة الإسلامية مع غير المسلمين على
إصلاح بعض الامور في بلاد المسلمين وبناء بعض ما يحتاج إلى البناء، وكان في ذلك اطلاعهم على بعض نقاط ضعف المسلمين وحاجاتهم ولم يكن في ذلك هيمنةً لهم على بلاد
الإسلام فلا بأس به.
ذكر الفقهاء
جواز بيع الأدهان
المتنجّسة وسائر المتنجّسات التي يجوز بيعها بشرط إعلام
المشتري بالنجاسة ، وهو المشهور،
وقيّد بعضهم
وجوب الإعلام بكون المشتري مسلماً.
ويدلّ عليه صحيحة
معاوية بن وهب عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: قلت له: جرذ مات في... زيت... قال (عليه السلام) في بيع ذلك الزيت: «تبيعه وتبيّنه لمن اشتراه ليستصبح به».
ويستدلّ على وجوب الإعلام أيضاً بأنّ
تركه تسبيب إلى فعل
الحرام ، كمن قدّم إلى غيره محرّماً، فإنّه فاعل للحرام؛ لأنّ استناد الفعل إلى السبب أقوى، فنسبة الفعل إليه أولى.
وفيه: أنّه لم يدلّ دليل على حرمة التسبيب كلّية، والفعل لا يستند إلى السبب حقيقة مع وساطة اختيار المختار، ومجرّد ترك الإعلام ليس من قبيل السبب».
وصرّح عدّة منهم بأنّ الإعلام ليس شرطاً لصحّة البيع، بل وجوبه نفسي، فلو تركه فعل حراماً وكان للمشتري
خيار الفسخ .
هذا، ولهم كلام في اختصاص ما تقدم بالبيع وشموله لسائر المعاملات، يراجع في محلّه.
اختلف الفقهاء فيما إذا كان البائع عالماً
بالعيب ، بين وجوب الإعلام عليه مطلقاً، سواء كان العيب ظاهراً أم خفيّاً كما هو ظاهر جماعة،
وبين وجوبه إذا كان لم يتبرّأ،
أو مع التبرّي إذا كان العيب خفيّاً، كما في
الدروس ،
وبين استحباب الإعلام،
أو التفصيل بين العيب الجلي والخفي، فيجب فيه الإعلام دون الجلي، وإلّا كان
غشّاً وتدليساً .
واستظهر
الشيخ الأنصاري من مجموع الأقوال وكلمات الفقهاء أنّ الظاهر ابتناء الكلّ على دعوى صدق الغشّ وعدمه، فوجوب الإعلام في صورة صدق هذا العنوان فقط.
يشترط في بيع
المرابحة والمواضعة الإعلام
برأس المال بأن يقول: اشتريت بكذا، أو رأس مالي فيه كذا، أو قوّم عليّ بكذا، أو هو عليّ بكذا.
فلو جهل في المرابحة قدر الربح أو الأصل بطل.
وكذا الحكم في بيع المواضعة.
ذكر أكثر الفقهاء بأنّه لو أراد
الموكّل عزل وكيله لا بدّ له من إعلامه بذلك،
حتى تكون
تصرّفاته غير نافذة بعد ذلك.
نعم، قال جماعة بأنّه إن تعذّر الإعلام يكفي لذلك
إشهاد الموكّل على العزل،
لكنّ المشهور بين المتأخّرين
أنّه لا يتحقّق ذلك إلّا بالإعلام.
ويدلّ على ذلك النصوص المعتبرة، منها: صحيحة
معاوية بن وهب وجابر ابن يزيد عن
الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «من وكّل رجلًا على
إمضاء أمر من الامور فالوكالة ثابتة أبداً حتى يعلمه بالخروج منها كما أعلمه بالدخول فيها».
وهناك قول
للعلّامة الحلّي بتحقّق العزل حتى بدون الإعلام والإشهاد.
ذكر جملة من الفقهاء فيما يستحبّ فعله من آداب
التجارة إعلام الإخوان بالإعسار؛ ليعينوه، ولو
بالدعاء والكتمان ، ومع الخلوّ عن هذا القصد أولى؛
وذلك لما رواه
حريز عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: «إذا ضاق أحدكم فليعلم أخاه، ولا يعن على نفسه».
لو كان عند أحد
وديعة فمات ولم يعلم صاحبها بموت المستودع وجب على
ورثته إعلامه بذلك، ولم يكن لهم
إمساك الوديعة إلى أن يطلبها
المالك منهم؛ لأنّ المالك لم يأمنهم عليها.
ذكر جماعة من الفقهاء أنّه يجوز للوكيل تولّي طرفي
العقد بشرط الإعلام، فإن أوقعه قبل إعلامه توقّف على
الإجازة ؛
لعدم تناول التوكيل له.
ولقول الإمام الصادق عليه السلام في
الصحيح أو
الحسن : «إذا قال لك الرجل: اشتر لي فلا تعطه من عندك وإن كان الذي عندك خيراً منه».
وموثّق
إسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل يبعث إلى الرجل يقول له: ابتع لي ثوباً، فيطلب له في
السوق فيكون عنده ما يجد له في السوق، فيعطيه من عنده، فقال: «لا يقربنّ هذا ولا يدنّس نفسه، إنّ اللَّه عزّوجلّ يقول: «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولًا»،
وإن كان ما عنده خيراً ممّا يجد له في السوق فلا يعطيه من عنده».
لا يشترط في
الصلح علم المتصالحين بمقدار حقّهما، بل يصحّ الصلح سواء علما بما وقعت
المنازعة فيه أم كانا جاهلين، فلو تعذّر العلم بما صولح عليه جاز، كما في وارث يتعذّر علمه بحصّته، وكما لو امتزج مالهما بحيث لا يتميّز، ولا يضرّ
الجهالة .
نعم، لو علم أحدهما بذلك وجب إعلام الآخر أو
إيصال حقّه إليه، فلو صالحه بدون حقّه لم يفد
إسقاط الباقي إلّا مع علمه
ورضاه ؛
لرواية ابن أبي حمزة ، قال: قلت
لأبي الحسن عليه السلام: رجل
يهودي أو
نصراني كان له عندي أربعة آلاف درهم، فهلك، أيجوز لي أن اصالح ورثته ولا اعلمهم كم كان؟ فقال: «لا يجوز حتى تخبرهم».
يستحبّ
للمقترض إعلام المقرض
بإيساره أو إعساره، وحسن قضائه.
يستحبّ
للحاكم الإعلام
بحجر المفلّس لتجنّب
معاملته ،
إلّامن قد رضي بإسقاط دعواه عليه. وإذا أشهره لم تسمع دعوى أحد علم بتفليسه،
وادّعي عليه
الإجماع .
يقبل قول المرأة لو أخبرت
بالحيض إن لم تتّهم بتضييع حقّ أحد؛ لقوله سبحانه وتعالى: «وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ»،
فلولا وجوب
القبول لما حرم
الكتمان .
لو كان في المرأة
عيب فدلّست ولم تُعلم الزوج بذلك رجع عليها
بالمهر ؛
وذلك لخبر
رفاعة عن
أمير المؤمنين عليه السلام: «لو أنّ رجلًا تزوّج امرأة وزوّجه إيّاها رجل لا يعرف دخيلة أمرها لم يكن عليه شيء، وكان المهر يأخذه منها».
ولرواية الحلبي عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام في رجل ولّته امرأة أمرها أو ذات قرابة أو جارة له لا يعرف دخيلة أمرها، فوجدها قد دلّست عيباً هو بها، قال: «يؤخذ المهر منها، ولا يكون على الذي زوّجها شيء».
لا يجب على الزوج إعلام الزوجة المطلّقة
رجعيّاً بالرجوع، بل يكفي
الإشهاد بذلك، فلو لم تعلم وتزوّجت ردّت إليه وإن دخل الثاني بعد
العدّة ، ولا يكون الثاني أحقّ بها».
ويدلّ عليه ما رواه في
الكافي بسند صحيح إلى
المرزبان ، قال: سألت
أبا الحسن الرضا عليه السلام عن رجل قال لامرأته: اعتدّي فقد خلّيت سبيلك، ثمّ أشهد على رجعتها بعد أيّام، ثمّ غاب عنها قبل أن يجامعها حتى مضت لذلك أشهر بعد العدّة أو أكثر، فكيف تأمره؟
فقال: «إذا أشهد على رجعته فهي زوجته».
فالرواية دالّة على أنّه بمجرد الإشهاد على الرجعة في العدّة تثبت الزوجية- كما هو المشهور- بلغها الخبر أو لم يبلغها، تزوّجت بعد العدّة لعدم بلوغ الخبر أو لم تتزوّج.
يجب على من له
صلاحية القضاء إعلام الإمام بذلك؛ لتوقّف
الواجب على الإعلام، فيكون واجباً من باب المقدّمة.
وكذا لو كان هناك جماعة صالحون له فيجب عليهم الإعلام بحالهم
كفاية .
ولو تعدّد القابلون له ولم يعلم بهم الإمام فأعلمه أحدهم على وجه قام به سقط عن الباقين.
إذا دخل
القاضي في بلد الولاية نادى فيه وأعلم أهله بقدومه، فإن كان البلد كبيراً نادى حتى يعلم كلّ أحد، وإن كان صغيراً ينتشر خبره في يوم لم يزد على يوم.
وإن كانت قرية يعرف أهلها من ساعته استغنى عن النداء.
والنداء أن يقول: ألا إنّ فلان بن فلان قد أتى قاضياً، فاجتمعوا
لقراءة عهده يوم كذا في وقت كذا، فإن حضروا قرأ العهد عليهم وانصرف إلى منزله ليدبّر أمر القضاء من بعد.
إذا حكم القاضي بحكم ثمّ ظهر
بطلان ذلك له- قبل
العزل وبعده- أو لغيره، نقض ذلك وأبطله وحكم بما يوافق الحقّ والصواب.
وكذا إذا أخطأ
المفتي في بيان فتواه يجب عليه إعلام من استفتاه وأفتى له، وإن كان مكتوباً في كتاب ضرب عليه؛ لأنّه خلاف الحقّ والصواب، فيجب رفعه؛ لئلّا يقع الناس في غير الحقّ، ولا يبقى الباطل معمولًا به، ومعتقداً لأحد.
واستدلّ على وجوب الإعلام أيضاً بقوله تعالى: «وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»،
حيث إنّ المستفاد منها وجوب الإعلام حيث يترتّب عليه إحداث الداعي العقلي إلى العمل بالواقع الذي هو متعلّق الإعلام؛ لاختصاص
الإنذار بذلك، فإذا كان
المكلّف غافلًا عن الحكم الكلّي، أو قاطعاً بالخلاف، أو متردّداً على نحو يكون جهله
عذراً ، وجب إعلامه، لما يترتّب عليه من إحداث الداعي العقلي، وإذا كان جاهلًا جهلًا يعذر فيه لا يجب إعلامه.
ولا فرق في وجوب الإعلام بين الحكم والفتوى، كما استظهره
المحقق النجفي .
وكذا الحكم إذا نقل شخص فتوى
المجتهد خطأ يجب عليه إعلام من تعلّم منه.
ينبغي للحاكم إذا أراد
إجراء الحدّ إعلام الناس بالحضور ليكون ذلك بمحضرهم كما صرّح به عدّة من الفقهاء؛
وذلك لقوله تعالى: «وَلْيَشهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ»،
ولما روي من فعل
أمير المؤمنين عليه السلام،
ولما فيه من
الاعتبار والانزجار من فعل القبيح.
إلى غيرها من الموارد الفقهية كالإعلام بنجاسة الطعام والبيت ونحو ذلك.
لا شكّ في
جواز الاستفادة من الإعلام بمختلف وسائله المتوفّرة ما لم تشتمل على محرّم أو يصاحبها محرّم، بدءاً من الأساليب القديمة
كالنداء في الطرقات أو على المآذن وصولًا إلى أجهزة البثّ الحديثة ووسائل الإعلام المعاصرة كالراديو والتلفزيون والفاكس والإنترنيت والفضائيّات، وما أشبه ذلك. بل قد يجب الاستفادة من تطوّر وسائل الإعلام في الدعوة الدينية ومواجهة
الحرب النفسية للعدو وما شابه ذلك، وعدم
الاكتفاء بوسائل الإعلام القديمة.
ويجب في
استخدام وسائل الإعلام مراعاة الضوابط
الشرعية وأبرزها:
الصدق في
الإخبار وعدم ممارسة
الكذب على الناس في الإخبار عن قضاياهم السياسية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية وغيرها.
من هنا، فما تفعله بعض وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء من اختلاق الأخبار بداعي ترويج وسيلتهم الإعلامية لا يجوز شرعاً.
فالتسقيط الذي قد تمارسه وسائل الإعلام بحقّ بعض الشخصيات السياسية والدينية وغيرها بهدف تصفية حسابات ضيّقة غير جائز، وكذلك اختلاق الأخبار التي تغتال الآخرين سياسياً واجتماعياً، ما لم يكن هناك مبرّر شرعي واضح.
عدم اشتمال الإعلام على محرّمات مثل
الغناء والرقص غير الشرعي
والموسيقى المحرّمة
وإظهار صور النساء الخليعات أو بثّ الأفلام غير الأخلاقية أو نشر ما يفتّت الحصانة الأخلاقية في المجتمع.
كما في حالات بثّ الإعلانات التجارية التي قد تشتمل على
غشّ الناس
وإغرائهم بالجهل
وترغيبهم في
شراء سلع لا تتّصف بما يبثّ على وسائل الإعلام.
أن لا يكون في الإعلام ما يوجب إثارة القلاقل وشقّ عصى المسلمين
وإيقاع الفتنة بينهم، أو تثبيط عزائمهم
وتخويفهم وتخذيلهم وكسر روح الثقة في نفوسهم.
ينبغي أن يكون الإعلام رسالياً هادفاً، يسعى لرفع مستوى الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي والصحّي عند
المسلمين ، وتعريفهم
بدينهم وأوطانهم وحضارتهم وتاريخهم، وكذلك فتح أذهانهم على الشعوب الاخرى والاستفادة من تجاربها وتأمين وسائل الترفيه المنضبطة لتنفيس ضغوطاتهم النفسية، وحثّهم على فعل الخير بأنواعه.
أمّا الإعلام الهادف إلى تضليل الناس وانحرافهم عن دينهم فهو غير جائز شرعاً.
يجب أن لا يعكس الإعلام
الإسلامي صورةً مشوّهة عن الإسلام والمسلمين أو عن المذهب
الشيعي الحقّ، فكلّ إعلام يشوّه صورة المسلمين أمام العالم أو يقدّمهم وإسلامهم ليكونوا مدعاةً للسخرية
والاستهزاء يكون
حراماً شرعاً.
من هنا، يفترض بالقيّمين على الإعلام الإسلامي توخّي
الدقة والحذر فيما يبثّونه عبر قنواتهم وإذاعاتهم وصحفهم ومجلّاتهم وكتبهم وإعلاناتهم.
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۱۱۸-۱۳۳.