• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

إثبات اليد المشروع وغير المشروع

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



إثبات اليد قد يكون مشروعاً تكليفاً ووضعاً بمعنى جوازه وعدم ترتّب الضمان عليه، وقد يكون غير مشروع تكليفاً ووضعاً أيضاً فيحرم إثبات اليد ويجب الضمان به، وقد يكون مشروعاً تكليفاً غير مشروع وضعاً فيتعلّق الضمان بإثبات اليد على الشي‌ء وإن جاز، كما قد يكون على العكس من ذلك بأن يكون غير مشروع تكليفاً مشروعاً وضعاً فلا يضمن بتلفها تحت يده، وإن كان إثبات اليد عليها حراماً.وفيما يلي تفصيل البحث في كلّ واحدٍ من هذه الشقوق:




إثبات اليد المشروع ،يجوز إثبات اليد على أشياء لو تلفت لم تضمن، منها المباحات الأصلية وملك صاحب اليد و..



إثبات اليد غير المشروع ،ذكر الفقهاء لما لا يجوز إثبات اليد عليه وضعاً وتكليفاً عدداً من الموارد، منها مال الغير بدون رضاه والضالّة القادرة على البقاء و..



قد يشرع إثبات اليد تكليفاً فيجوز أو يجب أو يستحب أو يكره، ثمّ إذا تلف كان مضموناً على من أثبت يده عليه، ولم نعثر له على مورد في كلمات الفقهاء سوى المأذون بالضمان، وهو على قسمين:

۳.۱ - المأذون من قبل المالك على وجه الضمان


وهو ما أقدم فيه المالك على الإذن للغير في إثبات اليد عليه بشرط ضمان التلف الواقع عليه سواء كان المضمون فيه هو العين كالعارية والإجارة المضمونتين بناءً على صحّتهما- كما هو المشهور؛ لعدم منافاة إباحة الانتفاع أو المنفعة في العارية أو تمليك المنفعة بعوض في الإجارة مع الضمان لتغاير المحلّ؛ إذ محلّ الضمان العين لا المنفعة أو الانتفاع- أو كان المضمون المنفعة كالإباحة بالضمان أو الأعمّ من العين والمنفعة كالإذن بالإتلاف المضمون، فإنّ التلف لو حصل والمال تحت يده يكون ضامناً في الجميع رغم إذن المالك له بإثبات يده على محلّ الإذن، لا بسبب قاعدة الإتلاف بل بقاعدة اليد.
قال ابن إدريس : «ما يتسلّم عن طريق السوم فإنّه مضمون على الآخذ له، أو على أنّه بيع صحيح فكان فاسداً، أو عارية بشرط الضمان، أو بلا شرط، وتكون العارية فضّة أو ذهباً». وقال الميرزا النائيني : «لا إشكال في صحّة الإباحة المعوّضة بتقدير الضمان بالمثل أو القيمة على تقدير التلف، وهي العبارة عن الإباحة المضمونة بالمثل أو القيمة».

۳.۲ - المأذون من قبل الشارع على وجه الضمان


وهو ما أذن الشارع في إثبات اليد عليه والتصرّف فيه لا على سبيل المجّانية، بل مع الضمان، وموارده كثيرة، منها:

۳.۲.۱ - الاضطرار


يجوز للمضطرّ الذي بلغ به الاضطرار حدّ الخوف على النفس من الهلاك ونحوه إثبات يده على مال الغير والتصرّف فيه، لكنّه يكون مضموناً عليه بإثبات اليد ووضعها عليه لا بالإتلاف، فلو تلف المال وهو تحت يده ضمن وإن لم يكن قد تصرّف فيه بما يدفع الاضطرار عن نفسه.

۳.۲.۲ - التزاحم في الواجبات والحقوق


إذا توقّف واجب على إثبات اليد على مال الغير جاز إن كان الواجب أهمّ، فلو توقّف حفظ النفس المحترمة على إثبات اليد على سلاح قاصد القتل أو التصرّف في داره جاز، بلا خلاف ولا إشكال، لكنّه يكون مضموناً لو تلف تحت اليد.ومنه ما إذا توقّف دفع الكافر بإثبات اليد على الأملاك الشخصيّة الواقعة بمحاذاة الطرق التي ينفذ منها.كما أنّه لو توقّفت مراعاة بعض الحقوق العامّة على إثبات اليد على الأموال‌ والأملاك الشخصيّة جاز أيضاً إذا كان الحقّ العامّ أهمّ.ومن أمثلته إثبات اليد على وسائط النقل المخالفة لنظام المرور رعايةً للحقّ العامّ.

۳.۲.۳ - أخذ الوالد من مال ولده


يجوز للأب إثبات يده على مال ابنه إذا كان صغيراً واحتسابه قرضاً عليه عند بعض الفقهاء، بل ادّعي عليه الإجماع ، كما يجوز له وطء جارية ابنه ولو كان كبيراً بعد تقويمها عليه إذا لم يكن الابن وطأها أو مسّها بشهوة.قال العلّامة الحلّي في اقتراض الأب:«لو كان الولد صغيراً جاز للأب أخذ ماله قرضاً عليه مع يساره وإعساره .ومنع ابن إدريس من الاقتراض ...ويجوز للأب المعسر أن يتناول قدر الكفاية من مال ولده الصغير والبالغ مع الامتناع من الإنفاق عليه، ولو كان موسراً حرم ذلك إلّا من جهة القرض من الصغير على ما قلناه، وإن كان ابن إدريس قد خالف فيه...».
وقال المحقّق الأردبيلي بعد ذكره رواية سعيد بن يسار روى أنّه قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: الرجل يحجّ من مال ابنه وهو صغير؟ قال: «نعم يحجّ منه حجّة الإسلام»، قلت: وينفق منه؟ قال: «نعم»، ثمّ قال: «إنّ مال الولد لوالده، إنّ رجلًا اختصم هو ووالده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقضى أنّ المال والولد للوالد». الدالّة على ذلك وأقوال العلماء ومحاملهم فيها: «ولو لا خوف خرق الإجماع- على ما يظهر- لأمكن القول بمضمون الرواية؛ لأنّ كلّ ما ذكرناه تكلّفات بعيدة، ولا تنافيها القواعد الشرعية؛ إذ يستثنى منها أمثال هذه؛ للنصّ الصريح الصحيح». وقال الميرزا القمّي في اشتراط الملاءة في اقتراض الولي من مال المولّى عليه:«واستثنوا من ذلك الأب والجدّ فجوّزوا لهما الاقتراض مع العسر واليسر، ولم يظهر له مخالف. واستشكله في المدارك.ولعلّ دليلهم الأخبار الكثيرة الواردة في أنّ الابن وماله لأبيه. ولكنّها مقيّدة بصورة الاضطرار والاحتياج كما نطق به بعضها.ويمكن دفع ذلك بأنّ التقييد إنّما يفيد تقييد التصرّف مجّاناً وبلا عوض بصورة الاضطرار، لا مطلقاً فيبقى عمومها في غير ذلك على حاله...ويؤيّد ما ذكرنا من الدفع ما ورد في الأخبار من أنّ الامّ لا يجوز لها الأخذ إلّا قرضاً على نفسها بخلاف الأب...».
وأمّا الجارية فقد قال ابن الجنيد فيها:«ليس يحلّ للأب وطء أمة ابنه إلّا بعد أن يعلم أنّ الابن لم يطأها، ولا وطأ من تحرم عليه بوطئه لها، وله وطؤها بعد أن يقوّمها على نفسه قيمة عادلة، وليشهد على نفسه بذلك إن كان الابن في حجره صغيراً أو كبيراً غائباً، وتجنُّب مال الابن البالغ أحوط إلّا بعد إذنه في ذلك». وقال الشيخ الطوسي : «إذا كان للولد جارية لم يكن وطأها ولا مسّها بشهوة جاز للوالد أن يأخذها ويطؤها بعد أن يقوّمها على نفسه قيمة عادلة، ويضمن قيمتها في ذمّته»».وفي الاستبصار قيّد الحكم بالجواز بما إذا كان الولد صغيراً. وقال العلّامة الحلّي: «ولو كانت للولد جارية لم يكن له وطؤها ولا مسّها بشهوة، قال الشيخ: يجوز للأب تقويمها عليه ووطؤها وقيّده في الاستبصار بالصغير، وهو جيّد». لكنّ السيّد الخوئي لم يقبل التقييد؛ لإطلاق الرواية حيث قال: «يجوز للوالد وطء جارية ولده بعد التقويم، وله الولاية في خصوص ذلك حتى إذا كان الولد كبيراً؛ لإطلاق النصّ.وحمله على كون الولد صغيراً بعيد جدّاً؛ لذكر الرجل في صحيح إسحاق بن عمّار ».
[۱۰] المعتمد في شرح المناسك، ج۱، ص۲۰۸.
هذا، وكما جوّز بعض الفقهاء للأب الاقتراض من مال ابنه كذلك جوّز بعضهم الاقتراض للُامّ أيضاً، وقد تقدّمت بعض العبارات في ذلك، وهناك عبارات أخرى غيرها جوّزت ذلك أيضاً.
قال الشيخ الطوسي: «والوالدة لا يجوز لها أن تأخذ من مال ولدها شيئاً إلّا على سبيل القرض على نفسها». وأرجع بعض الفقهاء المسألة إلى جواز تصرّف الأب في مال ابنه كسبيل ماله، وإلى ما دلّ من الروايات من أنّ الابن وماله لأبيه. وبه قال بعض قدامى الفقهاء، وحينئذٍ فلا يدخل في هذا القسم، بل يكون من قسم إثبات اليد على المال المشروع تكليفاً ووضعاً.

۳.۲.۴ - المعاطاة


ذهب قدامى الفقهاء إلى أنّ المعاطاة إنّما تفيد الإباحة دون الملك. وفُسِّر مقصودهم‌ من الإباحة بتفسيرات مختلفة أحدها أنّها إباحة شرعية.وعلى هذا الرأي ربّما وقع خلاف بين الفقهاء في أنّها إباحة مضمونة بالمسمّى أو بالمثل أو القيمة أو غير مضمونة أصلًا.قال المحقّق الأصفهاني : «إنّ رضا كلٍّ من المتعاطيين باستيلاء كلٍّ منهما على مال الآخر مستفاد من كون كليهما في مقام التمليك والتملّك، وتمكّن كلٍّ منهما من مال الآخر بنحوٍ أوفى، فإثبات يد كلٍّ منهما على مال الآخر بسبب تسليط كلٍّ منهما خارجاً عن رضاه، فمثل هذا التسليط الخارجي الصادر عن الرضا قصد به التمليك بالعوض، لا بنحو المجّانية، فالرضا مقيّد، والإباحة الشرعيّة إذا كانت مستندة إلى مثل هذا الرضا الضمني فلا بدّ من أن تكون بنحو التعاوض لا بنحو المجّانية، وإلّا كانت على خلاف رضا المتعاطيين، وهو خلف.وإذا كانت الإباحة الشرعية معاوضيّة لا مجّانية جرى فيها التقريب المتقدّم بناءً على الإباحة الضمنيّة.
نعم، بناءً على الإباحة التعبّدية المحضة الغير المستندة إلى تسبيب المالك ضمناً، ولا إلى رضاه ضمناً يشكل تطبيق الرجوع إلى البدل على القاعدة.ويمكن أن يوجّه بأنّ التعبّدية في أصل الإباحة لا ينافي عدم التعبّدية في كيفيّتها؛ فإنّ مقتضى الاعتبار جعل الإباحة تعبّداً مكان الملكيّة، فالمعاطاة المقصود بها التمليك بالعوض لم تؤثّر في الملكيّة شرعاً، بل صارت موضوعة للإباحة مكان التأثير في الملكيّة، فتكون الإباحة غير مجّانية، بل معاوضيّة». ويظهر من جميع ما تقدّم أنّ ما أذن الشارع في إثبات اليد عليه تكليفاً لا يقتضي عدم الضمان، إلّا إذا صدر الإذن على سبيل المجّانية.ولذا قال الإمام الخميني : «وأمّا الإباحة الشرعية الثابتة بالإجماع فلا تلازم عدم الضمان، والمتيقّن منه ثبوت الإباحة لا سلب الضمان، نظير إباحة أكل مال الغير لدى الضرورة، فإنّ مجرّدها لا يوجب نفي‌ ضمان الإتلاف ولا ضمان اليد». بل الظاهر فيما أذن فيه المالك كذلك يعتبر في عدم ضمانه أن يكون صادراً على وجه المجّانية.قال السيّد الحكيم : «مجرّد الإباحة الشرعية لا يقتضي نفي الضمان؛ لعدم التنافي بينهما، بل الإباحة المالكيّة لو قيل بها في المقام لا تنافيه، وإنّما المنافي له الإباحة شرعية أو مالكيّة بقصد المجّانية، ولكن لا دليل عليه (في الموارد المتقدّمة) فعموم الضمان باليد محكّم».
هذا كلّه فيما إذا كان الإذن بإثبات اليد والتصرّف قد صدر لمصلحة المأذون، وأمّا مع ملاحظة الأعمّ من ذلك فينبغي إناطة ضابط عدم الضمان في إثبات اليد بكون الإذن والتسليط قد صدرا من المالك أو الشارع إمّا على سبيل المجّانية أو بقصد مراعاة مصلحة صاحب المال، ليعمّ ما أجاز الشارع أخذه وإثبات اليد عليه بهذا القصد، كمال اللقطة والمال الذي في معرض التلف، وكموارد التولية على المال المجامعة لحال وجود صاحب المال لاتّصافه بما قد يتسبّب بالضرر لنفسه كالصغر والجنون والسفه أو غير ذلك فيثبت في هذه الموارد الجواز تكليفاً مع ضمان الإتلاف أو التفريط والتعدّي بمعنى عدم المجّانية.نعم، قد يرتفع ضمان التلف في هذه الموارد إذا كانت اليد استيمانيّة سواء كان الاستيمان شرعيّاً- كموارد الولاية- أو مالكيّة- كموارد العارية والوديعة والوصيّة - لأنّ يد الأمانة لا توجب الضمان.
قال السيّد الخوئي: «لا تكون اليد موجبة للضمان في موردين:
الأوّل: أن يسلّط المالك غيره على التصرّف في ماله مجّاناً وبلا عوض، فتلِفَ المال عند المتصرّف، فإنّ اليد هنا ليست مضمّنة؛ لأنّ المالك قد ألغى احترام ماله بتسليط غيره عليه بلا عوض، وهذا هو الحجر الأساسي للقاعدة المعروفة وهي:كلّ ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده.الثاني: أن تكون اليد يد أمانة سواء في ذلك الأمانة الشرعية والأمانة المالكيّة، فإنّ يد الأمانة لا توجب الضمان؛ ضرورة أنّه ليس على الأمين سبيل».



ذكر الفقهاء لإثبات اليد غير المشروع بهذا المعنى موارد، منها:

۴.۱ - تسلّط الكافر على العبد المسلم


منع الفقهاء من تسلّط الكافر على المسلم وإثبات يده عليه، فلو أسلم العبد وهو في يده لم يقرّ عنده؛ تمسّكاً بقوله تعالى: «وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا»، لكن لو تلف تحت يد الكافر فلا ضمان عليه.وقد أفرد الفقهاء لهذه المسألة قاعدة أسموها بقاعدة نفي السبيل:
قال الشيخ الطوسي: «الكافر إذا اشترى عبداً مسلماً فالبيع باطل عندنا، وقال بعضهم: صحيح، وإنّما قلنا بالأوّل لقوله تعالى: «وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا». .. ويكون الحكم فيه وفي (ما لو) أسلم العبد تحت يده أو مَلَكَه بالإرث واحد وزال ملكه منه فلا يقرّ عليه، فإن أعتقه أو باعه أو وهب جاز، فإن كاتبه قال بعضهم: يصحّ، وقال آخرون: لا يصحّ؛ لأنّ سلطانه باق‌ٍ عليه؛ لأنّه يمنعه من السفر وكمال التصرّف». وقال العلّامة الحلّي: «يشترط إسلام المشتري إذا اشترى مسلماً إلّا أباه ومن ينعتق عليه أو إذا اشترى مصحفاً.وهل يصحّ له استئجار المسلم أو ارتهانه؟ الأقرب المنع. والأقرب جواز الإيداع له والإعارة عنده.ولو أسلم عبد الذمّي طولب ببيعه أو عتقه... وبأيّ وجه أزال الملك؛ من البيع والعتق والهبة حصل الغرض.ولا يكفي الرهن والإجارة والتزويج ولا الكتابة المشروطة، أمّا المطلقة فالأقرب إلحاقها بالبيع لقطع السلطنة عنه، ولا تكفي الحيلولة.ولو أسلمت امّ ولده لم يجبر على‌ العتق؛ لأنّه تخسير. وفي البيع نظر، فإن منعناه استكسبت بعد الحيلولة في يد الغير.ولو امتنع الكافر من البيع حيث يؤمر باع الحاكم بثمن المثل، فإن لم يجد راغباً صبر حتى يوجد فتثبت الحيلولة.ولو مات قبل بيعه فإن ورثه الكافر فحكمه كالمورث، وإلّا استقرّ ملكه».
وقال المحقّق الأردبيلي في آية نفي السبيل: «استدلّ بعض أصحابنا أيضاً بها على عدم التملّك، وقال البعض بجواز التملّك مثل أن أسلم عنده، ولكن لا يتمكّن من التصرّف للآية، بل يباع عليه.ويمكن الاستدلال بها على عدم تسلّط الكافر على المسلم بوجه تملُّك وإجارة ورهن وغيرها؛ لأنّه نكرة في سياق النفي يفيد العموم فلا شي‌ء من السبيل له على المسلم».
قال السيّد المراغي : «من جملة المبطلات للعقود قاعدة نفي السبيل للكافر على المسلم، وهذه القاعدة كثيرة الفروع ولا تنحصر في إبطال بعض العقود، بل لها فروع أخر تترتّب عليها...
منها: عدم ثبوت الولاية للكافر؛ حيث ترجع الولاية على مسلم والتحكّم عليه، فلا عبرة بإذنه في أحكام الأموات؛ لأنّه لا ولاية له، ولا أولوية له في الميراث.وعدم ثبوت حقّ له في ذمّة المسلم من جانب اللَّه تعالى من زكاة أو خمس أو كفّارة أو نحو ذلك من الحقوق ما لم يصدر سبب الضمان من نفس المكلّف من استدانة أو وصيّة أو وقف أو نحو ذلك، وهذا سرّ اشتراط الإسلام في المستحقّين.وعدم اشتراط صحّة نذر الولد ونحوه من العهد واليمين على إذن الوالد الكافر في وجه، وكذا كلّ من يشترط إذنه في عبادة- كالزوج ونحوه- وفي الماليّات مسألة أخرى.وعدم لزوم إطاعة الكافر في مقامات لو كان مسلماً لوجب.
وعدم نفوذ قضاء الكافر وإن جمع سائر الشرائط.وعدم جواز تولّيه للوقف المتعلّق بالمسلمين.وعدم جواز تملّكه للمسلم بشراء أو صلح وهبة وإصداق ، أو نحو ذلك من دفع عوض دين أو ضمان.
وبعبارة أخرى: كلّ سبب اختياري ناقل للملك إلى الكافر فإنّه غير صحيح.كما أنّه لو ملك بسبب قهري كالارث- لو قلنا به- أو كان المملوك كافراً عند كافر فأسلم المملوك يباع على مالكه قهراً ولا تقرّ يده‌ عليه.وعدم جواز إعارة المسلم للكافر ورهنه عنده ولا إيداعه له في وجه مبنيّ على أنّ الاستنابة في الحفظ سبيل.وعدم جواز حوالة الكافر على المسلم في وجه، وإن ضعف.وعدم ولايته على صغير أو مجنون أو سفيه في نكاح أو مال.وعدم جواز استئجاره للمسلم في عينه وإن جاز في ذمّته.وعدم جواز إجارة العبد المسلم له.وعدم جواز وكالته على مسلم لكافر أو مسلم.وعدم جواز وكالته في بيع عبد مسلم مرهون أو غيره.وعدم ثبوت شفعة له إذا كان المشتري مسلماً وإن كان البائع كافراً.وعدم جواز وصايته على مال مسلم أو مولّى عليه محكوم بإسلامه ولو بالاشتراك .وعدم جواز نكاحه للمسلمة ابتداءً وكذا استدامة، فإنّه بإسلامها يبطل النكاح لو لم يُسلم الزوج في العدّة.وعدم العبرة بالتقاطه إذا كان اللقيط محكوماً بإسلامه بأحد الطرق المذكورة في محلّها...».

۴.۲ - إثبات يد الكافر على المصحف


المصحف- كالمسلم- يحرم إثبات يد الكافر عليه بأيّ سبب من أسباب الإثبات سواء كان السبب مملّكاً للعين كالبيع والهبة أو للمنفعة كالإجارة أو الانتفاع كالعارية والإباحة المعوّضة مثلًا ونحوهما بناءً على كونهما عقدين لتمليك الانتفاع، وعلى هذا الرأي اتّفاق فقهائنا كافّة إلّا بعض المعاصرين فشكّك في الحرمة المذكورة.ومع ذلك فلو تملّكه الكافر فتلف عنده فلا ضمان ما لم يكن إثبات يده عليه عدوانيّاً.
قال الشيخ الطوسي : «والمشرك ممنوع من شراء المصاحف إعزازاً للقرآن، فإن اشترى لم يصحّ البيع. وفي الناس من قال:يملكه ويلزم الفسخ، والأوّل أصح». ومراده من الناس أهل السنّة.وقال المحقّق الحلّي : «إذا اشترى الكافر مصحفاً لم يصحّ البيع، وقيل: يصحّ ويرفع يده، والأوّل أنسب بإعظام الكتاب العزيز».
[۲۷] الشرائع، ج۱، ص۳۳۴- ۳۳۵.
وقال العلّامة الحلّي: «لو اشترى الكافر مصحفاً لم يصحّ البيع عندنا على أقوى القولين... لنا: أنّه يحرم عليه استدامة الملك فيحرم عليه ابتداؤه كسائر المحرّمات، ولأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن المسافر بالقرآن إلى أرض العدوّ مخافة أن تناله أيديهم، فلا يجوز تمكينهم من السبب لنيل الأيدي إيّاه».
[۲۸] المنتهى، ج۲، ص۱۰۱۵ (حجرية).
وقال الشيخ الأنصاري : «المشهور عدم جواز نقل المصحف إلى الكافر، ذكره الشيخ والمحقّق في الجهاد، والعلّامة في كتبه وجمهور من تأخّر عنه.وعن الإسكافي أنّه قال: ولا أختار أن يرهن الكافر مصحفاً... واستدلّوا عليه بوجوب احترام المصحف، وفحوى المنع من بيع العبد المسلم من الكافر.وما ذكروه حسن، وإن كان وجهه لا يخلو عن تأمّل أو منع».
لكن بعض فقهائنا المعاصرين منهم السيّدان الحكيم والخوئي ردّوا القول بحرمة إثبات يد الكافر على المصحف إذا لم يستلزم مهانته.وعلى فرض استلزامه المهانة أيضاً لا يبطل العقد والإيقاع عليه، إلّا بناءً على أنّ النهي يقتضي الفساد الذي لا يقبله مشهور الفقهاء.
[۳۰] مصباح الفقاهة، ج۱، ص۴۹۰- ۴۹۲.

قال السيّد الحكيم: «المشهور- كما قيل- عدم جواز نقل المصحف إلى الكافر كما صرّح بذلك جماعة، واستدلّ له بوجوب احترام المصحف، وفحوى المنع من بيع العبد المسلم على الكافر.لكن وجوب الاحترام زائداً على ترك المهانة لا دليل عليه فضلًا عن المرتبة الخاصّة التي ينافيها البيع، مع أنّ مجرّد المنافاة للواجب لا يقتضي الفساد.ومن ذلك يظهر أنّه لو فرض كون البيع مهانة على المصحف الشريف كان حراماً تكليفاً؛ لحرمة المهانة جزماً لا أنّه حرام وضعاً، إلّا بناءً على أنّ النهي يقتضي الفساد، مع أنّ في كونه مهانة إشكالًا، بل منعاً...».

۴.۳ - إثبات اليد على الحرّ


يحرم إثبات اليد على الحرّ- صغيراً كان أو كبيراً- ما لم يكن بحاجةٍ إلى المأوى فيجب حينئذٍ استنقاذاً له، أو يكون مجنوناً أو صغيراً تحت ولايته. فلو أثبت يده عليه كان آثماً، بل وفيه عقوبة التعزير . ومع ذلك فانّه لو تلف لا بتفريط وتسبيب منه لم يكن ضامناً؛ لأنّه ليس بمالٍ ليضمن قيمته ولم يجنِ عليه لتثبت عليه الدية أو القصاص .قال الشيخ الطوسي: «إذا استأجره ليحجم حرّاً أو عبداً أو يعلّمه صنعة فتلف فلا ضمان عليه، فأمّا الحرّ فلا يضمنه؛ لأنّ اليد لا تثبت عليه‌». وقال المحقّق الحلّي: «والحرّ لا يضمن بالغصب ولو كان صغيراً، ولو أصابه حرق أو غرق أو موت في يد غاصب من غير سببه لم يضمن».
[۳۳] الشرائع، ج۳، ص۲۳۶.
وقال ابن فهد الحلّي : «الحرّ لا يدخل تحت اليد؛ لأنّه ليس مالًا فلا يضمن؛ لأنّ المضمون باليد إنّما هو الأموال، وإنّما تضمن بالجناية عليه...».
وقال المحقّق الأردبيلي في توضيح‌ ما ذكره العلّامة الحلّي من عدم ضمان الحرّ: «يعني: لا يضمن بوضع اليد والغصب؛ لأنّه ليس بمال فلا يدخل تحت يد المتصرّف، فإنّ إثبات اليد والتصرّف إنّما يقال في الأموال.والظاهر عدم الخلاف فيه.ولا فرق في ذلك بين كونه صغيراً أو كبيراً، مميِّزاً قادراً على الدفع عن نفسه وغيره، مجنوناً أو عاقلًا.هذا إذا تلف بموته أو بشي‌ء ليس للقبض له مدخلٌ فيه أصلًا». ولم يفرّق المشهور في عدم الضمان بإثبات اليد بين ضمان العين أو منفعة الحرّ.
قال‌ المحقّق النجفي : «والحرّ لا يضمن بالغصب ولو كان صغيراً، لا عيناً ولا منفعة، بلا خلاف محقّق أجده فيه؛ على معنى كونه كغصب المال الموجب للضمان وإن مات حتف أنفه، بل ولا إشكال؛ ضرورة عدم كونه مالًا حتى يتحقّق فيه الضمان...ثمّ إنّ الظاهر عدم الفرق في الحكم المزبور بين الصغير والمجنون كما صرّح به جماعة». وقال الإمام الخميني: «لو استولى على حُرٍّ فحبسه لم يتحقّق الغصب لا بالنسبة إلى عينه، ولا بالنسبة إلى منفعته وإن أثم وظلمه سواء كان كبيراً أو صغيراً، فليس عليه ضمان اليد الذي هو من أحكام الغصب، فلو أصابه حرق أو غرق أو مات تحت استيلائه من غير تسبيب منه لم يضمن...».
ويظهر من بعض الفقهاء وجوب الضمان بغصبه إذا كان صغيراً لكن من جهة صدق التسبيب إلى الجناية، قال الشهيد الثاني :«والحرّ لا يضمن بالغصب عيناً ومنفعة؛ لأنّه ليس مالًا فلا يدخل تحت اليد. هذا إذا كان كبيراً عاقلًا إجماعاً أو صغيراً فمات من قبل اللَّه تعالى.ولو مات بسببٍ كلدغ الحيّة ووقوع الحائط ففي ضمانه قولان للشيخ، واختار المصنّف في الدروس الضمان؛ لأنّه سبّب‌ الإتلاف ، ولأنّ الصغير لا يستطيع دفع المهلكات عن نفسه، وعروضها أكثريّ فمن ثَمّ رجّح السبب». كما أنّه خالف بعض الفقهاء في نفي ضمان منفعة الحرّ بإثبات اليد عليه وحبسه عن العمل إذا كان كسوباً فحكم بضمانها في هذه الصورة.
قال السيّد اليزدي في تفويت منفعة الحرّ: «إنّا لا نسلّم أنّ منافعه ( الأجير) لا تضمن إلّا بالاستيفاء ، بل تضمن بالتفويت أيضاً إذا صدق ذلك، كما إذا حبسه وكان كسوباً فإنّه يصدق في العرف أنّه فوّت عليه كذا مقداراً». وخالفه آخرون، قال السيد الخوئي معلّقاً على عبارة السيّد اليزدي: «وهذا الجواب كما ترى لا يمكن المساعدة عليه بوجهٍ؛ لقصور أدلّة الضمان عن الشمول للمقام، فإنّ سببه إمّا وضع اليد على مال الغير عدواناً أو إتلافه بمقتضى أنّ (من أتلف مال الغير فهو له ضامن) الذي هو عبارة متصيّدة من الأخبار وإن لم يرد بهذا اللفظ، مضافاً إلى السيرة العمليّة القائمة على أنّ إتلاف المال موجب للضمان.ومن الواضح عدم انطباق شي‌ء من ذلك على عمل الحرّ؛ إذ لا يصدق عليه وضع اليد كما هو واضح، ولا الإتلاف؛ لأنّه متفرّع على أن يكون له مال موجود ليرد الإتلاف عليه، ولا وجود له حسب الفرض.نعم، يصدق التفويت باعتبار أنّ الحابس بحبسه سدّ على الكسوب باب تحصيل المنفعة، فهو بمنعه عن الاكتساب فوّت المال عليه، إلّا أنّ التفويت شي‌ء والإتلاف شي‌ء آخر...». وأمّا إثبات اليد والتسلّط على منافع الحرّ بنحو الاستيفاء لعمله أو أمره به فهو يوجب الضمان على ما هو مقرّر في محلّه».

۴.۴ - ما يتعلّق بالغير ممّا لا ماليّة له شرعاً


يحرم إثبات اليد على ما لا ماليّة له شرعاً بلا إذن صاحبه كالخمر والخنزير وغيرهما إذا كان للغير ولم يقصد الغير الانتفاع بهما فيما يحرم، لكن لو خالف شخص وأثبت يده عليه فتلف تحت يده لم يضمن وإن أثم.نعم، الخمر والخنزير المملوكان للذمّي المستتر لا يجوز للمسلم إثبات يده عليهما أو غصبهما، فإن فعل فتلفا كان ضامناً لقيمتهما عند المستحل لهما، لكنّهما مال للذمّي، فلذلك تشملهما قاعدة على اليد ما أخذت حتى تؤدّي.قال المحقّق الحلّي: «ولا يضمن الخمر إذا غصبت من مسلم ولو غصبها الكافر، وتضمن إذا غصبت من ذمّي مستتراً ولو غصبها المسلم، وكذا الخنزير، ويضمن الخمر بالقيمة عند المستحل لا بالمثل ولو كان المتلف ذمّياً على ذمّي، وفي هذا تردّد».
[۴۲] الشرائع، ج۳، ص۲۳۶.

وعلّق عليه الشهيد الثاني: «الأصل في الخمر عدم المالية، فلا تضمن إذا غصبت من مسلم أو كافر، مسلماً كان الغاصب أم كافراً، إلّا إذا كان الكافر ذمّياً مستتراً بها أو كان المسلم يتّخذها للتخليل، فتكون محترمة في الموضعين، ويضمنها الغاصب لها». كما أنّه لو فرض لحقّ اختصاص المسلم بهما قيمة يضمن المثبت لليد عليهما تفويته حقّ الاختصاص عليه، قال السيد الخوئي: «يضمن المسلم للذمّي الخمر والخنزير بقيمتهما عندهم مع الاستتار ، وكذا يضمن للمسلم حقّ اختصاصه فيما إذا استولى عليهما لغرض صحيح».

۴.۵ - ما يحرم إثبات اليد عليه لطروّ أحد أسباب التحريم


قد يطرأ سبب من أسباب الحرمة التكليفية على إثبات اليد في مورد مشروع في نفسه؛ بكونه ملكاً له أو لإذن مالكه بالتصرّف فيه إلّا أنّ ذاك التصرّف كان محرّماً شرعاً لطروّ عنوان من العناوين المحرّمة شرعاً، كما إذا كان فيه مهانة أو ذلّة للمؤمن أو حلف أو نذر أن لا يضع يده عليه أو لزم منه إضرار محرّم بالنفس أو بالآخرين أو كان إسرافاً وتبذيراً أو مستلزماً لتلف الحيوان أو المال إذا بقي تحت يده، أو غير ذلك من موجبات عدم المشروعية التكليفية، فإنّه يحرم عندئذٍ تكليفاً، لكن لا يثبت الضمان وضعاً.



 
۱. السرائر، ج۲، ص۴۹۱.    
۲. المكاسب والبيع، ج۱، ص۲۱۷.    
۳. التحرير، ج۲، ص۲۷۳.    
۴. الوسائل، ج۱۱، ص۹۱، ب ۳۶ من وجوب الحج، ح ۱.    
۵. مجمع الفائدة، ج۶، ص۷۷- ۷۸.    
۶. غنائم الأيّام، ج۴، ص۳۵.    
۷. المختلف، ج۷، ص۲۹۷- ۲۹۸.    
۸. الاستبصار، ج۳، ص۵۰- ۵۱، ذيل الحديث ۱۶۵.    
۹. التحرير، ج۲، ص۲۷۳.    
۱۰. المعتمد في شرح المناسك، ج۱، ص۲۰۸.
۱۱. النهاية، ج۱، ص۳۶۰.    
۱۲. الحدائق، ج۱۴، ص۱۰۸- ۱۰۹.    
۱۳. الحدائق، ج۱۸، ص۲۷۲- ۲۸۲.    
۱۴. المقنع، ج۱، ص۳۷۱.    
۱۵. حاشية المكاسب، ج۱، ص۲۱۳- ۲۱۴.    
۱۶. كتاب البيع، ج۱، ص۱۹۱.    
۱۷. نهج الفقاهة، ج۱، ص۱۴۰.    
۱۸. مصباح الفقاهة، ج۲، ص۲۰۲.    
۱۹. النساء/سورة ۴، الآية ۱۴۱.    
۲۰. النساء/سورة ۴، الآية ۱۴۱.    
۲۱. المبسوط، ج۶، ص۱۲۹.    
۲۲. القواعد، ج۲، ص۱۷.    
۲۳. القواعد، ج۲، ص۱۸.    
۲۴. زبدة البيان، ج۱، ص۴۴۰.    
۲۵. العناوين الفقهية، ج۲، ص۳۵۰- ۳۵۱.    
۲۶. المبسوط، ج۲، ص۶۲.    
۲۷. الشرائع، ج۱، ص۳۳۴- ۳۳۵.
۲۸. المنتهى، ج۲، ص۱۰۱۵ (حجرية).
۲۹. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۳، ص۶۰۱.    
۳۰. مصباح الفقاهة، ج۱، ص۴۹۰- ۴۹۲.
۳۱. نهج الفقاهة، ج۱، ص۳۲۴.    
۳۲. المبسوط، ج۳، ص۲۴۳.    
۳۳. الشرائع، ج۳، ص۲۳۶.
۳۴. المهذب البارع، ج۴، ص۲۴۸.    
۳۵. مجمع الفائدة، ج۱۰، ص۵۱۱.    
۳۶. جواهر الكلام، ج۳۷، ص۳۶.    
۳۷. جواهر الكلام، ج۳۷، ص ۳۸.    
۳۸. تحرير الوسيلة، ج۲، ص۱۷۳، م۵.    
۳۹. الروضة، ج۷، ص۲۷- ۲۸.    
۴۰. العروة الوثقى، ج۵، ص۴۰- ۴۱، م ۳.    
۴۱. مستند العروة (الإجارة)، ج۱، ص۱۶۹- ۱۷۰.    
۴۲. الشرائع، ج۳، ص۲۳۶.
۴۳. المسالك، ج۱۲، ص۱۶۰- ۱۶۱.    
۴۴. المنهاج، ج۲، ص۱۴۷، م ۶۹۱.    




الموسوعة الفقهية، ج۳، ص۳۹۵-۴۲۴.    



جعبه ابزار