• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

إحياء الموات (النيابة فيه)

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



لتصفح عناوين مشابهة، انظر إحياء الموات (توضيح).
لا إشكال في اعتبار المباشرة في متعلّق بعض التكاليف وتقيّدها بصدورها من المكلّف بنفسه، وذلك كالصلوات اليوميّة بالنسبة للحيّ؛ كما لا إشكال عندهم في جريان النيابة وعدم اعتبار المباشرة في بعض الموارد، وأمّا إحياء الموات الذي محلّ البحث- ولعلّ مثله الحيازة بأقسامها من الاصطياد و الاحتشاش و الاحتطاب ، وكذا الالتقاط فيما يباح تملّكه، بل لعلّ مثله التحجير و السبق إلى الأمكنة المباحة للانتفاع - فقد يُبنى جريان النيابة وعدمه فيه على القول باعتبار نيّة التملّك في حصول الملك به وعدمه.




 
لا إشكال في اعتبار المباشرة في متعلّق بعض التكاليف وتقيّدها بصدورها من المكلّف بنفسه، وذلك كالصلوات اليوميّة بالنسبة للحيّ؛ لوجوبها عليه عيناً، فلا يُجزي فعل الغير عنه بأيّ وجهٍ من وجوه النيابة ، بل يجب عليه الإتيان بوظيفته الصلاتية الاختيارية أو الاضطرارية بما لها من المراتب من الصلاة جالساً أو مضطجعاً أو مستلقياً أو مجرّد ذكر اسم اللَّه تعالى أو الإيماء بهذا القصد كما في بعض الحالات كصلاة الغرقى . بل انصراف اسم الصلاة عن مثل الأخير لا يوجب كفاية فعل الغير عنه ما دام المكلّف حيّاً. فالنيابة منتفية في هذا المقام مطلقاً ؛ وذلك لما ذكروه في ملاك الفعل المباشري من أنّ الغرض المقصود منه لا يحصل شرعاً إلّا بصدوره من المخاطب بخطاب التكليف بنفسه.



كما لا إشكال عندهم في جريان النيابة وعدم اعتبار المباشرة في بعض الموارد، وذلك مثل الأمر المتوجّه إلى المديون بأداء دينه المالي و إفراغ ذمّته عن حقّ الغير، حيث لا يعتبر فيها شرعاً ولا عرفاً صدوره من نفس المديون، بل يكفي نيابة الغير عنه بأنحائها من التوكيل و الاستيجار والأمر غير المجّاني و الاستنابة مجاناً، بل يكفي مجرد قصد النيابة من الباذل ولو تبرّعاً ومن دون استدعاء المديون، بل صريح جماعة عدم اعتبار قصد النيابة و تنزيل الباذل نفسه منزلة المديون أيضاً، فيكفي مجرّد البذل بقصد أداء دين المديون وإفراغ ذمّته من حقّ الغير مباشرة. نعم، يجب نيّة الباذل وقصده أداء دين فلان حيث انّه من العناوين القصديّة التي لا يتعيّن إلّا بالقصد، إلّا أنّه أمر آخر لا ربط له بالمقام، كما أنّه قد يحكم بلزوم إعلام الدائن بذلك بناءً على اعتبار رضاه أيضاً، أو دفعاً لإنكاره فيما بعد، وهذا أيضاً غير مربوط بالمقام.



وأمّا إحياء الموات الذي محلّ البحث- ولعلّ مثله الحيازة بأقسامها من الاصطياد و الاحتشاش و الاحتطاب ، وكذا الالتقاط فيما يباح تملّكه، بل لعلّ مثله التحجير و السبق إلى الأمكنة المباحة للانتفاع - فقد يُبنى جريان النيابة وعدمه فيه على القول باعتبار نيّة التملّك في حصول الملك به وعدمه، وأنّ على القول بعدم اعتبار النيّة يصير المال ملكاً للمحيز والمحيي قهراً، نعم ذهب المحقق الكركي إلى أنّ بناءً على عدم اعتبار النيّة لا يصير المال بمجرد ذلك ملكاً للمحيز والمحيي، بل يحتاج إلى عدم نيّة العدم أيضاً، وأمّا إذا نوى العدم فلا دليل هنا لصيرورته ملكاً للمحيز أيضاً. فيلغو حينئذٍ قصد النيابة للغير، وأمّا بناءً على اعتبار النيّة يصير المال ملكاً للمنوب عنه بمجرد إحيائه له فتؤثّر هذه النيّة في مقصود النائب ، وهو حصول الملك للمنوب عنه .
ولكن من المعلوم أنّ مجرّد ذلك لا يكفي لحصول الملك للمنوب عنه بالقصد المزبور؛ إذ غاية ما ذكر إمكان القول به بعد مساعدة الأدلّة عليه، فلا بدّ من طرح البحث في ذلك، وأنّ الأدلّة الشرعية هل تساعد على حصول الملك للمنوب عنه بعد نيابة النائب عنه في حيازته وإحيائه ونحوها أم لا؟



وفي هذا المجال قد يدّعى وجود بعض الأخبار الدالّة على مشروعية النيابة، وهي بإطلاقها تشمل المقام، كخبر محمّد بن مروان، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام : «ما يمنع الرجل منكم أن يبرّ والديه حيّين وميّتين، يصلّي عنهما، ويتصدّق عنهما، ويحجّ عنهما، ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما، وله مثل ذلك، فيزيده اللَّه عزّ وجلّ ببرّه و صلته خيراً كثيراً». وقريب منه مرسلة أحمد بن فهد في عدّة الداعي .
ورواية علي بن أبي حمزة قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: أحجّ واصلّي وأتصدّق عن الأحياء و الأموات من قرابتي وأصحابي؟ قال «نعم، تصدّق عنه، وصلّ عنه، ولك أجرٌ بصلتك إيّاه».



ولكن اجيب عنها- بعد الإغماض عن إمكان نفي إطلاقها بحيث يشمل مثل الإحياء والحيازة؛ لأنّ سياقها سياق الواجبات والمستحبات الذي يترتّب على فعلها الثواب - بضعف السند؛ لظهور محمّد ابن علي في الصيرفي الملقّب بأبي سمينة المشهور بالكذب و الوضع ، و باشتراك محمّد بن مروان بين الثقة والضعيف، و إرسال رواية عدّة الداعي، وضعف علي ابن أبي حمزة، كما ادّعاه السيد الخوئي . فلم تثبت إذاً رواية تدلّ بعمومها على جواز النيابة عن الأحياء في الواجبات فضلًا عن المقام. نعم، قام الدليل على الجواز بل وجوبها في خصوص بعض المقامات كالحج وبعض أجزائه بالنسبة للعاجز - كما ثبت في محلّه - وكالوضوء لمن عجز عن الاستقلال به، على أنّ إطلاق النيابة في الأخير ليس على حقيقته كما هو واضح.



فلا بدّ إذاً للحكم بجريان النيابة في الحيازة والالتقاط وإحياء الموات- الذي محلّ الكلام - من التماس وجوه اخرى، كالقول بكون عمل النائب ملكاً للمنوب عنه بإجارة نحوها، أو بكون عمله منسوباً و مستنداً إليه عرفاً، أو أن تكون هناك سيرة عقلائية تدلّ- تعبّداً- على جريان النيابة فيها مطلقاً أو في الجملة، أو غيرها ممّا قد يشار إليها خلال الردود والإشكالات الآتية، وإلّا فمقتضى القاعدة عدم ترتّب الأثر على فعل الغير.

۶.۱ - ملكية عمل النائب للمنوب عنه


أمّا الوجه الأوّل فغاية مقتضاه صحّة النيابة في خصوص ما يصير عمل النائب ملكاً للمنوب عنه، كما إذا كانت النيابة مسبّباً عن عقد الإجارة لا على وجه الكلّي في الذمة، وأمّا فيه ففيه تفصيل، أو الجعالة بناءً على القول بأنّ الجاعل يصير مالكاً لعمل العامل ولو بعد التصدّي للعمل وتحقّقه بهذا القصد، أو أمر بعوضٍ بالبناء السابق في الجُعل. وأمّا غيرها ممّا لا يقتضي الملك كالأمر مجّاناً أو النيابة تبرّعاً فلا يجري فيه ذلك. و الأمر في الوكالة هنا أوضح؛ لوضوح عدم تملّك الموكّل لعمل الوكيل من خلال عقد الوكالة .
قال السيد الحكيم في الحيازة: «والمتحصّل ممّا ذكرنا أنّ مقتضى الجمود على ما تحت مفاد الأدلّة الأوّلية هو عدم صحّة النيابة في أمثال المقام، وأنّ المحاز ملك للحائز مباشرة، وبعد ملاحظة ما دلّ على قبول مثل ذلك للنيابة والجمع بينه وبين الأدلّة الأوّلية يتعيّن البناء على أنّ المحاز ملكٌ لمالك الحيازة لا من قامت به الحيازة، نظير: «من أحيا أرضاً» و «من بنى مسجداً»، وهذا الملك تارة يكون بالإجارة، واخرى يكون بغيرها من جعالة ونحوها، وقد يكون بالأمر بها مجّاناً فيجوز بنيّة ملك الآمر. أمّا تبرّع الحائز بدون إذن من حاز له فلا أثر له في الملك؛ لما عرفت من أنّه خلاف قاعدة السلطنة ، بل قد يشكل حصوله بمجرّد الأمر بالحيازة مجّاناً؛ لعدم الدليل على حصول الملك بمجرد ذلك. وقبول الحيازة للنيابة لا يقتضي ذلك؛ لأنّ القابليّة أعمّ من الفعليّة، فما لم يقم دليل على النفوذ يكون المرجع أصالة عدم ترتّب الأثر».

۶.۱.۱ - قول السيد الخوئي


وقال بالنسبة للإجارة: «الجهة الاولى في صحّة مثل هذه الإجارة في نفسها وأنّ الحيازة هل تملك بالإجارة؟... استشكل فيه جماعة، ولم نجد أيّ مقتضٍ للاستشكال عدا دعوى أنّ الحيازة سبب قهريّ لملكيّة الحائز...». وأجاب عنه.
وفي موضع آخر تعرّض لحكم النيابة- بمعناها الخاص المصطلح المقابل للإجارة ونحوها- و الجعالة والأمر، وقال: «ولا شكّ أنّ هذا ( النيابة) على خلاف مقتضى القاعدة، يفتقر الإذعان به إلى قيام دليل قاطع، ولم ينهض عليه أيّ دليل في مثل المقام، لا من الشرع ولا من بناء العقلاء ، بل لم يقم دليل على جواز النيابة عن الأحياء في غير باب الحجّ، وعليه فلو صادَ سمكةً أو حاز عرصة نيابة من غيره لم تقع له؛ إذ لا دليل على صحّة هذه النيابة، فلا جرم تقع من نفسه باعتبار أنّه هو الذي استولى على المباح وأخذه، وأمّا الجعالة بأن قرّر جُعلًا لمن حاز له مباحاً، أو الأمر بالحيازة على نحو يستتبع الضمان بأن لم يقصد به المجّان- وإلّا فمع قصده رجع إلى استدعاء النيابة تبرّعاً، وقد عرفت الحال فيها آنفاً- فالظاهر أنّ حكمهما حكم الإجارة. والوجه فيه أنّ الجاعل أو الآمر وإن لم يملك على المأمور أو المجعول له شيئاً قبل تصدّيه للعمل إلّا أنّه بعد التصدّي و الإتيان به خارجاً المستوجب لاستحقاق العامل الجُعل أو أجرة المثل فالعمل المزبور يقع وقتئذٍ ملكاً له- أي للجاعل أو الآمر- لا محالة، وينتج نتيجة الإجارة، غايته أنّ الملكيّة فيها تسبيب عن نفس العقد، وهنا عن العمل الخارجي، فإذا كان العمل ملكاً له كانت نتيجة العمل وما يترتّب عليه- أعني نفس المحوز- ملكاً له أيضاً كما في الإجارة».
[۱۶] مستند العروة (الإجارة)، ج۱، ص۳۵۶.


۶.۱.۲ - الجواب عن بيان السيد الخوئي


ولكن قد اجيب عن هذا البيان بالنسبة للجعالة والأمر، «بأنّ تملّك الجاعل فضلًا عن الآمر لعمل المأمور عند تحقّقه بحاجة إلى دليل، ولا دليل عليه؛ إذ لو كان الدليل عمومات الوفاء فهي لا تقتضي ذلك إلّا إذا كان هناك تعهّد و التزام بتمليك العمل من قبل المأمور للآمر... ودعوى أنّ الجعالة تتضمّن إنشاء تمليك العمل معلّقاً على تحقّقه وقبول الجاعل أو الآمر لذلك، مدفوعة بأنّ الجعالة لا تتضمّن ذلك قطعاً، كيف؟! وهو تعليق على خلاف المرتكزات العقلائيّة، وإنّما الجعالة طلب للعمل مع التوافق على قيمته بالجُعل بدل القيمة السوقيّة، وهو أمرٌ نافذ عند العقلاء بالتوافق في الجعالة على الجُعل لا على تمليك العمل، وأوضح منه في عدم إنشاء تمليك العمل- لا منجّزاً ولا معلّقاً- باب الأمر بعملٍ، وعليه لا دليل على تملّك العمل- وهو الحيازة- لا من أوّل الأمر ولا بعد الوقوع، بل مقتضى الأصل عدم تملّكه... فالصحيح أنّ الضمان في باب الأمر أو الجعالة ليس من باب التمليك و المبادلة ، بل من باب الضمان للعمل الذي أهدره الآمر على صاحبه وأتلفه ولو بالإتلاف الاستيفائي...».
[۱۷] الإجارة (الهاشمي الشاهرودي)، ج۲، ص۲۵۹- ۲۶۰.

وهذا الإشكال- كما ترى- إنّما هو إيراد على بيان السيد الخوئي قدس سره لا على جريان الجُعل والأمر بعوض في الحيازة، ولعلّه يعتبر في نفسه وجهاً آخر لتبرير جريانهما في الحيازة.

۶.۲ - استناد العمل إلى المنوب عنه


وأمّا الوجه الثاني- وهو استناد العمل إلى المنوب عنه عرفاً- فهو غير ثابت حتى في ما يوجب الملك كالإجارة والجعل والأمر بعوض، فضلًا عن الأخيرين، فلا وجه للاستناد إليه للمقام كما لا يخفى. نعم، قد يدّعى ثبوته بالنسبة للوكالة ولو من باب التسبيب ، كما يستفاد ذلك من السيّد الخوئي في مقام التفرقة بين النيابة المصطلحة والوكالة حيث قال: «أمّا النيابة فقد سبق التعرّض للفرق بينها وبين الوكالة في كتاب الزكاة ، حيث قلنا بأنّ العمل في مورد النيابة قائم بنفس النائب، ولا يستند إلى المنوب عنه، فلا يقال: إنّ زيداً المنوب عنه صلّى أو حجّ حتى بنحو التسبيب، كما كان كذلك في مورد الوكالة حسبما مرّ، وبهذه العناية كانت النسبة بينهما التباين ...». إلّا أنّه قدس سره لم يعمل بهذا المبنى في التكوينيّات التي منها الحيازة وإحياء الموات؛ فلذلك أنكر جريان الوكالة فيها.

۶.۱.۱ - قول السيد الخوئي


قال قدس سره: «أمّا الوكالة فقد تقدّم غير مرّة أنّها لا تجري إلّا في الامور الاعتبارية وما يلحق بها من القبض و الإقباض ؛ فإنّ معنى الوكالة جعل الوكيل بمثابة الموكّل بحيث أنّ الفعل الصادر منه مستند إليه حقيقة ومن دون أيّة عناية... وهذا مطّرد في كافّة الامور الاعتبارية... وكذلك الحال في القبض والإقباض الملحقين بها ببناء العقلاء... وأمّا غير ذلك من سائر الامور الخارجيّة التكوينيّة من النوم و الأكل و الشرب ونحوها- ومنها الحيازة- فلا تجري الوكالة في شي‏ء منها؛ إذ لا يُستند الفعل التكويني إلى غير فاعله بالمباشرة وإن قصد غيره... وعليه فالتوكيل في الصيد أو الاحتطاب وغيرهما من سائر أقسام الحيازة غير صحيح؛ لعدم قبولها الوكالة».
هذا مضافاً إلى أنّه قد ينكر أصل المبنى بالقول: «بأنّ الوكالة بابها باب إعطاء الولاية من قبل المالك للغير على التصرّف، فهي توسعة في دائرة الولاية وتنزيل مالكيّ للوكيل منزله نفسه، فإذا أمضى الشارع هذا التنزيل ولو بالعمومات- لكونه تصرّفاً إنشائيّاً في شأنٍ من شئونه- فيكون تعهّداً وعقداً من العقود يصبح الوكيل حينئذٍ كالأصيل وليّاً على التصرّف ومسلّطاً عليه كصاحب الحقّ، فيكون بيعه وشراؤه وسائر تصرّفاته القانونيّة مشمولًا لعمومات الصحّة، و ترتيبٌ على القاعدة، ويكون نفوذه على المالك بحكم نفوذ وكالته- أي ولاية الوكيل التي اعطيت له- لا باعتبار انتسابعقد الوكيل إليه، بل قد لا يصحّ الانتساب في بعض موارد الوكالة مع نفوذ الوكالة، كما إذا كان قد عزله الموكّل ولكن بعدُ لم يصل إلى الوكيل... نعم، يصحّ العقد الصادر من غير المالك بعنوان كونه عقداً للمالك في موارد الإجازة أو الإذن من المالك للعاقد، فإنّه بالرضا و الإجازة من المالك ينتسب العقد إلى المالك حقيقة، فتشمله العمومات بما هو عقده...».
[۲۰] الإجارة (الهاشمي الشاهرودي)، ج۲، ص۲۵۷.

ويعتبر ذلك وجهاً رابعاً في المقام مبرّراً لجريان الوكالة- لا مطلق النيابة- في حيازة المباحات، لو لم نمنع عن جريانها في التكوينيات، كما مرّ عن السيد الخوئي. ولذلك صرّح المستشكل نفسه بجريانها فيها على المبنى المختار عنده كما مرّ.
[۲۱] الإجارة (الهاشمي الشاهرودي)، ج۲، ص۲۵۸.


۶.۲.۲ - القول بجريان الوكالة


كما ذهب قبله إلى جريان الوكالة جماعة كالشيخ في موضع من المبسوط و ابن إدريس في السرائر بالنسبة لخصوص إحياء الموات، وأمّا الحيازة بأنواعها فحكما فيها بالعدم - وإن كان اورد عليها بعدم وجه لهذه التفرقة كما مرّ- وأيضاً ذهب إلى الجريان المحقق الكركي و المحقق النجفي و السيد اليزدي .
[۲۶] العروة الوثقى، ج۶، ص۲۰۳، م ۱۱.


۶.۳ - السيرة العقلائية


وأمّا الوجه الأخير- أي السيرة العقلائيّة - فحيث كانت من الأدلّة اللبّية غير اللفظيّة التي ليس لها إطلاق فلا بدّ من الاكتفاء فيها بالقدر المتيقّن من موارد ثبوتها، ولعلّها بالنسبة للإجارة ممّا لا إشكال فيه؛ ولذلك لم يستشكل أحدٌ في جواز الاستيجار لحيازة المباحات.

۶.۱.۱ - قول السيد الخوئي


قال السيد الخوئي: «أمّا إذا كانت عمليّة الحيازة مملوكة للغير فكان الأخذ لذلك الغير، كما هو أمر شائع متعارف بين الناس، ولا سيّما في مثل الاستيجار لصيد الأسماك ؛ فإنّ بناء العرف والعقلاء مستقرّ وقتئذٍ على اعتبار ملكيّة المحوز لمالك الحيازة، لا للحائز المباشر، فيعتبرون المستأجر مالك السمكة، دون صائدها. وكذلك الاستيجار للاستقاء من الشط أو لأخذ التراب والأحجار...».
نعم، قد اورد عليه بأنّ هذه السيرة مسلّمة في خصوص ما إذا قصد المحيز الحيازة للمستأجر لا مطلقاً. قال السيد الهاشمي بعد القدح في الوجوه المطروحة لجريان الإجارة في حيازة المباحات: «نعم، وقوع الإجارة عند العقلاء والمتشرّعة لحيازة المباحات وحصول الملك بذلك للمستأجر ممّا لا يمكن إنكاره ، إلّا أنّ هذا قدره الثابت ما إذا حاز الأجير للمستأجر لا لنفسه».
[۲۸] الإجارة (الهاشمي الشاهرودي)، ج۲، ص۲۵۱.


۶.۳.۲ - السيرة في الجعالة والأمر


وأمّا حال السيرة في الجعالة والأمر فلعلّ المستفاد من قول السيد الخوئي: «إذا صحّت الإجارة على عمليّة الحيازة بالسيرة العقلائية صحّت الجعالة والأمر بمناط واحد، ويكون ما يترتب على هذا العمل ملكاً للجاعل أو الآمر كما كان ملكاً للمستأجر حسبما تقدّم جريان السيرة فيهما أيضاً.»
إلّا أنّ الظاهر منه إسراء الحكم إليهما بتنقيح المناط وعدم احتمال الفرق، لا باستقرار السيرة العمليّة فيهما، كما هو محلّ الكلام. كما أنّ ادّعاء قيام السيرة بالنسبة للتوكيل واضح المنع بعد تحقّق الخلاف بينهم في جريانه في الحيازة ونحوها، وذهاب جماعة من كبار الفقهاء إلى عدم جريانه، منهم الشيخ وابن إدريس و المحقق الحلّي في الشرائع و ابن سعيد الحلّي في الجامع للشرائع ، وبعد قول العلّامة في القواعد: «في التوكيل بإثبات اليد على المباحات كالالتقاط والاصطياد والاحتشاش والاحتطاب نظر»، وقريب منه عبارته في التذكرة بل جزمه فيها بعدم جريان الوكالة في الالتقاط.
[۳۵] التذكرة، ج۱۵، ص۴۴- ۵۰.

وبعد قول صاحب الحدائق في ذيله: «وهو في محلّه، لعدم الدليل الواضح على شي‏ء من هذه الأقوال». وكيف خفيت السيرة العقلائية على جميعهم؟! وأوضح من ذلك حال السيرة في الأمر مجاناً والنيابة تبرّعاً. فالنتيجة لحدّ الآن إمكان القول بجريان النيابة في حيازة المباحات وإحياء الموات إذا كانت مقصودة من خلال إجارة أو جعالةٍ أو أمر بعوض أو توكيل بعد الالتزام بأحد البيانات السابقة لتبريرها، وأمّا الأمر مجاناً والنيابة عن الغير تبرّعاً فلم يقم دليل صالح لتصحيحهما وترتيب الأثر المقصود منهما أصلًا. وقد مرّ أنّ مع الشكّ مقتضى القاعدة عدم كفاية فعل أحد عن غيره وعدم ترتّب الأثر المزبور على فعله.

۶.۳.۳ - وحدة الملاك والحكم فيالحيازة والإحياء


ثمّ ليعلم أنّ نقل الكلمات السابقة في هذا المبحث- أعني إحياء الموات- مع ورود أكثرها في الحيازة إنّما هو بناءً على القول بوحدتهما من حيث الملاك والحكم، حيث انّ الإحياء كالحيازة لون من ألوان الاكتساب والتملّك للمباحات الأصليّة، وعليه يبتني إشكال المحقق الكركي على الشيخ حيث فرّق بين الإحياء والحيازة بجريان التوكيل في الأوّل دون الثاني؛ إذ قال: «اختلف كلام الشيخ في التوكيل في تملّك المباحات، فمنع منه في الاحتطاب والاحتشاش، وسوّغه في إحياء الموات، والجمع بين الحكمين مشكل».
ولم يُرَ من ذهب إلى هذا التفصيل غيره والحلّي في السرائر، كما أنّ ظاهر المحقق الكركي أيضاً- في عبارته السابقة- حصر هذا التفكيك في الشيخ، ولعلّ الظاهر من بعض الكلمات أنّ وحدة الحكم في الموردين من المسلّمات ؛ ولذا عاملوا مع قوله: «من أحيا» و «من حاز» بل «من سبق...» معاملة الشي‏ء الواحد.

۶.۳.۴ - قول المحقق النجفي


قال : «وأمّا الالتقاط المملّك والاحتطاب والاحتشاش ففي القواعد : فيه نظر... وقد ذكرنا في المضاربة تحقيق الحال فيها وقبولها للنيابة باستيجار وغيره؛ لعدم ما يدلّ على الدخول في ملك المحيز قهراً حتى لو قصد عدمه... نعم، ظاهر قوله: «من أحيا» أو «حاز» أو نحوهما اعتبار قصد الفعل بعنوان الاستيلاء عليه و الإدخال تحت سلطانه الذي هو الملك عرفاً في ترتّب الملك شرعاً...». وقد مرّت عبارة السيد اليزدي المصرّحة بجريان الوكالة في الحيازة بأقسامها وإحياء الموات جميعاً من دون احتمال فرق بين الأمرين. ولعلّك تجد المسألة على مستوى أوسع في مصطلح (حيازة، نيابة) فراجع.


 
۱. الشرائع، ج۲، ص۴۲۸.    
۲. القواعد، ج۲، ص۳۵۴.    
۳. العروة الوثقى، ج۳، ص۷۶- ۷۷، م ۱.    
۴. جامع المقاصد، ج۸، ص۲۱۸.    
۵. الحدائق، ج۲۱، ص۱۸۹- ۱۹۱.    
۶. جواهر الكلام، ج۳۸، ص۳۳.    
۷. جواهر الكلام، ج۲۷، ص۳۸۰-۳۸۱.    
۸. العروة الوثقى، ج۵، ص۱۰۰- ۱۰۳، م ۶.    
۹. الوسائل، ج۸، ص۲۷۶، ب ۱۲ من قضاء الصلوات، ح ۱.    
۱۰. عدّة الداعي، ج۱، ص۷۶.    
۱۱. الوسائل، ج۲، ص۴۴۴، ب ۲۸ من الاحتضار، ح ۵.    
۱۲. الوسائل، ج۸، ص۲۷۸، ب ۱۲ من قضاء الصلوات، ح ۹.    
۱۳. العروة الوثقى، ج۳، ص۷۶.    
۱۴. مستمسك العروة، ج۱۲، ص۱۲۵- ۱۲۶.    
۱۵. مستند العروة (الإجارة)، ج۱۶، ص۳۴۶.    
۱۶. مستند العروة (الإجارة)، ج۱، ص۳۵۶.
۱۷. الإجارة (الهاشمي الشاهرودي)، ج۲، ص۲۵۹- ۲۶۰.
۱۸. مستند العروة (الإجارة)، ج۱۶، ص۳۵۶.    
۱۹. مستند العروة (الإجارة)، ج۱، ص۳۵۵.    
۲۰. الإجارة (الهاشمي الشاهرودي)، ج۲، ص۲۵۷.
۲۱. الإجارة (الهاشمي الشاهرودي)، ج۲، ص۲۵۸.
۲۲. المبسوط، ج۲، ص۳۶۱- ۳۶۳.    
۲۳. السرائر، ج۲، ص۸۳- ۸۵.    
۲۴. جامع المقاصد، ج۸، ص۲۱۸.    
۲۵. جواهر الكلام، ج۲۷، ص۳۸۰- ۳۸۱.    
۲۶. العروة الوثقى، ج۶، ص۲۰۳، م ۱۱.
۲۷. مستند العروة (الإجارة)، ج۱، ص۳۴۷.    
۲۸. الإجارة (الهاشمي الشاهرودي)، ج۲، ص۲۵۱.
۲۹. مستند العروة (الإجارة)، ج۱، ص۳۵۷.    
۳۰. المبسوط، ج۲، ص۳۶۱- ۳۶۳.    
۳۱. السرائر، ج۲، ص۸۳- ۸۵.    
۳۲. الشرائع، ج۲، ص۴۲۸.    
۳۳. الجامع للشرائع، ج۱، ص۳۱۹.    
۳۴. القواعد، ج۲، ص۳۵۵.    
۳۵. التذكرة، ج۱۵، ص۴۴- ۵۰.
۳۶. الحدائق، ج۲۱، ص۱۹۰.    
۳۷. جامع المقاصد، ج۸، ص۲۱۸.    
۳۸. جواهر الكلام، ج۲۷، ص۳۸۰- ۳۸۱.    




الموسوعة الفقهية، ج۷، ص۲۱۷-۲۲۶.    



جعبه ابزار