البر (الإحسان)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
الصدق و
الطاعة و
الإحسان وكلّ ماتقرّب به إلى الله عزّوجلّ.
البرّ- بكسر الباء- لغةً:
الإحسان ،
و
أصله البَرّ - بالفتح- الذي هو خلاف
البحر ، فيفهم منه
التوسّع أيضاً؛ ولذا فسّر بالخير
وبالاتّساع في الإحسان، كما فسّر بالتوسّع في فعل
الخير ،
وبالاتّساع في الإحسان والزيادة.
ويطلق ويراد منه مختلف
الخيرات بحسب
المقامات ،
كالصدق و
الصلة و
الطاعة والعطوفة و
القبول واللطف و
الجنّة ونحوها.
نعم، هو بالنسبة
للوالدين ضدّ
العقوق كما صرّح به بعضهم،
قال
ابن الأثير : «ومنه
الحديث في (
برّ الوالدين )، وهو في حقّهما وحقّ
الأقربين من
الأهل ضدّ العقوق، وهو
الإساءة إليهم و
التضييع لحقّهم».
وكيف كان،
فالاسم منه: بَرّ- بالفتح- وبارّ، و
الجمع : أبرار وبررة، ويقع في
القرآن وصفاً للَّهتعالى و
الملائكة و
البشر .
ويقال:
الحجّ المبرور، أي
الصحيح الخيّر الذي لا يخالطه سوء، بحيث يكون
مقبولًا يقابل
بالثواب .
واستعمله
الفقهاء في نفس معناه اللغوي، فيعبّرون بالبرّ
مطلقاً ، وبرّ الوالدين، والحجّ
المبرور ، وبرّ
اليمين بمعنى الصدق فيها وغيره.
وهو يرادف البِرّ، وقد مرّ من
النهاية تفسير البِرّ به، ومن غيرها بالتوسّع فيه، وهو يطلق في إحسان
الإنسان لنفسه وفي إحسانه لغيره، كما يكون كذلك البرّ،
كقوله سبحانه وتعالى: «إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ »،
أي بفعل الطاعات وترك
المعاصي ، وهو إحسان بالنفس و
تكريم لها، وقوله عزّ من قائل: «
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً»،
وهو للغير. وقوله سبحانه وتعالى: «إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي
نَعِيمٍ »،
أي أهل الطاعات، وقوله عزّوجلّ: «وَبَرّاً بِوَالِدَتِي»،
وهو بالنسبة للغير. فهما
مترادفان معنىً و
إطلاقاً .
قد مرّ
الكلام في معنى البِرّ وأيضاً قول ابن الأثير في أنّ البرّ بالنسبة للوالدين ضدّ العقوق، بمعنى الإساءة إليهما وتضييع
حقوقهما، فعلى قول النهاية البارّ بالوالدين هو من يعطي حقوقهما ولا يضيّعها. ولكن من
المعلوم أنّ لهما حقوقاً
واجبة وحقوقاً غير واجبة بل
مستحبّة ؛ إذ البرّ بالوالدين له
مراتب عديدة، وما يخرج به عن العقوق إنّما هو
أداء حقوقهما الواجبة وعدم تضييعها، كما أنّ ما يصدق عليه العقوق ويضادّ البرّ إنّما هو تضييع الحقوق الواجبة، لا تضييع مطلق الحقوق، فليس كلّ ترك برّ لهما عقوقاً. وستأتي له زيادة توضيح
قريباً إن شاء اللَّه.
تعرّض الفقهاء للبرّ
بعنوانه في بعض المواضع نذكرها
إجمالًا فيما يلي:
لا ريب في استحباب البرّ والتوسّع في الخيرات كلّها، وهذا من أوّليّات
الكتاب و
السنّة وسيرة
الأنبياء و
الأوصياء .
فمن الكتاب قوله تعالى: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ
وَالتَّقْوَى ».
مضافاً إلى الآيات العديدة الواردة في
مدح الأبرار و
مكانتهم في الجنّة، كقوله سبحانه وتعالى: «إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي
عِلِّيِّينَ • وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُونَ• كِتَابٌ
مَرْقُومٌ • يَشْهَدُهُ
الْمُقَرَّبُونَ • إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ».
ومن
الأخبار العمومات الواردة في
اصطناع المعروف، كقضاء حوائج
المؤمنين وإدخال السرور عليهم ونحوها. مضافاً إلى الواردة بعناوين خاصّة
كالإطعام و
الإقراض وأداء الدين و
التزويج وإصلاح ذات البين وغيرها من مصاديق البِرّ الكثيرة.
ففي رواية
عبد اللَّه بن سنان عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «البرّ
وحسن الخلق يعمران الديار ويزيدان في
الأعمار ».
وفي رواية
سيف عنه عليه السلام أيضاً قال: «يأتي يوم
القيامة شيء مثل
الكبّة قال
الشيخ المجلسي : «مثل الكبّة، أي
الدفعة و
الصدمة ، أو مثل كبّة
الغزل في
الصغر ، أو مثل
البعير في
الكبر . قال
الفيروز آبادي : الكُبّة: الدفعة في
القتال و
الجري ، و
الحملة في
الحرب ... و
الرمي في
الهوّة ، وبالضمّ:
الجماعة ... وقال
الجزري : الكبّة- بالضمّ-: الجماعة من
الناس وغيرهم».،
فيدفع في ظهر
المؤمن فيدخله الجنّة، فيقال: هذا البرّ».
وفي رواية
إسحاق بن عمّار، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: «إنّ
صلة الرحم والبرّ ليهوّنان
الحساب ويعصمان من
الذنوب ، فَصِلوا أرحامكم، وبرّوا
بإخوانكم ولو بحسن
السلام وردّ
الجواب ».
هذا كلّه بالنسبة للمؤمن و
المسلم ، وأمّا
الكافر فالظاهر أنّه لا
إشكال في عدم
استحباب برّه في نفسه؛ إذ لا
دليل من
عقل أو نقل يدلّ على استحباب البرّ
عموماً بحيث يشمل حتى الكافر؛
لانصرافها إلى
الإخوان المؤمنين، بل
تقيّدها بهذه
الصورة في بعض الأخبار.
نعم، قد يستحبّ برّ الكافر إذا صار مقدّمةً
لهدايته إلى
الإيمان ، أو من باب
تأليف القلوب، أو
لدفع شرّه عن المسلمين، أو
للاستنصار منه على
العدوّ ونحو ذلك.
بل قد يجب كما إذا توقّف حفظ
الإسلام أو
النفس المحترمة عليه، وإن كان قد يمنع صدق البِرّ على بعض هذه
الإعطاءات .
وأمّا
الجواز فظاهر قوله سبحانه وتعالى: «لَايَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي
الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ »
أنّه كذلك ما داموا على هذا الوصف.
والتفصيل في محلّه.
حثّت
الشريعة المقدّسة وأكّدت على أداء حقوق الوالدين
بعبارات مختلفة في نصوص الكتاب والسنّة، فتارة نهت عن عقوقهما و
إيذائهما ، واخرى أمرت بطاعتهما، وثالثة
بمصاحبتهما بالمعروف، ورابعة ببرّهما والإحسان إليهما. ولا إشكال في حرمة عقوقهما وإيذائهما، بل صريح الأخبار،
وكلمات الفقهاء أنّه من
الكبائر .
كما لا إشكال في وجوب
مصاحبتهما بالمعروف وإن كانا
فاسقين فاجرين- كما في بعض الأخبار
- بل كافرَين، بل بصدد
إضلال الولد و
إخراجه عن الإيمان، كما هو
صريح قوله سبحانه وتعالى: «وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي
الدُّنْيَا مَعْرُوفاً»،
فلا يجوز للولد
العدول عن حدّ المصاحبة بالمعروف بوجه من
الوجوه .
وأمّا برّهما والإحسان إليهما وإن كان
الظاهر من إطلاق قوله تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً»
وجوبه مطلقاً.
وقد مرّ من
جماعة من اللغوين جعله ضدّ العقوق،
ومقتضى حرمة العقوق وجوب ضدّه- بناءً على
الملازمة المؤيّدة بما رواه
معمّر بن خلّاد عن
أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: «... فإنّ
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنّ اللَّه بعثني
بالرحمة لا بالعقوق»،
حيث جعل العقوق مقابل الرحمة، فترك البرّ والرحمة عقوق، بل صريح عنوان باب
الوسائل ،
ب ۹۲
من أحكامالأولاد وغيره
وجوب البِرّ، وظاهرهم أنّه كذلك مطلقاً.
إلّاأنّه من الواضح أنّ هذا
التضادّ على إطلاقه غير صحيح؛
ضرورة أنّ ترك البرّ والإحسان في كثير من موارده لا يساوي العقوق، فإنّ
بذل المال الكثير لهما و
إنعامهما بالزائد عن
المعتاد المتعارف وفوق
رغبتهما بِرٌّ بهما، ولكنّ تركه ليس عقوقاً قطعاً.
فالصحيح القول بوجوب البرّ والإحسان في خصوص بعض مراتبه التي يعدّ العدول عنه عقوقاً لهما، وموجباً لإيذائهما، كمنع الحقوق الواجبة، ومخالفة
الأمر و
النهي مطلقاً غير
مخالفة اللَّه أو مع ترتّب
الإيذاء ، بل منع الحقوق غير الواجبة إذا ترتّب على
تركها الإيذاء، أو كان بحيث يعدّ العدول عنها عدولًا عن
المصاحبة بالمعروف الواجبة بالآية، وإلّا فربّ برٍّ وإحسانٍ لا يكون تركه كذلك.
فينبغي حينئذٍ حمل إطلاق النصوص وكلمات الفقهاء في وجوب برّ الوالدين على هذه الصورة، وما زاد على ذلك فهو
مندوب .
قال
الحلبي : «برّ ذوي
الأرحام على
ضربين : واجب وندب، فالواجب برّ الوالدين على
الولد بشرط
الحاجة ، والولد عليهما بشرط
السعة ... و
المسنون برّ الوالدين والولد وإن كانا ذوي
يسار ».
نعم، البرّ إليهما في
نطاقه الواسع الشامل للمندوب لا حدّ له في
الشريعة ، وإليك التعرّض لبعض
آياته وأخباره:
قال اللَّه سبحانه وتعالى: «إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ
الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَهُمَا قَوْلًا
كَرِيماً • وَاخْفِضْ لَهُمَا
جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي
صَغِيراً ».
وقال عزّوجل: «وَوَصَّيْنَا
الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ
وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ
الْمَصِيرُ ».
وقال في شأن
يحيى عليه السلام مادحاً له: «وَبَرَّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن
جَبَّاراً عَصِيّاً».
وقال عن لسان
عيسى عليه السلام مادحاً له أيضاً: «وَجَعَلَنِي
مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ»، «وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً
شَقِيّاً ».
وفي رواية
محمّد بن مروان عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إنّ رجلًا أتى
النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أوصني، قال: لا تشرك باللَّه شيئاً وإن احرقت
بالنار وعذّبت إلّا وقلبك
مطمئنّ بالإيمان، ووالديك فأطعهما وبرّهما،
حيّين كانا أو
ميّتين ، وإن أمراك أن تخرج من
أهلك ومالك فافعل، فإنّ ذلك من الإيمان».
وفي خصوص
الامّ - مضافاً إلى ما في بعض الآيات السابقة- ما رواه
هشام بن سالم عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول اللَّه، من أبرّ؟ قال: امّك، قال: ثمّ من؟ قال: امّك، قال: ثمّ من؟ قال: امّك، قال: ثمّ من؟ قال:
أباك ».
ثمّ إنّ
المستفاد من الأخبار
لزوم دوام برّ الوالدين حتى بعد موتهما ولو
بالدعاء لهما، وإلّا فيعود الولد عاقّاً، ففي
الفقه الرضوي : «عليك بطاعة الأب وبرّه... تابعوهم في
الدنيا أحسن
المتابعة بالبِرّ، وبعد الموت بالدعاء لهم و
الترحّم عليهم؛ فإنّه روي: أنّ من بَرّ أباه في
حياته ولم يدعُ له بعد وفاته سمّاه اللَّه
عاقاً ».
والأخبار بهذا
المضمون كثيرة، والتفصيل في محلّه.
وردت أخبار كثيرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الصلة والبرّ إلى
ذرّيته :
ففي رواية
عيسى بن عبد اللَّه عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:
من صنع إلى أحد من
أهل بيتي يداً كافأته به
يوم القيامة ».
وفي
رواية أبان بن تغلب عن
أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليه السلام عن أبيه عن جدّه عليهم السلام، قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: من أراد
التوسّل إليّ وأن يكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة، فليصِل أهلَ بيتي، ويُدخِلِ
السرور عليهم».
وفي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أيّها
الخلائق، أنصتوا فإنّ
محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم يكلّمكم... فيقول لهم: بلى من آوى أحداً من أهل بيتي، أو برّهم، أو كساهم من
عري، أو أشبع
جائعهم ، فليقم حتى اكافئه، فيقوم اناس قد فعلوا ذلك، فيأتي
النداء من عند اللَّه تعالى: يا محمّد، يا
حبيبي ، قد جعلتُ
مكافأتهم إليك، فأسكنهم من الجنّة حيث شئت...».
والمستفاد منها
تأكّد استحباب برّهم كما هو صريح عنوان باب الوسائل
أيضاً، بناءً على شمول عنوان (أهل البيت) هنا لغير المعنى الخاص الوارد في النصوص، وهم خصوص الأقربين و
أئمّة أهل البيت
المعصومين عليهم السلام.
ورد في برّ
العلم والعلماء آيات وأخبار كثيرة، قال اللَّه عزّوجلّ: «هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَايَعْلَمُونَ»،
وقال عزّوجلّ: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ
دَرَجَاتٍ »،
وقال سبحانه: «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ
عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ»،
وقال اللَّه تعالى: «
وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِندِ
رَبِّنَا »،
وقال تعالى: «شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لَاإِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ»،
وقال عزّ من قائل: «وَلِيَعْلَمَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ
الْحَقُّ مِن رَبِّكَ»،
وقال جلّ وعلا: «وَقُل رَبِّ زِدْنِي عِلْماً».
وغيرها ممّا يدلّ على
فضل العلم والعلماء على غيرهم.
وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم في رواية أبي عبد اللَّه عليه السلام: «طلب العلم
فريضة على كلّ
مسلم ، ألا إنّ اللَّه يحبّ
بُغاة العلم».
وما رواه
القدّاح عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: من سلك
طريقاً يطلب فيه علماً سلك اللَّه به طريقاً إلى الجنّة، وأنّ الملائكة لتضع أجنحتها
لطالب العلم رضاً به، وأنّه يستغفر لطالب العلم مَن في
السماء ومَن في
الأرض حتى
الحوت في
البحر ، وفضل العالم على العابد كفضل
القمر على سائر
النجوم ليلة
البدر ، وأنّ العلماء
ورثة الأنبياء...».
إلّاأنّ هذه النصوص غاية ما تدلّ على فضل العلماء ومكانتهم لا على حكم البرّ بهم والإحسان إليهم و
فعل الخير والمعروف معهم.
نعم، في رواية
أبي حمزة عن
علي ابن الحسين عليه السلام قال: «... إنّ اللَّه تبارك وتعالى أوحى إلى
دانيال أنّ أمقَتَ
عبيدي إليَّ
الجاهلُ المستخفّ بحقّ
أهل العلم...».
ورد في بعض النصوص أنّ
الشهادة في سبيل اللَّه أعلى مراتب البرّ، بل تفوقه. فقد ورد عن
السكوني عن جعفر عن أبيه عن
آبائه عليهم السلام أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فوق كلّ ذي برٍّ برّ حتى يُقتل
الرجل في سبيل اللَّه، فإذا قتل في
سبيل اللَّه فليس فوقه برّ...».
هذا برواية
الشيخ الكليني، ولكن في رواية
الشيخ الصدوق : «فوق كلّ بِرٍّ برٌّ حتى...».
ووجهه واضح بعد قوله تعالى: «لَن تَنَالُوا البِّرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ»؛
إذ
النفس و
الروح من أعظم وأفضل ما أنعم اللَّه به على الإنسان، فإنفاقها في سبيل اللَّه من أفضل الطاعات و
القربات .
وفي رواية
أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: أيّ
الجهاد أفضل؟ فقال: «من عُقر
جوادُه ، واهريق
دمه في سبيل اللَّه».
وفي مرسلة
الحسن بن محبوب، قال: كتب أبو جعفر عليه السلام في
رسالته إلى بعض
خلفاء بني اميّة : «ومن ذلك ما ضيّع الجهاد الذي فضّله اللَّه عزّوجلّ على
الأعمال ، وفضّل عامله على العمّال
تفضيلًا في الدرجات و
المغفرة والرحمة؛ لأنّه ظهر به
الدين ، وبه يُدفَع عن الدين...».
الموسوعة الفقهية، ج۲۰، ص۲۴۴-۲۵۲.