من المنظور الإسلامي تكمن فلسفة خلق الإنسان والغاية المرجوّة من وجوده، بإعداده لبلوغ الكمال المطلق، ومِن ثَمَّ فإنَّ كلّ ما جاء في النصوص الإسلامية باعتباره سرّا لبعث الأنبياءوالرسل الإلهيّين كالعدالةوالعلموالحرية، إنّما هو مقدّمة لتربية الإنسان، والارتفاع به إلى مستوى الإنسان الكامل. تأسيسا على هذا الفهم ينبغي لمن يؤمن بالإسلام وينتمي لهذا الدين، أن يغتنم كلّ فرصة تسنح له ويستفيد منها لتحقيق هذا الهدف الجليل، ولكن يبقى شهر رمضان بالنسبة للسالك إلى اللّه فرصة ثمينة لا تضاهى لمن يحسن أن يغتنمها، إذ بمقدوره أن يتوغّل في هذا الطريق ويطوي في ليلة واحدة مسار ألف شهر، على ما ينصّ عليه القرآن الكريم: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ». فاللّه سبحانه أعدّ في هذا الشهر الفضيل ضيافةً خاصّةً لتنمية الروح، بحيث يصبحُ بمقدورها أن تُحدث في الحياة المعنوية للإنسان تحولاً عظيما يفضي به إلى السعادة الدائمة، ويضمن له الفوز الأبدي. بيد أنّ المسألة المهمّة في هذا المسار هي أن يعرف الإنسان الّذي يعتزم أن يدلف إلى عالم هذه الضيافة الرحبة، إلى أينَ ذاهب هو؟ وما معنى ضيافة اللّه؟ وكيف ينبغي له أن يدخلها؟ ثُمَّ ماذا عليه أن يفعل؟ وكيف ينهض بمسؤوليتها؟