الإطلاق (في المعاملات ونحوها)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإطلاق (توضيح).
يقصد بهذا
الإطلاق إنشاء
العقود و
الإيقاعات و
النذور و
الإقرارات و
الشهادات وغيرها باللفظ أو ما بحكمه ويقوم مقامه.
وقد طبّق الفقهاء الإطلاق
المذكور في مختلف أبواب
الفقه ، وذكروا هنا نتائج له مثل
مرجعية الانصراف عند الإطلاق، كما في إطلاق
الكيل و
الوزن و
النقد في
البيع ، أو مرجعية
العرف مع الإطلاق، أو استدعاء الإطلاق
الفورية كما في
التسليم في البيع، أو اقتضاء
التسوية كما في
الوصية ، أو
التعيين كتعيّن موضع
العقد في الكفالة، أو
البطلان كإطلاق
الطلاق مع عدم تعيين
الزوجة ، إلى غير ذلك من الحالات والنتائج التي ذكروها في الإطلاق اللفظي ونحوه في العقود والإيقاعات وغيرها.
ونذكر- من باب
المثال - أهمّ ما تعرّضوا له على
الشكل التالي :
للإطلاق في البيع تطبيقات وأنحاء، منها:
إطلاق الكيل والوزن والنقد في البيع ينصرف إلى
المعتاد في بلد العقد لذلك
المبيع إن اتّحد، فإن تعدّد فالأغلب
استعمالًا وإطلاقاً، وإن تساوت ولم يعيّن بطل البيع.
لا خلاف في أنّ إطلاق العقد وتجريده عن
اشتراط التأخير يقتضي
وجوب تسليم المبيع و
الثمن عرفاً فيتبعه الوجوب
شرعاً ؛ لعموم «أَوفُوا»
وغيره،
فلا يجوز لأحدهما التأخير إلّا
برضا الآخر.
إطلاق العقد ينصرف إلى العقد
الصحيح دون
الفاسد ، لا لأنّه
حقيقة فيه بل لإنصراف البيع إلى
إرادة الصحيح.
يقع الإطلاق في
الإجارة على أنحاء:
إطلاق
المنافع في إجارة
الأعمال يقتضي
التعجيل ما لم يشترط
الأجل ،
و
المعروف بين الفقهاء أنّ في إجارة
الأعيان - كما لو آجر داره ولم يقل من هذا
الوقت وأطلق- عدم جواز قصد الإطلاق وإن اختاروا عدم لزوم اتصال المنافع بالعقد؛ وذلك
للغرر و
الجهالة .
أمّا لو لم يقصد
الكلّية ولكن أطلق فإنّه يُحمل على
الإتصال .
لا خلاف في وجوب
التعجيل بدفع
الاجرة مع الإطلاق،
بل عليه دعوى الإجماع،
؛ استناداً إلى لزوم
العمل على مقتضى العقد، و
انتقال كلّ من
العوضين إلى الآخر، وتسلّط كلّ من المتعاقدين على
استيفاء حقّه بمجرّد العقد.
المشهور بين الفقهاء
جواز إجارة
الأجير غيره على عمل تقبّله بنفس الاجرة إذا أطلق
المستأجر ولم يشترط عليه
مباشرة العمل بنفسه ولم يكن ما يدلّ على
الإنصراف إلى المباشرة.
هذا، ولو أطلق
الإجارة من حيث العمل، كما في الاستئجار
للرضاع ، فيقع على
الإرضاع دون
الحضانة من مراعاة
الصبي وغسل
خرقه ، فإذا أطلق العقد لم يلزم إلّاالإرضاع، ولا يلزمها غيره.
اتّفق فقهاؤنا
على جواز إجارة ما استأجره
الإنسان ثانياً للآخر فيما إذا أطلق
المالك ولم يشترط عدم الإجارة له.
إذا وقع عقد
المضاربة مطلقاً جاز للعامل
التصرّف على حسب ما يراه من حيث
البائع و
المشتري ونوع
الجنس المشترى.
لكن لا يجوز مع إطلاق العقد وعدم
الإذن أن يبيع
نسيئة ، إلّا أن يكون متعارفاً فينصرف إليه الإطلاق.
الوقف تارة يكون مطلقاً من حيث
الموقوف عليهم، مثل أن يقول: وقفت هذه
الدار ، أو هذه
الضيعة ، ثمّ يسكت ولا يبيّن على من وقفها عليه، فحينئذٍ لا يصحّ.
واخرى: يكون مطلقاً من جهة
المصرف ، فإذا أطلق من دون تعيين نوع المصرف صحّ الوقف وكان للموقوف عليه
التصرف في منافعه على حسب مشيئته.
وثالثة: يكون مطلقاً من حيث ما يقتضيه إطلاق الألفاظ التي يعبّر بها عن الموقوف عليهم، مثل أن يقول: وقف هذا الدار على
المساكين ، أو على
المؤمنين ، أو على
المسلمين وغير ذلك، ففي هذه
الصور أيضاً يصحّ الوقف.
إذا أطلق
المزارعة ولم يعيّن
المراد من العمل صحّ عقد المزارعة وزرع
العامل - الذي هو
المخاطب بالزرع - ما شاء من أفراد الزرع التي ينصرف إليها الإطلاق؛ لأنّها كغيره من سائر المطلقات في
الانصراف إلى
المعهود المتعارف .
الرهن إمّا مطلق أو
مشروط ، فالمطلق لا يجوز بيعه إلّابإذن
الراهن ، فإن لم يأذن أو غاب باعه
الحاكم وقضى
الدين من ثمنه، فإن أباح الراهن فيه
الانتفاع بالمرهون صحّ، إلّاوطء
الجارية المرهونة.
إذا أطلق
الكفالة ولم يتبين موضع
التسليم وجب تسليمه في موضع العقد، وإذا سلمه في غير موضع العقد، فإن كان عليه مؤونة في حمله إلى موضع تسليمه لا يلزمه قبوله ولا يبرء
الكفيل ، وإن لم يكن عليه فيه مؤونة ولا
ضرر لزمه قبوله.
وقال
ابن حمزة : «لزمه التسليم في دار الحاكم أو في موضع لا يقدر على
الامتناع ».
إذا عقد
الإمام مع
أهل الذمة ثمّ مات يمضي الإمام الثاني ما قرّره الأوّل إذا لم تخرج مدّة تقريره، فلو شرط
الدوام في
الجزية لم يغيّره الثاني، وأمّا لو أطلق الأوّل جاز له
التغيير بحسب
المصلحة .
لو ابتاع شيئاً وشرط
الخيار ولم يسم وقتاً لا أجلًا مخصوصاً بل أطلقه، فإنّ له الخيار ما بينه وبين ثلاثة أيّام، ثمّ لا خيار له بعد ذلك؛ لأنّ هذه المدّة هي
المعهودة المعروفة في
الشريعة لأن يضرب الخيار فيها، و
الكلام إذا أطلق وجب حمله على المعهود
المألوف .
لو أطلق اشتراط الخيار من غير ذكر مدّة أصلًا فالمشهور بين
المتقدّمين الصحّة والإنصراف إلى الثلاثة،
بل ادّعي عليه الإجماع.
إطلاق
الوصيّة يقتضي
التسوية ، فإذا أوصى لأولاده وهم ذكور وإناث فهم فيه سواء، وكذا لأخواله وخالاته أو لأعمامه وعمّاته، وكذا لو أوصى لأخواله وأعمامه كانوا سواء على الأصحّ.
وكذلك إطلاق الوصيّة لجماعة محصورة يقتضي التسوية ما بينهم، من غير فرق بين
الغريب و
البعيد ، و
الذكر و
الانثى ، و
الفاضل في
الإرث وغيره، بلا خلاف ولا إشكال؛ للتساوي في سبب الملك.
وإذا أوصى بما يقع على
المحلّل و
المحرّم انصرف
اللفظ إلى المحلّل
صوناً للمسلم عن
المحرّم .
أجمع الفقهاء على أنّ ذكر الأجل شرط في صحّة نكاح
المتعة ،
فلو أطلق ولم يذكره فالمشهور
أنّه انعقد دائماً، ولزمه ما يلزمه في
النكاح الدائم من
المهر و
النفقة و
الميراث .
وصرّح بعضهم بأنّه يبطل النكاح؛
للإخلال بذكر
الشرط في
المنقطع ، وعدم إرادة
الدوام .
وفصّل
ابن إدريس بأنّه إن كان
الإيجاب بلفظ
التزويج أو النكاح إنقلب دائماً، وإن كان بلفظ
التمتّع بطل العقد.
لا خلاف ولا إشكال
فيما إذا أطلق
الظهار حرم عليه
الوطء حتّى يكفّر، ولو علّقه بشرط جاز الوطء ما لم يحصل
الشرط ؛ لعدم تحقّق الظهار
المشروط به.
لو أطلق المهر ولم يعيّن مقداره ينصرف إلى
مهر المثل ؛ لأنّ إطلاق المهر في النكاح كإطلاق
الثمن في
الشراء في انصراف كلّ منهما إلى
عوض المثل.
اشترط الفقهاء في الطلاق تعيين
المطلقة بأن يقول
الزوج : فلانة طالق أو يشير إليها بما يرفع
الاحتمال مع فرض
التعدد ، فإن أطلق الطلاق ولم ينو واحدة معينة بطل؛ لعدم التعيين،
بل هو المشهور؛
لأصالة بقاء النكاح، فلا يزول إلّابسبب متحقّق
السببيّة ، ولأنّ الطلاق أمر معيّن فلابدّ له من محلّ معيّن، وحيث لا محلّ فلا طلاق.
وقال جماعة: يصحّ الطلاق، فيعيّن من شاء، وإن مات قبل التعيين اقرع؛
لعموم
مشروعيّة الطلاق، ومحلّ
المبهم جاز أن يكون مبهماً.
ويتفرّع على
الوقوع ابتداء العدّة. فقيل: من حين
الإيقاع .
وقيل: من حين
التعيين .
وتفصيله في محلّه.
لو أطلق
الإقرار بالموزون أو
المكيل صحّ إقراره ويحمل على
الميزان المتعارف في
البلد وكيله، وكذا
الذهب و
الفضّة ينصرف إلى نقده
الغالب ، سواء كان نقدهم مغشوشاً أو لا، وسواء كان الوزن ناقصاً أو لا، فإن تعدّد الوزن أو النقد متساويا رجع إليه في التعيين، ولو تعذر
استفساره فالمتيقن هو
الأقلّ ، وكذا القول في
النقد .
المشهور عند فقهائنا
وقوع النذر المطلق؛
لأنّه يصدق عليه أنّه نذر، ولعموم «يُوفُونَ بِالنَّذرِ»
و «أَوفُوا بِعَهدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُم»،
حيث لم تقيّد بقيد.
لكن قال
السيّد المرتضى : «إنّ النذر لا ينعقد حتى يكون معقوداً بشرط متعلّق».
صرّح جماعة من الفقهاء بأنّه لا تقبل
الشهادة على الرضاع إلّا مفصّلة بجميع ما يعتبر عند الحاكم الذي تقوم عنده الشهادة، فلا يكفي
الشهادة المطلقة و
المجملة - بأن يشهد على وقوع الرضاع المحرّم أو يشهد مثلًا على أنّ فلاناً
ولد فلانة أو فلانة
بنت فلان من الرضاع- لتحقّق
الخلاف في الشرائط المحرّمة للرضاع كمّيّة وكيفيّة، واختلاف مذهب
الشاهد والحاكم في ذلك.
نعم، لو علم عرفانهما شرائط الرضاع وأنّهما موافقان معه في
الرأي إجتهاداً أو تقليداً كفى.
صرّح بعض الفقهاء بأنّ إطلاق الشهادة بالملك
القديم لا تسمع؛ لعدم
التنافي بين كونه ملكاً له
بالأمس مع تجدّد انتقاله عنه
اليوم وإن كان الشاهد يعلم بذلك، بل لابدّ من
إضافة ما يفيد عدم علمه بتجدّد
الانتقال .
الملك المطلق هو الذي لم يتقيد بأحد أسباب الملك. كالإرث، و
الشراء ، بأن ادعى أحد أنّ هذا ملكه، ولا يزيد عليه.
والملك الذي تقيد بمثل هذه
الأسباب يقال له:
الملك بالسبب. واستعمله الفقهاء في باب الدعاوي والبيّنات فيما إذا ادعى الشخصان ملكاً مطلقاً ويد أحدهما على
العين ، وهذه
المسألة ملقبة ب (بينة الداخل والخارج) فإنّ
الداخل من كانت يده على الملك، و
الخارج من لا يد له عليه.
وقد اختلف الفقهاء فيما إذا كانت العين
المتنازع فيها في يد أحدهما وأقام كلّ منهما بيّنة، على أقوال:
أي: سواء شهدتا بالملك
المطلق أم
المقيّد بالسبب أم تفرّقتا، بأن شهدت إحداهما بالملك المطلق و
الاخرى بالمقيّد.
و
الحجّة الأخبار .
وهو قول
الشيخ الطوسي في كتاب
الدعاوي من الخلاف.
والدليل عليه- مضافاً إلى الإجماع
- الأخبار.
سواء انفردت به أم شهدت بيّنة الخارج به أيضاً، وتقديم الخارج إن شهدتا بالملك المطلق أو انفردت بيّنته بالسبب.
أو
الأكثر عدداً مع تساويهما في
العدالة ، مع
اليمين ، ومع
التساوي يقضي للخارج.
والترجيح بهاتين الصفتين عمل به المتأخّرون على تقدير كون العين في يد ثالث؛ لورودها في بعض الأخبار.
وقد يستعمل الملك المطلق في مقابل المقيد، كملك الطلق في مقابل الوقف والرهن.
الموسوعة الفقهية، ج۱۴، ص۲۰۹-۲۱۷.