فيختص- في المصطلح - بعدم إعطاء البخيل الواجب المالي، سواء كان زكاة أو خمساً أو غيرهما.
وتوسّع بعضهم في المصطلح بأنّ الواجب قسمان: واجب بالشرع وهو التحديد المتقدّم، وواجب بالمروّة و العادة وهو ترك المضايقة و الاستقصاء في المحقّرات ، فإنّ ذلك مستقبح ، واستقباح ذلك يختلف في الأحوال و الأشخاص ، ولعلّ حدّ هذا البخل هو إمساك المال عن غرض، وذلك الغرض هو أهمّ من حفظ المال، فصيانة المروّة أهمّ من حفظ المال.
إلّاأنّه يكون بالعواري والبخل بالهبات ؛ ولهذا تقول: هو ضنين بعلمه ولا يقال: بخيل بعلمه ؛ لأنّ العلم أشبهبالعارية منه بالهبة ، وذلك أنّ الواهب إذا وهب شيئاً خرج من ملكه ، فإذا أعار شيئاً لم يخرج أن يكون عالماً به فأشبه العلم العارية، فاستعمل فيه من اللفظ ما وضع لها؛ ولهذا قال اللَّه تعالى:
«وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ»،
وقد تعدّى المحقّق الأردبيلي عن مورد الآية وما ورد في تفسيرها في البخل بزكاة المال إلى التعميم في معنى البخل بما يشمل البخل في العلم؛ وذلك لعدم كون خصوص السببمخصّصاً ، ثمّ قال: «ولا يبعد جعلها (أي الآية) دليلًا على وجوب بذل نحو العلم إلى كلّ من يستحقّه ويطلبه ويحتاج إليه مع عدم المانع من تقيّة ونحوها».
أمّا الروايات فقد دلّت على أنّ المراد بالبخيل هو مانع الزكاة، بل تعميمه بالنسبة إلى المنع عن الواجبات، فقد روى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:... إنّما البخيل حقّ البخيل الذي يمنع الزكاة المفروضة من ماله ويمنع البائنة (المراد بالبائنة: المال يُخصّ به أحد الأبناء، لكن الظاهر من الرواية أنّها استعملت في المال الذي يخصّ به من كان من القوم وإن لم يكن ولداً. )
وتظهر الثمرة - بين القولين - في تعدّد العقاب و وحدته ؛ إذ على احتمال كون الزكاة من الواجبات فقط يستحقّ العاصي عقاباً واحداً على ترك الواجب، وعلى الاحتمال الأوّل يعاقب العاصي المذكور بعقابين، أي ترك الواجب و فعل الحرام.
ولذا ورد أنّ البخل من شرار خصال الرجل في المعيشة. نعم، هذه الصفة في المرأة بالنسبة إلى مال زوجها ممدوحة .
قال أمير المؤمنين عليه السلام: «خيار خصال النساء شرار خصال الرجال: الزَهو أي: الكبر والعظمة. ،
كما في رواية محمّد بن آدم عن أبيه عن أبي الحسن الرضا عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي، لا تشاورنّ جباناً؛ فإنّه يضيّق عليك المخرج ، ولا تشاورنّ بخيلًا؛ فإنّه يقصر بك عن غايتك ...».