الاختيار
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
طلب خيرالأمرين و
الاصطفاء وبمعنى
الإرادة و
القدرة على فعل
الأمر .
الاختيار
مصدر اختار، معناه: أخذ ما هو خير،
فيرادف معاني
الانتقاء و
الاصطفاء و
الانتخاب و
الترجيح ونحوها.
وقد يطلق الاختيار على
الإرادة بمعنى
الرغبة أو قوّة الترجيح،
وعلى القدرة أيضاً.
ويستعمل
التخيُّر و
الاستخارة بمعنى الاختيار.
و
الخيار اسمٌ من الاختيار، وهو طلب خير الأمرين، إمّا
إمضاء البيع أو فسخه.
تقدّم أنّ الاختيار يأتي في
اللغة بمعنى الانتقاء والاصطفاء والانتخاب، فهو المعنى
الأصلي للكلمة الذي عمّ
استعماله بين
الفقهاء وغيرهم، لكن اطلق بكثرة على معانٍ اخرى لها نحو
ارتباط بالمعنى الأصلي في الفقه وسائر العلوم الاخرى،
مضافاً إلى معناه اللغوي الذي ذكرناه، وبذلك أصبحت للفظة (اختيار)
الإطلاقات التالية:
وهو المعنى الأصلي للكلمة كما تقدّم، وقد استعمله الفقهاء في أبحاثهم الفقهيّة في الأبواب
المختلفة بكثرة.
فإنّ بعض الفقهاء أطلق
اشتراط الاختيار في صحّة
المعاملة ، وفرّعوا عليه
بطلان عقد
المكره غير
المتعقّب بالرضا.
واختلف الفقهاء في المعنى
المقصود منه، فالمشهور على أنّ
المراد به هو الرضا
وطيب النفس، وتقابلهما
الكراهة وعدم
الرضا ،
وباقي الفقهاء بين قائل بأنّه ما يقابل
الإكراه ،
أو أنّه الاختيار الناشئ عن
داعٍ اختياري،
أو هو الاختيار الناشئ عن إرادة
مستقلّة عن إرادة الغير.
ويؤيّد كون المراد بالاختيار هنا الرضا وطيب النفس الحكم ببطلان ما يقع عن
حياء و
حجب ونحوهما.
فمقصود الفقهاء من الرضا هنا هو
التسليم و
الانصياع و
القبول ، فيقابله
الرفض ، لا الكراهة و
السخط .
ولذلك عدّوا عقد المضطرّ حائزاً
لشرط الاختيار دون عقد المكره،
والحال أنّ المضطرّ كاره كالمكره.
فإنّه قد يرد
التعبير بلفظ الاختيار فيما يتعلّق بالقصد.
لكنّ التعبير به كذلك ليس
باعتبار أنّ القصد أحد معاني الاختيار وإنّما باعتباره لازماً لبعض معانيه؛ إذ هو شرطٌ في الاختيار بمعنى الإرادة والقدرة والانتخاب، فإنّ ما يقع من غير قصد إليه
لسهو أو
غفلة أو خطأ أو غيرهما لا يكون اختياريّاً بأحد المعاني المذكورة، وهو أمر واضح صرّح به غير واحدٍ من فقهائنا.
وهي
التمكّن تكويناً من
الفعل و
الترك ، ويقابله
الاضطرار بالمعنى الأعمّ الذي معناه
العجز وعدم القدرة. ومرادهم من القدرة الفعليّة هي ما جمعت القوّة والقدرة الذاتيّة على الفعل، وزوال الموانع
الطبيعية و
البشرية و
التشريعية ، بل كلّ صارف للإرادة و
العزم و
التصميم عنه، ولذلك يجعل الاختيار بلحاظ عدم
القصور الذاتي والمانع الطبيعي مقابل الاضطرار،
وبلحاظ عدم المانع البشري
القاهر مقابل
الإلجاء ،
وبلحاظ عدم
الصارف للإرادة مقابل الإكراه.
وهو مفهوم يثبت بحكم وضعي من قبل
الشارع على الشخص أو الشيء يحقّ بموجبه لصاحبه التصرّف في الشيء بأنواع التصرّفات وفي
الشخص وما يتعلّق به حسبما تقتضيه
مصلحته . ومثاله: في
الأشياء حقّ السلطة الثابت للملاك في أموالهم وحقّ
الخيار الثابت لأحد
المتعاقدين أو كليهما على العقد، وفي الأشخاص
الولاية الثابتة
للأب و
الجدّ أو
القيّم على
الصغار .
وهو مفهوم يثبت بحكم شرعي
تكليفي يجوز بموجبه للمكلّف الفعل أو الترك. ومثاله: الاختيار الحاصل للمكلّف من حكم الشارع
بالإباحة أو
التخيير .
الاختيار بمعنى القدرة الشرعية المقابلة للحرمة و
[۳۷] الشرعيين والمأخوذة شرطاً في بعض
العبادات كما سيأتي
توضيحها .
عرّفت القدرة بأنّها التمكّن من الشيء أو صفة تقتضي التمكّن،
وربّما جعلت القوّة بمعناها.
لكنّ القدرة قد يراد بها الذاتيّة، كما قد يراد بها الفعليّة. وأمّا الاختيار فقد تقدّم أنّ معناه الأصلي الانتقاء والاصطفاء، والقدرة من
مبادئه ،
فإن استعمل في معنى القدرة في
الاصطلاح لم يكن المراد بها القدرة الذاتيّة، بل القدرة الفعلية التي يتمكّن بها من الفعل والترك دون توقّف على شيء آخر. ومن هنا صحّ وصف من له قوّة
القيام مع وجود المانع منه- كالإكراه والاضطرار- بأنّه قادر على القيام دون أن يوصف بأنّه مختار.
وهي
المشيئة والقصد والاختيار بمعنى الانتقاء والاصطفاء يتضمن أو يستلزم المشيئة، وقد تطلق الإرادة بمعنى الاختيار في كلمات الفقهاء فيقال: الفعل الإرادي، أي الاختياري.
وهو الإرادة مع
الالتفات و
توجّه النفس،
والاختيار بمعنى الاصطفاء والانتقاء يتضمن أو يستلزم ذلك، كما تقدّمت
الإشارة إلى ذلك.
البحث عن
الجبر والاختيار في أفعال العباد الواقع قديماً بين المتكلّمين من مختلف الفرق والطوائف لم يقتصر على علم
الكلام وحده، بل امتدّت
تأثيراته إلى علمي الفقه والاصول حتى وقتنا الحاضر، وما زال هذا البحث وبعض الأبحاث الكلاميّة الاخرى
المرتبطة به يبحثها الفقهاء في كتبهم الاصوليّة، ويفردون لها أبواباً فيها.
و
المعروف من
مذهب الشيعة الإمامية
اتّفاقهم في مسألة الجبر والاختيار على الأمر بين الأمرين؛ لورود الروايات عن
أئمّتهم عليهم السلام به.
غير أنّهم اختلفوا في المقصود منه على أقوال متعدّدة ليس هذا محلّ بيانها، بل يطلب في محلّه في
علم الاصول والكلام.
مرّ أنّ لفظ الاختيار له إطلاقات متعدّدة في استعمالات الفقهاء، ونحن نشير إلى كلّ واحد منها مع مواطن بحثه وحكمه
الإجمالي في الفقه:
يتعرّض الفقهاء للاختيار بهذا المعنى كثيراً في
كلماتهم، إلّا أنّ معظمها لا يعدّ حكماً شرعيّاً لذات الاختيار بقدر ما يكون
إلزاماً للتخلّص من حقّ أو تكليف ثابت لشخص أو عليه، أو بياناً لحكم مورد الاختيار، لا حكمه هو.
فممّا تعرّض له الفقهاء كثيراً في فقههم اختيار من أسلم على ما لا يصحّ
اجتماعه بيده في
الإسلام كالأُختين، و
الامّ و
ابنتها ، وما زاد على أربع زوجات
حرائر للحرّ، أو أمتين له، أو غير ذلك.
ومنه: اختيار ما ابهم
تعيينه في عقد أو
إيقاع بناءً على صحّة ذلك، كالمرأة يبهم شخصها في
نكاح أو
طلاق ، و
العبد يبهم شخصه في
عتق أو
تدبير أو نحوهما، وهكذا.
ومنه: ما ورد فيما يستحبّ اختياره من
النساء أو الرجال أو
الأصدقاء أو
المراضع أو غير ذلك.
ومنه: ما ورد من لزوم اختيار
الملتصقين على حقوٍ واحد ما يتّفقان عليه ممّا يتعلّق بحقّ الغير
كالتكفير ، أو الطلاق في
الظهار و
الإيلاء ، أو
تكذيب النفس، أو
الملاعنة في قذف
الزوجة ، أو نفي الولد، ونحو ذلك.
ومنه: اختيار المرأة بعض الأيّام التي رأت الدم
عادة لها مع عدم وجود ما ترجع إليه من عادة أو
تمييز أو غيرهما مع توقّف أمر متعلّق بالعبادة أو حقّ الزوج أو غيره بذلك.
۱- استعمل الاختيار بهذا المعنى في العقود والإيقاعات.
حيث يدخل الاختيار بهذا المعنى شرطاً في جميع العقود والإيقاعات، فما يصدر من المتعاقدين أو الموقع منها بغير رضا وطيب نفس منه لا يقع صحيحاً، ولا تترتّب عليه
آثاره .
۲- التصرّفات
المباشرة في مال الغير حالها حال المعاملات التسبيبيّة الواقعة منه مشروطة في جوازها التكليفي والوضعي برضا صاحب المال بالتصرّف في ماله، فالتصرّف فيه برفع أو وضع أو نقل أو
انتفاع أو
إتلاف أو غيرها حرام بدون
إذنه، كما يترتّب عليه
الضمان بذلك. وعلى هذا اتّفاق فقهاء
المسلمين قاطبة.
۳- اعتبر بعض الفقهاء في صحّة قبض
المشتري المبيع وقوعه برضا البائع وطيب نفسه،
لكنّ العلّامة في القواعد قال: «يصحّ القبض قبل نقد الثمن وبعده، باختيار البائع وبغير اختياره».
وقد قصره الفقهاء على ما عدا حقّ البائع في حبس
المبيع إلى حين قبض الثمن، وحقّه في خيار
التأخير .
وللتفصيل موضع آخر يأتي.
وقد تقدّم أنّ الفقهاء يطلقونه تارة على ما يقابل العجز
الذاتي، ويدعونه بالاختيار
المقابل للاضطرار. واخرى على ما يقابل العجز بسبب المانع البشري القاهر، ويدعونه بالاختيار المقابل للإلجاء. وثالثة على ما يقابل
تهديد الغير له بما يتعلّق به، ويدعونه بالاختيار المقابل للإكراه.
وقد تعرّض الفقهاء لذلك في
مواطن عديدة:
۱- فالاختيار بالمعنى المقابل
للإلجاء والاضطرار الموجبين لسلب القدرة أصلًا شرط في التكاليف جميعاً عند
المشهور ، فلا تكليف على غير القادر إمّا لقبحه عقلًا أو للغويّته أو لعدم شمول
الخطابات الشرعية له.
قال
الشيخ الطوسي في تكليف الكفّار
بالإيمان : «لو كان
الكافر غير قادر على الإيمان لما حسن تكليفه بالإيمان؛ لأنّ تكليف ما لا يطاق
قبيح ».
وقال
الميرزا النائيني : «هناك وجه آخر في اعتبار القدرة، وهو
اقتضاء الخطاب ذلك، حيث انّ
البعث والتكليف إنّما يكون
لتحريك إرادة المكلّف نحو أحد طرفي المقدور، بل حقيقة التكليف ليس إلّا ذلك، فالقدرة على المتعلّق ممّا يقتضيه نفس الخطاب، بحيث انّه لو فرض عدم حكم العقل بقبح تكليف العاجز، وقلنا بمقالة
الأشاعرة من نفي
التحسين و
التقبيح العقليّين، لقلنا باعتبار القدرة في متعلّق التكليف؛ لمكان اقتضاء الخطاب والبعث ذلك، حيث انّ حقيقة الخطاب هو البعث وتحريك
الإرادة نحو أحد طرفي المقدور، و
ترجيح أحد
طرفيه » .
وفي قبال المشهور ذهب
الإمام الخميني رضى الله عنه إلى أنّ قبح تكليف العاجز مختصّ بما إذا كان الخطاب موجّهاً إلى خصوصه شخصاً أو عنواناً، فأمّا مثل الخطابات الموجّهة إلى عموم
الأفراد - مثل عنوان الناس والذين آمنوا ونحوهما- فدخول العاجز ونحوه فيهم وشمول التكليف الشرعي له لا قبح فيه ولا
استهجان .
نعم، لا يكون
منجّزاً في حقّه بحكم العقل؛ لعدم القدرة، فعدم القدرة على الفعل شرط في تنجّز التكليف .
۲- وكذلك الاختيار بالمعنى المقابل للاضطرار الموجب لسلب القدرة العرفيّة ككلّ ما يستلزم
العسر و
الحرج والضرر لنوع المكلّف ممّا لا يطيقه عامّة
الناس وإن كان
ممكناً عقلًا، فإنّه شرط في جميع التكاليف أيضاً بحكم الشرع.
وقد دلّت على
اشتراطها به آيات وروايات كثيرة:
منها: قوله تعالى: «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ
نَفْساً إِلَّا وُسْعَها» .
فقد يراد
بالوسع الاختيار بهذا المعنى، كما قد يراد به الاختيار بالمعنى المتقدّم.
وقوله عزّ وجل: «
رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا
إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا
طاقَةَ لَنا بِهِ...».
وقد يراد بالطاقة هنا أيضاً
العقليّة، كما قد يراد بها العرفيّة.
وقوله عزّ وجل أيضاً: «وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي
الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»،
و «ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ»،
و «يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ
الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ».
وقول
النبي صلى الله عليه وآله وسلم في واقعة
سمرة بن جندب : «لا ضرر ولا
ضرار ».
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً في
حديث الرفع : «وما اضطرّوا إليه...».
وغير ذلك ممّا استدلّ به الفقهاء على نفي التكاليف الشاقّة و
المضرّة والثقيلة
الوطأة على
الإنسان عن شريعة الإسلام.
ومعنى هذا أنّ للأدلّة المتقدّمة
حكومة على إطلاقات سائر أدلّة الأحكام، حيث تتضيّق دائرة دليليّتها بعد انتفاء الأحكام
المستلزمة للمشقّة والعسر والضرر؛ لتختصّ بما لا يستلزم ذلك.
۳- كما أنّ الاختيار بالمعنى المقابل للإكراه أيضاً شرط في أكثر التكاليف أيضاً، فيسقط التكليف
بالمحرّمات والمكروهات بالإكراه على فعلها، ويسقط التكليف بالواجبات والمستحبّات بالإكراه على تركها، وذلك بتهديد المكرِه المكرَه بفعل ما يكرهه به، أو بما يتعلّق من نفس أو
عرض أو مال. وقد دلّت على ذلك جملة من الأدلّة كقوله تعالى: «إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ
مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ»
وحديث الرفع: «وما استكرهوا عليه»،
وغيرهما.
وممّا يلحق بالإكراه
التقيّة ، فإنّها- على ما عرّفت به-: عبارة عن
إظهار الموافقة للغير في قول أو فعل أو ترك فعل يجب عليه حذراً من شرّه الذي يحتمل صدوره بالنسبة إليه أو بالنسبة إلى من يحبّه، مع ثبوت كون ذلك القول، أو ذلك الفعل أو ذلك الترك مخالفاً للحقّ عنده،
وهي أوسع من الاكراه كما سيأتي في مصطلح (تقية).
والشرطيّة المذكورة للاختيار المقابل للاضطرار، وكذا المقابل للإكراه، والتقيّة لمّا كانت
مستفادة من حكومة الأدلّة النافية للعسر والحرج والضرر عن أحكام الشريعة، وكذا الأدلّة الرافعة للتكليف أو آثاره عن موارد الاضطرار و
الاستكراه ، والتقيّة على إطلاقات أدلّة الأحكام
المختلفة ، وأنّ جميع الأدلّة الحاكمة هذه واردة مورد
الامتنان ممّا يعني أنّ الامتنان المذكور يشكّل قرينة متّصلة تقيّد حكومة الأدلّة المذكورة عن الشمول لما ليس في رفعه ونفيه امتنان أصلًا، فيبقى على أصل الإطلاق الشامل لحال الاختيار والاضطرار والإكراه والتقيّة وغيرها.
وقد بحث الفقهاء عن ذلك وحدوده،
وأنّ
المرفوع هو خصوص
الإلزام و
الوجوب ، أو أصل
الأمر بالفعل، أو غير ذلك
مفصّلًا في محلّه.
يثبت الاختيار بهذا المعنى في كلّ مورد جعلت فيه ولاية أو
سلطنة أو حقّ من الشارع لشخص على التصرّف.
والاختيار بهذا المعنى يقابله
الحجر أو عدم
الأهليّة ، أي الممنوعيّة من التصرّف، وهو شرط في صحّة التصرّفات الاعتباريّة والقانونيّة، ومن هنا لا تصحّ معاملات الصبي و
المفلّس والعبد. كما أنّ الاختيار بهذا المعنى حيث انّه حكم وضعي تشريعي قابل
للتفويض إلى الغير.
وتفصيل ذلك في مصطلح (ولاية).
وهو يثبت في كل مورد حكم الشارع فيه أو
العقل بجواز الفعل والترك أو خيّر المكلّف فيه بين فعلين كما تقدم.
ويقصد به الجواز و
السماح الشرعي بالتصرّف، وعدم المنع الشرعي عن الفعل لا بنفسه، ولا بما يلازمه الأعم ممّا يكون شرطاً
كالاباحة الوضعية
المعتبرة في لباس المصلّي أو مانعاً كالضد الخاص الأهم ملاكاً
المزاحم للفعل الواجب المشروط
بالاستطاعة الشرعية، والاختيار أو القدرة الشرعية بهذا المعنى شرط في صحّة جملة موارد:
منها: اشتراط صحّة
العبادات، بأن لا يكون الفعل العبادي أو بعض أجزائه محرّماً شرعاً، وإلّا وقع
باطلًا؛ لعدم إمكان قصد
التقرّب به.
ومنها:
اشتراط عدم ممنوعيّة المأمور به أو بعض أجزائه ولو بعنوان آخر متّحد معه؛
لامتناع اجتماع الأمر والنهي، كما في
الصوم التبرعي المفوّت لحق الزوج أو الموجب
لمعصية الوالد بناءً على وجوب طاعته.
ومنها: اشتراط عدم وجود مزاحم أقوى وأهمّ شرعاً في بعض التكاليف، كما يقال في وجوب
الحجّ؛ لأنّ الاستطاعة المأخوذة فيها تشمل الاستطاعة الشرعيّة أيضاً، وهي ترتفع
بالاشتغال بالواجب الأهم وإن لم يكن نفس الحجّ منهيّاً عنه.
ولو كانت الاستطاعة بمعنى القدرة العقليّة فقط كانت محفوظة بناءً على إمكان
الترتّب، فيقع الحجّ واجباً. نعم، بناءً على القول بامتناع الترتّب يكون موارد
التزاحم بين تكليفين من هذا القبيل دائماً، أي يسقط أحدهما لا محالة؛ لعدم القدرة عليهما معاً. وتفصيل ذلك متروك إلى محلّه.
الموسوعة الفقهية، ج۷، ص۴۰۳-۴۱۲.