الإيمان (الفقهي)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإيمان (توضيح).
هو
إفعال من
الأمن ضدّ
الخوف ، ومنه الآمِن، أي الذي لا يخاف من شيء، ومنه
الأمين الذي لا يُخاف
خيانته .
الإيمان: إفعال من
الأمن ضدّ
الخوف ،
كما في قوله تعالى: «وَإِذْ جَعَلْنَا
الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً»،
ومنه الآمِن، أي الذي لا يخاف من شيء كما في قوله تعالى: «أَفَمَن يُلْقَى فِي
النَّارِ خَيْرٌ أَم مَن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ
الْقِيَامَةِ »،
وقوله: «ادْخُلُوهَا
بِسَلَامٍ آمِنِينَ»،
أي غير خائفين، ومنه
الأمين الذي لا يُخاف خيانته. وبهذه
المناسبة يطلق الإيمان على
التصديق و
الاعتقاد أيضاً، كما في قوله تعالى: «وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا»،
أي مصدّقٍ لنا؛ لما في الاعتقاد من
سكون القلب و
السكينة .
قال
ابن فارس : «
الهمزة والميم والنون
أصلان متقاربان، أحدهما:
الأمانة التي هي ضدّ الخيانة، ومعناها سكون القلب، والآخر:
التصديق ، والمعنيان- كما قلنا- متدانيان».
وقال
الفيّومي : «والأصل أن يستعمل في سكون القلب، يتعدّى بنفسه وبالحرف، ويعدّى إلى ثانٍ بالهمزة، فيقال: آمنته منه».
ومن ذلك
تفسير قوله سبحانه وتعالى: «هُوَ الَّذِي أَنزَلَ
السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ»
بالإيمان في عدّة روايات، كما في رواية
أبي حمزة عن
أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول
اللَّه عزوجل... قال: «هو الإيمان».
ورواية
محمّد بن مسلم عنه عليه السلام أيضاً قال: «السكينة: الإيمان»،
وغيرهما من الروايات.
للإيمان في
الفقه اصطلاحان:
وهو الاعتقاد الخاصّ باللَّه تعالى وبرسله وبما جاؤوا به، وهو بهذا
المعنى يختلف عن
الإسلام الذي هو
إقرار بالشهادتين باللسان، (نعم،
المنسوب إلى بعض
المرجئة أنّ الإيمان هوالتصديق باللسان خاصّة.)
وقد اشير إليهما في قوله تعالى: «قَالَتِ
الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ».
قال
السيّد المرتضى : «اعلم أنّ الإيمان هو التصديق بالقلب، ولا
اعتبار بما يجري على
اللسان ، فمن كان عارفاً باللَّه تعالى وبكلّ ما أوجب معرفته، مقرّاً بذلك مصدّقاً، فهو مؤمن. و
الكفر نقيض ذلك، وهو
الجحود في القلب دون اللسان لما أوجب اللَّه تعالى
المعرفة به».
وبمثله قال الشيخ الطوسي.
قال
ابن إدريس : «
المؤمن في عرف
الشرع هو المصدّق باللَّه وبرسله وبكلّ ما جاءت به».
وقال المحقّق الحلّي: «الإيمان: هو تصديق
النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كلّ ما جاء به، والكفر: جحود ذلك».
الاعتقاد
إضافة إلى ما تقدّم
بإمامة أهل البيت عليهم السلام، وذلك أنّ ممّا جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم إمامة
الأئمّة الاثني عشر من بعده، فيجب الاعتقاد بهم وبإمامتهم أيضاً،
ويعبّر عنه بالإيمان بالمعنى الأخصّ
المقابل للإيمان بالمعنى الأعم؛ لخلوّه عن هذا الاعتقاد، فهو داخل في
اصطلاح الإمامية،
فيشمله عموم العبارات الماضية: (كلّ ما أوجب اللَّه المعرفة به)، و (كلّ ما جاء)، وعليه يحمل
إطلاق كلامهم عند إطلاق (الإيمان). وهذا من المسلّمات عند الإماميّة كما صرّح به غير واحد.
قال
الشهيد الأوّل : «المؤمنون والإماميّة واحد، وهم القائلون بإمامة
الاثني عشر و
عصمتهم عليهم السلام والمعتقدون لها».
قال
الشهيد الثاني : «الإيمان: هو التصديق باللَّه وحده وصفاته و
عدله و
حكمته ، و
بالنبوّة ، وبكلّ ما علم بالضرورة مجيء النبي صلى الله عليه وآله وسلم به مع
الإقرار بذلك- وعلى هذا أكثر المسلمين، بل ادّعى بعضهم
إجماعهم على ذلك- والتصديق بإمامة الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام أو
بإمام الزمان عليه السلام ، وهذا عند
الإمامية ».
قال
المحقّق الأردبيلي : «أمّا الإيمان المطلق عند
الأصحاب فهو التصديق والإقرار باللَّه وبرسله وبجميع ما جاءت به على
الإجمال ، وبخصوص كلّ شيء علم كونه ممّا جاءت به، و
بالولاية والإمامة».
ولا يخفى أنّ الإيمان بالمعنى
الأخص المشار إليه في الأخبار الكثيرة لمّا كان اصطلاحاً حادثاً في زمن
الصادقين عليهما السلام - كما صرّح به بعض المعاصرين
- ويترتّب عليه أيضاً كثير من
الأحكام المأخوذ في موضوعها الإيمان بهذا المعنى- كما ستأتي- لا يمكن حمل كلّ ما ورد من لفظ الإيمان في
القرآن الكريم على هذا المعنى؛ لتأخّره، بل لابدّ من حمله على الإيمان بمعناه الأعم المقابل للإسلام، ثمّ إذا ثبت لخصوص حكم في الروايات قيد آخر- كالولاية- نقيّده به أيضاً بدلالة
الخبر كما ثبت ذلك بالنسبة للفقير إذا كان مصرفاً للزكاة، وإلّا فلا وجه لحمله على الاصطلاح الخاص.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: «وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا»،
فلا يجوز
تسليط الكافر على
المسلم ولو كان غير إمامي؛ تمسّكاً بأنّ الإيمان قد اخذ فيه الاعتقاد بالولاية أيضاً؛ وذلك لأنّ القرآن نزل على الاصطلاح
القديم - وهو الإيمان بالمعنى الأعم- ولم يثبت قيدٌ لخصوص هذه الآية والحكم الوارد فيها في الأخبار. وبالجملة،
الملاك في كلّ حكم فقهيّ أدلّته، ولابدّ
للفقيه في
تعميم الحكم لكلّ مؤمن أو تخصيصه بالمعتقد بالولاية من
متابعة دليل ذلك الحكم، وأمّا ترتّب
الثواب و
النجاة الاخروي عليه فهو أمر آخر لا يرتبط بالمقام.
•
الإيمان (حقيقته)، وقع بحث في أنّ الإيمان من
مقولة الاعتقاد وفعل
القلب فقط ولا
دخالة للإقرار اللساني فيه وإنّما هو
كاشف، أو أنّ حقيقته الاعتقاد مع
الإقرار اللساني، أو يضاف إليهما عمل
الجوارح أيضاً.
(الفرق بين الإيمان والإسلام) : حيث يكون الإسلام عند
الفقهاء هو الإقرار بالشهادتين، أي كلمة (لا إله إلّااللَّه ومحمّد رسول اللَّه) فحسب، وقد مرّ تفسير الإيمان بالتصديق والاعتقاد القلبي، فلا محالة يكون الإيمان أخصّ من الإسلام، فكلّ مؤمن مسلم، وليس كلّ مسلم مؤمناً.
ويدلّ عليه صريحاً قوله تعالى: «قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ»،
كما استدلّ بها أبو عبد اللَّه عليه السلام
لجميل بن درّاج على افتراق الإسلام عن الإيمان،
وفي رواية
أبي بصير عن
أبي جعفر عليه السلام ذيل الآية: «فمن زعم أنّهم آمنوا فقد كذب، ومن زعم أنّهم لم يسلموا فقد كذب».
والأخبار
بمشاركة الإيمان للإسلام دون
العكس كثيرة:
منها: رواية
سماعة ، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: أخبرني عن الإسلام والإيمان أهما
مختلفان ؟ فقال: «إنّ الإيمان يشارك الإسلام، والإسلام لا يشارك الإيمان»، فقلت: فصفهما لي، فقال: «الإسلام: شهادة أن لا إله إلّااللَّه، والتصديق
برسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، به حقنت الدماء، وعليه جرت
المناكح و
المواريث ، وعلى ظاهره
جماعة الناس، والإيمان:
الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام، وما ظهر من العمل به، والإيمان أرفع من الإسلام بدرجة، إنّ الإيمان يشارك الإسلام في الظاهر، والإسلام لا يشارك الإيمان في
الباطن وإن اجتمعا في القول والصفة».
تقدّم أنّ الإسلام مجرّد
شهادة أن لا إله إلّااللَّه، وأنّ
محمّداً رسول اللَّه ولو من
المنافق غير المعتقد، فلا يشترط فيه الاعتقاد فضلًا عن كونه عن
اجتهاد ونظر. وأمّا الإيمان الذي حقيقته الاعتقاد ففي لزوم كونه جزماً وعن نظر و
استدلال ، أو
كفاية كونه عن جزم ولو عن تقليد، أو كفاية مطلق
المعرفة ولو ظنّاً بشرط كونه عن نظر، أو مطلقاً، وجوهٌ قد أنهاها بعضهم إلى ستّة،
وهي:
الأوّل: كفاية
الظنّ مطلقاً، وهو
منسوب إلى
نصير الدين الطوسي و
البهائي و
الأردبيلي و
صاحب المدارك و
المجلسي وغيرهم.
كفاية الظن الناشئ من خصوص أخبار الآحاد، وقد نسبه العلّامة إلى الأخباريّين،
و
الشيخ الطوسي إلى بعض
غفلة أصحاب
الحديث .
هو الأوّل لكن مع
استفادته من النظر والاستدلال، وقد حكي عن البهائي في بعض رسائله أنّه نسبه إلى بعض، وهو غير معلوم.
هو كفاية الظن الناشئ عن استدلال ونظر مع القول بوجوب
النظر تكليفاً
مستقلّاً قابلًا للعفو عنه، وهذا ما ينتج كفاية
التقليد مع تحقّق
الإثم لو ترك النظر والاستدلال. ويظهر هذا القول من بعض مواضع كتاب
العُدّة للشيخ الطوسي.
اعتبار العلم والجزم ولو عن تقليد، وهذا ما نسبه
الشهيد الثاني إلى جماعة من المحقّقين منّا ومن
الجمهور ،
وحكي عن غيره،
وذهب إليه صريحاً بعض المعاصرين
أيضاً.
وهو
المنسوب إلى الأكثر، وهو اعتبار العلم الحاصل من النظر والاستدلال،
وقد ذهب إليه جمع من الفقهاء،
بل ادّعى
العلّامة الحلّي في
الباب الحادي عشر من مختصر
المصباح عليه
إجماع العلماء كافّة.
والوجه في عدم كفاية التقليد بعنوانه- على ما صرّح به
السيّد الخوئي - وضوح أنّ
المطلوب في
الأصول نفس الاعتقاد، وهذا ممّا لا يحصل بالتقليد، بل لو عقد المقلّد قلبه على ما يقوله الغير لم يكتف فيه بوجهٍ؛ إذ المعتبر فيها إنّما هو
اليقين و
العرفان والاعتقاد، وشيء منها لا يتحقّق بعقد القلب على ما يقوله الغير، بل هذا هو
القدر المتيقّن ممّا دلّ على ذمّ التقليد و
اتّباع قول الغير في الاصول، كقوله تعالى: «إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُقْتَدُونَ».
وأمّا الوجه في كفاية
العلم ولو
استناداً إلى قول الغير ومن دون
برهان ونظر فقال فيه: «إذ المطلوب في الاعتقاديّات هو العلم واليقين بلا فرق في ذلك بين أسبابهما وطرقهما، بل حصول اليقين من قول الغير يرجع في
الحقيقة إلى اليقين
بالبرهان ؛ لأنّه يتشكّل عند المكلّف حينئذٍ صغرى وكبرى، فيقول: هذا ما أخبر به أو اعتقده جماعة، وما أخبر به جماعة فهو حقّ، ونتيجتهما: أنّ ذلك
الأمر حقّ فيحصل فيه اليقين بأخبارهم».
بل يمكن أن يقال بأنّ أكثر براهين العوام في معتقداتهم من هذا النوع، وهذا لا يعدّ تقليداً؛ إذ لو كان المعتبر الاستدلال و
إقامة البرهان
المصطلح و
المتعارف عند العلماء، فلازمه الحكم بعدم إيمان العوام؛ لعدم قدرتهم على البراهين المنتجة واقعاً، وإلى هذا تشير عبارة الشهيد الثاني، حيث قال: «الإيمان... هو التصديق بالقلب، والإقرار باللسان
بالاصول الخمسة بالدليل وإن كان إجمالياً ممّن لا يعرف شرائط الحدّ والبرهان؛ فإنّ الأدلّة التفصيلية والعلم بشرائط
إنتاجها ليست من الواجبات العينيّة، بل الكفائية لدفع شُبه
الخصوم وقمع المتغلّب على
الدين بالبراهين».
وتفصيل
البحث بأكثر من ذلك متروك إلى محلّه من علم
الكلام ومباحث
الاجتهاد والتقليد.
•
الإيمان (أماراته)، تختلف علامات الإيمان وأمارته، ويمكن بيانها كما يلي: ۱ ـ حصول العلم الوجداني بالإيمان، ۲ ـ البيّنة وخبر الثقة، ۳ ـ الإقرار.
الخروج عن الإيمان تارةً يكون بالخروج عن الإسلام بأن يصف غيره وينتحله ديناً له، واخرى
بإنكار وجحد ما عُلم كونه من الدّين
ضرورة ،
مع خلافٍ بينهم في كونه سبباً بنفسه أو
لاستلزامه إنكار الرسالة، وعلى الثاني إنّما يوجب ذلك مع علم
الجاحد والمنكر بالملازمة على ما هو المفصّل في محلّه.
وقد ورد في مكاتبة
عبد الرحيم القصير للإمام الصادق عليه السلام: «... لا يخرجه (المسلم) إلى الكفر إلّاالجحود و
الاستحلال ، أن يقول للحلال: هذا حرام، وللحرام: هذا حلال ودان بذلك، فعندها يكون خارجاً من الإسلام والإيمان، داخلًا في الكفر، وكان بمنزلة من دخل
الحرم ثمّ دخل
الكعبة وأحدث في الكعبة حدثاً، فاخرج عن الكعبة وعن الحرم، فضُربت عنقه وصار إلى النار».
وقد وقع البحث أيضاً في تحقّق الكفر و
الارتداد بإنكار ضروريّ المذهب، أي ما علم كونه من الدّين ضرورة في مذهب خاصّ من مذاهب الإسلام كالإماميّة لا عند جميع المسلمين، فذهب بعضهم إلى حصول الارتداد بإنكاره أيضاً؛
استناداً إلى الاستلزام المتقدّم، أي إنكار
الرسالة ،
وأنكره آخرون.
وينبغي البحث أيضاً في أنّ الجحود الموجب للكفر والارتداد هل هو
الجحود اللساني أو العملي، أو يشمل مطلق
زوال الاعتقاد والإيمان القلبي، أي
الإنكار الباطني وإن لم يظهره في لسان أو عمل؟ لعلّ الظاهر من
تعبيرهم بالإنكار والجحود هو الذي جرى على اللسان، ومطلق زوال الاعتقاد لا يطلق عليه الجحود، وعبارة المحقّق النجفي: «سواء كان ذلك الإنكار لساناً خاصّة عناداً أو لساناً وجناناً»
كالصريح في عدم كفاية ما كان جناناً خاصّة، كلّ ذلك إذا لم يكن الخروج باعتقاد ما يوجب الكفر في نفسه كاعتقاد الجسميّة أو الغلوّ بما يستلزم
الشرك ونحوه. وقد تكلّم الفقهاء عن جميع ذلك مفصّلًا في أبواب النجاسات عند البحث عن
نجاسة الكافر بأقسامه، وكذا أبواب الحدود عند البحث عن حدّ الارتداد بأقسامه، فراجع.
•
الإيمان (ما يعتبر فيه الإيمان)، وقع الكلام بينهم في
اشتراط بعض الامور بالإيمان وعدمه، ونتعرّض لأهمّها فيما يلي: ۱ ـ اشتراط الإيمان في صحّة العبادات، ۲ ـ اشتراط الإيمان في مستحقّ الزكاة، ۳ ـ اعتبار الإيمان في مستحقّ الخمس، ۴ ـ اشتراط إيمان الزوجين في النكاح، ۵ ـ اشتراط الإيمان في الشاهد، ۶ ـ اعتبار الإيمان في المقلَّد والمرجع الديني، ۷ ـ اعتبار الإيمان في القاضي، ۸ ـ اعتبار الإيمان في إمام الجماعة والجمعة، ۹ ـ اعتبار الإيمان في الراوي.
قال
الإمام الصادق عليه السلام : «المؤمن
أعظم حرمةً من الكعبة»،
وفي رواية اخرى عنه عليه السلام: «حرمة المؤمن أعظم من حرمة هذه البنيّة»،
يعني الكعبة. وقد وردت روايات اخرى كثيرة بشأن الإيمان والمؤمن وحرمته عند اللَّه تعالى، وهي متفرّقة في الأبواب المختلفة الفقهيّة وربّما أوجبت أحكاماً فقهيّة
إلزاميّة وغير إلزاميّة، قد أفتى بها الفقهاء، كحرمة بغض
المؤمن و
سوء الظنّ به، وحرمة
هجاء المؤمن والمؤمنة،
و
التشبيب بالمؤمنة والنظر إليها، وحرمة
غيبتهما ،
وكراهة
الربح على المؤمن، والدخول في
سومه ،
بل حكم بعضهم هنا
بالتحريم ، و
استحباب إجابة دعوته، ولو على خمسة أميال وعلى ذراع شاة، وكذا قبول
خطبته ،
بل ظاهر بعضهم وجوب إجابته عليها مع قدرته على
النفقة ، وغيرها من
الأحكام .
بل هنا آيات نزلت بشأن الإيمان والمؤمن قد يستفاد منها قواعد عامّة مثل
قاعدة نفي السبيل المستفاد من قوله تعالى: «وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا»،
وقد أفتى بها
الفقهاء وذكروها ضمن القواعد الفقهية العامّة، وقاعدة عدم
قصاص المؤمن بالكافر ونحوها. نعم، هي مختلفة من جهة كون المراد من المؤمن فيها هل هو بمعناه الأخصّ، أو الأعمّ، أو
مطلق الإسلام الحاصل بإظهار الشهادتين على ما مرّ تفصيله، ويحتاج
التدقيق فيها جميعاً إلى البحث الموضوعي في كلّ منها بحدّه، بذكر أدلّته وبيان ما يستفاد منها حكماً وموضوعاً بما ليس هنا محلّ ذكره.
الموسوعة الفقهية، ج۱۹، ص۳۹۷-۳۴۳.