الإصبع
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الإصبع مثلّثة
الهمزة ، واحدة الأصابع،
اسم يقع على
السلامي و
الأنملة و
الظفر من
الكف و
القدم معاً.
الإصبع لغة: واحدة الأصابع، تذكّر وتؤنّث، وفيه لغات: الإصبع والأصبع، بكسر
الهمزة وضمّها والباء مفتوحة فيهما،
وهو عضو يتشعّب من الكفّ و
القدم .
وقد استعمله
الفقهاء في نفس
المعنى اللغوي.
وردت في الفقه
الإسلامي أحكام كثيرة للإصبع نشير إلى أهمّها
إجمالًا فيما يلي:
الأوّل- في العبادات :
يجب في
الوضوء غسل
اليدين من
المرفقين إلى رؤوس الأصابع، فتكون الأصابع داخلة في الحدّ المغسول، ويجب
الابتداء بالمرفق، و
الانتهاء بالأصابع، فلو غسل
منكوساً لم يجز،
وهو منسوب إلى
الأكثر .
والظاهر أنّ
المستند في ذلك عدم صدق عنوان غسل اليد كاملةً بدون غسل الأصابع عرفاً. ومثله
الغُسل، حيث يشترط فيه
إيصال الماء لتمام نقاط
البدن ، فتدخل الأصابع فيه؛ لعدم صدق عنوان غسل تمام البدن من دون غسلها. وفي
التيمّم المشهور
بين الفقهاء أنّه يعتبر في التيمم مسح الكفين من
الزند الذي هو
المفصل إلى رؤوس الأصابع،
وقد صرّح بذلك في النصوص،
حيث اشتملت على (الكف) تارة و (ظهر الكف) اخرى، و
المنساق من الكف عرفاً إنّما هو من الزند إلى رؤوس الأصابع.
وقال
ابن بابويه في قدر ما يمسح منهما:
باستيعاب المسح إلى المرفقين كالغسل.
لو كان له إصبع أو أصابع زائدة في محلّ الوضوء وجب غسلها،
وادّعي عليه عدم الخلاف،
بل
الإجماع .
واستدلّ له بأنّ اللَّه سبحانه وتعالى أوجب الغسل من المرفق إلى أطراف الأصابع حيث صرّح في
الكتاب الشريف: «فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ»،
فما دون المرفق كلّه يجب غسله بلا
تفصيل بين الزائد والأصلي؛ لأنّه كالجزء من اليد، فلا فرق بين إصبع زائدة أو
ذراع زائد، فحكم الجميع واحد في الغسل بعد
استفادة ذلك من
إطلاق الأمر بالغسل عرفاً.
ومن هنا يظهر حكم الإصبع الزائدة في التيمم، حيث يجب مسحه كالوضوء.
لكن قوّى بعضهم عدم وجوب
استبطانه بلا فرق بين التيمم
بدل الغسل والوضوء.
المعروف بين
الأصحاب أنّ
المسح الواجب في الوضوء إنّما هو أقلّ مقدار يتحقّق به المسح عرفاً،
وصرّح بعضهم بأنّه يكفي في
تحقّقه عرض إصبع واحدة.
ونسبه
العلّامة الحلّي في
المنتهى إلى (عندنا)، ومذهب علمائنا أجمع،
وفي
التذكرة إلى فقهاء
أهل البيت عليهم السلام.
ولكن صرّح عدّة منهم
باستحباب المسح بعرض ثلاث أصابع مضمومة.
وقال بعض
بالوجوب .
يجب المسح على ظاهر القدمين من رؤوس الأصابع إلى
الكعبين، فرؤوس الأصابع هي
مبدأ المسح على القدمين في الوضوء.
يستحبّ تليين أصابع
الميّت برفق عند الغسل، فإن تعسّر تركها،
وهو المشهور،
ونسبه
المحقّق الحلّي إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام،
وادّعى
الشيخ الطوسي الإجماع عليه.
يستحبّ أن يكتب على كفن الميّت بتربة قبر
الإمام الحسين عليه السلام : فلان يشهد أن لا إله إلّا
اللَّه ، وحده لا
شريك له، وأنّ
محمّداً عبده ورسوله، وأنّ
أمير المؤمنين و
الأئمّة من ولده عليهم السلام بعده- يذكرون واحداً واحداً- أئمّته أئمّة هدى
أبرار ، فإن لم يوجد كتب بالإصبع،
ونسب إلى
المشهور .
يستحبّ بعد دفن الميّت أن يضع
الحاضرون بعد رشّ الماء أصابعهم
مفرّجات على
القبر من طرف رأس الميّت بحيث يبقى
أثرها، واكّد بالنسبة إلى من لم يصلّ على الميّت.
يستحبّ تفريج الأصابع عند ضرب اليدين على
الأرض في التيمّم.
يستحبّ أن يضع
المؤذّن إصبعيه في
اذنيه في
الأذان .
يستحبّ ضمّ الأصابع حين رفع اليدين
للتكبير في الصلاة، ونسبه
السيّد الطباطبائي إلى الأكثر،
بل ادّعى الشيخ الطوسي الإجماع عليه،
كما ادّعى
المحدّث البحراني الاتّفاق عليه.
ولكن اختلفوا في
الإبهام ضمّاً و
تفريقاً .
يكره
فرقعة الأصابع في
الصلاة ؛
لرواية
أبي بصير، قال:
أبو عبد اللَّه عليه السلام : «إذا قمت في الصلاة فاعلم أنّك بين يدي اللَّه تعالى، فإن كنت لا تراه فاعلم أنّه يراك... ولا تنقض أصابعك... فإنّ قوماً قد عذّبوا بنقض الأصابع...».
ونحوه ما في صحيحي
زرارة ،
ومحمّد بن مسلم .
يجب على
الأخرس في
قراءته و
تلبيته أن يحرّك لسانه، ويعقد قلبه بمعناها، ويشير بإصبعه
وهو منسوب إلى المشهور؛
لخبر
السكوني عن
الإمام الصادق عليه السلام : «أنّ
عليّاً صلوات اللَّه عليه قال: تلبية الأخرس وتشهّده وقراءته
القرآن في الصلاة، تحريك لسانه و
إشارته بإصبعه».
اختلف الفقهاء في جواز
الوقوف على الأصابع في حال
القيام ، فذهب بعض إلى عدم
الجواز، وذهب آخرون إلى الجواز.
يستحبّ في حال القيام
إسدال المنكبين، و
إرسال اليدين ووضعهما على الفخذين،
اليمنى على
الأيمن ، و
اليسرى على
الأيسر ، مضمومتي الأصابع حتى الإبهام يحاذي الركبتين.
اختلف الفقهاء في مقدار
الانحناء للركوع، فذهب بعض إلى كفاية الانحناء بمقدار تصل
أطراف الأصابع إلى الركبتين، فلا يجب الزائد.
وذهب بعض آخر إلى
كفاية الانحناء بمقدار تصل يداه إلى ركبتيه بحيث لو أراد وضع شيء منهما عليهما لوضعه،
ونسب هذا
القول إلى المشهور،
بل ادّعي عدم الخلاف،
بل الإجماع عليه
وإن اختلفت
عباراتهم في
تعيين ذلك
المقدار .
يستحبّ تفريج الأصابع حين وضع اليدين على الركبتين في
الركوع ،
وادّعي الإجماع عليه.
يجب في
السجود وضع إبهامي الرجلين على
الأرض .
يستحبّ بسط الكفّين مضموتي الأصابع في السجود؛
لصحيح
حمّاد - الطويل-: ... ثمّ سجد، وبسط كفّيه مضمومتي الأصابع بين يدي ركبتيه حيال وجهه.
يجوز عدّ تسبيح
الزهراء عليها السلام بالأصابع، ولكنّ
الأفضل أن يكون
التسبيح بتربة قبر الحسين عليه السلام.
يجوز عدّ ركعات الصلاة بالأصابع، بشرط أن لا يتلفّظ، بل يعقده في
ضميره، وادّعي الإجماع عليه.
ولعلّ مستنده
الأصل ، مع عدم محوه لصورة الصلاة، وعدم صدق
الفعل الكثير عليه.
يكره
تشبيك الأصابع في الصلاة؛
لصحيح زرارة- الطويل- عن
أبي جعفر عليه السلام، قال: «إذا قمت في الصلاة...فلا تشبك أصابعك...».
اتّفق الفقهاء على وجوب ردّ
السلام للمصلّي، ولكن اختلفوا في وجوب
إسماع الردّ وعدمه، وصرّح بعضهم بوجوب
الإفهام، وذكروا أنّه يحصل
بالتسليم مع الإشارة بالإصبع.
يستحبّ
للعاطس ولمن سمع عطسة الغير- وإن كان في الصلاة- أن يقول:
الحمد للَّه، أو يقول: الحمد للَّه، وصلّى اللَّه على محمّد و
آله بعد أن يضع العاطس إصبعه على
أنفه؛ لخبر
مسمع قال: عطس أبو عبد اللَّه عليه السلام، فقال: «الحمد للَّه ربّ العالمين»، ثمّ جعل إصبعه على أنفه، فقال: «رغم أنفي للَّهرغماً داخراً».
ذهب مشهور الفقهاء إلى استحباب
الرمي خَذَفاً، بل ادّعي أنّه كاد أن يكون إجماعاً، ولم يحك
الخلاف فيه إلّاعن
السيّد المرتضى وابن إدريس حيث ذهب إلى الوجوب، وكيفيّته: هو أن يضع
الحصاة على إبهام يده اليمنى، ويدفعها بظفر
السبّابة .
لا يبطل الصوم
بإدخال الصائم إصبعه في أحد فرجي زوجته بدون
الإنزال؛ لعدم شمول عنوان
الجماع أو إنزال
المني عليه، حتى يتحقّق عنوان
المفطر .
ذهب الفقهاء إلى
إجزاء عتق عبد نقص بعض أصابعه، ما لم تنقص ماليّته، ولا تخلّ
باكتسابه للكفّارة، وادّعي عدم الخلاف عليه.
ولعلّ ذلك لصدق عنوان عتق
العبد المأخوذ في دليل
الكفّارة .
الثاني- في الأحكام غير العبادية :
صرّح الفقهاء بأنّ كلّ ما كان من أصل
الخلقة ، فزاد أو نقص، فهو
عيب ، فالزيادة كالإصبع الزائدة، و
النقصان كفوات
عضو .
و
المستند في ذلك عقلائي عرفي واضح؛ لصدق نقصان الخلقة بذلك.
يستحبّ الأكل بثلاث أصابع أو بمجموعها، ويكره بإصبعين؛
لرواية
أبي خديجة عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: أنّه كان يجلس جلسة العبد، ويضع يده على الأرض، ويأكل بثلاث أصابع، وأنّ
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يأكل هكذا، ليس كما يفعل
الجبّارون ، يأكل أحدهم بإصبعيه». وفي مرفوعة
عليّ بن محمّد، قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يستاك
عرضاً، ويأكل هرتاً، والهرت أن يأكل بأصابعه جميعاً.
يستحبّ لعق الأصابع بعد
الفراغ من
الطعام ؛
لرواية
حمّاد بن عثمان عنه عليه السلام أيضاً عن
أبيه، قال: «كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يلعق أصابعه إذا أكل».
ورواية أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أكل أحدكم طعاماً فمصّ أصابعه التي أكل بها، قال اللَّه عزّوجلّ: بارك اللَّه فيك».
صرّح الفقهاء بأنّ حدّ
السارق هو قطع الأصابع الأربع من
اليد اليمنى، ويترك له
الراحة والإبهام، ليتمكّن بهما من غسل وجهه، و
الاعتماد عليها في الصلاة،
وادّعي عدم الخلاف بل الإجماع بقسميه عليه.
والمستند فيه بعض الروايات،
كمعتبرة
إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: «تقطع يد السارق ويترك إبهامه وصدر راحته...».
لو كان للسارق إصبع زائدة خارجة ومتمّيزة عن الأربع تركت ولا يجوز قطعها؛
لعدم الموجب، وإن لم تتميّز يثبت
الخيار للحاكم.
وأمّا لو كانت الزائدة متّصلة بأحد الأربع، ولم يمكن قطع الأربع إلّابها، ففيه قولان:
الأوّل: أنّ الزائدة تقطع أيضاً؛ إذ لا يمكن
الإتيان بالواجب إلّابه، فيجب.
الثاني: أنّها لا تقطع، بل تقطع ثلاث أصابع؛ لأنّه لو توقّف تركها على
إبقاء إصبع اخرى وجب.
لا إشكال ولا خلاف في أنّ من قطع أصابع
إنسان وجب أن يقتصّ منه إن أراد ذلك المجني عليه، فتقطع الإصبع بالإصبع مع
تساويهما في المحلّ، وفي
الأصالة والزيادة.فيترتّب على ذلك أنّ كلّ عضو يؤخذ قوداً مع
وجوده تؤخذ الدية مع فقده، مثل أن يقطع إصبعين وله واحدة، فتقطع الواحدة، وتؤخذ منه دية الاخرى، أو يقطع كفّاً تامّاً وليس للقاطع أصابع، وهكذا.
لا خلاف بين الفقهاء في أنّه لا يحلّ
وطء الزوجة حتى تبلغ تسع سنين، فإن دخل بها قبل
إكمال تسع سنين فأفضاها حرمت عليه
أبداً . نعم، إن أفضاها بإصبعه لم تحرم، ولكن تثبت فيه الدية.
لا خلاف في أنّ في أصابع اليدين جميعاً الدية كاملة، وكذا في أصابع الرجلين،
بل
الإجماع بقسميه عليه، بل
المحكي منهما
مستفيض .
والمشهور بين الفقهاء أنّ في كلّ واحدة منهما عُشر الدية؛ لأصالة
التساوي أو عدم
التفاوت .
وذهب بعض إلى أنّ في الإبهام ثلث دية اليد الواحدة، وفي الأربع البواقي الثلثان بالسوية في كلّ منهما سدس،
وادّعي الإجماع عليه.
نعم، صرّح الفقهاء بأنّ في قطع الإصبع الزائدة في اليد أو الرجل ثلث دية الإصبع الصحيحة،
وادّعي عدم الخلاف فيه،
بل الإجماع عليه.
كما لا خلاف بين الفقهاء في أنّ في شلل الأصابع كلّ واحدة منها ثلثا ديتها صحيحة،
بل ادّعي الإجماع عليه.
ذهب الفقهاء إلى أنّ
المرأة تساوي الرجل في ديات الأعضاء والجوارح حتى تبلغ ثلث الدية أو أزيد، فإذا بلغتها رجعت إلى نصف دية الرجل، مثال ذلك: أنّ في إصبع الرجل إذا قطعت عشراً من
الإبل ، وكذلك في إصبع المرأة سواء، وفي إصبعين من أصابع الرجل عشرون من الإبل، وفي إصبعين من أصابع المرأة كذلك، وفي ثلاث أصابع
الرجل ثلاثون من الإبل، وكذلك في ثلاث أصابع من أصابع المرأة سواء، وفي أربع أصابع من يد الرجل أو رجله أربعون من الإبل، وفي أربع أصابع من أصابع المرأة عشرون من الإبل؛ لأنّها زادت على الثلث، فرجعت بعد الزيادة إلى
أصل دية المرأة- وهي نصف دية الرجل- ثمّ على هذا
الحساب كلّما زادت أصابعها على الثلث رجعت إلى النصف، فيكون في قطع خمس أصابع لها خمس وعشرون من الإبل، وفي خمس أصابع الرجل خمسون من الإبل،
وادّعي عدم الخلاف بل الإجماع بقسميه عليه.
نعم، هناك بحث بين الفقهاء فيما لو ساوت دية المرأة الثلث دون أن تزيد، فهل يلحق بما زاد على الثلث فترجع إلى
النصف أم بما نقص فتساوي دية الرجل؟ والمشهور بين
المتأخرين هو الأوّل.
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۲۹۹-۳۱۰.