الطلاق
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو إزالة قيد النكاح بغير عوض، بصيغة «طالق» وما في معناه حيث قلنا به مع الشرائط المعتبرة. والنظر في أركانه، وأقسامه، ولواحقه.
•
أركان الطلاق، وهي أربعة: الركن الأوّل،
شروط المطلق؛ الركن الثاني،
شروط المطلقة؛ الركن الثالث،
صيغة الطلاق؛ الركن الرابع،
الإشهاد على الطلاق.
•
شروط المطلق، يعتبر في المطلِّق
البلوغ والعقل
والاختيار والقصد، فلا اعتبار بطلاق الصبي
، وفيمن بلغ عشرا
رواية بالجواز فيها ضعف
، ولو طلق عنه الولى لم يقع
، إلا أن يبلغ فاسد
العقل؛ ولا يصلح
طلاق المجنون، ولا السكران
، ولا المكره
، ولا المغضب
، مع ارتفاع القصد
.
•
شروط المطلقة، يشترط في المطلّقة الزوجية
ونحوه أخبار أُخر
، والدوام
، والطهارة من
الحيض والنفاس، إذا كانت مدخولا بها، وزوجها حاضرا معها
، ولو كان غائبا صح؛ وفي قدر الغيبة اضطراب
، محصلة: انتقالها من
طهر إلى آخر؛ ولو خرج في طهر لم يقربها فيه صح طلاقها من غير تربص ولو اتفق في الحيض
؛ والمحبوس عن زوجته كالغائب
؛ ويشترط رابع، وهو أن يطلق في طهر لم يجامعها فيه
، وبه استفاض أخبارنا، بل وربما احتمل تواترها
؛ ويسقط اعتباره في الصغيرة
واليائسة والحامل؛ أما
المسترابة، فإن تأخرت الحيضة صبرت ثلاثة أشهر ولا يقع طلاقها قبله
؛ وفي اشتراط تعين المطلقة تردد
.
•
صيغة الطلاق، في الصيغة القاطعة لعلاقة الزوجية مطلقاً أو في الجملة ، وهي قسمان: صريحة وكناية. يقتصر على طالق تحصيلا لموضع الاتفاق
؛ ولا يقع بخلية ولا برية
ونحوه
الحسن وغيره
، وكذا لو قال: اعتدى
؛ ويقع لو قال هل طلقت فلانة فقال: نعم
؛ ويشترط تجريده عن الشرط والصفة
؛ ولو فسر الطلقة باثنين أو ثلاث صحت واحدة وبطل التفسير
ونحوه باقي المستفيضة
؛ وقيل: يبطل الطلاق
، ولو كان المطلق يعتقد الثلاثة لزم
.
•
الإشهاد على الطلاق، لابدّ في صحة الطلاق من شاهدين يسمعانه
، ولا يشترط استدعاؤهما إلى السماع
؛ ويعتبر فيهما
العدالة، وهو ظاهر
الآية، والنصوص المستفيضة
، وبعض الأصحاب يكتفى
بالإسلام وفيها ضعف، لوقوع التصريح باشتراط
الإيمان؛ ولو طلق ولم يشهد ثم أشهد، كان الأول لغوا
؛ ولا تقبل فيه
شهادة النساء
.
•
أقسام الطلاق، ينقسم إلى قسمين بدعة محرّمة وسنّة جائزة ولو بعنوان
الوجوب أو
الكراهة أو
الاستحباب أو
الإباحة.
•
طلاق البدعة، فالبدعة ثلاثة: أحدها: طلاق الحائض مع الدخول وحضور الزوج أو غيبته دون المدّة المشترطة؛ وثانيها: طلاقها في طهرٍ قد قربها فيه مع عدم الغيبة، أو مطلقاً مع ثبوت الوقوع فيه؛ الثلاث المرسلة مع
اعتقاد وقوعها.
•
طلاق السنة، وطلاق السنّة قسمان، الأوّل: طلاق السنّة بالمعنى الأعم، وهو المراد به هنا ما قابل
البدعة، وفيه أقسام ثلاثة:
بائن،
ورجعي،
وللعدّة؛ والثاني: ما هو أخصّ منه، وهو أن يطلّق على الشرائط ثم يتركها حتى تخرج من
العدّة الرجعية، لا
البائنة.
•
طلاق البائن، ما لا يصحّ معه
الرجعة بلا
عقد؛ إمّا لعدم العدّة بالمرّة وهو أقسام ثلاثة؛ وإمّا لعدم إمكان الرجوع في العدّة ابتداءً وإن أمكن في الجملة وهو اثنان.
•
الطلاق الرجعي، هو ما يصح معه الرجعة في
العدّة ولو لم يرجع ويكون فيما عدا الأقسام الستّة المتقدّمة في البائن.
•
طلاق العدة، طلاق العدّة أن يطلّق على الشرائط، ثم يراجعها قبل خروج الزوجة من عدّتها ويواقعها، ثم يطلّقها في غير طهر المواقعة، ثم يراجعها ويواقعها، ثم يطلّقها في
طهر آخر
.
•
الطلقات الثلاث، لا يهدم استيفاء العدّة وانقضاؤها، وعدم رجوع الزوج فيها في كلّ مرّة تحريم الثالثة حتى تنكح زوجاً غيره، وكذا لو استوفت العدة في إحدى الطلقات خاصّة
، والأصل فيه بعد
الإجماع عموم
الكتاب والسنّة
.
•
طلاق الحامل، يصح طلاق الحامل للسنة كما تصح للعدة على الاشبه، مرّة،
، وصاعداً
، وهو
الحجة فيه، كعموم الكتاب
والسنّة، وخصوص الموثقات الثلاث في المقامين
.
يصح أن يطلّق ثانية في الطهر الذي طلّق فيه وراجع فيه ولم يطأ وكذا في غير ذلك الطهر
.
•
طلاق الغائب، لو طلق غائبا ثم حضر ودخل بها ثم ادعى الطلاق لم تقبل دعواه
، ولا بينته، ولو أولدها لحق به
. إذا طلق الغائب وأراد
العقد على أختها، أو على خامسة تربص تسعة أشهر
، وبه صرّح بعض الأجلة
، احتياطا
، إلاّ أنّ
الأحوط الأوّل
.
وفيه مقاصد أربعة: الأول: طلاق المريض، الثاني: المحلل، الثالث: الرجعة، الرابع: العدة.
•
طلاق المريض، يكره
طلاق المريض
، ويقع لو طلق، ويرث زوجته في
العدة الرجعية، وترثه الزوجة ولو كان
الطلاق بائنا إلى سنة
، ما لم تتزوج
، أو يبرأ من مرضه ذلك؛ ثم إنّ
إطلاق النصوص كالعبارة يقتضي عموم الحكم مع الشرطين لصورتي الطلاق بقصد
الإضرار وعدمه
.
•
المحلل، ويعتبر فيه
البلوغ،
والوطئ في القبل
، بالعقد الصحيح
الدائم؛ وهل يهدم ما دون الثلاث؟ فيه روايتان أشهرهما: أنه يهدم
؛ ولو ادعت أنها تزوجت ودخل وطلقها فالمروى: القبول إذا كانت ثقة
.
•
الرجعة، الرجعة، ردّ المرأة إلى
النكاح السابق من غير
طلاق بائن في العدّة
.والأصل في شرعيتها
الكتاب،
والسنّة ، وإجماع العلماء، حكاه جماعة من أصحابنا
. وتصح نطقا، كقوله: راجعت
، وفعلا،
كالوطء، والقبلة، واللمس بالشهوة
؛ ولو أنكر
الطلاق كان رجعة
ونحوه الرضوي
؛ ولا يجب في الرجعة
الإشهاد، بل يستحب
؛ ورجعة
الأخرس بالإشارة، وفي رواية بأخذ القناع
؛ ولو ادعت انقضاء
العدة في الزمان الممكن قبل
.
•
العدة، العدّة، وعرفت بأنّها اسم لمدّة معلومة يتربّص فيه المرأة لمعرفة براءة رحمها، أو للتعبّد، أو للتفجّع على الزوج، وشرّعت صيانةً
للأنساب، وتحصيناً لها عن الاختلاف.
لا عدة على من لم يدخل بها
عدا المتوفى عنها زوجها؛ ونعنى بالدخول
الوطء قبلا أو دبرا
، ولا تجب بالخلوة. في المستقيمة الحيض: وهي تعتد بثلاثة أطهار
، على الأشهر
إذا كانت حرة؛ وإن كانت تحت عبد؛ وتحتسب بالطهر الذي طلقها فيه؛ ولو حاضت بعد
الطلاق بلحظة، وتبين برؤية
الدم الثالث
؛ وأقل ما تنقضى به عدتها ستة وعشرون يوما ولحظتان، وليست الأخيرة من العدة بل دلالة الخروج. في
المسترابة: وهي لا تحيض، وفي سنها من تحيض، وعدتها ثلاثة أشهر
؛ وهذه تراعى الشهور والحيض وتعتد بأسبقهما
؛ أما لو رأت في الثالث حيضة وتأخرت الثانية أو الثالثة، صبرت تسعة أشهر لاحتمال
الحمل ثم اعتدت بثلاثة أشهر
؛ وفي
رواية عمار تصبر سنة ثم تعتد بثلاثة أشهر
؛ ولا عدة على الصغيرة؛ ولا عدة على اليائسة على الاشهر
؛ وفي
حد اليأس روايتان، أشهرهما: خمسون سنة
؛ ولو رأت المطلقة الحيض مرة ثم بلغت اليأس أكملت العدة بشهرين
؛ ولو كانت لا تحيض إلا في خمسة أشهر أو ستة اعتدت بالاشهر. في الحامل: عدتها في الطلاق بالوضع ولو بعد الطلاق بالحظة
، ولو لم يكن تاما مع تحققه حملا
؛ ولو طلقها فادعت
الحمل تربص بها أقصى الحمل
؛ ولو وضعت توأما بانت به
على تردد
، ولا تنكح حتى تضع الآخر
؛ ولو طلقها رجعيا ثم مات استأنفت عدة الوفاة
؛ ولوكان بائنا اقتصرت على إتمام
عدة الطلاق. في
عدة الوفاة: تعتد الحرة بأربعة أشهر وعشرة أيام إذا كانت حايلا
، صغيرة كانت أو كبيرة دخل بها أو لم يدخل
؛ وبأبعد الأجلين إن كانت حاملا
؛ ويلزمها
الحداد، وهو ترك
الزينة، دون المطلقة
»
؛ ولا حداد على أمة
. في المفقود: لا
خيار لزوجة المفقود إن عرف خبره أو كان له ولى ينفق عليها؛ ثم إن فقد الأمران ورفعت أمرها إلى الحاكم أجلها أربع سنين
ونحو الصحيح
، وما يقرب منه
؛ فإن وجده وإلا أمرها بعدة
الوفاة ثم أباحها
النكاح؛ فإن جاء في العدة فهو أملك بها؛ وإن خرجت وتزوجت فلا سبيل له
؛ وإن خرجت ولم تتزوج فقولان، أظهرهما: أنه لا سبيل له عليها
. في عدد الإماء والاستبراء: عدة الأمة في الطلاق مع الدخول قرءان
، وهما طهران على الأشهر؛ ولو كانت
مسترابة فخمسة وأربعون يوما
، تحت عبد كانت أو تحت حر؛ وأمّا لو كانت حاملاً فعدّتها كالحرّة بوضع
الحمل، وفاقاً لجماعة
، بل حكي عليه
الإجماع؛ لعموم الآية «وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ»
؛ ولو اعتقت ثم طلقت لزمها عدة الحرة، وكذا لو طلقها رجعيا ثم اعتقت في العدة، أكملت عدة الحرة؛ ولو طلقها بائنا أتمت عدة الأمة
. ولو لم تكن أم ولد استأنفت
عدة الأمة للوفاة؛ ولو مات زوج الأمة ثم اعتقت أتمت عدة الحرة، تغليبا لجانب الحرية
؛ ولو وطئ المولى أمته ثم أعتقها اعتدت بثلاثة أقراء
؛ ولو كانت زوجة الحر أمة فابتاعها بطل نكاحه
، وله وطؤها من غير
استبراء.
لا يجوز لمن طلق رجعيا أن يخرج الزوجة من بيته إلا أن تأتي بفاحشة
، وهو ما يجب به
الحد؛ وقيل أدناه أن تؤذى أهله
؛ ولا تخرج هي
، فإن اضطرت خرجت
بعد انتصاف الليل وعادت قبل الفجر
؛ ولا يلزم ذلك في
البائن ولا المتوفى عنها زوجها
، بل تبيت كل واحد منهما حيث شاءت
؛ وتعتد المطلقة من حين الطلاق حاضرا كان المطلق أو غائبا
، إذا عرفت الوقت
، وإطلاقه كالصحيحين الآخرين
؛ وفي الوفاة من حين يبلغها الخبر
.
•
الخلع، وهو طلاق بعوض لازم لجهة الزوج، ويشترط فيه ما يشترط في
الطلاق، وزيادة شرط فيه هو: رضاها بالبذل، وكراهتها له. وصيغة الخلع أن يقول: خلعتك أو فلانة مختلعة على كذا
؛ وهل يقع بمجرده؟ قال
علم الهدى: نعم
؛ وقال
الشيخ الطوسي: لا حتى تتبع بالطلاق
؛ ولو تجرد كان طلاقا عند المرتضى
وفسخا عند الشيخ لو قال بوقوعه مجردا
؛ وما صح أن يكون مهرا، صح
فدية في الخلع، للآية
والنصوص
، إطلاقاً وعموماً، ولا تقدير فيه، بل يجوز أن يأخذ منها زائدا عما وصل إليها منه؛ ولابد من تعيين الفدية وصفا أو
إشارة.
•
شرائط الخلع: وأما الشرائط: فيعتبر في الخالع
البلوغ، وكمال
العقل،
والاختيار،
والقصد؛ وفي المختلعة مع الدخول،
الطهر الذي لم يجامعها فيه، إذا كان زوجها حاضرا، وكان مثلها تحيض
، وأن يكون الكراهية منها خاصة صريحا
. وبمضمونها أفتى الشيخ
وغيره
؛ ولا يجب لو قالت: لادخلن عليك من تكره بل يستحب؛ ويصح خلع الحامل مع
الدم لو قيل إنها تحيض؛ ويعتبر في
العقد حضور الشاهدين عدلين وتجريده عن الشرط؛ ولا بأس بشرط يقتضيه العقد، كما لو شرط الرجوع إن رجعت.
•
المباراة، وهو طلاق بعوض لازم لجهة الزوج، ويشترط فيه ما يشترط في
الطلاق، وزيادة شرط فيه هو: رضاها بالبذل، وكراهة كل منهما لصاحبه، وعدم زيادة
العوض على
المهر، ولا خلاف في شيء من ذلك. وهو أن يقول: بارأتك على كذا؛ وهي تترتب على كراهية الزوجين كل منهما صاحبه؛ ويشترط اتباعها بالطلاق على قول الاكثر؛ والشرائط المعتبرة في الخالع والمختلعة مشترطة هنا؛ ولا رجوع للزوج إلا أن ترجع هي في
البذل؛ وإذا خرجت من
العدة فلا رجوع لها؛ ويجوز أن تفاديها بقدر ما وصل اليها منه فما دون، ولا يحل له ما زاد عنه.
•
الظهار،والمراد به هنا تشبيه المكلّف من يملك نكاحها بظهر محرّمة عليه أبداً
بنسب أو
رضاع، أو
مصاهرة أيضاً
، ووافقه جماعة
، وهو محرّم، وإن تترتّب عليه الأحكام؛ وينعقد بقوله: أنت علي كظهر أمي، وإن اختلفت حرف الصلة؛ وكذا يقع لو شبهها بظهر ذوي رحم نسبا، ورضاعا؛ ولو قال كشعر أمي أو يدها لم يقع، وقيل: يقع برواية فيها ضعف.
•
شروط الظهار، ويشترط فيه ما يشترط في
الطلاق؛ ويشترط أن يسمع نطقه شاهدا عدل
؛ وفي صحته مع الشرط روايتان، أشهرهما: الصحة
ونحوه صحيحان آخران
، معتضدان كالأوّل بإطلاق الآية
والنصوص؛ ولا يقع في
يمين، ولا
إضرار، ولا
غضب ولا
سكر؛ ويعتبر في المظاهر
البلوغ، وكمال
العقل،
والاختيار،
والقصد؛ وفي المظاهرة طهر لم يجامعها فيه، إذا كان زوجها حاضرا ومثلها تحيض
؛ وفي اشتراط الدخول تردد، المروى: الاشتراط
؛ وفي وقوعه بالتمتع بها قولان، أشبههما: الوقوع، وكذا الموطوءة بالملك، والمروى: أنها كالحرة
.
•
الإيلاء، وهو يطلق على حلف خاص،
وهو الحلف على ترك وطء الزوجة بقيود مخصوصة. قال
الشيخ الطوسي : «وقد انتقل في
الشرع إلى ما هو أخصّ منه، وهو إذا حلف أن لا يطأ امرأته»،
وزاد بعضهم قيوداً اخرى في التعريف كالدخول بها، وقصد
الإضرار بها، وغير ذلك،
ممّا قد ترجع إلى قيود الحكم وشروطه التي يأتي تفصيلها.وكيف كان، فالأصل فيه قوله تعالى:«لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ».
وقد كان
طلاقاً في الجاهليّة فغيّر الشرع حكمه، وجعل له أحكاماً خاصة مع توفّر شرائطه
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۲، ص۱۹۵-۴۱۴.