الأمة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الأمة (توضيح) .
الأمة
المرأة المملوكة وذات
العيودية وهي خلاف
الحرّة .
الأمة في
اللغة :
المرأة المملوكة ، وهي خلاف
الحرّة ،
والجمع (
إماء ) و (
آم ) ويجمع أيضاً على (
إموان ) كإخوان.
ولا يخرج معناه
الاصطلاحي عن
المعنى اللغوي.
تترتّب على الأمة أحكام كثيرة بعضها
مشتركة بينها وبين
العبد ، نحيل البحث فيها إلى مواطنها المناسبة مثل: (
إباق ،
تدبير ،
رقّ ،
عتق ،
مكاتبة )، وبعضها
مختصّ بها، نشير إليه-
إجمالًا - فيما يلي:
تختصّ الأمة ببعض الأحكام
المرتبطة بسترها و
عفافها ، وأهمّها ما يلي:
ذهب بعض
الفقهاء إلى أنّه لا يجب على
الأمة المحضة ستر رأسها في
الصلاة ؛ لعدم
اشتراط صحّة صلاتها بستر
الرأس ،
وقد ادّعي عليه
الإجماع .
ويدلّ عليه ما رواه
محمَّد بن مسلم عن
أبي جعفر عليه السلام - في حديث- قال: قلت: الأمة تغطّي رأسها إذا صلّت؟ فقال: «ليس على الأمة
قناع ».
و
المشهور اندراج العنق في الرأس حكماً؛ لأنّه
المستفاد من نفي وجوب
التقنّع عليهنّ، ولعسر ستره من دون الرأس.
نعم، يجب عليها ستر ما عدا الرأس و
الوجه والكفّين والقدمين كالحرة؛ عملًا بالدليل و
اقتصاراً على موضع
الرخصة .
قال في
التذكرة : «
عورة الأمة كالحرّة إلّا في الرأس عند علمائنا
أجمع ».
وذكر بعض الفقهاء
استحباب القناع للأمة؛ لأنّه أنسب بالخفر(
الخفر - بالتحريك-: شدّة
الحياء . )
والحياء، وهما مرادان من الأمة كالحرّة.
وذهب
السيّد العاملي إلى أنّ
الأظهر عدم الاستحباب؛
لعدم ثبوت ما يقتضيه، ولما رواه
حمّاد الّلحام ، قال: سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن المملوكة تقنّع رأسها في الصلاة، قال: «لا، قد كان أبي إذا رأى
الخادم تصلّي وهي مقنّعة ضربها؛ لتعرف الحرّة من المملوكة».
هذا كلّه في الأمة المحضة، أمّا لو انعتق بعضها وجب عليها
الستر ؛ تغليباً للحرّية.
وعليه فإن اعتقت الأمة في أثناء الصلاة وجب عليها ستر رأسها،
وإن خشيت فوت الصلاة واحتاجت إلى
الفعل الكثير استمرّت.
لم يتعرّض الفقهاء للمسألة صريحاً إلّا
المحقّق النجفي و
السيّد الخوئي، حيث ذهبا إلى أنّه لا يجب على الأمة الستر عمّا هو متعارف من
سيرة المتدينين - أي الوجه والكفّين ولو قلنا بالحرمة في هذه المواضع للحرّة- حتى مع عدم
رضا المالك؛ إذ هو
حكم شرعي لا مالكي، فإنّهنّ في عهد
الأئمّة كنّ يخدمن في المجالس، ومن الواضح أنّ لازم ذلك وقوع نظر الرجال عليهنّ من دون أن يصدر في ذلك أيّ ردع منهم.
للنظر إلى الأمة صور وحالات، أهمّها:
۱- أن يكون
الناظر ممّن يريد شراءها، وقد حكموا بأنّه يجوز لمن أراد أن يشتري أمة أن ينظر إلى وجهها ومحاسنها وأن يمسّها بيده ويقلّبها- إلّاالعورة، فلا يجوز له
النظر إليها- من دون
إذن المولى صريحاً؛
لأنّ عرضها للبيع قرينة الإذن في ذلك، وللحاجة الداعية إلى ذلك، فوجب أن يكون مشروعاً لينتفي
الغرر .
ولما رواه
أبو بصير ، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل يعترض الأمة ليشتريها، قال: «لا بأس بأن ينظر إلى محاسنها ويمسّها ما لم ينظر إلى ما لا ينبغي النظر إليه».
ولقوله عليه السلام أيضاً في رواية
عمران الجعفري : «لا احبّ للرجل أن يقلّب إلّا جارية يريد شراءها».
ولا فرق في جواز النظر إلى الأمة لمن يريد شراءها بين المزوّجة وغيرها؛ لمقتضى
إطلاق النص.
وهذا الحكم مختص بالمشتري، فلا يجوز للأمة النظر إليه زيادة على ما يجوز للأجنبي.
۲- أن لا يكون الناظر قاصداً
شراء الأمة، وقد ذكر الفقهاء أنّه لا يجوز النظر إلى أمة الغير لمن لا يريد شراءها إلّاإلى وجهها وكفّيها وشعرها إذا لم يكن النظر
لريبة أو
تلذّذ مع
أمن الفتنة ؛ لأنّ
الرقيقة يحتاج إلى التردّد في المهمّات، فإن لم يكن كذلك بل خاف الفتنة حرم النظر مطلقاً؛ للعمومات والمطلقات الواردة في أحكام الستر والنظر مثل قوله سبحانه وتعالى: «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ»،
وغيره ممّا يشمل بعمومه الحرّة والأمة.
۳- أن يكون الناظر هو مالكها، وقد ذكروا أنّه يجوز للمالك النظر إلى عورة مملوكته إلّاإذا كانت مزوّجة أو محلّلة أو في العدّة، فيحرم، وكذا إذا كانت مشتركة بين مالكين لا يجوز لواحد منهما النظر إلى عورتها، وبالعكس؛ لأنّ جواز النظر إلى العورة دائر مدار جواز الوطء، ولإطلاق النصوص.
الأمة (المعاملة عليها)، تتعدّد المعاملات الواقعة على الإماء المملوكة، ولها أحكامها الخاصة وأهمّها:
۱-
بيعها ، ۲-
رهنها .
وهو أن يطأ
الرجل أمة فتأتي منه بولد، ويترتّب عليه كون
الولد حرّاً؛ لأنّها علقت به في ملكه، وهي امّ ولد ما دامت حاملًا، فلا يجوز بيعها عندنا، وإن ولدت فما دام ولدها باقياً لا يجوز بيعها إلّافي ثمنها إذا كان ديناً على مولاها ولم يكن له غيرها، وإذا مات الولد جاز بيعها وهبتها و
التصرّف فيها بسائر أنواع التصرّف.
وإذا مات
السيّد تجعل من
نصيب ولدها وتنعتق عليه، فإن لم يكن هناك غيرها انعتق نصيب ولدها واستسعيت في
الباقي ، وإن كان لولدها مال أدّى بقية ثمنها منه، فإن لم يكن ولدها باقياً جاز للورثة بيعها، وفيها خلاف بين الفقهاء.
وللمسألة صور وتفاصيل تراجع في محلّها.
لا بأس
باسترضاع الإماء إذا توفّرت فيهنّ شروط من يجوز استرضاعه من غيرهنّ، كما صرّح به جملة من الفقهاء.
وقد روي أنّه إذا كانت له أمة قد ولدت من
الزنا واحتاج إلى لبنها، فليجعلها في حلّ من فعلها؛ ليطيب بذلك لبنها،
ويترتّب على
إرضاعهنّ من الأحكام ما يترتّب على إرضاع غيرهنّ من المرضعات من المحرمية و
انفساخ عقد
النكاح إن كانت
المرضعة زوجة صغيرة، فإن كان له زوجة صغيرة وأمة بها لبن من غيره، فأرضعت أمته زوجته، فإن كان قد دخل بالأمة انفسخ نكاح الصغيرة؛ لأنّها
بنت من قد دخل بها، وحرمت على
التأبيد لهذا المعنى، وحرمت أمته؛ لأنّها من امّهات نسائه، وإن لم يكن دخل بالأمة لم ينفسخ نكاحها؛ لأنّها بنت أمته التي لم يدخل بها، وحرمت أمته على التأبيد؛ لأنّها من امّهات نسائه.
وتفاصيل ذلك تراجع في محلّها.
القسم هو
قسمة الليالي بين الزوجات المعقودات، فليس للموطوءة بالملك القسمة، وحكمها في القسمة حكم المعدومات، واحدة كانت أو أكثر، فللمالك مع تعدّدهنّ
تخصيص من شاء منهنّ بالمبيت إذا لم تكن له زوجة أو كانت وفضل من
الدور شيء فصرفه إلى الأمة.
وأمّا الأمة المزوّجة إذا كانت مع الحرّة أو الحرائر حيث يجوز الجمع بينهما في
التزويج - بأن يكون الزوج عبداً، أو قد تزوّج الأمة أوّلًا لفقد شرط الحرّة ثمّ توفّر فتزوّج الحرّة- فالمشهور
أنّ للأمة نصف حقّ الحرّة. ولمّا كانت القسمة لا تصحّ من دون ليلة كاملة جعل للحرّة ليلتان وللأمة ليلة،
وادّعي عليه
الإجماع .
وتدلّ عليه صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل يتزوّج المملوكة على الحرّة، قال «: لا، فإذا كانت تحته
امرأة مملوكة فتزوّج عليها حرّة قسّم للحرّة مثلي ما يقسّم للمملوكة».
وفي معناها غيرها،
وذهب
الشيخ المفيد إلى أنّ الأمة لا قسمة لها مطلقاً كما قد يفهم من ظاهر عبارته، حيث قال: «فأمّا الإماء و
ملك اليمين منهنّ فله أن يقسّم عليهنّ كيف شاء ويقيم عند كلّ واحدة منهنّ ما شاء، وليس للُاخرى عليه
اعتراض في ذلك بحال».
وفي
إلحاق المبعّضة بالحرّة أو الأمة أو
التقسيط وجوه، من
أصالة التسوية بين الزوجات إلّامن علم خروجها، وهو هنا غير معلوم،
مضافاً إلى
تغليب الحرّية، ومن أنّ الحرّية سبب التسوية وتحقّقها مع
التبعيض غير معلوم، بل الظاهر العدم؛ لظهور عدم
المساواة ، ومن الجمع بين مقتضى النصيبين، ومن التردّد في الدخول في الحرّة أو الأمة أو في كلّ
باعتبار .
والتفصيل موكول إلى محلّه.
ذكر الفقهاء من جملة أركان
الطلاق أن تكون المطلّقة زوجة بلا
تقييد بالحرّية، فيصحّ طلاق الأمة المزوّجة، وأمّا الموطوءة بالملك فلا يصحّ طلاقها، فلو طلّقها لم يكن له حكم، وبقيت محلّلة
بأصل الملك؛
وذلك لكون حلّ النكاح أمراً مستفاداً من الشرع متلقّى في موضع الإذن، فكان زواله أيضاً موقوفاً على حكم
الشارع به، فما لم يعلم حكمه بالزوال فالحكم بالحلّ مستصحب. وقد ثبت بالنصّ
والإجماع أنّ طلاق
الزوجة الدائمة موجب لرفع نكاحها، فإلحاق غيرها بها- من الأمة- غير صحيح، فإذا أوقعه على
الموطوءة بالملك لم يفد حكماً، وبقيت محلّلة.
وذكر بعضهم أنّه لا يصحّ طلاق الأمة المحللة؛ لأنّ
التحليل نوع
إباحة ، فمتى شاء تركها بغير طلاق، فلا
حاجة إليه.
وكذا يجوز خلعها إذا كانت معقودة؛
لأنّ
الخلع نوع من الطلاق الذي من شروطه أن تكون المطلقة مزوّجة. وتفصيل البحث في محلّه.
اتّفق الفقهاء على وقوع
الظهار بالأمة المزوّجة المدخولة بها من قبل زوجها مثل ما يقع بالحرّة؛ لأنّها زوجة، فيترتّب عليه أحكام الظهار كوجوب دفع
الكفّارة عند
إرادة الوطء.
لكن اختلفوا في وقوعه على الأمة الموطوءة بالملك وعدمه على قولين:
أنّه يقع ويترتّب
الأثر عليه كما يقع بالأمة المزوّجة،
وهو المشهور بين المتأخّرين،
بل قال
الشيخ الطوسي : «روى أصحابنا أنّ الظهار يقع بالأمة و
امّ الولد والمدبّرة».
واستدلّ له بعدّة روايات:
منها: صحيح
ابن مسلم عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن الظهار من الحرّة والأمة، قال: «نعم».
ومنها: خبر
ابن أبي يعفور ، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن رجل ظاهر من جاريته، قال: «هي مثل ظهار الحرّة».
ومنها: صحيح
ابن أبي نصر عن
الإمام الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل يظاهر من أمته، فقال: «كان
جعفر عليه السلام يقول: يقع على الحرّة والأمة الظهار».
أنّه لا يقع الظهار على الأمة الموطوءة بالملك؛ لأنّ الظهار لا يقع إلّا على موقع الطلاق،
ولخبر
حمزة ابن حمران ، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن رجل جعل جاريته عليه كظهر امّه، قال: «يأتيها وليس عليه شيء».
وقد يرد عليه: أنّ
الرواية قاصرة عن
معارضة ما تقدّم من الروايات بضعف
السند ، والموافقة للجمهور، وباحتماله
الإخلال بالشرائط،
كما عن الشيخ الطوسي، قال: «لأنّ حمزة بن حمران روى عنه هذه الروايات في كتاب
البزوفري أنّه يقول ذلك لجارية يريد بها
رضاء زوجته، وهذا يدلّ على أنّه لم يقصد الظهار الحقيقي».
والظاهر إلحاق الأمة المحلّلة بالمملوكة في وقوع الظهار عليها مع الدخول بها؛
لإطلاق الأدلّة.
يقع
الإيلاء بالأمة المعقودة إذا كان قد دخل بها؛
لعموم أدلّة الإيلاء، مثل قوله سبحانه وتعالى: «لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ
تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاءُوفَإِنَّ اللَّهَ
غَفُورٌ رَحيمٌ • وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ ».
ورواية
الحلبي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام- في
حديث - قال: «أيّما رجل آلى من امرأته- والإيلاء أن يقول: و
اللَّه ، لا اجامعك كذا وكذا، واللَّه، لأغيظنّك ثمّ يغاضبها- فإنّه يتربّص به أربعة أشهر، ثمّ يؤخذ بعد الأربعة أشهر فيوقف، فإذا فاء- وهو أن يصالح
أهله - فإنّ اللَّه غفور رحيم، وإن لم يفئ اجبر على الطلاق، ولا يقع بينهما طلاق حتى يوقف وإن كان أيضاً بعد الأربعة الأشهر، ثمّ يجبر على أن يفيء أو يطلّق».
وأمّا الأمة المنكوحة بالملك فلا يصحّ إيلاؤها؛ لعدم
اندراج المملوكة في «مِن نِسَائِهم» وفي الزوجة.
وتفصيل البحث موكول إلى محلّه.
تارةً تكون العدّة من الطلاق واخرى للوفاة، فهنا حالتان:
عدّة الأمة في الطلاق مع
الدخول و
البلوغ وعدم
اليأس ، نصف عدّة الحرّة، وهو هنا قرءان؛ جرياً على
الأصول المقرّرة من أنّ كلّ عدد يؤثّر الرقّ فيه بالنقصان يكون
الرقيق على النصف ممّا عليه الحرّ، كالحدود وعدد المنكوحات والقسم، إلّاأنّ القرء لا يتبعّض فكمّل كالطلاق.
ووجه عدم تبعّضه أنّ القرء مفسّر إمّا
بالانتقال أو بالطهر بين الدمين، والانتقال ليس شيئاً يتبعّض، والطهر بين الدمين إنّما يظهر نصفه إذا ظهر كلّه بعود الدم، فلابدّ من
الانتظار إلى أن يعود الدم، وهذا بخلاف
الاعتداد بالأشهر، فإنّها تقبل
التنصيف ، فتعتدّ بنصف عدّة الحرّة، وهو شهر ونصف.
والحكم بأنّ عدّتها قرءان هو
المشهور بين الفقهاء،
بل ادّعي عليه الإجماع.
وقد استدلّ
له أيضاً بما روي عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «يطلّق العبد طلقتين وتعتدّ الأمة بقرئين».
وروى
زرارة في الحسن عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن حرّ تحته أمة أو عبد تحته حرّة، كم طلاقها؟ وكم عدّتها؟
قال: «السنّة في
النساء في الطلاق، فإن كانت حرّة فطلاقها ثلاثاً وعدّتها ثلاثة أقراء، وإن كان حرّ تحته أمة فطلاقها تطليقتان وعدّتها قرءان».
وقال
الإسكافي و
العماني وبعض متأخّري المتأخّرين
: إنّ عدّتها حيضتان.
وأمّا إن كانت ممّن لا تحيض وهي في سنّ من تحيض اعتدّت بشهر ونصف، سواء كانت تحت حرّ أو عبد،
كما في مضمر سماعة، قال: سألته عن الأمة...قال: «عدّة الأمة التي لا تحيض خمسة وأربعون يوماً».
وفي خبر أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: «... عدّة الأمة المطلّقة شهر ونصف»،
إلى غير ذلك من النصوص الدالّة على ذلك.
ولو اعتقت الأمة ثمّ طلّقت فعدّتها عدّة الحرّة؛ ضرورة كونها حرّة مطلّقة، فتندرج في أدلّتها، بل وكذا لا
إشكال في عدم عود عدّتها لو فرض وقوع العتق بعد
انقضائها ؛ ضرورة كونها طلّقت أمة واعتدّت كذلك فتشملها جميع الأدلّة.
نعم، لو طلّقت
طلاقاً رجعياً ثمّ اعتقت في العدّة أكملت عدّة الحرّة، ولو كانت بائناً أتمّت عدّة الأمة؛
ضرورة عدم خروجها بذلك عن صدق كونها أمة قد طلّقت، فيجب لها عدّتها ولو للاستصحاب.
والمبعّضة كالحرّة؛ تغليباً لجانب الحرّية.
ولو وطئت أمة بنكاح فاسد أو بشبهة اعتدّت بقرأين كما في الطلاق عن نكاح صحيح.
وأقلّ ما تنقضي به عدّة الأمة ذات الأقراء ثلاثة عشر يوماً ولحظتان، بأن يأتيها الدم بعد طلاقها بلحظة، ثمّ تحيض ثلاثاً، ثمّ تطهر عشراً، ثمّ ترى الدم الثاني لحظة، وهذه
اللحظة دالّة على انقضاء العدّة بتمام الطهر، فالعدّة حقيقة ثلاثة عشر يوماً ولحظة.
ولو كانت الأمة حاملًا اعتدّت من الطلاق وما في معناه بوضعه كالحرّة؛
لعموم قوله سبحانه وتعالى: «وَأُولَاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ».
اختلف الفقهاء في مقدار عدّة الأمة إذا كانت مزوّجة فمات زوجها، بأن زوّجها المولى رجلًا فمات عنها. فذهب
الأكثر إلى أنّ عدّة الأمة من
الوفاة لزوجها على النصف من عدّة الحرّة، وهي شهران وخمسة أيّام،
بل هو المشهور؛
لقاعدة التنصيف، وقول الإمام الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: «عدّة الأمة التي يتوفّى عنها زوجها شهران وخمسة أيّام...».
ولما رواه محمّد بن مسلم عنه عليه السلام أيضاً قال: «الأمة إذا توفّي عنها زوجها فعدّتها شهران وخمسة أيّام».
وغير ذلك من الأخبار الكثيرة.
وقال جماعة
: عدّتها كالحرّة، أي أربعة أشهر وعشرة أيّام؛ لعموم قوله سبحانه وتعالى: «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ».
وخصوص صحيحة زرارة عن
الإمام الباقر عليه السلام قال: «إنّ الأمة والحرّة كلتيهما إذا مات عنها زوجها سواء في العدّة، إلّاأنّ الحرّة تحدّ والأمة لا تحدّ».
وصحيحة
وهب بن عبد ربّه عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن رجل كانت له امّ ولد فزوّجها من رجل فأولدها غلاماً، ثمّ إنّ الرجل مات فرجعت إلى سيّدها، أله أن يطأها؟ قال: «تعتدّ من الزوج أربعة أشهر وعشرة أيّام، ثمّ يطؤها بالملك بغير نكاح».
وقال عدّة بالتفصيل بين امّ الولد وغيرها، فإن كانت امّ ولد فعدّتها تساوي عدّة الحرّة أربعة أشهر وعشرة أيّام.
وإن كانت مملوكة ليست بامّ ولد فعدّتها نصف الحرّة شهران وخمسة أيّام؛
لأنّ لها
تشبّثاً بالحرّية.
ولو كانت حاملًا اعتدت بأبعد
الأجلين من الوضع أو المدّة
من دون خلاف، بل ادّعي الإجماع عليه.
هذا إذا كانت امّ ولد له قد زوّجها مولاها لغيره فمات الزوج، وأمّا إذا كان الميّت المولى، فإن كانت مزوّجة لم تعتدّ من موت المولى إجماعاً، وإن لم تكن مزوّجة ففي اعتدادها من موت المولى عدّة الحرّة، أم لا عدّة عليها بل يكفي
استبراؤها لمن انتقلت إليه إذا أراد وطأها، قولان: ذهب إلى الأوّل منهما جماعة.
واستدلّ
له بموثّقة إسحاق بن عمّار، قال: سألت
أبا إبراهيم عليه السلام عن الأمة يموت سيّدها، قال: «تعتدّ عدّة المتوفّى عنها زوجها...».
وقال
ابن إدريس : لا عدّة عليها من موت مولاها؛ لأنّها ليست زوجة، وحكم العدّة مختصّ بالزوجة، و
الأصل براءة الذمّة من
التكليف بذلك.
وللمسألة فروع وتفصيلات اخر موكولة إلى محلّها.
الأمة (وطئها والاستمتاع بها)، يجوز للسيّد من حيث
المبدأ وطء أمته؛ للآيات والروايات، لكن مع ذلك لوطء الأمة أحكام متعدّدة.
للأمة الموقوفة بعض الأحكام نشير إليها إجمالًا فيما يلي:
لا إشكال في جواز
تزويج الأمة الموقوفة، كما هو صريح بعض الفقهاء؛ لأنّه عقد على بعض منافعها
كالإجارة . واقتضاء ذلك
التعريض لها للحبل المعطّل لها، والذي يتحقّق معه التلف بالطلق، لا يمنع جواز
الانتفاع بها المملوك لهم بعقد الوقف، ومن ذلك يعلم قوّة جواز وطئ
الواقف لها إن لم يكن إجماعاً.
والمتولّي لتزويجها هو الحاكم في
الوقف العام وعلى الجهات، والموقوف عليه في الوقف الخاص بناء على أنّه المالك، بل مطلقاً؛ لأنّ المنافع له، وعلى القول ببقائها على ملك الواقف، فيحتمل كونه هو المتولّي، ويحتمل الموقوف عليه والحاكم.
وقال الشيخ الطوسي: إنّها تزوّج نفسها.
لا إشكال في أنّ
مهر الأمة الموقوفة للموجودين من أرباب الوقف؛ لأنّه فائدة من فوائدها-
كاجرة الدار- وعوض عن منفعتها المختصّة بهم، فيكون عوضها كذلك، فلا مدخلية لمالك العين حينئذٍ.
وكذا ولدها من نمائها إذا كان من مملوك أو من زنا؛ إذ هو كثمرة
البستان ، وحينئذ يختص به
البطن الذي تولّد معهم وإن كانوا غير من حصل العقد في زمانهم، بل الظاهر
اختصاص من كان علوقه في زمانهم وإن لم يولد.
خلافاً للمحكي عن الإسكافي والشيخ الطوسي من
تبعية الولد للُامّ في الوقف كالمدبّرة و
المرهونة ؛ إذ هو بعد
تسليم الحكم في المقيس عليه لا يصحّ عندنا، بناءً على حرمة
القياس كما هو واضح.
لا يجوز للموقوف عليه وطء الأمة الموقوفة وإن انحصر في واحد، وينتقل
الملك إليه؛ لأنّه لا يختصّ بملكها، وإن كان مالكاً، بل للبطون اللاحقة حقّ أيضاً، ووطؤه وإن كان له انتفاعاً في زمن ملكه إلّا أنّه يغاير غيره من وجوه الانتفاعات من حيث إنّه معرّض للحمل الموجب لصيرورتها امّ ولد المانعة من دوام وقفها على البطون؛
لانعتاقها بموته.
وعليه فلو أولدها كان الولد حراً؛ لأنّ وطأه غير معدود من
زنا ؛ لأنّه مالك في الجملة ولا تجب قيمته عليه لمن بعده من البطون؛ لأنّه
المستحقّ له الآن؛ إذ الولد بمنزلة كسبها وثمرة البستان، وحينئذ فلا يجب له على نفسه غرم، وكذا لا مهر عليه للبطون الآتية.
لكن استشكل فيه بأنّه لا دليل على كونه بمنزلة الملك
المشترك ، بل ربما لا يكون هناك للّاحق حقّ؛ لعدم لحوقها يقيناً به أو لعدم اللاحق كما في الوقف
المنقطع .
نعم، تقتضي
القاعدة ثبوت الحدّ بوطئها لحرمته ذاتاً؛ لعدم المقتضي لحلّيته إلّاأن لا يكون لدليل المثبت له إطلاق يتناول مثل هذا الوطء المحرّم.
وهل تصير
بالاستيلاد امّ ولد أم لا؟
للفقهاء فيه قولان:
الأوّل: نعم؛ لتحقّق
العلوق منه في ملكه على القول بانتقال الملك إليه؛ لأنّ مبنى
الكلام على ذلك، وهذا هو السبب في صيرورتها امّ ولد بالنص والإجماع.
الثاني: عدم صيروتها امّ ولد؛ لأنّ السبب إنّما هو العلوق في الملك التام المختصّ بالمالك المعين، والملك هنا غير مختص به؛ لأنّ باقي البطون حقّهم متعلّق بها الآن، وهو يرجع إلى منع ما ادّعي من سببيّته السبب الأوّل؛ لأنّها تقوم عليه كلّها بالاستيلاد، ولا شيء من امّ الولد كذلك
بالاستقراء ، ولمنافاة الوقف الاستيلاد.
لو وطأ الحرّ الأمة الموقوفة بشبهة، كان الولد حرّاً؛ لأنّها كالصحيح بالنسبة إلى ذلك، ولكن عليه قيمته طلقاً للموقوف عليهم؛ لأنّه السبب في
إتلاف النماء على أهله.
ولو وطأها الواقف كان
كالأجنبي بناءً على خروجها عنه عيناً ومنفعة بالوقف، وأمّا لو قلنا ببقاء ملكه فلا حدّ عليه؛ لشبهة الملك.
من قذف أمته يجب عليه
التعزير ؛
لأنّ فيه أذيّةً للمملوك الذي لا يجوز أذيّته.
ولعموم قول الإمام الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: «من افترى على مملوك عزّر؛ لحرمة
الإسلام ».
وخصوص خبر
غياث عن جعفر عن
أبيه عليهما السلام قال: «جاءت امرأة إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول اللَّه، إنّي قلت لأمتي: يا زانية، فقال: هل رأيت عليها زنا؟ فقالت: لا، فقال: أما أنّها ستقاد منك
يوم القيامة ، فرجعت إلى أمتها فأعطتها سوطاً، ثمّ قالت: اجلديني، فأبت الأمة فأعتقتها، ثمّ أتت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته، فقال: عسى أن يكون به».
ولعلّ ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعزيرها لعدم
إقرارها مرّتين.
وكذا إذا كان للرجل زوجة أمة فقذفها فإنّه يجب عليه التعزير، ويترتّب عليه أنّ لها أن تطالب به؛ لأنّه حقّ لها، فإن أراد السيّد
المطالبة لم تكن له؛ لأنّه إنّما يطالب بما كان مالًا أو له
بدل ، وهو مال.
ويسقط التعزير من الزوج
باللعان .
الموسوعة الفقهية، ج۱۷، ص۲۹۵-۳۱۸.