الإختلاط (الفقهي)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
الامتزاج بالشيء و
تداخل أجزاء الأشياء بعضها في بعض سواء كان مع
التمييز أو عدمه.
الخلط :
الجمع بين أجزاء الشيئين فصاعداً سواء كانا
مائعين أو
جامدين أو أحدهما مائعاً والآخر جامداً،
وسواء أمكن
التمييز بينهما وفصل أجزائهما عن بعضها- كما في خلط
الحيوانات - أم لا كخلط المائعات، وهو ما يطلق عليه
المزج .
لكن لا يصدق الخلط بدون
تداخل بين الأجزاء، فلو جمع بين الأجزاء في محلّ واحد لكن بحيث تكون هذه في
ناحية والاخرى جنبها لم يتحقّق الخلط.
والاختلاط- وزان
افتعال - مصدر اختلط مشتقّ من الخلط، يدلّ على
مطاوعة في الخلط، يقال: خلطت الشيء بغيره خلطاً من باب ضرب ضممته إليه فاختلط هو.
ومنه اختلاط
العقل بمعنى
فساده و
تغيّره ، يقال: خولط
الرجل فهو مخالط، واختلط عقله فهو مختلط إذا تغيّر عقله.
يستعمل
الفقهاء لفظ الاختلاط في نفس معناه اللغوي، فلا
اصطلاح لديهم خاصّاً به، غير أنّ لهم في
استعماله ثلاثة
إطلاقات هي:
۱- إطلاقه على التداخل بين أجزاء الأشياء
الخارجيّة، فيفيد معنى
الامتزاج وعدم
الانفصال و
التباين .
۲- إطلاقه على التداخل بين المعاني والصور
الذهنيّة المستفادة من اللفظ أو من
الأعيان الخارجيّة، فيفيد معنى
الإبهام و
الاشتباه وعدم تعيّن الشيء كما سيأتي.
۳- إطلاقه على التداخل في
المعايير و
الموازين العقليّة
المؤثّرة في
إدراك الشخص، فيفيد معنى
اختلال العقل وفساده كما ورد عند أهل
اللغة .
وهو اختلاط ما يتعذّر عزله عادة.
وفرقه عن الاختلاط ما تقدّم من
اختصاصه بما لا يعزل دون غيره.
هو الاختلاط وعدم
التميّز في المعاني وصور الأشياء.
فهو أخصّ من الاختلاط من هذه
الجهة .
هو الاختلاط وعدم التميّز في
تطبيق المعاني والصور الذهنيّة على الأشياء الخارجيّة أو الذهنيّة.
ويستعمله الفقهاء في الموارد التي يعلم بالأمر الكلّي، ولا يستطيعون تطبيقه على فردٍ
معيّن؛ لاشتباهه بغيره.
يختلف حكم الاختلاط
باختلاف الموارد التي نشير إلى أهمها فيما يلي:
ذكر الفقهاء أنّ الماء المطلق إذا اختلط
بالمضاف فالمدار في إطلاقه وإضافته على
الحاصل من الاختلاط المذكور، فإن كان الحاصل مطلقاً كان حكمه حكم المطلق يرتفع به
الحدث و
الخبث ، ولا يتنجّس
بملاقاة النجاسة إن بلغ مقداره الكرّ.
وإن كان الحاصل مضافاً كان حكمه حكم المضاف لا يرفع حدثاً ولا خبثاً، ويتنجّس بملاقاة النجاسة ولو بلغ ما بلغ.
وإن شكّ في إطلاقه وإضافته فإن علم حالته السابقة اخذ بها، وإلّا فإن كانت
الشبهة مصداقيّة فيعامل الماء
معاملة المطلق بناءً على جواز
التمسّك بالعام في الشبهة
المصداقيّة؛ لوجود العامّ
بمطهّرية الماء من الحدث والخبث وعدم
تنجّسه ببلوغه الكرّ، بخلاف تنجّس الماء بملاقاة النجاسة؛ فإنّه لا عموم فيه حتّى في المضاف، ويعامل معاملة المضاف بناءً على عدم جواز التمسّك بالعامّ فيها، كما هو مبنى مشهور فقهائنا في عصرنا الحاضر، فيرجع إلى ما يقتضيه
الأصل العملي في كلّ مورد، ما لم يحصل
التعارض بين
الاصول .
إذا اختلط تراب
التيمّم بغيره من
المعادن مثل
النورة و
الملح وغيرهما
كالشعير و
التبن ، جاز التيمّم به مع عدم سلب اسم
التراب عنه، أو عدم
الوصول إلى محالّ التيمّم.
ومثله ما إذا اختلط برميم
العظام ، فإنّه يجوز التيمّم به إن كان الرميم
مستهلكاً فيه.
لكن إذا اختلط بالنجاسة الحاصلة من ظاهر الميّت أو
باطنه أو من غيره لم يجز التيمّم به وإن كان مستهلكاً، إلّا أن يعلم بعدم وصوله إلى مواضع
المسح .
يكفي في
السجود وصول
الجبهة إلى ما يصحّ السجود عليه بمقدار
معتدّ به عرفاً وإن كان إلى جانبه ما لا يصحّ السجود عليه، سواء من حيث
الجنس أو النجاسة؛ وذلك لتحقّق السجود
المعتبر بالموضع الذي يصحّ السجود عليه.
بلل
الوضوء إذا اختلط ببلل سائر
أعضاء الوضوء جاز مسح مواضع المسح به، بخلاف
البلل الخارج عنه فلا يجوز، وإن استهلك في بلل الوضوء، واستشكل فيه بعض فقهاء
العصر .
لا يجوز لبس ما اختلط بما لا تصحّ
الصلاة فيه كغير مأكول
اللحم مهما ضؤل مقداره في الصلاة،
بخلاف
الحرير فإنّه يجوز لبس
المخلوط منه في الصلاة وخارجها؛ لكون
المحرّم والمانع منه- وفقاً لما دلّت عليه الأدلّة- هو الخالص.
ومثله الحكم في
الكفن .
وأمّا في
الذهب فخلاف بين الفقهاء.
لا مانع من دفع جنس المال المتعلّق به الحكم من
زكاة مال أو
فطرة أو خمس أو وقف أو يمين إلى
مستحقّه وإن اختلط بغيره بما لا يزيد عن
المتعارف ، فإن زاد عن المتعارف لزم الزيادة في الدفع بمقدار يعلم
مساواة الخالص للمقدار
الواجب عليه دفعه.
ما يحرم استعماله من الذهب والفضّة
كالأواني إذا خلط بغيرهما من المعادن فالمدار في جواز استعماله وعدمه صدق الاسم وعدمه، فما صدق أنّه ذهب أو فضّة حرم استعماله، وما لم يصدق عليه ذلك لم يحرم. وأمّا الممتزج منهما فيحرم قطعاً .
إذا اختلط
المأكول بما يحرم أكله بنحوٍ يستهلك فيه، كاختلاط
لعاب الفم بالدم في فضائه، أو بالدم الطاهر كالدم
المتخلّف في
الذبيحة ، أو دم السمك ونحوه ممّا لا نفس سائلة له، أو بالميتة كذلك، أو بالخمر- بناءً على
طهارتها - أو بغير ذلك واستهلك فيه بنحو لا يتميّز جاز أكله و
ابتلاعه ؛ لعدم صدق أكل الدم أو الميتة أو
الخمر أو غير ذلك عليه.
وأمّا إذا اختلط النجس بالطاهر بنحو يستهلك فيه ولا يتميّز ومن دون
رطوبة تسري بها النجاسة منه إلى الطاهر لم يجز الأكل والابتلاع؛ لصدق عنوان أكل النجس عليه.
المعروف أنّ المال
الحلال المخلوط بالحرام على وجه لا يتميّز مع
الجهل بصاحبه وبمقداره- ويسمّى بالمال المختلط بالحرام- يجب فيه
الخمس ، ويحلّ
بإخراج خمسه. وأمّا إن علم
المقدار ولم يعلم المالك أو علم المالك ولم يعلم المقدار فلا يصطلح عليه بالمختلط بالحرام وإن كان مخلوطاً.
بل الأوّل يصطلح عليه مجهول المالك، وحكمه
التصدّق به عنه، أو
الرجوع فيه إلى الحاكم الشرعي.
قال
السيّد اليزدي : «وأمّا إن علم المقدار ولم يعلم المالك تصدّق به عنه، و
الأحوط أن يكون بإذن
المجتهد الجامع للشرائط ».
والثاني مال معلوم مالكه يجب فيه الرجوع إليه و
التراضي معه.
قال السيّد اليزدي: «ولو انعكس بأن علم المالك وجهل المقدار تراضيا بالصلح ونحوه، وإن لم يرض المالك بالصلح ففي جواز
الاكتفاء بالأقلّ أو وجوب
إعطاء الأكثر وجهان، والأحوط الثاني، و
الأقوى الأوّل إذا كان المال في يده».
وهناك من حكم
بالقرعة، وهناك من فصّل بين ما إذا كان من جنس واحد فتحصل
الشركة بينهما بالنسبة وبين غيره، وهناك من فصّل تفصيلًا آخر. والتفصيل متروك إلى محلّه.
إذا اختلط مالان لمالكين بنحو لا يمكن تمييزهما سواء كانا من جنس واحد أو من جنسين كان المال بينهما شركة، هذا إذا لم يحصل بفعل أحدهما، وأمّا إذا حصل بفعل أحدهما فهل تحصل الشركة بينهما فيه أيضاً بالنسبة أو يضمن الذي خلط مال الآخر المثل أو
القيمة له؛ لكونه بحكم
التالف أو
المعيب ؟ أو هناك تفصيل يأتي بحثه في مصطلح (شركة).
كما أنّه يأتي هناك أنّ
المشهور في عقد الشركة
اشتراط المزج والاختلاط بين المالين في تحقّق الشركة.
اتّفق فقهاء
المسلمين على حرمة
بيع جنس كلّ شيء بمثله مع
التفاضل بينهما حقيقةً أو حكماً إن كان ممّا يكال أو يوزن؛ لصدق عنوان البيع
الربوي عليه، وهو حرام.
ولهذا وجب على المتبايعين ضبط مقداري الجنس المباع بمثله مقدّمة
لإحراز صحّة البيع وعدم
الوقوع في أكل المال الحرام بإحراز عدم التفاضل بينهما، هذا في الخالص.
وأمّا المختلط بغيره فيجوز بيعه بجنس مثله المختلط وإن اختلفا في المقدار؛
لانصراف كلّ جنس إلى ما يخالفه، فلو باع
مثقالًا من الذهب المختلط بالفضّة بمثقالين من مثله جاز؛ لانصراف
مبادلة الذهب إلى الفضّة والفضّة إلى الذهب.
ومثله ما لو باع
حنطة مخلوطة بشعير بمثله فإنّه يصحّ بلا إشكال أيضاً؛ لانصراف مبادلة الحنطة إلى الشعير وبالعكس، وهكذا على القول بأنّهما جنسان مختلفان.
ويجوز بيع المختلط بالخالص أيضاً بشرط أن يكون الخالص يزيد على مقدار الجنس
المماثل له في المخلوط؛ لانصراف الزائد منه إلى الجنس الآخر في المخلوط.
فلو باع مثقالين من الذهب المختلط بالفضّة بمثقال من الذهب
الخالص جاز إن كان مقدار الذهب في المخلوط دون المثقال، وبطل إن كان بمقدار مثقال أو أكثر.
المعروف بين فقهائنا كراهة اختلاط
النساء بالرجال حتّى في العبادات.
قال
الشيخ الصدوق : «وأفضل
المواضع في الصلاة على الميّت الصفّ الأخير، والعلّة في ذلك أنّ النساء كنّ يختلطن بالرجال في الصلاة على
الجنازة ، فقال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «أفضل المواضع في الصلاة على الميّت الصفّ الأخير»، فتأخّرن إلى الصفّ الأخير فبقي فضله على ما ذكره عليه السلام».
وقال
الشيخ الطوسي : «وإذا كانوا
جماعة فليتقدّم
الإمام ويقف الباقون خلفه صفوفاً أو صفّاً واحداً، وإن كان فيهم نساء فليقفن آخر الصفوف، فلا يختلطن بالرجال».
وقد وقع بين الفقهاء بحث حول
توجيه ذلك.
وفي
ارتياد الطرق و
المسالك قال
الشيخ المفيد : «ولتجتنب المرأة الحرّة
المسلمة سلوك الطرق على اختلاط بالرجال، ولا تسلكها معهم إلّا على
اضطرار إلى ذلك دون الاختيار، وإذا اضطرّت إلى ذلك فلتبعد من
سلوكها عن الرجال، ولا تقاربهم، وتحتفز بجهدها».
بل ظاهر فتوى بعض الفقهاء شمول الحكم لكلّ محالّ
الاجتماع بنحو قرن حكم كراهة حضورهنّ
الجمعة والجماعات بكراهة اختلاطهنّ بالرجال ممّا يوحي بأنّ مناط الحكم فيهما واحد.
قال
السيّد اليزدي : «يكره اختلاط النساء بالرجال، ويكره لهنّ حضور الجمعة والجماعات إلّا
للعجائز ».
والدليل على كراهة مطلق الاختلاط ما ورد في خبر
غياث بن ابراهيم عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال
أمير المؤمنين عليه السلام : يا
أهل العراق ! نُبّئت أنّ نساءكم يدافعن الرجال في
الطريق ، أما تستحون؟!».
وبطريق آخر زاد: «لعن اللَّه من لا يغار».
وفي رواية اخرى عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «أما تستحيون ولا تغارون على نسائكم يخرجن إلى
الأسواق ، ويزاحمن
العلوج ؟!».
وأمّا ما يدلّ على كراهة حضور النساء صلاتي الجمعة والعيدين ما رواه
محمّد بن شريح قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن خروج النساء في العيدين؟ فقال عليه السلام: «لا، إلّا
العجوز عليها منقلاها» يعني الخفّين.
وموثّق
يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن خروج النساء في العيدين والجمعة؟ فقال عليه السلام: «لا، إلّا امرأة مسنّة».
واستفاد
السيد الحكيم من الروايات الذامّة للاختلاط شمول حكم الكراهة للعجائز أيضاً، ومن الروايات الدالّة على كراهة حضورهنّ في الجمعة والعيدين
استثناؤهنّ؛ ولذلك اعترض على كلام صاحب
العروة الوارد متناً لكتابه حيث قال: «والمستفاد منها (الروايات)كراهة
مزاحمة النساء للرجال في الطرق والأسواق ونحوها مطلقاً حتّى للعجائز، وكراهة خروج النساء للعيدين والجمعة إلّا للعجائز، وهو مخالف لما في
المتن ».
لكن
السيد الخوئي حاول توجيه كلام السيد اليزدي بما يرجع إلى ما استفاده السيد الحكيم من الروايات حيث جعل استثناء العجائز من الحكم
مختصّاً بحضور الجمعة والعيدين، بل مطلق الجماعة.
وعلّق على قوله: (ولهنّ حضور...) : «
الظاهر كون هذه الجملة عطفاً على المستثنى دون المستثنى منه، ومن هنا كان الأحرى
التفريع بالفاء، وتدلّ عليه معتبرة محمّد بن شريح... وهذه المعتبرة وإن كانت واردة في خصوص العيدين إلّا أنّه
بإلغاء الخصوصيّة و
دعوى أنّهما ذُكرا كمثال، نظراً لكون
الزحام فيهما أكثر يمكن
التعدّي عنهما إلى الجمعة، بل مطلق الجماعة».
ويستفاد من كلامه أنّ مناط الحكمين لمّا كان واحداً فاستثناء العجائز من كراهة حضور صلاة العيدين هو استثناء من كراهة الاختلاط أيضاً، لكن لا بدّ من تخصيصه بما ورد في الروايات. على أيّة حال، فإنّ الاختلاط على ما يستفاد من كلمات الفقهاء والروايات مكروه بشكل عامّ، فيكره في مواطن التجمّعات العامّة، كالأسواق وصالات العرض و
الاحتفال والتظاهرات
السياسيّة و
الاعتراضات المهنيّة وغير ذلك.
لكن لا بدّ من تفسير الاختلاط المذكور
بالتداكّ و
التدافع بين الجنسين، الملازم
لالتصاق أجسامهما ولو من وراء الثياب؛ لأنّه الظاهر من
التعبير بالمدافعة والمزاحمة الواردين في الروايات، فلو خلت
التجمّعات المذكورة من هذه الحالة لسعة الطرق عمّا كانت عليه سابقاً، وتعدّد مسالك الدخول إلى الصالات ومسارات الحركة، والتجمّع في
التظاهرات والاعتراضات لم يكره
الحضور المذكور، بل ربّما استحبّ إن فرض وجود غرض راجح أو واجب في ذلك كما في مثل الاجتماع في
مناسك الحجّ من
سعي و
طواف ووقوف
بعرفة ورمي جمرات وغير ذلك.
وقد يراد بالاختلاط معنى آخر هو
المعاشرة و
الخلطة للرجال كما يحصل في المدارس والدوائر الحكوميّة وغيرها، وقد أفتى بعض الفقهاء بحرمة ذلك للنساء.
ففي
استفتاء موجّه إلى السيد الخوئي عن جواز العمل للمرأة-
طبيبة أو ممرّضة- مع
استلزام ذلك للاختلاط بالرجال في أيّام
الدراسة أو العمل قال: «لا يجوز إلّا مع
الضرورة المبيحة للمحرّمات».
وفي آخر عن اختلاط الصبيان و
البنات في
المدارس الحكوميّة التي يتعلّم فيها العلوم الدينيّة أجاب: «لا يجوز اختلاط الجنسين مع كونهم في سنّ
المراهقة ».
وفي استفتاء قدّم
للإمام الخميني حول عمل المرأة في
المؤسسات قال: لا بأس بالعمل للمرأة مع
رعايتها للتكاليف الشرعيّة الثابتة في حقّها، ومنها تجنّب الاختلاط الكثير بالأجنبي.
لكنّ
الإفتاء بالحرمة لم يظهر وجهه إلّا ما يستفاد من بعض الروايات والأحكام من النأي بالمرأة عن
مجامع الرجال كالجمعة والجماعة والعيدين و
اتّباع الجنائز وعيادة
المريض .
وما ورد من قول السيدة فاطمة عليها السلام للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خير للنساء أن لا يرين الرجال، ولا يراهنّ الرجال»، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «
فاطمة منّي».
وما ورد من قول أمير المؤمنين عليه السلام في
رسالته إلى
الحسن عليه السلام : «... فإن استطعت أن لا يعرفن غيرك من الرجال فافعل».
وهو لا يدلّ على أكثر من
الكراهة ؛ ولعلّه لذا أفتى بعض الفقهاء بالجواز مع
الوثوق بعدم الوقوع في المفاسد الدينيّة و
الأخلاقيّة .
قال
السيد الگلبايگاني في جواب استفتاء عن الدراسة في
الجامعات المختلطة: نظام [[|التعليم]] المختلط ليس
إسلاميّاً، وأضراره الاجتماعيّة والأخلاقيّة وخيمة... لكن يجوز لمن يثق من نفسه عدم
تأثير ذلك على تديّنه مشروطاً بصيانة نفسه عن الوقوع في المحرّمات الملازمة لهذا الاختلاط غير
المشروع .
إذا اختلط موضوع الحكم بغيره المشابه له وتعذّر تعيينه إمّا بنحو الاختلاط الخارجي نظير اختلاط النجس بالطاهر،
وما يحرم أكله بما يحلّ- كاختلاط الخمر أو
الخنزير أو الدم أو
الميتة بغيرها
-
وما يجوز التصرّف فيه ببيع وشراء بما لا يجوز- كاختلاط المباح بالمملوك والمملوك للشخص بغيره
- واختلاط ما يجوز
الاستمتاع به بما لا يجوز كاختلاط
الحليلة بغيرها،
واختلاط ما يثبت له أحكام خاصّة بما عداه كاختلاط قتلى المسلمين بالكفّار،
وإمّا بنحو الاختلاط الذهني كاختلاط الدماء على المرأة بين دم
الحيض و
الاستحاضة و
العُذرة و
الجرح و
القرح وغيرها،
فإنّ
القاعدة في هذه الموارد مع عدم وجود أصل جارٍ في أحد
الأطراف بخصوصه دون سائر الأطراف تطبيق قاعدة منجّزية
العلم الإجمالي في الشبهات المحصورة، وعدمه في غيرها، وهي تقتضي
الاحتياط ، وقد تجري قاعدة
القرعة في بعض الموارد أيضاً كما في الحيوان المحلّل الأكل الموطوء.
وكيف كان، فبيان هذه القواعد ومورد جريانها وشروطها بصورة كلّية وتطبيقاتها المختلفة موكول إلى محلّه.
قد يؤخذ الاختلاط قيداً في موضوعات بعض الأحكام فيثبت الحكم بتحقّق الاختلاط وينتفي
بانتفائه؛ نظراً إلى أنّ علاقة
الموضوع بالحكم هي علاقة العلّة بمعلولها، ومن جملة ما اخذ الاختلاط قيداً في موضوعه:
فإنّ من شروط تحقّقها اختلاط الأموال وامتزاجها امتزاجاً لا يتميّز شريطة عدم استهلاك بعض الأموال في بعض؛ لأنّ ذلك بمنزلة
التلف عرفاً حينئذٍ، فلا يوجب الشركة في العين وإن كان يوجبها في الماليّة.
فإنّه يشترط في موضوعها أن يكون المال
مشتركاً بنحو
الإشاعة ، فلو كانت السهام متميّزة لم تجرِ فيها
الشفعة .
فإنّ شرط تعلّق الخمس به أن يكون مختلطاً بنحو لا يتميّز عن الحلال، فلو فرض التميّز لم يتعلّق به الخمس، بل دفع المال الحرام إلى صاحبه أو من يقوم مقامه.
فإنّ من شرط القرعة اختلاط
السهام بنحو لا تتميّز، فلو لم يحصل الاختلاط بهذا النحو، لم تصحّ وإن أجال يده فيها.
وتفصيل جميع هذه الموارد تأتي في محالّها.
تترتّب على الاختلاط في الأشياء بعض
الآثار التي نذكر من جملتها:
۱- حصول الشركة في الأموال بين ذويها،
وهو ما يترتّب عليه بعض الأحكام، منها: حرمة
التصرّف في المال المشترك بدون
إذن أصحابه،
ووجوب فضّ الشركة عند
مطالبة ذوي المال بذلك،
وتعلّق الخمس بالمال المشترك مع جهل مقدار المال والصاحب، أو التصدّق عنه مع
معرفة المقدار وجهل صاحبه،
وثبوت
الخيار لمن انتقل إليه المال قبل اختلاطه؛
لأنّها عيب، إلى غير ذلك.من
۲- سقوط خيار ذي الخيار مع حصول الاختلاط بفعل منه.
۳- تحقّق
القبض ممّن انتقل إليه المال مع حصول الاختلاط بفعله.
۴-
بطلان بعض المعاملات الواقعة على العين إن استلزم الاختلاط تغييرها عمّا هي عليه،
أو تلفها بالاستهلاك.
۵- لزوم
المعاطاة الواقعة باختلاطه بغيره؛ لعدم
إمكان الترادّ بعد تغيّر
العين بالاختلاط.
الموسوعة الفقهية، ج۷، ص۳۷۷-۳۸۸.