الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (صفتهما)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (توضيح).
ثمّة أبحاث متعدّدة تدور حول صفة هذه
الفريضة ، وهي:
اتّفق
الفقهاء على أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
واجبان ،
وقد نفى بعضهم
الخلاف فيه بين
الامّة ،
بل قال
جماعة منهم: إنّ وجوبهما من
ضروريّات الدين ،
ومنكر وجوبهما مع
الالتفات بلازمه و
الالتزام به من
الكافرين .
واستدلّوا
على وجوبهما بالأدلّة الأربعة:
أمّا
الآيات والروايات الدالّة على ذلك فكثيرة جدّاً، إلى حدّ يمكن
القول بتواترها وقد ذكرنا جملة منها فيما تقدّم، و
المهمّ منها: قوله تعالى: «وَلْتَكُن مِنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى
الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ»،
فهي دالّة على لزوم
تشكيل جماعة من
المؤمنين للتصدّي لهذه
الفريضة الكبيرة، و
الأمر ظاهر في
الوجوب .
قال
العلّامة الطباطبائي : «قيل: إنّ (من)
للتبعيض بناءً على أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكذا
الدعوة من
الواجبات الكفائية . وربما قيل: إنّ (من) بيانية، و
المراد منه ولتكونوا بهذا
الاجتماع الصالح امّة يدعون إلى الخير، فيجري
الكلام على هذا مجرى قولنا: ليكن لي منك
صديق ، أي كن صديقاً لي. والظاهر أنّ المراد بكون (من) بيانية كونها نشوئية
ابتدائية .
والذي ينبغي أن يقال: إنّ البحث في كون (من) تبعيضية أو
بيانية لا يرجع إلى ثمرة
محصّلة ؛ فإنّ الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر امور لو وجبت لكانت بحسب
طبعها واجبات كفائية؛ إذ لا معنى للدعوة والأمر و
النهي المذكورات بعد حصول
الغرض ، فلو فرضت الامّة
بأجمعهم داعية إلى الخير
آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر كان معناه: أنّ فيهم من يقوم بهذه
الوظائف ، فالأمر
قائم بالبعض على أيّ حال، و
الخطاب إن كان للبعض فهو ذاك، وإن كان للكلّ كان أيضاً
باعتبار البعض. وبعبارة اخرى:
المسؤول بها الكلّ و
المثاب بها البعض؛ ولذلك عقّبه بقوله: «وَأُولئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ »، فالظاهر أنّ (من) تبعيضية، وهو
الظاهر من مثل هذا
التركيب في لسان
المحاورين ولا يصار إلى غيره إلّا
بدليل ».
وأمّا
الإجماع فقد ادّعي قيامه بقسميه-
نقلًا و
تحصيلًا - بين
المسلمين قاطبة على وجوبهما.
إلّاأنّ الإجماع واضح
المدركية فلا يكون
مستنداً في
المقام .
وأمّا
العقل فلا
إشكال في
دلالته على
رجحان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
لكن اختلفوا في أنّ العقل هل يستقلّ بذلك بحيث يحكم
باستحقاق تاركهما
العقاب وفاعلهما
المدح من دون
حاجة إلى ورود
الشرع بذلك أم لا، بل لابدّ من الشرع ليبيّن للعقل ذلك فلا يدركه بدونه؟
ويظهر من كلمات الفقهاء وجود قولين في
المسألة :
الأوّل: أنّ
الوجوب عقلي ، وأنّ العقل يستقلّ بذلك عن الشرع، وهذا ما ذهب إليه غير واحد.
واستدلّوا على ذلك بأدلّة مختلفة :
فإنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لطف، وكلّ
لطف واجب. والمقدّمتان ظاهرتان،
ولا يكفي فيه العلم باستحقاق
الثواب والعقاب؛ لأنّا متى قلنا ذلك لزمنا أن تكون
الإمامة ليست واجبة، بأن يقال: يكفي في العلم باستحقاق الثواب والعقاب وما زاد عليه في حكم
الندب وليس بواجب،
فالأليق بذلك أنّه واجب.
وجوب دفع
الضرر لأنّ
إزالة الضرر عن النفس واجبة في العقول. ونوقش بأنّ العقل يرى وجوب دفع الضرر- بمعنى العقاب الاخروي-
المحتمل المتوجّه إلى
الشخص نفسه. أمّا دفع الضرر عن الغير فهذا
إحسان في نظر العقل.
نعم، في الموارد التي يؤدّي فيها ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى ضرر عام يطال الآمر بالمعروف نفسه يصير واجباً، لكنّه ليس وجوباً
بعنوان الأمر بالمعروف بل بعنوان طارئ.
دخولهما في باب
شكر المنعم و
نصرة اللَّه و
تقوية الدين و
الشرع المبين .
ويناقش بأنّ شكر
المنعم واجب كبروياً إلّا أنّه لا يحرز وجوب تمام
مصاديقه و
مظاهره وإلّا
فالمستحبّات من مظاهر شكر المنعم أيضاً ولا يقال
بوجوبها عقلًا. وقد ناقش
المحقّقون من العلماء هذه الأدلّة كلّها، كما سيتّضح خلال
استعراض أدلّة القول الآخر.
القول الثاني: ما ذهب إليه جماعة من الفقهاء من أنّ العقل لا يستقلّ بوجوبهما، بل
وجوبهما يثبت
بالأدلّة الشرعية ،
وفي
المختلف نسبته إلى
الأكثر ،
بل في
الاقتصاد و
السرائر نسبته إلى
جمهور المتكلّمين و
المحصّلين من الفقهاء.
قال في الاقتصاد: «فقال الجمهور من المتكلّمين والفقهاء وغيرهم: إنّهما يجبان
سمعاً ، وإنّه ليس في العقل ما يدلّ على وجوبهما، وإنّما علمناه بدليل
الإجماع من الامّة، وبآي من
القرآن ، وكثير من
الأخبار المتواترة. وهو
الصحيح ».
واستدلّ له بضرورة عدم
وصول العقل إلى قبح ترك الأمر بذلك على وجه يترتّب عليه العقاب بدون
ملاحظة الشرع، فإنّنا لا ندرك ذلك بعقولنا
العملية .
ودعوى أنّ
إيجابهما من
اللطف الذي يصل العقل إلى وجوبه عليه جلّ شأنه واضحة
المنع ، كوضوح
الاكتفاء من اللَّه تعالى
بالترغيب و
الترهيب ونحوهما ممّا يقرّب معه
العبد إلى
الطاعة ويبعد عن
المعصية دون
الإلجاء في فعل الواجب وترك
المحرّم .
قال: لو وجبا بالعقل لما ارتفع
معروف ولما وقع منكر، أو كان اللَّه تعالى شأنه
مخلّاً بالواجب، والتالي بقسميه
باطل ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية: أنّ الأمر بالمعروف هو
الحمل على فعل المعروف، والنهي عن المنكر هو المنع منه، فلو كانا واجبين بالعقل لكانا واجبين على اللَّه تعالى؛ لأنّ كلّ
واجب عقلي يجب على كلّ
مكلّف حصل فيه وجه الوجوب، ولو وجبا على اللَّه تعالى لزم أحد الأمرين، وأمّا
بطلانهما فظاهر، أمّا الثاني فلأنّه تعالى
حكيم لا يجوز عليه
الإخلال بالواجب، وأمّا الأوّل فلأنّه يلزم الإلجاء وهو ينافي
التكليف . لا يقال: إنّ هذا وارد عليكم في وجوبهما على المكلّف؛ لأنّ الأمر هو الحمل، والنهي هو المنع، ولا فرق في
اقتضاء الحمل والمنع الإلجاء بين ما إذا صدرا من المكلّف أو من اللَّه تعالى، وذلك قول
بإبطال التكليف. تقع القبائح مع حصول
الإنكار و
إقامة الحدود .
واجيب عنه بأنّه يحتمل أن يكون الواجب علينا في الأمر والنهي غير الواجب عليه، فإن الواجب يختلف
باختلاف الآمرين والناهين، فالقادر يجب عليه بالقلب و
اللسان واليد، والعاجز بالقلب لا غير، وإذا كان الواجب مختلفاً بالنسبة إلينا جاز اختلافه بالنسبة إلينا وإليه تعالى، ويوجب عليه من ذلك
التوعّد و
الإنذار بالمخالفة ؛ لئلّا يبطل التكليف.
ومعنى ذلك أنّه قد يتعقّل الوجوب هنا حتى على اللَّه تعالى بما لا يلزم منه محذور كالإلجاء، وأين هذا من عدم جريان
قاعدة اللطف في المقام؟! وعليه، فالأصحّ في مناقشة دليل
العقل أنّنا لا ندرك ذلك بعقولنا ما لم يرجع الأمر والنهي إلى عنوان آخر لرفع
ضرر علينا أو نحو ذلك.
يبحث عن نوعية الوجوب
الثابت في هذه
الفريضة من بعض النواحي، وهي:
اختلف الفقهاء في نوعيّة الوجوب الثابت في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهل هذه الفريضة معدودة من الواجبات الكفائيّة أو
العينية ؟
وقد ذكرت هنا عدّة أقوال:
أنّه واجب كفائي، وهو
مختار بعض
المتقدّمين و
المتأخّرين ،
وعليه الأكثر على ما صرّح به
الشيخ الطوسي ،
وهو
الأظهر بين أصحابنا على ما ذكر
ابن إدريس ،
بل عليه معظم من جاء بعد
الشهيد الثاني إلى زماننا الحاضر.
و
المراد بالكفائي هو أنّه يجب على جميع المكلّفين الواجدين للشرائط
القيام به باعتبار وجوب
إيجاد الماهية، ولا
أولويّة ، لكنّه يسقط بقيام من فيه
غناء و
كفاية .
واستدلّوا لذلك:
أوّلًا: بأنّ
الغرض الشرعي وقوع المعروف و
ارتفاع المنكر فيما يكون نفس الأمر والنهي مجرّد طريق لتحصيل الغرض لا أنّ
الملاك فيهما بنفسهما، ولا يظهر تعلّق الغرض بمباشر معيّن فيكون واجباً على الكفاية، فإذا حصل المقصود ببعض من تعيّن عليه لم يكن لتكليف الباقين وجه، وإن لم يقُم به أحد فكلٌّ مخاطب به و
مستحقٌ للذمّ والعقاب.
وثانياً: بأنّ في بعض أدلّة هذا الواجب ما يشعر بالوجوب على البعض غير المعيّن، كقوله تعالى: «وَلْتَكُنْ مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»،
وذلك أنّ (من) في (منكم) للتبعيض لا
العموم ؛
لعدم
احتمال غيرها؛ إذ لو كان المراد منها العموم لكان
المناسب أن يقال: ولتكن منكم امّة تدعون إلى الخير.
وخبر
مسعدة بن صدقة عن
الإمام الصادق عليه السلام قال: سمعته يقول- وسئل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أواجب هو على الامّة جميعاً؟ فقال-: «لا»، فقيل له: ولم؟ قال: «إنّما هو على
القوي المطاع العالم بالمعروف من المنكر، لا على
الضعيف الذي لا يهتدي
سبيلًا ... والدليل على ذلك
كتاب اللَّه عزّوجلّ قوله: «وَلْتَكُنْ مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ»،
فهذا خاصّ غير عام، كما قال اللَّه عزّوجلّ: «وَمِنْ قَوْمِ
مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ
بِالحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ»،
ولم يقل: على امّة موسى ولا على كلّ قومه، وهم يومئذٍ امم مختلفة، والامّة واحد فصاعداً، كما قال اللَّه عزّوجلّ: «إِنَّ
إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً
قَانِتاً لِلَّهِ»،
يقول:
مطيعاً للَّهعزّوجلّ، وليس على من يعلم ذلك في هذه
الهدنة من حرج إذا كان لا قوّة له ولا عدد ولا طاعة».
لكن
الاستدلال بهذا الخبر- كما فعل
المحقّق النجفي - غير صحيح؛ فإنّ المراد بالكفائية ثبوت الوجوب على البعض غير المعيّن
مطلقاً ، وهذه
الرواية غاية ما تفيد عدم ثبوته على الكلّ في مقابل ثبوته على خصوص القادر
المتمكّن الذي هو البعض أيضاً، وهذا غير الكفائية كما هو واضح.
وثالثاً: بجريان
السيرة المتشرعية على الكفائية؛ فإنّهم يكتفون بتصدّي بعض المكلّفين عن
التصدّي المباشر وما ذلك إلّا آية الكفائية.
أنّه واجب عيني، بمعنى أنّه واجب على جميع المكلّفين، نظراً إلى خصوص كلّ واحد منهم، ولا يسقط بقيام واحد منهم، وهو مختار جماعة من فقهائنا.
واستدلّ له
بأصالة العينيّة في الوجوب، فإنّ
الأصل في الوجوب أن يكون عينيّاً لا كفائيّاً، فلو شككنا في وجوب أنّه على نحو عينيّ أو كفائيّ فالأصل كونه عينيّاً؛ لأنّ الكفائيّة تحتاج إلى
مؤونة زائدة، وهي ذكر أنّ الوجوب منوط بعدم قيام من به الكفاية بالواجب، والأصل عدمها.
يضاف إلى ذلك أنّ الأمر بهما جاء على جهة العموم في جملة من
النصوص ،
منها: ظاهر قوله سبحانه وتعالى: «وَأْمُرْ
بِالْعُرْفِ »،
وغير ذلك من الآيات الدالّة على وجوبهما مطلقاً، دون
تقييد بعدم قيام من به الكفاية ولتواتر الأخبار كذلك، مثل: ما روي عن
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قيل له: لا نأمر بالمعروف حتى نعمل به كلّه، ولا ننهى عن المنكر حتى ننتهي عنه كلّه، فقال: «لا، بل مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به كلّه، وانهوا عن المنكر وإن لم تنتهوا عنه كلّه».
ونوقش ذلك كلّه
بانقطاع أصالة العينية بمعلوميّة كون الغرض منهما حصول ذلك في الخارج، لا أنّهما
مرادان من كلّ شخص بعينه، فيكون هذا العلم
كاشفاً عن مناسبات
الحكم و
الموضوع المقيّدة لهذه
الإطلاقات . و
القطع بكون المراد من هذه العمومات مثل الوارد في
تغسيل الميّت و
دفنه ممّا هو متعلّق بالجميع بمعنى
إجزائه من أيّ شخص،
واستحقاقهم جميعاً
العقوبة مع
الترك أصلًا، لا أنّ المراد فعله من كلّ واحد الذي لا يمكن تصوّره
باعتبار معلومية عدم
إرادة التكرار كمعلومية عدم
إمكان الاشتراك ؛
إذ من
الواضح أنّه لا معنى لأمر شخص بأن يأمر غيره بالمعروف مع كون الغير
مؤتمراً ، فإنّ ذلك لغو عقلائياً.
يضاف إلى ذلك دلالة الآية
القرآنية المتقدّمة على
التبعيض ، فإنّ هذا التبعيض- كما ذكر بعض الفقهاء المعاصرين- يوجب
رفع اليد عن دلالة هذه الروايات على
الوجوب على الجميع؛
لظهور الآية في نفس الوجوب عن الكلّ بالمفهوم
المستظهر من القرائن، بل السيرة المتشرعية تؤيّد ذلك أيضاً، أي الكفائية وعدم العينية.
من هنا ذكر بعض الفقهاء أنّ العموم
الاستغراقي المقتضي لثبوت
التكليف على كلّ فرد فرد غير ظاهر من الأدلّة هنا، بل الظاهر هو
العموم البدلي من
طبيعي المكلّف
المختلف في كلّ فرد من أفراد المعروف والمنكر بحسبه.
ونظراً لوضوح هذا الأمر يحتمل أن يكون
مقصود القائلين بالوجوب العيني هنا عدم
سقوط الوجوب عن الآخرين إذا لم يأتمر بالمعروف أو لم ينته عن المنكر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأوّل، وليس مقصودهم عدم السقوط حتى إذا عمل بالمعروف وانتهى عن المنكر، وهذا ما يظهر من
القول الثالث.
التفصيل بين ما لو أثّر كلام المكلّف الأوّل الذي أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر فهو كفائي ولا يجب على غيره، وبين ما لم يؤثّر فيجب على غيره أيضاً إلى أن يحصل
المطلوب ، وهو تفصيلٌ ذهب إليه
القاضي ابن البرّاج ، حيث قال: «وربما كان ذلك فرضاً على الكفاية، وربّما تعلّق
بالأعيان ، فأمّا كونه فرضاً على الكفاية فمثل أن يأمر بعض المكلّفين معروف أو ينهى عن منكر، فيؤثّر أمره أو نهيه في ذلك، فيقع
المعروف أو يرتفع
المنكر ، فسقط الوجوب عن الباقين، فأمّا ما يتعلّق بالأعيان فأن يأمر بمعروف أو ينهى عن المنكر، فلا يؤثّر أمره ولا نهيه فيما أمر به ونهى عنه ولا غيره على الوجه
الانفراد و
الوحدة دون الباقين، فيكون فرضاً على الأعيان، فيجب على كلّ واحد من المكلّفين، كما يجب على غيره منهم إلى أن يحصل المعروف أو يرتفع المنكر، فإذا كان كذلك سقط الفرض عن
الجميع . هذا مع تمكّن الجماعة من ذلك، -وأمّا- إن اختصّ
التمكّن ببعض المكلّفين دون بعض آخر منهم، فإنّ فرض ذلك
لازم للمتمكّنين دون من ليس بمتمكّن».
وقال
الشهيد الأوّل : «واعلم أنّه ليس المراد بوجوبهما عيناً وجوبهما بعد
تأثير الإنكار؛ لفقد الشرط وهو
إصرار العاصي، بل وجوب
مبادرة الكلّ إلى الإنكار وإن علم
قيام غيره مقامه، وهذا هو الأصحّ».
وقال
المحقّق الكركي : «ولا محذور -في الوجوب العيني-؛ لأنّ الواجب على الجميع المبادرة إلى الأمر والنهي، ولا يكفي بعض عن بعض، فلو تخلّف بعض كان آثماً وإن حصل المطلوب بالبعض الآخر، ولا كذلك الوجوب الكفائي، وليس المراد أنّه بعد التأثير يبقى وجوب الأمر والنهي على الباقين».
وردّ
العلّامة الحلّي هذا التفصيل إلى الوجوب الكفائي، حيث قال: «وهذا الذي اختاره مذهب السيّد بعينه؛ لأنّ واجب الكفاية هو الذي إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وإن لم يقم به البعض وجب على الجميع».
وهذا هو
الصحيح ، فإنّ هذا التصوير للكفائية والعينية غير معهود ولا مقصود للفقهاء؛ لأنّ ما فرّق به بينهما- وهو كون
القائم بالوجوب المحقّق للغرض واحداً أو
متعدّداً - ليس بفارق في
جوهر الوجوب، وإنّما
الفارق بينهما ما ذكروه من تعدّد الوجوبات في الوجوب العيني بعدد الأفراد، فكلّ فرد مكلّف
بامتثاله على
الفور وإن امتثله الفرد الآخر، فإن قصّر في الامتثال حتى حصلت غاية الوجوب سقط الوجوب نفسه في امتثاله حيث كان ممكناً، فهو
نظير ردّ
العين المغصوبة التي تعاقبت عليها
الأيدي في وجوبه عليها جميعاً، فإن امتثله بعضهم عوقب الباقون على عدم امتثالهم الواجب وعدم مبادرتهم إليه، وإن سقط الواجب عنهم لفوات المحلّ، لا ما توهّم من
العمومية والتبعيض، ولا يغيى الوجوب بوقوع المعروف و
ارتفاع المنكر وعدمه. وهذا هو الذي صرّح به أكثر الفقهاء.
وبعبارة اخرى: الوجوب الكفائي يخاطب الجميع عند عدم الامتثال دون أن يصبح بذلك وجوباً عينياً في إحدى الحالات كما قرّر في
الاصول ، فهذا
المبنى رجوع إلى نظرية الوجوب الكفائي.
التفصيل في
المراتب ، وهو القول بالوجوب العيني في
الإنكار القلبي ، وبالوجوب الكفائي في سائر المراتب أو في خصوص
الإنكار باليد .
قال
أبو الصلاح الحلبي : «فما يتعلّق منه بأفعال القلوب من
إرادة الواجب وكراهية
القبيح فرض يعمّ كلّ مكلّف علمهما، وما عدا ذلك من
الأقوال و
الأفعال المؤثّرة في وقوع
الحسن وارتفاع القبيح يقف وجوبه على شروط خمسة... وإذا تكاملت هذه
الشروط ففرضهما على الكفاية، إذا قام به بعض من تعيّن عليه سقط عن الباقين...».
وقال المحقّق النجفي: «ويمكن أن يقال بعينيّة الإنكار القلبي على كلّ مكلّف، ودونه في
الاحتمال الأمر اللساني، وأمّا الحمل عليه بضرب ونحوه فيمكن القطع بعدم العينيّة فيه، فيكفي حينئذٍ وقوعه من البعض فيسقط عن الآخر، ولا
إثم عليه، وإن كان قادراً على ما وقع من غيره أيضاً، كما أنّه يمكن القطع بملاحظة السيرة
المستمرّة في سائر
الأعصار و
الأمصار بعدم الوجوب العينيّ فيهما، ولذا يكتفي ذو
القدرة عليهما
بإرسال من يقوم بهما عن مضيّه بنفسه، وعن مضيّ غيرهم ممّن هو
مشترك معهم في
التكليف ، كما هو واضح».
ويناقش هذا التفصيل بأنّ الإنكار القلبي إن فرض بمعنى عدم
الرضا بالمنكر دون
إبراز ذلك فهذا قد يتصوّر فريضةً اخرى غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن فرض هو
الإبراز فلا دليل على هذا التفصيل؛ فإنّ الإطلاقات هنا إمّا تجري على أصالة العينية كما قرّر في الاصول أو تلاحظ مناسبات الحكم والموضوع، والقصد من وراء هذه الفريضة وهو رفع المنكر و
تحقيق المعروف خارجاً، وهذا كما يصلح
مقيّداً لمرتبة اليد كذلك يصلح لسائر المراتب، ولا توجد نصوص خاصة تفصّل بين هذه المراتب في الوجوب.
التفصيل في المراتب أيضاً، وهو القول بالوجوب العيني على الحاكم أو من يقوم مقامه في الإنكار باليد، والوجوب الكفائيّ على جميع المكلّفين في الإنكار باللسان وبالقلب؛ وذلك جمعاً بين ما دلّ على
عصمة النفوس، وحرمة
إراقة الدماء، و
التصرّف في نفوس الغير، وحفظ
النظام ، بل ما ورد في تفسير الامّة في الآيات الواردة فيها
بأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بالإمام القوي المطاع العالم، كروايتي
مسعدة بن صدقة المتقدّمتين.
وعلى أيّ حال- أي سواء قلنا بكون وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كفائياً أو عينياً- تظهر
فائدة القولين في وجوب قيام الكلّ به قبل حصول الغرض وإن قام به من فيه كفاية على الوجوب العيني، وسقوط الوجوب عمّن زاد على ما فيه الكفاية من القائمين على القول الآخر، وحينئذٍ فلو أمر أو نهى بعض وتخلّف بعض كان آثماً وإن حصل المطلوب بالبعض الآخر.
ولا إشكال في سقوط الوجوب بامتثال المأمور على القولين وإن اختلفت
الجهة على
التقديرين .
لا يعتبر في الأمر والنهي قصد
القربة و
الإخلاص ، بل هما
توصّليّان لقطع الفساد و
إقامة الفرائض، وإن كانت نيّة القربة شرطاً في حصول الثواب، وهو
مذهب بعض الفقهاء.
ولعلّ
المستند في ذلك تارةً خلوّ النصوص عن قيد قصد القربة ولو بنحو
الإشارة ، واخرى بمناسبات الحكم والموضوع؛ إذ حيث كان الغرض هو تحقّق المعروف وعدم تحقّق المنكر فلا
تلازم بين هذين وبين قصد القربة، فلا يستدعي نوع الوجوب المأخوذ فيهما
التعبّدية في التكليف.
نعم، لا يتأتّى المعروف من تاركه مع كونه
عبادياً لو أمر به الآمر؛ لكون الداعي
لإتيانه أمر الآمر لا أمر اللَّه سبحانه
المعتبر في العبادات،
إلّاأنّ هذه المسألة وإن كانت تصدق في مورد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن البحث فيها أعم ويتعلّق بمطلق
المكرَه على العبادة. ثمّ إنّه قد يصير الأمر والنهي تعبّديّين
بالنذر ونحوه، وهو حيث كان مصداقاً من مصاديق النذر فيحال البحث إليه.
صرّح الفقهاء بأنّ الأمر بالمعروف ينقسم إلى الواجب و
المندوب ؛ لأنّ المعروف ينقسم إليهما، فالأمر بالواجب واجب، وبالمندوب مندوب،
وادّعى
الفيض الكاشاني الإجماع عليه.
ويدلّ عليه-
مضافاً إلى الإجماع- قاعدة
التبعية بين الأمر والمأمور به، فإن كان
المأمور به واجباً فالأمر به واجب كذلك، وإن كان
مستحبّاً فهو مستحبّ، وقد تمسّك بها كثير من الفقهاء.
قال: «والمعروف على ضربين: واجب، وندب، والأمر بالواجب منه واجب وبالمندوب مندوب؛ لأنّ الأمر لا يزيد على المأمور به نفسه، والمنكر لا ينقسم بل كلّه قبيح، فالنهي عنه كلّه واجب».
ويدلّ عليه أيضاً ما ورد في النص من أنّ «الدالّ على
الخير كفاعله»،
وفي آخر: «فهو
شريك »،
وفي ثالث: «لا يتكلّم
الرجل بكلمة حقّ يؤخذ بها إلّا كان له مثل
أجر من أخذ بها»،
فإنّ هذه النصوص تشمل الأمر بالمندوبات فتفيد
استحبابه من دون الحاجة إلى مطلقات أدلّة وجوب الأمر بالمعروف.
وبمثل ذلك ترفع اليد عن وجوب الأمر بمطلق المعروف، فيبقى على ظهوره في غيره، من دون
اقتضاء ذلك قلب الأوامر المذكورة إلى الظهور في مطلق
الرجحان أو في
اختصاصها بخصوص الواجب منها كي يلزم سقوط حجّيتها في الوجوب في الواجبات على الأوّل، أو سقوط حجّيتها عن
أصل الرجحان في المندوب على الثاني.
نعم، ذلك كلّه على فرض إطلاقها في الوجوب بالنسبة إلى مطلق المعروف، وإلّا فمع قيام
الارتكاز على عدم
صلاحية الأمر بالمندوب أن يكون زائداً على المندوب، فربما يكون ذلك من القرائن الحافّة بالكلام المانعة من
انعقاد ظهوره في الوجوب في مطلق المعروف، بل لابدّ إمّا من
صرف ظهورها عن إطلاقها، أو صرف ظهورها في الوجوب، ومع
التزاحم يطرأ
الإجمال فتخرج المطلقات عن دلالتها على الوجوب حتى في الواجبات، لو لم نقل بأنّ
دلالة الأوامر على الوجوب بالوضع أو
لاقترانها ببعض القرائن، وإلّا فيكون مقدّماً على
الإطلاق لعدم مزاحمة المقتضى
التعليقي مع
التنجيزي .
وحينئذ فتخرج المطلقات عن الدلالة على الرجحان في المستحبّات، فلابدّ من
التشبّث بالنصوص السابقة في
إثبات الرجحان في الأمر بالمندوبات. لكن الذي يسهّل
الخطب منع
بلوغ الارتكاز بمثابة تمنع عن انعقاد أصل الظهور، ولو من جهة احتمال كون
مصلحة الإيجاب في المندوبات مجرّد
إعطاء الحجّة
توطئة للأخذ به في الزائد عن مقدار
القرينة على
الخلاف .
واشكل عليه بأنّه يلزم منه
استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد؛ لأنّ الأمر في المطلق حين اطلق لا يخلو إمّا أن يكون اريد به
الطلب الوجوبي أو
الندبي أو
الجامع بينهما أو
المهمل أو كلاهما
مستقلّاً ، والأوّل يستلزم رفع اليد عن ظهور الطلب فيما دلّ الدليل
المنفصل على عدم لزومه كما في المندوبات والمكروهات، والثاني يستلزم
العكس فيكون دالّاً على استحباب الأمر والنهي حتى في الواجبات والمحرّمات، والثالث لا يمكن تصوّره
للتضادّ بين الوجوب
المفيد لعدم
الترخيص والاستحباب المفيد له، و
الإهمال في الإطلاق والتقييد في عالم الثبوت
مستحيل ، والخامس استعمال للفظ في أكثر من معنى، وهو مستحيل أيضاً.
ويلاحظ عليه: بأنّه لا مانع من استعمال اللفظ في أصل الطلب والرجحان، فيكون جامعاً بين الوجوب والاستحباب. نعم، على هذا حينئذٍ لا يمكن إثبات وجوبهما في الواجبات كما هو مقصود
المستدلّ ، لا أنّه لا يتصوّر الجامع بين الوجوب الاستحباب كما ورد في الإشكال. وحلّ هذا
الإشكال أمّا بناءً على مبنى
المحقّق النائيني الذي يرى أنّ الوجوب والاستحباب مرتبتان من مراتب حكم العقل ينتزعهما بملاحظة ورود الترخيص وعدمه، فإنّه لا مانع من
بقاء ظهور الأمر في الطلب الذي إن رخّص فيه بدليل منفصل حكم العقل باستحباب ما رخّص فيه، وإن لم يرخّص فيه كذلك حكم بالوجوب.
وكذلك بناءً على مبنى
المحقّق العراقي من أنّ دلالة الأمر على الوجوب يكون بالإطلاق ومقدّمات
الحكمة لا بالوضع، فإنّه لا مانع من ورود
الكاشف عن قيد الترخيص في الترك بالنسبة إلى المندوبات من المعروف دون الواجبات مع بقاء معنى
اللفظ واحداً وهو الطلب، غاية الأمر مقدّمات الحكمة تبقى تامّة بلحاظ الأمر بالواجبات فتنفي قيد الترخيص في تركه فيكشف أنّ طلبه وجوبي، بخلاف الأمر بالمندوبات فإنّ مقدّمات الحكمة
انحلالية كما هو منقح في
علم الاصول .
وأمّا بناءً على المبنى القائل بوضع الأمر للوجوب فأيضاً يصحّ هذا النحو من
الجمع العرفي إذا كانت القرينة على الترخيص منفصلة كما إذا قال: اغتسل
للجنابة و
للجمعة ، وورد في دليل آخر ظاهره الترخيص في ترك
غسل الجمعة ، فيحمل الأمر بالغسل في الدليل الأوّل على الوجوب بالنسبة للجنابة وعلى الاستحباب بالنسبة للجمعة، بلا لزوم
محذور استعمال الأمر في أكثر من معنى ليتوهّم
استحالته أو عدم عرفيّته؛ وذلك لأنّ القرينة المنفصلة لا تغيّر المعنى المستعمل فيه لذي القرينة وإنّما يكشف عن المراد الجدّي منه.
وتفصيل ذلك في محلّه من علم الاصول.
هذا، وأمّا النهي عن المنكر فقد صرّح بعض الفقهاء
بأنّه لا يكون إلّاواجباً فقط؛ لأنّ المنكر لا ينقسم إلى قسمين؛ إذ ليس هو إلّا
القبيح المحرّم، فالنهي عنه واجب لا غير، وقد نفى العلّامة الحلّي عنه الخلاف، حيث قال: «وأمّا المنكر فكلّه
حرام ، فالنهي عنه واجب، ولا خلاف في ذلك».
لكن ذهب جماعة من الفقهاء إلى
انقسام النهي عن المنكر إلى قسمين أيضاً، وهما: النهي عن الحرام فيكون واجباً، والنهي عن
المكروه فيكون مستحبّاً،
فيصير المنكر حينئذٍ على قسمين كالمعروف، إلّاأنّ ذلك خلاف المعنى
المتداول للمنكر. نعم، يمكن
استفادة استحباب الأمر بترك المكروهات من إطلاق الأمر بالمعروف؛ لأنّ ترك المكروه معروف أيضاً كما ذكر ذلك بعض الفقهاء.
قال: «الأمر والنهي وكلّ منهما على ضربين: واجب وندب، فما وجب فعله عقلًا أو سمعاً الأمر به واجب، وما ندب إليه الأمر به مندوب، وما قبح عقلًا أو سمعاً النهي عنه واجب، وما كره منهما النهي عنه مندوب»،
واستجوده العلّامة الحلّي.
قال: «ويستحبّ الأمر بالمندوب والنهي عن المكروه، ولا يدخلان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنّهما واجبان في الجملة إجماعاً، وهذان غير واجبين... وإن أمكن تكلّف
دخول المندوب في المعروف؛ لكونه الفعل الحسن
المشتمل على وصف زائدٍ على حسنه من غير
اعتبار المنع من
النقيض . أمّا النهي عن المكروه فلا يدخل في أحدهما، أمّا المعروف فظاهر، وأمّا المنكر فلأنّه الفعل القبيح الذي عرف فاعله قبحه أو دلّ عليه، والمكروه ليس بقبيح».
وجعل
ابن حمزة المنكر على قسمين: حرام ومكروه، حيث قال: «النهي عن المنكر يتبع المنكر، فإن كان المنكر
محظوراً كان النهي عنه واجباً، وإن كان مكروهاً كان النهي عنه مندوباً».
قال: «بعد وضوح الحكم من الأخبار لا مجال
للشبهة في دلالة ما ذكر من الكتاب
العزيز من جهة شمول المعروف للواجب والمستحبّ، وشمول المنكر للحرام والمكروه، مع أنّ المعروف عدم وجوب الأمر بالمستحبّ، وعدم وجوب النهي عن المكروه، بل لو لم يكن
إجماع أمكن وجوب الأمر بكلّ معروف ولو كان مستحبّاً، ووجوب النهي عن كلّ منكر حتى المكروه؛ لإمكان أن لا يكون
النظر إلى حصول الفعل والترك فقط».
ذكرت في كلمات الفقهاء موارد يغدو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حراماً فيها، وهي:
كلّ ما فُقد فيه شرط الجواز حرم فيه الأمر والنهي، و
القدر المتيقّن المتسالم عليه هو
استلزام الضرر على النفوس والأموال الكثيرة إذا لم يكن مورد الأمر والنهي أهمّ منها شرعاً، أو لزوم
مفسدة اخرى لا يرضى بها الشارع، مثل
تمادي فاعل المنكر في عمله، أو
إشفاع الأمر والنهي بما يحرم على الآمر شرعاً، كهتك
المسلم أو
إخافته أو غير ذلك. ودليل ذلك كلّه واضح وسيأتي.
إذا كانت المسألة مختلفاً فيها واحتمل
مخالفة رأي الفاعل أو التارك لرأيه
اجتهاداً أو
تقليداً ، وأنّ الفاعل يرى جواز ما يرتكبه وإن كان حراماً عند الآمر، وسوف يأتي الكلام عن ذلك في
اشتراط تنجيز التكليف، من شروط المأمور والمنهي.
لو استلزم الإنكار
إذلال المؤمن أو هتك فاعل المنكر أو
إيذاءه وقد صرّح به بعض الفقهاء،
ما لم يكن المورد من موارد
التزاحم .
قال: «لو علم إجمالًا بأنّ أحد الشخصين أو الأشخاص مصرّ على
ارتكاب المعصية وجب ظاهراً توجّه
الخطاب إلى
عنوان منطبق عليه بأن يقول:
من كان
شارب الخمر فليتركه... ولو كان في توجّه النهي على العنوان المنطبق على العاصي هتك لهؤلاء الأشخاص فالظاهر عدم الوجوب، بل عدم
الجواز ».
لو كان الأمر أو النهي في مورد بالنسبة إلى بعض موجباً لوهن
الشريعة المقدّسة ولو عند غيره لا يجوز خصوصاً مع صرف
احتمال التأثير، إلّاأن يكون المورد من المهمّات، والموارد مختلفة.
هذا، فلو أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر في مورد لا يجوز له يجب على غيره نهيه عنهما.
الموسوعة الفقهية، ج۱۷، ص۱۵۷-۱۷۳.