الأصم
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
المرء الذي
ثقل سمعه ولايسمع أذنه صوتاً وشهر
رجب سمّي الأصمّ لعدم
سماع صوت
السلاح و
المستغيث فيه.
الأصمّ: ذو الصمم، والصمم
انسداد الاذن وثقل
السمع ، ويقع وصفاً للُاذن وغيرها فيقال: اذن صمّاء و
رجل أصمّ و
امرأة صمّاء. و
الخلخال الأصمّ الذي لا
صوت له. و
حجر أصمّ: أي
الصلب و
المصمت .
وسمّي شهر
رجب ب (الأصمّ) حيث كان لا يسمع فيه صوت مستغيث ولا حركة
قتال ؛ لأنّه من
الأشهر الحرم . والصمّ جمع أصمّ: مثل
أحمر وحمر.
ولا يخرج
استعمال الأصمّ لدى الفقهاء عن معناه في
اللغة وإن كان
الأغلب استعمالًا الأوّل أي الذي به الصمم.
الطَرَش - لغة-: الصمم، أو أهون الصمم، يأتي وصفاً للرجل و
المرأة ، فيقال: رجل
أطرش وامرأة طرشاء. و
الجمع طرش: مثل أحمر وحمر.
وكذلك معناه عند الفقهاء.
تتعلّق بعنوان (الأصم) وما اشتقّ منه
أحكام بعضها يتصل
بالعبادات وبعضها بغيرها، وتتّضح من خلال
الإشارة الإجمالية للموارد
التالية :
الأوّل- في الامور العبادية :
الأصمّ إذا كان لا يعقل الألفاظ ولا يسمعها ولا يعرف تلفّظ
الناس بها- كما في الأصمّ الخلقي- وهو أحد أفراد
الأخرس كانت قراءته بتحريك لسانه. كما أنّ إبرازه لمقاصده يكون على
الطريقة التي يعتادها فتجري في عبادته أيضاً.
وفي
وجوب عقد قلبه عند
تحريك لسانه ومعنى ذلك في حقّه، أو اعتبار إشارته
بإصبعه خلاف بينهم.
وأمّا إذا كان يعرف
الكلام ويتلفظ به كانت صلاته
بالقراءة كغير الأصم.
وهكذا يلحق هذا الأصم بالأخرس في
التلبية ، فتترتب عليه تمام أحكام تلبية الأخرس بتحريك
اللسان مع
الإشارة بالإصبع ونحو ذلك؛
لأنّه منه. نعم، احتمل بعض الفقهاء أن يكون حكم الأخرس الإشارة في التلبية فيما يطالب الأصم الذي لم يسمع التلبية ولا يمكن تعريفها له
بالنيابة ؛ لعدم إمكان الإشارة منه أيضاً،
أمّا إذا تمكّن من التلفظ بالتلبية أو أمكنه الإشارة بحيث كان الصمم عارضياً لزمه.
ذكر بعض الفقهاء
كراهة
الصلاة للمرأة في
خلخال مصوّت، ولو كانت صمّاء جاز بلا
كراهة ، بل عزي
ذلك إلى
المشهور ، بل نفي
الخلاف فيه إلّامن
القاضي ابن البراج فمنع المصوّت،
حيث جعله من جملة ما لا تصحّ الصلاة فيه بحال.
واستدلّ للمشهور بصحيح
علي بن جعفر عن أخيه
موسى بن جعفر عليه السلام أنّه سأله عن الخلاخل هل يصلح للنساء و
الصبيان لبسها؟ فقال: «إذا كانت صمّاء فلا بأس، وإن كان لها صوت فلا».
وبعدم جريان ما علل
به كراهة لبس الخلخال للنساء في الصلاة من اشتغال
القلب به هنا أي في الخلخال الصماء.
المشهور بين الفقهاء
جواز قراءة
المأموم إذا لم يسمع قراءة
الإمام في الصلاة
الجهرية ، بل في
الرياض أنّه قد أطبق
الأكثر بل الكلّ عدا
الحلّي على
الجواز .
ولما كان عدم
السماع هو
المعيار ، لم يفرّق فيه بين كونه لبعد المأموم أو لصمم فيه أو كثرة الأصوات أو نحو ذلك؛
وذلك أنّ (عدم السماع) ظاهر في السماع الفعلي، ومقتضى
الإطلاق عدم الفرق بين أسبابه ومناشئه من
قصور في المأموم لكونه أصمّ أو في الإمام لكونه ضعيف الصوت أو غير ذلك، كلّ ذلك لإطلاق
النصّ .
خلت أكثر كلمات الفقهاء من
الحديث عن إمامة الأصمّ، إلّاأنّ
العلّامة الحلّي صرّح في خصوص كتاب
المنتهى بكراهة إمامته؛ لأنّه ذو
عاهة ، ولو انضمّ إليه
العمى كان أشدّ كراهة.
انطلاقاً من أنّه ينبغي أن يكون الإمام مبرأً من العاهات كما ذكر
الشيخ الطوسي ،
فكأنّه أخذ هذا
الاستحباب أو
التفضيل بمثابة مستند لكراهة عكسه. لكن ذكر غير واحد من الفقهاء
أنّه تجوز إمامته من دون تصريح بالكراهة، معلّلًا الجواز في بعض الكلمات
بأنّه لا يخلّ بشيء من واجبات الصلاة وشروطها. وهو مختار
المحقّق النجفي أيضاً.
وقع
الخلاف في أنّ
تحريم الكلام أثناء
خطبة صلاة
الجمعة أو كراهته ووجوب
الإصغاء أو استحبابه هل هو مختصّ بالمتمكّن من سماع الخطبة أو يعمّ غيره أيضاً كالبعيد والأصمّ؟ قولان: اختار الأوّل جماعة.
ويظهر الثاني من
العلّامة الحلّي في
المنتهى بل هو صريح
المحقّق النراقي ،
مستدلّاً له
بالعموم ، ومخصّصاً ذلك في الكلام دون الإصغاء؛ لعدم إمكانه في حقّهما.
أوجب بعض الفقهاء
رفع الإمام الصوت في خطبة صلاة الجمعة بحيث يسمع
العدد المعتبر ، وتردّد آخرون فيه،
واستحبّه
فريق ثالث.
من هنا لو كان هناك ما يمنع من السماع أو كان المأمومون صمّاً فهل تسقط الخطبة بل الجمعة بتعذّر الإسماع أم لا؟ طرح الفقهاء هذه
المسألة ، وصرّح جمع منهم بعدم
السقوط .
وأنّ ذلك مجزىء للإمام عندما يرفع صوته بالمقدار
الممكن لمن يسمع من الحاضرين.
واستدلّ لذلك بأنّ
الميسور لا يسقط بالمعسور.
لكن احتمل آخرون سقوط الصلاة إذا كان
المانع حاصلًا للعدد المعتبر في وجوب الجمعة؛ لأنّه لا تعبّد بهذه الصلاة وفقاً لهذا
الحال .
ولذلك علّق المحقّق النجفي بالقول: «لا أقلّ حينئذٍ من
الاحتياط بالجمع بين
الفرضين ».
ذكر المحقّق النجفي أنّ الصمم ليس
مرضاً مانعاً من
الحج ، فلو تحقّقت
الاستطاعة وجب على الأصمّ الحجّ، ولا ريب في
تناول نصوص الصحّة للأعمى و
الأعرج والأصمّ ونحوهم.
قال الفاضل الهندي: «يجب
الحج على الأعمى عندنا... لعموم الأدلّة حتى نصوص الصحة، فإنّه في
العرف لا يسمّى مريضاً، ولو اعتبرت
الحقيقة لم يجب على الأصمّ أو الأعرج أو من دونهما».
ذكر غير واحد من الفقهاء على كراهة أن تكون
الحصى التي ترمى بها
الجمار صمّاً أي
صلبة .
(نعم، فسّر
الشهيد الثاني الصمّ هنا ما كان على لون واحدٍ من
الحجارة في مقابل
البرش .)ويدلّ عليه حسن
هشام بن الحكم عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام في حصى الجمار، قال: «كره الصمّ منها»، وقال: «خذ البرش».
الثاني- في الامور غير
العبادية :
مقتضى الأدلّة العامة في باب
السلام وردّه أنّه لو سلّم شخص على آخر وجب
الردّ بحيث يسمع الطرف الآخر، من هنا انفتح
الحديث عن السلام على الأصم أو جواب سلامه. أمّا السلام عليه فذكر بعض الفقهاء أنّه لابد من
الجمع بين
التلفّظ بالسلام على الأصم وبين الإشارة له ولو
باليد كي يحصل بذلك
الإفهام ، وفي غير هذه الحال لا يُلزم الأصم بشيء؛
لفرض عدم فهمه لما يُلقى عليه. وأمّا ردّ سلامه فالذي يظهر من بعض الفقهاء كفاية ردّ السلام
بالإتيان باللفظ بحيث يسار في ذلك على
المتعارف ، بمعنى أنّه لو لم يكن أصم لسمع
الجواب ، وليس من ملزم بالإشارة أو بغيرها من وسائل الإفهام و
التفهيم .
و
المستند في ذلك أصل
البراءة عن وجوب الإسماع هنا؛ فإنّ ما دلّ على وجوبه من إجماعٍ أو غيره لا يشمل هذه الحالة، فيسقط وجوب الإسماع، ويبقى أصل الجواب على حاله.
لكنّ فقهاء آخرين ذهبوا بعد سقوط وجوب الإسماع إلى ما ذكر في إلقاء السلام على الأصم حيث قالوا باستحباب ضمّ الإشارة إلى اللفظ.
وفصّل
السيد الخوئي بين ما لو كان الصمم عارضيّاً فلم يستبعد وجوب الردّ حيث لا قصور في
شمول الإطلاقات له، ومجرّد تعذّر الاسماع لا يستوجب سقوط الردّ بعد التمكّن من
إيصاله إليه بإشارة ونحوها، فإنّه لا شأن للإسماع ما عدا
الإبلاغ والإيصال، وحيث تعذّر فليكن من
سبيل آخر.
وبين ما لو كان الصمم ذاتيّاً فإنّ سلامه يكون بالإشارة كالأخرس، ولا دليل على وجوب الردّ في الفرض فضلًا عن إسماعه؛ وذلك لعدم
نهوض دليل على
قيام إشارته مقام قوله بنطاق عام وإنّما ثبت في موارد خاصّة
كالتشهّد والقراءة من غير قرينة تستوجب
التعدّي عنها.
عدّ بعض الفقهاء
الصمم من جملة
العيوب التي توجب
فسخ البيع ، فلو اشترى
العبد وكان به صمم ولم
يعلمه ثبت له حقّ فسخ البيع
بخيار العيب بلا خلاف فيه بين الفقهاء؛ لأنّه خروج عن
المجرى الطبيعي للخلقة فكان نقصاً وعيباً
وادّعي عدم الخلاف فيه،
بل
الإجماع .
يشترط في
الرقبة التي يراد عتقها
السلامة من العيوب التي تعتق بها، وهي
العمى و
الإقعاد و
الجذام و
التنكيل الصادر من
المولى ؛ وذلك لانعتاقها بمجرّد حصول هذه الأسباب على المشهور بين الفقهاء،
فلا يتصوّر إيقاع
العتق ثانياً بعد تحققه؛
لانعدام الموضوع . وللموثّق: «لا يجزي الأعمى في الرقبة، ويجزي ما كان منه مثل
الأقطع و
الأشل والأعرج و
الأعور ، ولا يجوز
المقعد ».
ونحوه آخر.
وأمّا غيرها من العيوب فالمشهور بين الفقهاء عدم اعتبار السلامة فيها، فيجزئ حينئذٍ عتق العبد الأصم في
الكفارة .
وخالف
ابن الجنيد في
الناقص خلقة وبطلان
الجارحة إذا لم تكن في
البدن سواها
كالخصي والأصم والأخرس، فلا يجزي عتق هؤلاء في الكفارة.
وضعّف بالشذوذ وعدم وضوح المستند،
بل في
الجواهر : «يمكن تحصيل الإجماع على خلافه».
أجرى الفقهاء أحكام
اللعان من
الحرمة المؤبدة وغيرها على من قذف زوجته الصمّاء بما يوجب اللعان لو لم تكن كذلك وادّعي عدم وجدان الخلاف فيه، بل انعقاد الإجماع عليه.
واستدلّ له بصحيح أبي بصير: عن رجل قذف امرأته بالزنا وهي خرساء صمّاء لا تسمع ما قال، قال: «إن كان لها بيّنة فشهدت عند الإمام جلد الحد وفرّق بينها وبينه، ثمّ لا تحلّ له أبداً، وإن لم يكن لها بيّنة فهي حرام عليه ما أقام معها ولا إثم عليها منه».
قال في الرياض: «ومقتضاه- ككلام جماعة- تعلّق
الحكم بالمتّصفة بالأمرين أي الصمم والخرس إلّاأنّ في بعض النسخ
الاكتفاء بأحدهما كما في
المتن وعن
الأكثر ، بل عليه الإجماع عن
الغنية و
السرائر ، وهو
الحجّة ».
شهادة الأصمّ إمّا أن تكون فيما يفتقر فيه إلى السماع، أو فيما لا يفتقر فيه إليه بل تكفي فيه حاسّة
البصر . فعلى التقدير الأوّل إمّا أن يتحمّل الشهادة حين ابتلائه بالصمم، أو يتحمّلها قبل ابتلائه به، كما إذا كان يسمع ثمّ اعتلّ به. ففي
الصورة الاولى: ظاهر كلماتهم
عدم
الاعتداد بشهادته، حيث قيّدوا
قبول شهادته بما لا يفتقر إلى السماع، بل صرّح به بعضهم.
وفي
الصورة الثانية: ظاهرهم قبول شهادته، بل صرّح به
السيد الطباطبائي ، مدّعياً عدم الخلاف فيه وفي الصورة التالية.
وأمّا على
التقدير الثاني- وهو فيما لا يفتقر إلى
السماع بل يكفي فيه حاسّة البصر،
كالقتل و
الغصب - فقد ادّعى غير واحد من الفقهاء أنّ المشهور
قبول شهادة الأصمّ فيها؛ لعموم قوله تعالى: «وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنكُمْ»،
ولأنّ
المناط العدالة المثمرة للظن ،
المناسب لقبول شهادته.
كما أنّ ملاك الشهادة هو
العلم بالمشهود به، وهو متحقّق هنا.
لكنّ بعض الفقهاء
قيّدوا قبول شهادته بلزوم الأخذ بأوّل قوله؛ استناداً إلى رواية
جميل عن
الإمام الصادق عليه السلام ، قال: سألته عن شهادة الأصم في القتل، فقال: «يؤخذ بأوّل قوله، ولا يؤخذ بالثاني».
إلّاأنّ أكثر الفقهاء أعرضوا عن
العمل بهذه
الرواية مصرّحين بضعفها السندي.
بل ذكر بعضهم أنّه إذا اريد بالقول الثاني فيها ما ينافي الأوّل كان رجوعاً فتجري عليه قوانين رجوع
الشاهد من ردّ كلامه الأوّل، وإن اريد به ما يؤكّد
القول الأوّل فلا معنى للردّ، أمّا لو لم يرتبط أساساً بالقول الأوّل كان كلاماً مستقلّاً لا ربط له بالشهادة فما معنى الحديث عنه؟! وإن اجيب بأنّ هذه الرواية تصلح مخصّصاً للقاعدة
العامة في ردّ الشهادة الاولى
بالرجوع .
بل يمكن القول بأنّ هذه الرواية لا تنافي مبدأ
الأخذ بشهادة الأصم وإنّما تفصّل في مورد رجوعه عن شهادته- بناءً على هذا
التفسير لها- فليس من ذهب إليها بقائل بالتقييد في
أصل حجّية شهادة الأصم.
۶
اختلف الفقهاء في
قضاء الأصم، وأنّه هل يشترط السمع في
القاضي أم لا؟ ذهب فريقٌ إلى عدم
الاشتراط وأنفذوا قضاء الأصم،
مستدلّين على ذلك بالأصل و
العمومات ، وأنّه حيث كان عالماً عادلًا فإنّه لن يحكم إلّابعد
علمه بالحال.
فيما ذهب فريقٌ آخر إلى الاشتراط، فقالوا بعدم
انعقاد قضاء الأصم.
واستدلّ له بأنّه لولاه لتعذّر القضاء، وأنّ
الإطلاقات منصرفة عن الأصمّ.
إلّاإذا توقّف القضاء عليه فإنّه لا ينبغي
الإشكال في عدم الاشتراط.
ويبدو من
فخر المحقّقين أنّه يحاول إيجاد
مصالحة جامعة بين
مبررات الفريقين حيث قال: «الأصمّ إذا امتنع سماعه لم يصحّ توليته إجماعاً؛ لامتناع سماع
البيّنات و
الإقرارات و
الأيمان . وأمّا إن أمكن سماعه بمسمع أو قوّة صوت ففيه خلاف، قيل بالمنع؛ لأنّ فيه
تضييع حقّ
المسلمين ، والأصح
الجواز كقضاء من لا
يعلم اللغة ويحتاج إلى
المترجم ».
وحيث انفتح الحديث عن
الاستعانة بالمسمع، تحدّث الفقهاء عن اشتراط التعدّد فيه بين
قائل به،
ونافٍ له،
على تفصيل في محلّه.
صرّح بعض الفقهاء
أنّ اذن الأصمّ كالصحيح بالنسبة إلى ثبوت
الدية أو
القصاص بالجناية عليها، وادّعي عدم الخلاف فيه.
وعلّل عدم الفرق بإطلاق
الدليل حيث لا تفصيل فيه بين
الاذن الصمّاء وغيرها، كما ذكروا أنّ الصمم ليس نقصاً في الاذن نفسها وإنّما هو نقص في السماع فهو عيب في غيرها فلا يترك أثره على الأحكام
المترتبة عليها.
ذكر الفقهاء في
معرفة مقدار
الجناية بالصمم طريقاً لمعرفة ذلك، وهو
قياس الاذن إحداهما بالاخرى، بأن تطلق الاذن
الصحيحة وتسدّ
الناقصة سدّاً شديداً ويصاح به أو يضرب
بجرس ونحوه حيال وجهه ويتباعد عنه حتى يقول: لا أسمع، فتجعل
علامة على ذلك
المكان ، ثمّ يعاد عليه ذلك مرّة ثانية من جهة اخرى، فإن تساوت
المسافتان صدّق، ثمّ تسدّ الصحيحة وتطلق الناقصة، ويعتبر بالصوت تباعداً عنه حتى يقول: لا أسمع ثمّ يكرّر عليه
الاعتبار ، فإن تساوت
المقادير في سماعه فقد صدّق، وتمسح حينئذٍ مسافة الصحيحة ومسافة الناقصة، ويطالبه بتفاوت ما بين المسافتين، فإن كانت المسافة في الناقصة نصف المسافة في الصحيحة وجب نصف الدية، وإن كانت ثلثاً فثلث، وهكذا
الحساب في الدية.
وفي رواية
أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السلام اعتبار
الصوت من جوانبه الأربعة، وهي: في
رجل وُجئ في اذنه فادّعى أنّ إحدى
اذنيه نقص من سمعها شيئاً، فقال: «تسدّ التي ضربت سدّاً شديداً ويفتح
الصحيحة فيضرب بها بالجرس ويقال له: اسمع، فإذا خفي عليه الصوت
علّم مكانه، ثمّ يضرب له من خلفه ويقال له: اسمع فإذا خفي عليه الصوت
علّم مكانه، ثمّ يقاس ما بينهما، فإن كان سواء
علم أنّه قد صدق، ثمّ يؤخذ به عن يمينه فيضرب به حتى يخفى عليه الصوت ثمّ
يعلّم مكانه، ثمّ يؤخذ به عن يساره فيضرب به حتى يخفى عنه الصوت ثمّ
يعلّم مكانه، ثمّ يقاس ما بينهما فإن كان سواءً
علم أنّه قد صدق»، قال: «ثمّ تفتح اذنه
المعتلّة ويسدّ الاخرى سدّاً جيّداً ثمّ يضرب بالجرس من قدّامه، ثمّ
يعلّم حيث يخفى عليه الصوت يصنع به كما صنع به أوّل مرّة باذنه الصحيحة، ثمّ يقاس فضل ما بين الصحيحة والمعتلّة بحساب ذلك».
واعتبر
العلّامة الحلّي هذه
الكيفية ؛
لأنّها
أظهر و
أحوط .
وفي الجواهر: «لا ريب في أنّ ذلك أشدّ في
الاستظهار ، لكنّه غير لازم».
ولعلّه فهم منها مجرّد
الطريقية لتحديد مقدار السمع قوّةً وضعفاً، وبناءً عليه فيكون
المرجع أيّ وسيلة
علمية موثوقة تحدّد بما هو
الأقرب إلى
الواقع مقدار
درجة الصمم.
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۳۵۹-۳۶۹.