الحدود والتعزيرات
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وفيه فصول : الأول،
حد الزنا؛ الثاني،
حد اللواط؛ الثالث،
حد السحق؛ الرابع،
حد القيادة؛ الخامس،
حد القذف؛ السادس،
حد المسكر؛ السابع،
حد السرقة؛ الثامن،
حد المحارب؛ التاسع،
حد وطء البهائم؛ العاشر،
حد وطء الأموات؛ الحادي عشر،
حد الاستمناء.
جمع حدّ ، وهو لغةً : المنع. وشرعاً : عقوبة خاصّة تتعلّق بإيلام بدن المكلّف بواسطة تلبّسه بمعصية خاصّة ، عيّن
الشارع كمّيتها في جميع أفراده. ووجه مناسبة التسمية : أنّ
العقوبة مانعة من المعاودة. وإذا لم تقدَّر العقوبة يسمّى تعزيراً ، وهو لغةً : التأديب. والأصل فيهما
الكتاب والسنّة وإجماع الأُمّة. وتفاصيله في
الآيات والأخبار لكثرة أفراده كثيرة.
وفي الكتاب فصول:
•
حد الزنا،
وهو ممّا أجمع على تحريمه أهل الملل؛ حفظاً للنسب، وهو من الأُصول الخمسة التي يجب تقريرها في كلّ
شريعة وهي :
الدين،
النفس،
المال،
النسب،
والعقل. وهو من الكبائر، كما مرّ في كتاب
الشهادة. والنظر في هذا الفصل يقع في موارد ثلاثة:
موجبات حد الزنا،
أقسام حد الزنا،
لواحق حد الزنا.
•
موجبات حد الزنا،
الزنا الموجب للحدّ: فهو إيلاج
الإنسان فرجه في فرج امرأة من غير عقد ولا ملك ولا شبهة
؛ ويتحقق بغيبوبة
الحشفة قبلا أو دبرا
.
ولو راجع المخالع لم يتوجه عليه الرجم حتى يطأ
، وكذا العبد لو أعتق، والمكاتب إذا تحرر
. ويجب الحد على الأعمى، فأن ادعى الشبهة فقولان، أشبهها: القبول مع الاحتمال
. وفي
التقبيل والمضاجعة والمعانقة:
التعزير.
•
شروط حد الزنا، يشترط في ثبوت
الحد:
البلوغ،
والعقل، والعلم بالتحريم،
والاختيار؛ فلو تزوج محرمة كالأم أو المحصنة، سقط الحد مع الجهالة بالتحريم
، ويثبت مع
العلم؛ ولا يكون
العقد بمجرده شبهة في السقوط
؛ ولو تشبهت الأجنبية بالزوجية فعليها الحد دون واطئها
؛ وفي
رواية: يقام عليها الحد جهرا وعليه سرا
، وهي متروكة؛ ولو وطئ المجنون عاقلة، ففي وجوب الحد تردد، أوجبه
الشيخان؛ ولاحد على المجنونة
؛ ويسقط الحد بادعاء الزوجية، وبدعوى ما يصلح شبهة بالنظر إلى المدعى
.
•
حد الإحصان، ولا يثبت
الإحصان الذي يجب معه
الرجم حتى يكون الزانى بالغا حدا له فرج مملوك
بالعقد الدائم أو
الملك، يغدو عليه ويروح
، ويستوى فيه المسلمة والذمية؛ وإحصان المرأة كإحصان الرجل لكن يراعى فيها العقل إجماعا؛ ولا تخرج المطلقة
رجعية عن الإحصان، وتخرج
البائن، وكذا المطلق
؛ ولو تزوج معتدة عالما حد مع الدخول، وكذا المرأة؛ ولو ادعيا الجهالة أو أحدهما قبل على الأصح إذا كان ممكنا في حقه
.
•
ثبوت الزنا بالإقرار، يثبت الزنا على كلّ من الرجل والمرأة بالإقرار
، ولابد من
بلوغ المقر، وكماله، واختياره، وحريته، وتكرار الإقرار أربعا
وغيره
؛ وهل يشترط اختلاف مجالس
الإقرار؟ أشبهه: أنه لا يشترط؛ ولو أقر بحد ولم يبينه ضرب حتى ينهى عن نفسه
؛ ولو أقر بما يوجب
الرجم ثم أنكر سقط عنه
، ولا يسقط غيره
؛ ولو أقر ثم تاب كان
الإمام مجزى في الإقامة، رجما كان أو غيره
.
•
ثبوت الزنا بالبينة، ولا يكفى في إثبات الزنا بالبينة أقل من أربعة رجال، أو ثلاثة وامرأتين
،
والسنّة المستفيضة
؛ ولو شهد رجلان وأربع نساء يثبت بهم
الجلد لا الرجم
؛ ولا تقبل شهادة ست نساء ورجل، ولا
شهادة النساء منفردات
، ولا ريب في شذوذه، كما صرّح به بعض
الأصحاب؛ ولو شهد ما دون الاربع لم يثبت، وحدوا للفرية
، فقال سبحانه «لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ»
؛ ولابد في
الشهادة من ذكر المشاهدة، كالميل في المكحلة
؛ ولابد من تواردهم على الفعل الواحد في الزمان الواحد والمكان الواحد
. ولو أقام الشهادة بعض حدوا لو لم يرتقب إتمام البينة
؛ وتقبل شهادة الاربعة على الاثنين فما زاد
؛ ولا يسقط
الحد بالتوبة بعد قيام البينة
؛ ويسقط لو كانت قبلها، رجما كان أو غيره
.
•
أقسام حد الزنا، في بيان
الحدّ وأقسامه:
•
القتل في حد الزنا، يجب
القتل على الزاني بالمحرمة،
كالأم والبنت، وألحق
الشيخ كذلك امرأة
الأب؛ وكذا يقتل الذمي إذا زنى بالمسلمة، والزاني قهرا
؛ ولا يعتبر
الإحصان، ويتساوى فيه الحر والعبد، والمسلم والكافر
؛ وفي جلده قبل القتل تردد
.
•
الرجم في حد الزنا، ويجب
الرجم على
المحصن إذا زنى ببالغة عاقلة
؛ ويجمع للشيخ والشيخة بين
الحد والرجم إجماعا
؛ وفي الشاب روايتان
، أشبههما: الجمع
؛ ولا يجب الرجم
بالزنا بالصغيرة والمجنونة، ويجب
الجلد؛ وكذا لو زنى بالمحصنة صغير؛ ولو زنى بها المجنون لم يسقط عنها الرجم
.
•
الجلد في حد الزنا، ويجز رأس
البكر مع
الحد، ويغرب عن بلده سنة
؛ والبكر من ليس بمحصن
، وقيل: الذي أملك ولم يدخل
؛ ولا تغريب على المرأة
، ولا جز
؛ والمملوك يجلد خمسين، ذكرا أو أنثى،
محصنا أو غير محصن
، ولا جز على أحدهما ولا تغريب
.
•
حد تكرار الزنا، ولو تكرر
الزنى، كفى
حد واحد
؛ ولو حد مع كل واحد مرة قتل في الثالثة
، وقيل: في الرابعة
وهو
أحوط؛ والمملوك إذا أقيم عليه
حد الزنى سبعا قتل في الثامنة
، وقيل: في التاسعة
؛ وهو أولى.
•
الحد في زناء الذمي بذمية، والحاكم في الذمّي إذا زنى بذمّية
بالخيار: في إقامة الحدّ عليه، وتسليمه إلى أهل نِحلَته وملّته ليقيموا الحدّ عليه على معتقدهم الذي يزعمونه حقّا وإن حرّفوه
.
•
شروط إقامة حد الزنا، ولا يقام على الحامل حد ولا قصاص حتى تضع وتخرج من نفاسها وترضع الولد
، ولو وجد له كافل جاز؛ ويرجم المريض
والمستحاضة، ولا يحد أحدهما حتى يبرأ
؛ ولو رأى الحاكم التعجيل ضربه بالضغث المشتمل على العدد
وبمعناه أخبار كثيرة
؛ ولا يسقط الحد باعتراض
الجنون؛ ولا يقام في الحر الشديد، ولا البرد الشديد
، ولا في أرض العدو
، ولا على من التجأ إلى
الحرم؛ ويضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج للإقامة
؛ ولو أحدث في الحرم ما يوجب حدا، حد فيه.
•
اجتماع الحد والرجم في الزنا، وإذا اجتمع
الحدّ والرجم على أحد جُلِد أوّلاً ثم رجم
، ونحوه كثير
، وكذا إذا اجتمعت حدود، أو حقوق
قصاص، أو حدّ وقصاص، بدئ بما لا يفوت معه الآخر.
•
الدفن حال الرجم، ولا يدفن المرجوم إلاّ إلى حقويه
وعليه يحمل ما أُطلق فيه الحفر
حَمْلَ المطلق على المقيّد، وتدفن المرأة المرجومة إلى صدرها
.
•
الفرار من حفرة الرجم، فإن فرّ أحدهما من الحفرة أُعيد إليها، إن ثبت الموجب لرجمها
بالبيّنة، ولو ثبت الموجب
بالإقرار لم يُعد إلى الحفيرة، بلا خلاف إذا كان الفرار بعد إصابة ألم الحجارة، وكذلك إذا كان قبلها
؛ وقيل: إن لم تصبه الحجارة يُردّ
؛ وأمّا
الجلد، فالفرار منه غير نافع، بل يعاد إليه مطلقاً ولو ثبت زناه بالإقرار وفرّ بعد إصابة الألم
.
•
البدأة بالرجم، ويبدأ
الشهود بالرجم ثم
الإمام، ثم الناس، إن ثبت الموجب
بالبيّنة. ولو كان مقرّاً أي ثبت زناه بإقراره بدأ الإمام ثم الناس
.
•
كيفية الجلد في الزناء، يجلد الزانى قائما مجردا
؛ وقيل: إن وجد شابة جلد بها أشد الضرب
وجماعة
، وقيل متوسطا
؛ ويفرق على جسده، ويتقى فرجه ووجهه
؛ وتضرب المرأة جالسة، وتربط ثيابها
.
•
لواحق حد الزنا، وفيه مسائل ثمان: الأولى، إذا شهد أربعة بالزنى قبلا فشهدت أربع نساء
بالبكارة فلا حد
، وفي حد الشهود قولان
؛ الثانية، إذا كان الزوج أحد الأربعة فيه روايتان
، ووجه السقوط أن يسبق منه
القذف؛ الثالثة، يقيم الحاكم
حدود الله تعالى، أما
حقوق الناس فتقف على المطالبة
؛ الرابعة، من افتض بكرا بأصبعه فعليه مهرها، ولو كانت أمة فعليه عشر قيمتها
؛ الخامسة، من زوج أمته ثم وطئها فعليه
الحد؛ السادسة، من أقر أنه زنى بفلانة فعليه مع تكرار
الإقرار حدان، ولو أقر مرة فعليه
حد القذف، وكذا المرأة
، وفيهما تردد
؛ السابعة، من تزوج أمة على حرة مسلمة فوطئها قبل
الإذن فعليه ثمن
حد الزنى؛ الثامنة، من زنى في زمان شريف أو مكان شريف، عوقب زيادة على الحد
.
•
حد اللواط،
فاللواط يثبت
بالإقرار أربعا
، ولو أقر دون ذلك عزر؛ ويشترط في المقر
التكليف والاختيار والحرية، فاعلا كان أو مفعولا؛ ولو شهد أربعة يثبت
، ولو كانوا دون ذلك حدوا؛ ويقتل الموقب ولو لاط بصغير أو مجنون، ويؤدب الصغير
، ولو كانا بالغين قتلا، وكذا لو لاط بعبده؛ ولو ادعى العبد إكراهه درئ عنه
الحد؛ ولو لاط
الذمي بمسلم قتل وإن لم يوقب
؛ ولو لاط بمثله فللإمام الإقامة أو دفعه إلى أهل ملته ليقيموا عليه حدهم؛ وموجب الإيقاب
القتل للفاعل والمفعول إذا كان بالغا عاقلا، ويستوى فيه كل موقب
؛ ولا يحد المجنون ولو كان فاعلا على الأصح
؛
والإمام مجزى في الموقب بين قتله ورجمه وإلقائه من جدار وإحراقه
؛ ويجوز أن يضم الإحراق إلى غيره من الآخرين
؛ ومن لم يوقب فحده مائة على الأصح
، ويستوى فيه الحر والعبد
؛ ولو تكرر مع الحد قتل في الرابعة على الأشبه
؛ ويعزر المجتمعان تحت إزار مجردين ولا رحم بينهما، من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين
؛ ولو تكرر مع تكرار
التعزير حدا في الثالثة
؛ وكذا يعزر من قبل غلاما بشهوة
.
•
حد السحق،
والسحق وهو: دلك فرج المرأة بفرج اخرى؛ ويثبت بما يثبت به
اللواط؛ والحد فيه مائة جلدة، حرة كانت أو أمة، محصنة كانت أو غير محصنة، للفاعلة والمفعولة
؛ وقال في
النهاية: ترجم مع
الإحصان وتقتل
، المساحقة في الرابعة مع تكرار
الحد ثلاثا
؛ ويسقط الحد
بالتوبة قبل البينة كاللواط، ولا يسقط بعد البينة
؛ ويعزر المجتمعان تحت إزار واحد مجردتين؛ ولو تكرر مرتين مع
التعزير أقيم عليهما الحد في الثالثة
؛ ولو عادتا قال في النهاية قتلتا
؛ مسألتان: الأولى، لا
كفالة في الحد
، ولا تأخير إلا لعذر
، ولا شفاعة في إسقاطه
؛ الثانية، لو وطئ زوجته فساحقت بكرا فحملت من مائه فالولد له، وعلى زوجته الحد
والمهر وعلى الصبية
الجلد.
•
حد القيادة، وأما
القيادة: فهى الجمع بين الرجال والنساء
للزنا؛ أو الرجال والصبيان
للواط؛ ويثبت بشاهدين أو
الإقرار مرتين
؛
والحد فيه خمس وسبعون جلدة
؛ وقيل: يحلق رأسه ويشهر
؛ ويستوى فيه الحر والعبد والمسلم والكافر
؛ وينفى بأول مرة
؛ وقال
المفيد: في الثانية
؛ والأول مروي
؛ ولا نفي على المرأة ولا جز
.
•
حد القذف، وهو لغةً: الرمي بالحجارة، وشرعاً: قيل: رمي المسلم الحرّ الكامل المستتر
بالزناء أو
اللواط. وهو حرامٌ بنصّ
الكتاب،
والسنّة المستفيضة بل
المتواترة، مضافاً إلى
إجماع الأُمّة. ومقاصده أربعة:
•
موجب حد القذف، وهو الرمي بالزناء أو اللواط
وغيره
، وكذا لو قال: يا منكوحاً في دُبُره
، بأى لغة اتفق، إذا كانت مفيدة للقذف في عرف القائل؛ ولا يحد مع جهالته فائدتها؛ وكذا لو قال لمن أقر ببنوته: لست ولدى
؛ ولو قال: زنى بك أبوك، فالقذف لأبيه؛ أو زنت بك أمك فالقذف لأمه؛ ولو قال: يابن الزانيين فالقذف لهما
؛ ويثبت الحد إذا كانا مسلمين ولو كان المواجه كافرا؛ ولو قال للمسلم: يابن الزانية وأمه كافرة، فالأشبه: التعزير
، وفي
النهاية يحد
؛ ولو قال: يا زوج الزانية فالحد لها؛ ولو قال: يا أبا الزانية، أو يا أخا الزانية فالحد للمنسوبة إلى الزنا دون المواجه؛ ولو قال: زنيت بفلانة، فللمواجه حد، وفي ثبوته للمرأة تردد
؛ والتعريض يوجب
التعزير؛ وكذا لو قال لامرأته لم أجدك عذراء
؛ ولو قال لغيره ما يوجب أذى، كالخسيس والوضيع، وكذا لو قال يا فاسق ويا
شارب الخمر ما لم يكن متظاهرا
؛ ويثبت القذف
بالإقرار مرتين من
المكلف الحر المختار أو بشهادة عدلين
؛ ويشترط في القاذف البلوغ والعقل
؛ فالصبى لا يحد بالقذف ويعزر، وكذا المجنون.
•
المقذوف، في بيان المقذوف الذي يُحَدّ قاذفه كاملاً، ويشترط فيه لذلك:
الإحصان؛ ويشترط فيه:
البلوغ، وكمال
العقل،
والحرية،
والإسلام،
والستر وغيره
. وكذا يشترط فيه انتفاء البنوّة فالأب لو قذف ولده المحصن لم يحدّ، بل يعزّر؛ وكذا لو قذف زوجته الميّتة ولا وارث لها إلاّ ولده، نعم، لو كان لها ولد من غيره كان لهم الحدّ تامّاً
.
•
أحكام حد القذف، في بيان أحكام
القذف: فلو قذف شخصٌ جماعة واحداً بعد واحد، فلكلّ واحد حدّ، ولو قذفهم بلفظ واحد ك: يا زناة فعليه للجميع حدّ واحد إن طالبوا مجتمعين، وإن افترقوا في المطالبة فلكلّ واحد حدّ
؛ وحدّ القذف يُورَث لو مات المقذوف قبل استيفائه والعفو عنه كما يُوَرث المال، ولكن لا يرث الزوج ولا الزوجة بل ولا غيرهما من ذوي الأسباب، عدا
الإمام، فيرثه، ولكن ليس له العفو
؛ ولو قال: ابنك زان أو: لائط أو: بنتك زانية، فالحدّ لهما مع بلوغهما وعقلهما، لا للمواجه
؛ وقال في
النهاية إنّ للأب المواجه المطالبة للحدّ والعفو عنه
؛ ولو ورث
الحدّ جماعة، فعفا عنه أحدهم، كان لمن بقي ولو واحداً الاستيفاء له على التمام
؛ ويقتل القاذف في المرّة الرابعة إذا حدّ ثلاثاً
وقيل كما عن الحلّي
: إنّه يقتل في الثالثة للصحيح العامّ في كلّ كبيرة
؛ والحدّ ثمانون جلدة
، حرّا كان القاذف أو عبداً
؛ ويجلد القاذف بثيابه المعتادة ولا يجرّد عنها كما يجرّد الزاني ويضرب ضرباً متوسّطاً
؛ ولا يعزّر الكفّار مع التنابز
.
•
لواحق حد القذف، وهي خمس مسائل: الأُولى: يقتل من سبّ
النبيّ (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم)، وكذا من سبّ أحد
الأئمّة: ويحلّ دمه لكلّ سامع
، إذا أمن
؛ الثانية: يقتل مدّعي
النبوّة بعد نبيّنا (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم)
؛ الثالثة: يقتل الساحر إذا كان مسلماً، ويعزّر إذا كان كافراً
؛ الرابعة: يكره أن يزاد في تأديب الصبي وتعزيره حيث يحتاج إليه عن عشرة أسواط، وكذا العبد
، ولو فعل المولى بعبده ذلك أي زاد في تأديبه على العشرة استحبّ له عتقه
؛ الخامسة: يعزَّر من قذف عبده أو أمته كما يعزَّر الأجنبيّ بقذفهما؛ لحرمتهما، وعدم الفارق بين الأجنبيّ والمولى هنا
، وكذا يعزَّر كلّ من فعل محرّماً أو ترك واجباً عالماً بهما وبحكمهما.
•
حد المسكر، وهو على قول: ما يحصل معه اختلال الكلام المنظوم، وظهور السرّ المكتوم. وعلى آخر: ما يغيّر
العقل، ويحصل معه سرور وقوّة
النفس في غالب المتناولين. أمّا ما يغيّر العقل لا غير فهو المرقد إن حصل معه تغيّب
الحواس الخمس، وإلاّ فهو المفسد للعقل، كما في البَنج
والشوكران
.
والنظر في هذا الفصل يقع في أُمور ثلاثة:
•
موجب حد المسكر، في بيان الموجب للحدّ: وهو تناول
المسكر والفقاع اختيارا مع العلم بالتحريم
؛ ويشترط
البلوغ، والعقل؛ فالتناول يعم الشارب والمستعمل في
الأدوية والأغذية ويتعلق الحكم ولو بالقطرة
؛ وكذا
العصير إذا غلا ما لم يذهب ثلثاه
وغيره
؛ وكل ما حصلت فيه الشدة المسكرة؛ ويسقط الحد عمن جهل المشروب أو
التحريم وغيره
؛ ويثبت بشهادة عدلين أو
الإقرار مرتين من مكلف حر مختار
.
•
بيان حد المسكر، وهو ثمانون
جلدة؛ ويستوى فيه الحر والعبد
والكافر مع التظاهر
؛ ويضرب الشارب عريانا على ظهره وكتفيه ويتقى وجهه وفرجه
؛ ولا يحد حتى يفيق؛ وإذا حد مرتين قتل في الثالثة
، وهو المروي
ومع ذلك معتضد بعموم الصحيح بقتل أهل الكبائر في الثالثة
؛ وقال
الشيخ في
الخلاف: يقتل في الرابعة
؛ ولو شرب مرارا ولم يحد كفى حد واحد.
•
أحكام حد المسكر، وفيه مسائل: الاولى، لو شهد واحد يشربها وآخر بقيئها حد
؛ الثانية، من شربها مستحلا استتيب، فإن تاب أقيم عليه
الحد، وإلا قتل
وأتباعهما
، وقيل: حكمه حكم
المرتد، وهو قوى
، ولا يقتل مستحل غير الخمر بل يحد مستحلا ومحرما
وغيره
؛ الثالثة، من باع
الخمر مستحلا استتيب، فإن تاب وإلا قتل، وفيما سواها يعزر
؛ الرابعة، لو ثاب قبل قيام
البينة سقط الحد
، ولا يسقط لو تاب بعد البينة، وبعد
الإقرار يتخير
الإمام في الإقامة
، ومنهم من حتم الحد
.
•
حد السرقة، في بيان حدّ السرقة، وهو يعتمد فصولاً: الأول في السارق، الثاني في المسروق، الثالث في إثبات الموجب، الرابع في بيان الحد، الخامس في اللواحق.
•
السارق، في بيان السارق الذي يجب قطعه: ويشترط فيه:
التكليف، وارتفاع الشبهة، وألا يكون الوالد من ولده، وأن يهتك الحرز ويخرج المتاع بنفسه ويأخذ سرا؛ فالقيود إذا ستة؛ فلا يحد الطفل، ولا المجنون لكن يعزران
؛ وفي
النهاية يعفى عن الطفل أولا، فإن عاد أدب، فإن عاد حكت أنامله حتى تدمى، فإن عاد قطعت أنامله، فإن عاد قطع كما يقطع البالغ
؛ ولو سرق
الشريك ما يظنه نصيبا لم يقطع
؛ وفي سرقة أحد الغانمين من
الغنيمة روايتان، إحداهما: لا يقطع
، والأخرى: يقطع لو زاد عن نصيبه قدر النصاب
؛ ولو هتك الحرز غيره وأخرج هو لم يقطع
؛ والحر والعبد،
والمسلم والكافر، والذكر والانثى سواء
؛ ولا يقطع عبد
الإنسان بسرقة ماله
؛ ولا عبد الغنيمة
بالسرقة منها
؛ ويقطع الأجير إذا أحرز المال من دونه على الأظهر
؛ والزوج والزوجة وكذا الضيف، وفي
رواية لا يقطع
؛ وعلى السارق إعادة المال ولو قطع
.
•
المسروق، في بيان المسروق الذي يجب بسرقته القطع وشروطه: ونصاب القطع
ربع
دينار، ذهبا خالصا، مضروبا بسكة المعاملة أو ما قيمته؛ ذلك، ولابد من كونه محرزا
، بقفل أو غلق أو دفن
؛ وقيل
: كل موضع ليس لغير المالك دخوله إلا بإذنه فهو حرز
؛ ولا يقطع من سرق من المواضع المأذون في غشيانها،
كالحمامات،
والمساجد؛ وقيل
إذا كان المالك مراعيا للمال كان محرزا
؛ ولا يقطع من سرق من جيب إنسان أو كمه الظاهرين، ويقطع لو كانا باطنين
؛ ولا يقطع في الثمر على الشجر، ويقطع سارقه بعد إحرازه
؛ وكذا لا يقطع في سرقة مأكول، في عام مجاعة
؛ ويقطع من سرق مملوكا
، ولو كان حرا فباعه قطع لفساده
وجماعة
، لا حدا؛ ويقطع
سارق الكفن لأن
القبر حرز له
ويشترط بلوغه النصاب
، وقيل: لا يشترط
، لأنه ليس حد السرقة، بل لحسم الجرأة
؛ ولو نبش ولم يأخذ عزر
، ولو تكرر وفات السلطان جاز قتله ردعا
.
•
ثبوت السرقة، يثبت الموجب
بالإقرار مرتين أو بشهادة عدلين، ولو أقر مرة عزر ولم يقطع
. ويشترط في المقر بالسرقة:
التكليف،
والحرية،
والاختيار؛ ولو أقر بالضرب لم يقطع؛ نعم لو رد
السرقة بعينها قطع؛ وقيل: لا يقطع لتطرق الاحتمال وهو أشبه؛ ولو أقر مرتين تحتم ولو أنكر.
•
شروط المقر بالسرقة، ويشترط في المقر بالسرقة:
التكليف،
والحرية،
والاختيار؛ ولو أقر بالضرب لم يقطع
؛ نعم لو رد
السرقة بعينها قطع
وجماعة ممّن تبعه
؛ وقيل: لا يقطع
، لتطرق الاحتمال وهو أشبه؛ ولو أقر مرتين تحتم ولو أنكر
.
•
بيان حد السرقة، وهو قطع الأصابع الأربع من يد اليمنى، وتترك الراحة والإبهام؛ ولو سرق بعد ذلك قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ويترك العقب؛ ولو سرق ثلاثة حبس دائما؛ ولو سرق في
السجن قتل
؛ ولو تكررت السرقة من غير حد كفى حد واحد؛ ولا يقطع اليسار مع وجود اليمنى بل يقطع اليمنى ولو كانت شلاء؛ وكذا لو كانت اليسار شلاء
؛ ولو لم يكن يسار قطع اليمنى
؛ وفي
الرواية: لا يقطع؛ وقال
الشيخ في
النهاية: ولو لم يكن يسار قطعت رجله اليسرى؛ ولو لم يكن له رجل لم يكن عليه أكثر من
الحبس، وفي الكل تردد؛ ويسقط الحد
بالتوبة قبل
البينة لا بعدها؛ ويتخير الإمام معها بعد الإقرار في الإقامة على رواية فيها ضعف؛ والأشبه تحتم الحد ولا يضمن سراية الحد.
•
تكرار السرقة من غير حد، ولو تكررت
السرقة من غير حد كفى حد واحد
.
•
التوبة في حد السرقة، ويسقط الحدّ بالتوبة قبل قيام
البيّنة على السرقة ولا يسقط بعدها
؛ ويتخيّر
الإمام معها أي مع التوبة بعد
الإقرار في الإقامة
، والأشبه تحتّم الحد.
•
سراية حد السرقة، ولا يضمن الحاكم ولا الحدّاد سراية
الحدّ إلى عضو أو نفس، أيّ حدٍّ كان حتى
التعزير، فلا
دية له
.
•
لواحق حد السرقة، في ذكر اللواحق، وفيه ثلاث مسائل: الأولى، إذا سرق اثنان نصابا
، قال في
النهاية: يقطعان
، وفي
الخلاف: اشترط نصيب كل واحد نصابا
؛ الثانية، لو قامت الحجة
بالسرقة ثم أمسك ليقطع، ثم شهدت عليه بأخرى
؛ قال في النهاية قطعت يده بالأولى ورجله بالأخرى، وبه
رواية؛ والأولى التمسك بعصمة
الدم إلا في موضع
اليقين؛ الثالثة، قطع
السارق موقوف على مرافعة المسروق منه، فلو لم يرافعه لم يرفعه الإمام
، ولو رافعه لم يسقط الحد ولو وهبه قطع
.
•
حد المحارب، وفيه ثلاث فصول: الأول، المحارب؛ الثاني، بيان الحد؛ الثالث، اللص المحارب.
•
المحارب، وهو كل مجرد سلاحا في بر أو بحر، ليلا أو نهارا، لإخافة السابلة وإن لم يكن من أهلها على الأشبه
؛ ويثبت ذلك
بالإقرار ولو مرة أو بشهادة عدلين
؛ ولو شهد بعض
اللصوص على بعض لم تقبل؛ وكذا لو شهد بعض المأخوذين لبعض
؛ نعم لو لم يكن
الشاهد مأخوذاً احتمل قبول شهادته
.
•
بيان حد المحارب، وحده:
القتل، أو
الصلب، أو القطع مخالفا، أو
النفي، ويستفاد من بعض أخبار الباب
، وللأصحاب اختلاف، قال
المفيد: بالتخيير
وهو الوجه، لظاهر
الآية، بناءً على أنّ الأصل في «أو» التخيير، مع التصريح في الصحاح بأنّها له في
القرآن حيث وقع
، ومنها في خصوص هذه الآية أنّ «ذلك إلى الإمام أن يفعل ما يشاء»
، وفي الصحيح
والموثق
؛ وقال
الشيخ: بالترتيب يقتل إن قتل، ولو عفا ولى الدم قتل حدا
؛ ولو قتل وأخذ
المال استعيد منه وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى، ثم قتل وصلب؛ وإن أخذ المال ولم يقتل قطع مخالفا ونفى؛ ولو جرح ولم يأخذ المال اقتص منه ونفى؛ ولو شهر
السلاح.. نفى لا غير؛ ولو تاب قبل القدرة عليه سقطت
العقوبة ولم تسقط
حقوق الناس، ولو تاب بعد ذلك لم تسقط
؛ ويصلب المحارب حيا على القول بالتخيير، ومقتولا، على القول الآخر؛ ولا يترك على خشبته أكثر من ثلاثة أيام
، وينزل ويغسل على القول بصلبه حيا ويكفن ويصلى عليه ويدفن
؛ وينفى المحارب عن بلده
ويكتب بالمنع من مؤاكلته ومجالسته ومعاملته حتى يتوب.
•
اللص المحارب، واللص محارب
، وللانسان دفعه إذا غلب السلامة، ولا
ضمان على الدافع؛ ويذهب دم المدفوع هدرا
؛ وكذا لو كابر امرأة على نفسها، أو غلاما فدفع، فأدى إلى تلفه، أو دخل دارا فزجره ولم يخرج فأدى الزجر والدفع إلى تلفه، أو ذهاب بعض أعضائه، ولو ظن العطب سلم
المال؛ ولا يقطع
المستلب، ولا
المختلس والمحتال، ولا المبنج
، ولا من سقى غيره مرقدا
، بل يستعاد منهم ما أخذوا، ويعزرون بما يردع
.
•
حد وطء البهائم، إذا وطئ البالغ العاقل بهيمة مأكولة اللحم، كالشاة والبقرة، حرم لحمها ولحم نسلها
؛ ولو اشتبهت في قطيع قسم نصفين وأفرغ هكذا حتى تبقى واحدة فتذبح وتحرق ويغرم قيمتها إن لم يكن له
؛ ولو كان المهم ما يركب ظهرها لا لحمها كالبغل والحمار والدابة أغرم ثمنها إن لم تكن له، وأخرجت إلى غير بلده وبيعت؛ وفي
الصدقة بثمنها قولان، والأشبه: أنه يعاد عليه
؛ ويعزر الواطئ على التقديرين
؛ ويثبت هذا الحكم
بشهادة عدلين أو
الإقرار ولو مرة؛ ولا يثبت
بشهادة النساء منفردات ولا منضمات؛ ولو تكرر
الوطء مع
التعزير ثلاثا، قتل في الرابعة.
•
حد وطء الأموات، ووطء الميتة كوطء الحية في
الحد واعتبار
الإحصان، ويغلظ هنا
؛ ولو كانت زوجة فلا حد ويعزر
؛ ولا يثبت إلا بأربعة شهود وفي
رواية، يكفى اثنان لأنها
شهادة على واحد
؛ ومن لاط بميت كمن لاط بحي ويعزر زيادة على الحد.
•
حد الاستمناء، ومن استمنى بيده عزر بما يراه
الإمام؛ ويثبت
بشهادة عدلين أو
الإقرار مرتين
ولو قيل: يكفى المرة كان حسنا.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۴۳۳-۵۳۳. رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۵-۱۸۰.